الجزيري…. الشاعر الخَصب

المحامي علي عبدالله كولو  

ليس غريباً أن يُخلد البعض في الذاكرة الشعبية لشعوبهم أو حتى لشعوبٍ أخرى نتيجةً لإبداع أو عطاء فريدٍ من نوعه في أي مجالٍ كان وخير مثالٍ على ذلك الشاعر(الملا الجزيري) أو كما يلقب (نِشاني) إما نسبةً إلى نِشان بمعنى الهدف كونه كان هدفاً لسهام المحبة والهوى أو هدفاً للبلايا والمصائب بسب عشقه وإما نسبةً إلى (نِشان) بمعنى شامة الخد كأنه ينسب نفسه إلى الشامة لمدحه لها في قصائده وهيامه بها واسمه الحقيقي هو أحمد بن محمد من جزيرة (بوتان)
وهو من عشيرة البختية الكردية من بيت علمٍ و مشيخة وقد اختلف العلماء في مولده فعبد القادر العمادي يقول بأنه ولد عام 1407م وتوفي عن عمر يناهز (75) عاماً وعلماء آخرون يقولون كلاماً مغايراً وقد دُفن بالمدرسة الحمراء الكائنة على سور مدينة جزيرة( بوتان ) حيث كان مدرساً فيها وقد اهتم المستشرقون الأجانب بديوانه فطُبع في (روسيا) و(ألمانيا) والناس ينشدون قصائده وخاصةً العشاق وأهل التصوف والمحبة الإلهية وبذلك يكون قد أغنى المكتبة  الأدبية
 العالمية بأشعاره الرقيقة فالقارئ لشعره يرتوي كظمآنٍ ينهل من نبعٍ عذب  رقراقٍ وقصائدهُ مُلَحنةٌ بالرغم استخدامه لمفردات  لغاتٍ أربع ومثال ذلك في البيت الآتي….
ژ مهراوى شفق سعدى شيرين لعلى شَكر وعدى
          دِ نالم شُبهتى رعدى عجيبم لى ژ في جعدى 

حيث يصف معاناته وألمه التي تشبه صوت الرعد وكل ذلك من محبة وعشق الحبيبة التي نور وجهها مثل نور النجم المسمى بسعد السعود وشفاهها الحُمر مثل اللعل ووعدها بالوصال كالسكر وفوق كل ذلك متعجب ٌ هو من جعود تلك الأصداغ  …ألخ
فعندما تقرأ قصائده تحس بأنك تغني كما أن لديه قوة تعبيرية عجيبة وتشابيه جميلة خاصةً عندما يصف فراق الحبيبة له وكيف أنه احترق من مفرق رأسه إلى أسفل قدميه وأن السهم الذي صُوب إلى جسمه في غفلةٍ منه قد مرق من جسمه ونفذ فيه بسب ذلك اللمعان الذي كان في السهم وقت مروقه فيقول …….

بنارِ فُرقتى صُهتم ژ فرقِ سَر حتى ﭗى دا
        خدنكَا غفلتى نُهتم ژ برقا لا معا تيدا

إذا فالجزيري خصبٌ يتحدث عن الحب والجمال والإله بأسلوبٍ يعبر عن روحه الرقيقة ويطوع اللغة كما يشاء لتُخلِدَ   هذه الروح في الحياة ما بقيت ولتكون قصائدة ملاذاً للعشاق يلجأ ون إليها وقت الفراق ووقت الوصال..

    3|6|2007

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ادريس سالم

 

«إلى تلك المرأة،

التي تُلقّبُني بربيع القلب..

إلى الذين رحلوا عني

كيف تمكّنْتُ أنا أيضاً على الهروب

لا أريدُ سوى أن أرحلَ من نفسي…».

يفتتح الشاعر الكوردي، ميران أحمد، كتابه «طابق عُلويّ»، بإهداء مليء بالحميمية، ملطّخ بالفَقد، يفتتحه من قلب الفَقد، لا من عتبة الحبّ، يخاطب فيه امرأة منحته الحبّ والحياة، لقّبته «ربيع القلب». لكن ما يُروى ليس نشوة…

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…