المرأة والابداع

  ماريا عباس – قامشلي

قد يتخيل الإنسان إن الإبداع ملكة خاصة ليست بمقدور أي إنسان أن يمتلكها ، إلا إن الإبداع صفة فطرية وموهبة إنسانية ليست مقصورة على أحد أو على فئة دون أخرى ، فالنظريات العلمية أثبتت إن الأطفال يولدون بمخاخ متساوية من الجنسين “ذكورا وإناثا” وإن زيادة وزن المخ يتزايد مع زيادة وزن الجسم ، وأن الذكاء لا علاقة له بوزن المخ ، ولكن إذا استطاع الإنسان أن يتخلص من التناقض الذي بداخله بين تفكيره واحساسه وبين عقله ووجدانه عندها يكون قادرا على الابداع .
فعلى سبيل المثال كثير من الناس كانوا من المبدعين دون أن يعلموا بذلك :
فأروع الملاحم الفلكلورية في الغناء والتراث كانت من صنع رجال ونساء عاديين  نقلوا لنا صورة الحياة التي عاشوها بكل تفاصيلها ومنمنماتها إلى أساطير مبدعة وجميلة ومؤثرة لتُعرف الناس بنمط حياتهم ! ومن خلال أغانيهم ونقوشهم كانوا النبع الفياض والحقيقي الذي ارتوى منه كل الأدباء والفنانين والعلماء ،وذلك من خلال التعمق والتفكير والتأمل واسترجاع الماضي لإعادة تركيبه في شكلٍ مختلف ليبدو وكأنه واقع جديد .
لذا فالمرأة بمقدورها أن تصل لدرجة الإبداع مثلها مثل الرجل ، فهي كائن  بشري كامل الطاقات بما تملكه من مصادر غنية من عقل و وإحساس وقدرات مختلفة إذا أرادت أن تستغل طاقاتها للوصول إلى درجة الأبداع ، إلا إن أموراً كثيرة تقف عائقا أمام إبداعها يجب تخطيها وعدم الوقوف عليها أو الاستسلام لها، فحرص المرأة وخضوعها لبعض العادات والمفاهيم المتوارثة واعتبار ذلك نزوعا نحو ” الفضيلة” كنوع من إرضاء المجتمع هو ما يبعدها عن الاستقلالية وبالتالي عن الإبداع والأصالة، والخوف من مجتمع ذكوري لم يعودها على الإبداع إلا في مجال التمييز الجسدي وهو أمر واضح من خلال ظهور المرأة في الإعلانات التجارية المختلفة لبعض المنظفات أو العطورات ومستحضرات التجميل ، أو عبر مشاركاتها  في مسابقات ملكات الجمال ، أما بالنسبة لمجال التفكير والإبداع فهذا ما يثير حفيظة الرجل وغضبه لأن المرأة تصبح هنا منافسة للرجل في السلطة التي يعتبرها الرجل ملكة خاصة به ، وقد يُظهر الرجل خوفه على المرأة كتعبير عن الحب والخوف عليها أو الحماية لها وقد تكون تلك المشاعر غطاءً للتسلط والغيرة وحب الاستحواذ فيحاول الرجل فرض قيوده بوسائل مختلفة سواءً بوعي أو بلا وعي،.
لذا على المرأة التي تريد أن تكون أكثر تميزا وإبداعا أن تُطبق بعض الخطوات الضرورية لتتمكن من التمييز والإبداع في أي مجال :
1-   أن تكون المرأة صادقة مع نفسها ولا تنسى حقيقتها فتنزلق وتصبح متسلطة وتمارس السلطة كما يمارسها الرجل .
2-   عدم الدخول في مضمار التنافس بأساليب شتى للوصول إلى المجد والشهرة والأسماء البراقة .
3-   يجب أن تكون المرأة المبدعة إنسانة خلوقة تتمنى لكل الناس الحرية والخير في أي زمان وأي مكان ولأي جنس بشري.
4-   تتعرض المرأة في مسيرة إبداعها أو مهنتها إلى مشاكل تعترضها مثل الحقد والغيرة والمؤامرات التي تُحاك للنيل منها وتشويه سمعتها أو زعزعة ثقتها بنفسها وقد تكون هذه الأمور صادرة من الرجل الذي قد يكون زوجا أو ابنا أو زميلا أو من المرأة نفسها بدافع الغيرة العمياء.
5-   الإنسان المبدع رجلا كان أو امرأة لا يستطيع العيش معزولا عن العلاقات الإنسانية الحقيقية مثل الحب والصداقة ، لذا فالصداقات الحقيقية والعلاقات الإنسانية ضرورية ولا يقدر عليها إلا الناس الحقيقيون وربما لا نجدهم بكثرة ولكنهم موجودون وخاصةً إذا سرنا في طريق الحقيقة والحرية والاستقلال .
6-   على المرأة المبدعة الابتعاد عن الكسل والاستسلام والتراخي لأن هذه الأمور تُضعف من قوة الإبداع فتؤدي إلى اليأس والهزيمة.
7-   الابتعاد عن الغرور لأنها صفة تبعد الناس وتنفرهم منك مهما كنت مبدعا
8-   ضرورة ممارسة الرياضة البدنية المنتظمة تساعد المرأة المبدعة على النشاط الدائم و الاستقلال وخاصة إذا كانت في حاجة لممارسة بعض الأعمال التي لم تكن تستطيع القيام بها دون الرجل، كما وإن الرياضة تساعد على امتصاص الغضب والتوتر وتنشيط الدورة الدموية وبث القوة في الجسم.

فاعلمي أيتها المرأة إنك تملكين عقلا عملاقا ربما يكون مقيدا بالسلاسل  فحرري عقلك واتركي له العنان يرشدكِ، وأنت نبع حنانٍ فياض يكفي حباً لكل العالم، ولك من الصبر ما يعجز عنه أقوى الرجال ، وتملكين طاقات هائلة وكامنة، فلتكوني كالشجرة القوية جذورها ثابتة في الأرض الصلبة وفروعها محلقة في الفضاء الرحب ، فمنك استمدت الشمس شعاعها والأرض سخائها والسماء صفائها فأبدعي وأبدعي وأبدعي.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…