النص الكامل لوقائع محاكمات قادة جمهورية كردستان «مهاباد عام 1947»

ترجمة: خليل كالو

في يوم 29/12/1946 ألقي القبض على الرئيس قاضي محمد رئيس جمهورية كردستان الديمقراطية (مهاباد) ووزير الحربية سيفي قاضي وصدري قاضي النائب في البرلمان الإيراني عن دائرة مهاباد وما حولها للدورة /14/ بعد أن دخلت القوات الشاهنشاهية مدينة مهاباد وأودعوا السجن في مقر الحامية العسكرية لينتهي أول حلم كردي في حينه ويؤجل طموحه في الاستقلال والحرية إلى أجل غير مسمى علماً أن جمهورية كردستان قد تأسست في يوم 22/1/1946 وانهارت مع دخول القوات العسكرية الشاهنشاهية في نهاية العام نفسه . 
سوف يعيش الكرد هذه الأيام ذكرى ذلك الحدثين الهامين من تاريخهم القومي في القرن العشرين ألا وهي ذكرى انهيار الجمهورية وذكرى تأسيسها يوم 22/1/ 2011 في آن واحد. لهذا ارتأينا أن نعيش نحن ذكريات تلك المرحلة من خلال هذا العمل والجهد المتواضع للإطلاع على مجريات محاكمة الرئيس قاضي محمد واثنان من رجالات الجمهورية المترجم بكامله من النص الكردي الذي بدوره مترجم عن الفارسية وعلى مدى أربع حلقات لغاية يوم تأسيس الجمهورية . هذا العمل الذي بين أيدي القراء هو الترجمة الكاملة حسب ما رواه النقيب كيومرس صالح “دون زيادة أو نقصان ” لذلك الحدث الكبير والبارز في مسيرة نضال الكرد في القرن العشرين الذي ترك ببصماته على جدار الزمن وألقى بظلاله على مرحلة مشرفة من التاريخ وهولا يزال محفور في ذاكرة الكرد ووجدانهم حتى الآن . 
بالرغم من عدم مضي الوقت الكبير على ذلك الحدث فلا يزال الكثيرين من الكرد لا يعرفون الكثير عن تفاصيل وحيثيات ذلك الحدث الكبير سوى اليسير والقليل أو ربما هناك بعض من المثقفين على دراية ومعرفة به بسبب طبيعة أعمالهم في هذا الخصوص . لقد قيل عنه الكثير من قبل أطراف شتى في الوقت ذاته الذي كتب عنه أكثر وبناء على ما جرى من أحداث وشهادات العصر يمكن تقسيم تلك الكتابات حول ذلك الموضوع إلى قسمين : القسم الأول من الكتابات تناولت المسالة من باب التغطية على الحدث وتشويهه وإنكار حقائق التاريخ والتقليل من شأنه لصالح أجندات سياسية من قبل أعداء الكرد وقد تحدثت عن تاريخ تلك المرحلة أو بالضبط وقائع ذلك الحدث الكبير والمثير للجدل في حينه بكل حيثياته بحيث أظهرت للناس بما هو خارج الحقيقة والواقع وحاول فيها أولئك الكتاب والمؤرخين طمس المعالم والدوافع الأساسية التي كانت حاضرة في نفوس الكرد لتلك المرحلة بشكل متعمد على خلاف ما جرى كمن يغطي وجه الشمس بالغربال ولكن الوثائق التاريخية لأرشيف المتحف العسكري الإيراني فندت تلك الأقاويل وكذبتها حيث جاء الخبر اليقين من خلال باب غير متوقع من طرف الأعداء الذي قام بتدوينه بشكل وثائقي من دون قصد منه لخدمة الكرد يتحدث عن تفاصيل مجريات تلك المحكمة التاريخية لرموز النضال الشعب الكردي .
أما القسم الثاني من الكتابات التي ربما جاءت أكثر واقعية وأقرب إلى الحقيقة حيث اقتربت من الحدث بمهنية ونزعة السبق الصحفي لنشر الخبر وقد قامت تلك الجهة بنشر تلك الكتابات فيما بعد الانتهاء مباشرة من محاكمة القاضي محمد وقد كانت ذات مصداقية وموثوقية أكثر من غيرها واقتربت من الحدث كشاهد عصر من غير قصد فسجل مداولات المحكمة بمهنية أكثر كما جرت وبكامل حيثياتها الأساسية تماماً مع بعض من التفصيل وبعلم من قبل أصحاب السلطة والقرار في الدولة الإيرانية آنذاك بعد انهيار جمهورية كردستان .ما هو الآن بين أيدينا كما ذكرنا آنفاً هو النص الكامل لمحاكمة القاضي محمد الذي قمنا بترجمته من الكردية وهو بقلم النقيب كيومرس صالح Kiyomers Salih مراسل المجلة العسكرية للجيش الشاهنشاهي ماهنامهMahname آنذاك وقد قام المذكور بنشره باللغة الفارسية الذي حضر جلسات المحكمة كلها وطبع تلك النصوص ووزعها بشكل سري على بعض من كبار الضباط في الجيش وعلى من كان محل الثقة والأمانة وقتها من رجالات الدولة الإيرانية في العدد الخاص للمجلة أو كملحق لها المسمى تاج كياني Tackîyanî وحفظت نسخ من تلك النصوص أيضاً في الأرشيف الرئيسي لرئاسة الأركان الجيش الإيراني وقد تمت ترجمة تلك الوثائق فيما بعد إلى الكردية منذ وقت ليس بالبعيد (بعد انهيار النظام الشاهنشاهي ) والآن يقدم للقارئ باللغة العربية لأول مرة بهذا الشكل كما ورد في النص الكردي ونعتذر عن كل خطأ قد يورد في الترجمة .
تأتي أهمية هذه الوثيقة منذ عام 1947 إلى الآن من قيمتها التاريخية والمعنوية والسياسية وتسليطها الضوء على حدث تاريخي هام ونفض الغبار عنه من جديد حيث لم يعرف في حينه تفاصيل حقيقة ما جرى . فما قام به ذلك الضابط الإيراني القريب من القصر الشاهنشاهي النقيب كيومرس صالح kiyomers salih الذي عمل كمراسل للمجلة العسكرية قد أزال بعض من الغموض عن تلك المرحلة الزمنية القصيرة من دون قصد من خلال فضوله وإصراره على الحضور الدائم للمحاكمة الأولى والثانية للرئيس قاضي محمد والصدر وسيفي بسبب قرابته للشاه الإيراني كونه كان أبن أخت الجنرال فريدون جم Ferîdon cem وزوج شمسة أخت الشاه الإيراني الحاكم في حينه الذي كان محل ثقة الشاه وجهاز الدولة وقتها وقد كانت مجمل الوثائق والرسائل السرية للشاه تدون بعلمه وتنسق بإشرافه الشخصي وقد كان يقوم بين الحين والآخر بطبع البعض منها ويضعها في الأرشيف الخاص للجيش الإيراني بعد نهاية كل عام . 
ما هو الآن بين أيدينا كما ذكرنا آنفاً هي ترجمة لكامل نصوص محاكمة القاضي واثنين من قادة الجمهورية كما رواه في كتيب في ذلك الأرشيف حيث يقول كيومرس صالح فيه :بعد انتهاء أعمال تلك المحكمة وإعدام القاضي محمد وحسين خاني سيفي قاضي وزير الحربية وأبو القاسم صدري قاضي النائب في مجلس الشورى الإيراني الدورة /14/عن دائرة مهاباد قمت بكتابة أحداث ووقائع تلك المحكمة بدون زيادة أو نقصان وقمت بنشرها في المجلة العسكرية ماه نامه Mahname  التي كنت رئيسها وبعض من الأخبار الهامة الأخرى وكذلك في كتيب “تاج كياني ” ولكن قبل أن يتم توزيع هذا الكتيب استدعيت من قبل المحكمة العسكرية وووجهت ألي تهمة نشر وثائق سرية في المجلة بشكل علني تخص أسرار الدولة و محكمة قاضي محمد وعلى إثر ذلك سحبت المحكمة مني الرتبة العسكرية وحكمت بالسجن سنة كاملة فلهذا السبب حجبت مجلة ماهنامه عن الصدور ولم تنشر تلك الوثائق في حينها إلا بعد سنة كاملة بعد خروجي من السجن.
لقد قام كيومرس بنشر تلك المعلومات كاملة بعد خروجه من السجن في العدد/ 75 / من تلك المجلة 1947 علماً بأنه قد ذكر بعض من تلك الوثائق في العدد /66/ من تلك المجلة وفي سياق حديثه يقول : بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وخروج الجيش الروسي والانكليزي من إيران قام الجيش الإيراني بالتحرك ضد الجمهوريتين (اذربيجان ومهاباد ) وقد ذكر كيومرس أيضاً أخبار وحوادث المرحلة من سنوات 1943 ولغاية 1946 في أعداد المجلة /44/ حتى /46/ من ماه نامه بتفاصيل دقيقة ومدهشة وقد كشف النقاب عن بعضها لا حقاً والبعض الآخر لازالت محفوظة في أرشيف الدولة الإيراني تحتاج إلى سبر ومتابعة بعد أن ترفع عنها السرية. كما وردت في تلك الأعداد قبل سقوط الجمهورية بعض من الرسائل المؤيدة والإخلاص من عدد من رؤساء وزعماء القبائل العشائر الكردية للشاه الإيراني ضد قادة جمهورية كردستان منهم رئيس قبائل ديبوكري Dîbokrî علي يار أسعد Elî yar es-ad ورئيس عشيرة مامش Mameş قرني آغا Qurnî axaورشيد بك هركي Herikî وحسن تيلو Têloوقوقياس مامديMamedî ونوري بك بكزادة Begzade ومحمد أمين جبكي هركي Çepikî وحمزة قادري مامش وآخرين . وكذلك نشر أسرار عن الذين أرسلوا رسائل التأييد للشاه الإيراني فيما بعد وقد كان هؤلاء من أعمدة وقادة الجمهورية وقد تم الكشف عن تلك الرسائل حينها و بقيت البعض منها محفوظة في الأرشيف والغريب من بين كل تلك الرسائل هي مجموعة من الرسائل البالغة /17/ قد أرسلت إلى القصر الشاهنشاهي يتبين فيها علاقة أحد قادة جيش الجمهورية في منطقة سقز seqiz عمر خان الشكاكي بالدولة الإيرانية يشرح فيها المذكور التأكيد على ولائه للشاه ويذكر فيها أنه على استعداد تام بالمشاركة مع الجيش الإيراني في القيام بأي واجب والتعاون معه ضد الجمهورية .
يذكر رئيس عشيرة ديبوركي علي يارYar في إحدى رسائله للشاه الإيراني تفاصيل زيارته مع الرئيس قاضي محمد إلى باكو في أزربيجان السوفيتية والنتائج التي أسفرت عنها المحادثات مع قادة الروس والأزربيجانيين هناك وقد كان لعلي يار اليد الطولى في الضربة التي تلقتها الجمهورية حيث كان يراسل الشاه باستمرار بعد أن أنسحب الجيش الروسي من المنطقة الشمالية من إيران و هو يطلب منه باستمرار دخول القوات الإيرانية إلى تلك المناطق ومنها كردستان وكتب في إحدى رسائله قائلا :ها أنا ومع كل أفراد عشيرتي وكل عشيرة شكاكانŞikakan  نعتبر أنفسنا جنود أوفياء لجلالتكم لتنفيذ ما تطلبونه منا وحتى يبدي حسن نيته للشاه أرسل نجلاه قادر Qadir ولازكينLezgîn  إلى طهران لمقابلة الشاه بهذا الخصوص وبقوا هناك إلى أن رجعوا مع الجيش الإيراني في حملته على كردستان كأدلاء ومتعاونين خونة وكذلك قد فعل غيره من رؤساء العشائر الكردية الذين أرسلوا أبنائهم وأقربائهم إلى طهران للبيعة والوقوف إلى جانب الشاهنشاهية ضد الجمهورية .
يقول كيومرس في إحدى مقالاته أنه في يوم/ 17/ 12/ 1946من شهر كانون الأول قامت وحدة من الآليات والمدافع القديمة للجيش الإيراني بالتوجه من طهران إلى تبريز Tebrîz للقضاء وبسط السيطرة على جمهورية أزربيجان الإيرانية وكان قوام الوحدة العسكرية صغيرةً تتألف من عدد من المدافع والدبابات القديمة وقد وصلت تلك الوحدة إلى مشارف المدينة بعد ثلاثة أيام من انطلاقتها أي في يوم /20/ من ذلك الشهر وبعد سماع خبر وصول تلك القوات ترك أغلب قادة الجمهورية المدينة وهربوا إلى أزربيجان السوفيتية ولم يدخل القوات الإيرنية إلى المدينة إلا في يوم /21/ 12 /1946لكي تطمئن على هروب كل القيادة منها ويستطرد كيومرس في حديثه قائلاً :عندما استولت القوات على المدينة رجعت إلى طهران لطبع عدد جديد من المجلة العسكرية ماهنامه وكتبت فيها بالتفصيل عما جرى هناك من وقائع وأحداث .  في الأيام التالية اتخذ قرار حملة مماثلة بالتوجه إلى مهاباد لذا فقد أعطيت الأوامر لبعض من الوحدات المرابطة على حدود جهورية كردستان في مناطق سنه Sine وكامياران Kamyaran وديواندرDîwander والتي كانت تدخل في مناوشات مع جيش كردستان بين الفينة والأخرى سابقاً وكذلك تحركت الوحدات العسكرية ذات التسليح القديم من تبريز إلى مهاباد أيضاً وقد وصلت تلك القوة المرابطة في يوم 20 /12 أيضاً إلى حدود سقز ٍSeqiz وبوكان Bokan وانضم إليها عدد من رؤساء العشائر الكردية هناك وساروا جميعاً باتجاه مهاباد وقد وصلت تلك القوات معاً إلى المدينة في يوم /29/ 12 /1946 ألقي القبض على قاضي محمد وسيفي قاضي ليلا وصدري قاضي فيما بعد وتم سجنهم في مركز قيادة تلك القوات ومن ثم تم إخبار طهران حول أسلوب وكيفية التعامل مع قادة الجمهورية والبحث في مصيرهم . 
جاء الرد سريعا من طهران وأخبرت القوة العسكرية الإيرانية التي وصلت إلى مهاباد بأن لجنة عسكرية قد تشكلت على الفور لهذا الغرض وهي عبارة عن محكمة عسكرية ميدانية لمحاكمة قاضي محمد ومن معه من المعتقلين من قيادات الحزب PDK وأنها الآن في طريقها تتجه صوب مهاباد و قد وصلت تلك الهيئة فعلا في /6/ كانون الثاني 1947 وكانت برئاسة غلام حسين عظيمي Xulam Husên Ezîmî و العقيد حسن كفيان Kefyan والعقيد جعفر صنايعي Cefer وبإشراف العقيد أمير هوشنك خليتبري Xelîtebrî Emîr Hoşeng وبدأت تلك الهيئة بمهامها مباشرة و صارت تحضر لجلسة المحاكمة وهنا يقول كيومرس في تلك الوثائق المنشورة بأنني قد دونت كل تفاصيل تلك المحكمة التي لم تستمر سوى عدة ساعات فقط حيث قام رئيس المحكمة باستجواب القاضي ووجه إليه عدد من التهم و كانت أغلب الأسئلة الموجه إليه غير واضحة وغامضة وغير واقعية وقد كان القاضي يجيب على الأسئلة أحياناً ويرد بعض التهم الموجهة إليه أحياناً أخرى بكل جسارة وشجاعة وخلال مناقشته كان يطلب من المدعي تقديم إثباتاته حول التهم الموجه إليه ولكن بسبب الحكم المسبق والنهائي الذي قد اتخذته طهران فلم يكن مطلوبا من هيئة المحكمة تقديم الأدلة القانونية والوثائق ضد قادة الجمهورية لهذا صدر الحكم بالإعدام على قادة الكرد الثلاثة بعد نصف ساعة من رفع الجلسة للتداول وقد تم إعلام قاضي محمد وسيفي قاضي وصدر الدين قاضي بقرار المحكمة في تلك الليلة وقد كانت التهم الموجة إلى قاضي محمد وسيفي قاضي وصدري قاضي هي كالتالي: ………
1ـ الاتجار بالبترول مع الدولة الروسية بنسبة 49% لصالح الجمهورية ونسبة 51% لصالح الروس بدون علم وموافقة الدولة المركزية.
2ـ تغيير الخريطة السياسية للدولة الإيرانية والدعوة لانفصال خمس محافظات وهي أورمية وكرمنشان وسنه وتبريز وإيلام .
3ـ صك النقود لصالح حكومة الجمهورية باسم كوردستان مثل الروبي الروسي .
4ـ تصميم ورفع العلم باسم كوردستان عليها إشارة المطرقة والمنجل مثل العلم الروسي. 
5ـ رسم خارطة باسم كردستان الكبرى للأقسام الأربعة من كردستان
6ـ جلب الأجانب إلى أراضي إيران بهدف احتلالها واقتطاع جزء منها مثال “ملا مصطفى البارزاني “.
7ـالتهديد والهجوم على الدولة الإيرانية والإعلان الحرب عليها و الدعوة لأهالي كردستان للتمرد على حكم الشاهنشاه.
8ـ التعهد للدولة الروسية بالعمل ضد الدولة الإيرانية والتعامل مع القوات الروسية في مناطق عديدة من إيران.
9ـ الإعلان عن دولة كردستان مستقلة واقتطاع جزء كبير من أراضي إيران .
10ـإرسال الوفود و الخروج إلى خارج حدود الدولة والرجوع إليها وخاصة إلى أذربيجان روسيا والاجتماع مع باقروف رئيس الجمهورية هناك.
11ـ التوقيع على عقود تجارية وعقد معاهدات مع الغرباء والأعداء دون الرجوع إلى الدولة المركزية .
12ـ قتل وأسر الموظفين الحكوميين وهدم بيوتهم وحرق ممتلكاتهم وخاصة الموظفون من غير الكرد . 
لقد كان رد القاضي هو إنكار العديد من هذه التهم الموجهة إليه ما عدا ثلاث منها فقط وهي :
1ـ الاعتراف بذهابه إلى باكو في أزربيجان الروسية والاجتماع مع باقروف رئيس الجمهورية
2ـ الاعتراف برفع العلم الكردي وهو من دون المطرقة والمنجل كما يزعم . 
3ـ مجيء البارزاني إلى مهاباد وهو أمر طبيعي وقد أتى بنفسه ولم يطلبه أحد لأنه كردي وأن كردستان هي بيت كل الكرد ومن حق كل كردي الدفاع عن كل شبر من أرض وطنه لأنه حق لصاحب الديار بالدفاع عن دياره . 
أما التهم التي وجهت إلى سيفي قاضي (محمد حسين خاني قاضي ) وزير الحرب ونائب رئيس الجمهورية كانت كالتالي :
1ـ ذهابه إلى خارج إيران ـ” إلى باكو عاصمة أزربيجان الروسية”.
2ـ عقد معاهدة مع رئيس حكومة أزربيجان الإيرانية بيشوري Pîşwerî في تبريز وكذلك مع باقروف .
3ـ تقليد منصب وزير الحربية في حكومة كردستان ضد الدولة الإيرانية .
أما التهم التي وجهت إلى صدري قاضي ( أبو القاسم صدري قاضي ) والنائب في البرلمان الإيراني (مجلس ) شورى في دورته /14/ المنتخب عن دائرة مهاباد وما حولها .
1ـ كتابة قصائد حماسية منها ترحيبه بالبارزاني واصفا إياه كرمز لمقاومة للشعب الكردي .
2ـ التعاون مع قاضي محمد ومساعدته لوزراء الجمهورية لتشكيل الحكومة ومسائل تتعلق بشؤونها في مهاباد.
3ـ التحريض بين الجماهير ضد الدولة الإيرانية وإقناع الناس بعدم قدرة الدولة الإيرانية القتال ضد الجمهورية.
يقول كيومرس في سياق حديثه قائلا: إن القصيدة الشعرية التي أتهم على إثرها أبو القاسم صدري قاضي النائب عن دائرة مهاباد في مجلس الشورى المللي الإيراني  كانت مكتوبة بالغة الكردية وهي قصيدة طويلة قد نشرت في العدد /66/  من ماه نامه وكان فيها أخطاء إملائية كثيرة بسبب عدم معرفة كيومرس باللغة الكردية حيث يقول مطلعها : حمدا على السلامة  يا من أنت شعلة عالية يا بارزاني  ……ورمز كبير للشعب وللوطن…… ويا رب أن تحفظ لنا السراجين……. ..وأن توفق القاضي محمد والبارزاني …إلى آخر القصيدة
بعد مرور ثلاثة أشهر من قرار المحكمة بإعدام القاضي محمد وأثنين من أبناء عمومته تشكلت هيئة عسكرية جديدة من قبل هيئة الأركان العسكرية لاستئناف المحكمة من جديد وكانت مؤلفة من الأشخاص التالية أسمائهم :
1ـ العقيد رجب عطاReceb Eta رئيساً للمحكمة .
2ـالعقيد رضا نيكوزادة  Riza Nîkozade مدعي عام .
3ـ النقيب نبويNebewî محام الدفاع  عينته المحكمة للدفاع عن القاضي وأبناء عمومته .
ثم  يستطرد كيومرس في معرض حديثه بأن القاضي محمد كان قد كتب مرافعة الدفاع  في /114/ صفحة خلال ثلاثة أشهر التي كان فيها مسجوناً وأرسل تلك المرافعة إلى طهران وقد رد فيها على معظم التهم الموجهة إليهم طالبا فيها من هيئة محكمة الاستئناف قبولها ولكن كون القرار إعدامهم قد اتخذ في طهران من قبل المحكمة العسكرية فلم يطلع أحد على تلك المرافعة أو لم يكن هناك أحد على استعداد لتقديمها لمحكمة الاستئناف أو حتى قراءتها  أمام المحكمة . علماً بأن نص تلك المرافعة لم يجلب أصلا من طهران من قبل الهيئة الجديدة حينما وصلت  إلى مهاباد . من الجدير بالذكر أن المحكمة المذكورة قد تشكلت من قبل القيادة العسكرية واطلعوا الشاه على ما تم إقراره و أعطى الشاه الإيراني من جانبه بعضا من التعليمات والإرشادات لتلك الهيئة منها الاتصال الدائم عن طريق اللاسلكي مع هيئة الأركان العامة العسكرية حين الوصول إلى مهاباد والإخبار عن كل طارئ قد يحصل هناك .
في يوم 24/3/1947 تحركت هيئة المحكمة العسكرية من طهران وأنا برفقتهم (الكلام لكيومرس صالح ) عن طريق تبريز ومياندواوMiyandewaw وقد وصلنا إلى مهاباد يوم 27/3/1947وبعد استراحة يوم واحد في مقر إقامتنا بدأت المحكمة باستئناف أعمالها في صباح اليوم التالي وفي البداية أدخلوا قاضي محمد إلى قاعة المحكمة وبدأ القاضي نيكوزادة بتوجيه الأسئلة إليه ومن ضمنها التهم /12/ السابقة التي ذكرت سابقاً ولم يعترف القاضي محمد سوى بثلاث منها أما الباقي فقد ردها ولم يقر بصحتها وطلب من المحكمة مرة ثانية بقبول التهم الثلاث فقط كما طلب من هيئة المحكمة أيضاً تقديم وثائق وإثباتات حول صحة تلك التهم .وأثناء الاستجواب كان القاضي  بصحة جيدة ويتحدث وهو واقفا  وهادئا  يرد على أسئلتهم بكل ثقة وشجاعة.
كان القاضي محمد يرد التهم على المدعي العام ولم يقر بما وجه إليه من التهم الإضافية  لذا تشنج مدعي المحكمة العقيد نيكوزادة من كلام  القاضي محمد مما أدى إلى تأزم الموقف وإثارة فوضى في قاعة المحكمة فتكلم  نيكوزادة بصوت عالي وعنيف وشدد مع قاضي محمد حين نفي التهم /9/  وقال باللغة الفارسية :” şima hem xurde dîgran ranişxwar mîkumîd ” فرد عليه القاضي محمد بالفارسية قائلا : Şima eger dîn nedarîd ra hem nemî şînaşîd be hesab ûkitabê axirîd la aqil zirreyê ciwanmerd başîd أي قال” إن كل هذه التهم كاذبة وغير صحيحة وقد أعدت لنا مسبقاً وإذا ما كنتم صادقين فهاتوا برهانكم من الوثائق التي تثبت ذلك” . لقد أثار كلام القاضي محمد الذي وجه إلى  المحكمة رد فعل عنيف من نيكوزادة  وصار يضرب رأسه بكلتا يديه ومن ثم رد على كلام القاضي محمد  قائلا:
العقيد نيكوزادة : ” kurd seg sîfet” أي الكرد يشبهون الكلاب (أو مثلهم)  ولكن كلام المدعي العام وعصبيته  لم يثن من عزيمة القاضي وقد ورد عليه بجرأة وهدوء .
الرئيس القاضي محمد : بل أنكم أنتم مثل الكلاب وبلا شرف وناموس وأنتم بلا حياء وأخلاق حيث لا تضع بينك وبين القانون وكرامة الناس من حدود .فيا قليل الشرف و الأدب تستطيع فقط أن تحكم بقانونك  الذي حكمت به مسبقا وتنفذه بالقوة وتضع حدا لحياتي ولن تستطيع فعل شيء  أكثر من ذلك . لقد أعددت نفسي منذ زمن لمثل هكذا يوم وليس لنا من ذنب سوى أننا نسير على درب حرية شعبنا وأنا أقاتل من أجلهم وسأموت من أجلهم وسوف يغفر لي ربي كل ذنوبي بهذا الموت المشرف  وبعد أن أنهى القاضي كلامه قرر أن لا يجيب على أية أسئلة أخرى توجه إليه وأقسم بالله واستطرد مرة أخرى قائلا : أن هذا اللئيم  ليس حر فيما ينطق  من سباب و شتم  وقلة الأدب .ولكن من أجل تهدئة الموقف والاعتذار المبطن الذي قام به رئيس المحكمة العقيد رحب عطا ومن ثم قررت المحكمة رفع الجلسة وبعد استراحة قصيرة عقدت الجلسة من جديد وحاولت المحكمة إقناع القاضي محمد بالرد على أسئلة المقدم رضا نيكوزادة ولكن كان رد القاضي ما يلي .
الرئيس القاضي محمد : إن القرار المتخذ بحقي هو الإعدام ولن يكون كل كلامي سوى تجسيد للقسم  والعهد الذي قطعته على نفسي أمام شعبي هو أن أعيش مع شعبي أو أموت من أجلهم  وكيف لي الآن أن أنقض ذلك العهد والرجوع عن القسم وكيف لي أن أساوم على كلام هذا العديم الشرف والوضيع الذي نصب نفسه مدعياً علينا. فهو ينتقم منا ولا يعمل بقانون ولست على استعداد أن أرد على أسئلته ولكن هل من آخر يريد بتوجيه الأسئلة غير هذا الذي أمامنا وعندما تأكد الجميع وأيقنت هيئة المحكمة أن القاضي محمد ليس لديه أدنى استعداد بالرد على التهم والأسئلة الموجه إليه . قررت هيئة المحكمة الشاهنشاهية استبدال نيكوزادة بالعقيد رجب عطا الذي كان رئيسا للمحكمة للتخفيف  من غضب القاضي محمد وأصبح يوجه إليه الأسئلة بدلا عن العقيد نيكوزادة وعلى إثر تلك الملاسنة الكلامية أعيدت جميع الأسئلة والتهم من جديد . فقام العقيد رجب عطا بإعادة كل التهم التي ردت من قبل القاضي محمد من جديد على الشكل التالي:
التهمة الأولى : لماذا عقدتهم صفقات تجارية مع الدولة الأجنبية ( القصد الدولة السوفيتية ) من دون موافقة الدولة المركزية وخاصة العقود النفطية منها ..؟
الرئيس القاضي محمد : استهزأ وابتسم . أية آبار وأية شركة بترولية كانت نمتلكها في أراضينا حتى نقوم  ببيع البترول والاتجار به ولكن من العجب أن يقال مثل هكذا كلام  ولا يصح بهذه الحيل والتضليل لصق التهم بنا فإذا كنتم مصرين على ذلك فعلى الأقل يجب أن يكون التهم واقعية أو استبدالها بأخرى صحيحة وأن يكون فيها بعض من الوجدان فهل المياه التي تجري في نهر سابلاخ Sablax وسط مهاباد قد أصبحت في عيونكم بترولا من شدة الحقد وبالتأكيد كل هذه التهم هي من صنيعة الجهلة .
التهمة الثانية : لماذا سمحتم للغرباء بالدخول إلى أراضي إيران واستدعيتم الملا مصطفى البارزاني إلى مهاباد ..؟
الرئيس القاضي محمد : أجاب القاضي بنفس الجواب الذي أدلى به قبل ثلاثة أشهر حيث قال : ليس ولم يكن الملا مصطفى غريباً في كردستان وأن كردستان هو بيت كل كردي ولم يستدعه أحد ولكن أسباب وظروف خاصة جعلته ينزح إلى القسم الآخر من بيته أي بعبارة أخرى فقد جاء من بيت له إلى بيت آخر فأين المشكلة ..؟
بدأ العقيد عطا  بتوجيه التهم على قاضي محمد واحدة تلو الأخرى وقام القاضي محمد برد كل التهم وعدم قبولها كما في السابق ما عدا ثلاث تهم فقط  . وهنا أخرج العقيد نيكوزادة قطعة قماش من حقيبته وكانت ألوانها أحمر ـ أصفر ـ أخضر ونقشت عليها رسم منجل ومطرقة وقال للقاضي محمد : أجل ألم يوجد لكم  العلم والحكومة و تشكيلات حكومية أخرى هل تستطيع إنكارها وبزق على العلم وداس عليها بقدمه وعلى أثر ذلك رد عليه القاضي قائلا .
الرئيس القاضي محمد : لم يكن هذا العلم يوما من الأيام علما لكردستان بالشكل الذي رأيناه  ولم يكن  مرسوم على علمنا المطرقة والمنجل هذا من جهة ومن جهة أخرى أن تصرفك هذا دليل  قلة العقل وعدم الأخلاق والمشاعر فثق تماماً لن يطال يدك القذرة علم كردستان حتى تهينوه وسوف يأتي يوم ما يرفع ذلك العلم عالياً على هذا البناء الذي تحاكمونني فيها  وقد سلمت علم كردستان إلى مصطفى البارزاني وقد أصبح أمانة في عنقه  وسوف يحميه وينقله من جبل إلى جبل  ومن مدينة إلى أخرى  ومن هذا البلد إلى بلد آخر إلى يأتي اليوم الذي يرفع عاليا على ذرى جبال كردستان وأنا على ثقة تامة ولدي كل الأمل بأن ذلك اليوم سوف يأتي بدون شك .
العقيد عطا : بالرغم من أن السؤال الموجه إليك الآن هو خارج إطار أسئلة المحكمة .هل بالإمكان التحدث ولو قليلا عن بعض من المزايا والصفات التي كان يتمتع بها  الملا مصطفي البارزاني ..؟
الرئيس القاضي محمد : دعك من هذا السؤال ومن مصطفى البارزاني  . ألم تقل أنه شخص غريب وأن هذا السؤال هو خارج أسئلة المحكمة .
العقيد عطا : أكرر عليك نفس السؤال وأطلب منك الإجابة إذا تفضلت .
الرئيس القاضي محمد :إذا تحدثت لك بشكل كامل عن خصال وسمات البارزاني فليس غريبا أن تفكر بأنني أميل إليه  وأصفه بالشكل الأحسن لأنه  كردي مثلي ومناضل .
العقيد عطا :أقسم لك ولي كل الثقة بكل ما تقوله و كذلك هذه المحكمة فقد تبين لي أن كل ما تقوله وحدثتنا به نابع من أعماق قلبك وأنت مؤمن به .
الرئيس القاضي محمد : لن أستطيع الحديث عن كل خصال وخصوصيات الملا مصطفى البارزاني وأنتم أيضاً لن تستطيعوا معرفته معرفة تامة وكل ما أقوله لن تصدقوه ولن تقبلوا بأن تعرفوا عدوكم بالخصال الحميدة وتغيروا من موقفكم عنه لأنه عدو لكم .
العقيد عطا : أطلب منك أن تصف لنا البارزاني كما عرفته وقل كل ما تعرف عنه .
الرئيس القاضي محمد :أكرر مرة ثانية لن يستطيع أحد ولا أنا بأن يصف البارزاني كما هي حقيقته  وأرجوا أن تعفوني من الإجابة
العقيد عطا : أكرر وأطلب أن تحدثنا ولو قليلا عنه  من فضلك .
الرئيس القاضي محمد : حسناً . ولكن لا أستطيع الحديث عنه من خلال عدة كلمات وجمل كي أعطي لهذا الرجل  حقه وإذا وجد  في سير التاريخ بأن رجالا كانوا  شجعانا وجسورين أو شرفاء  وأحرارا ً أو كرماء  لا يخافون فيما يمضون من أجله . فإن البارزاني  يعد واحد من هؤلاء الرجال الكبار من دون شك لقد كان ذو خصال يشبه خصال  الصحابة في صدر الإسلام من حيث الصدق والإخلاص لربه ودينه ومساعدة الفقراء والمحتاجين من بني قومه فمن يريد أن يصدق هذه هي الحقيقية ومن لا يريد أن يصدق فهذا شأنه .  بعد أن تحدث كثيرا عن مناقب البارزاني أندهش الجميع من كلام القاضي محمد حيث كان يتحدث عنه بصدق واندفاع  وأيقن الحضور تماما أن الحديث صادر من أعماق قلبه وهو صادق عما يقوله  واستطرد القاضي محمد في نهاية كلام قائلا بأنني ما  أشهد به هو إكراماً للمصطفى البارزاني ودين في رقابنا وما قلته ليس بناء على  طلب المحكمة .
العقيد عطا : لماذا تعصبت من كلام المقدم نيكوزادة  وأجبته بغضب شديد علماً أننا سمعنا ممن كانوا محيطين بك وممن يعرفونك بأنك رجل رزين تتصف بالهدوء واللباقة والرد بالحسنى…؟
الرئيس القاضي محمد : لا أعطي ذلك الحق لأحد كي يقوم بإهانة وشتم  شعبي وأنا الآن من أجل ذلك الشعب محكوم بالإعدام وكيف لي أن أكون الآن مستعد لتقبل ذلك من واحد غير جدير بالاحترام وقد أجبته على قدر أسئلته وتصرفه لا أكثر وهذا ما لا أرضى ولا يرضى علي الله أيضاً عندما يقوم شخص ما بإهانة الشعب الكردي وما تقومون به الآن من محاكمة لنا لا لأنكم على حق بل لأنكم مقتدرين وتملكون القوة ولهذا لن أقبل منكم الإهانة والسباب وبعد ذلك قرأ بيت شعر للشيرازي Hira engis dest ezbişevid.. hercce derdî dil derd bigoyidومن ثم قال : الذي طلبته من الله قد حققه لي واستجاب بأن أصبح شهيد الشعب لكي أمثل أمام الله يوما ً ما بوجه حسن وعمل صالح دون خجل .
التهمة الثالثة : أنك قرأت قصيدة أمام عدد من ضباط الجمهورية وأصبحت تلك القصيد بمثابة منهج عمل وشعار لهؤلاء الضباط ولكن القاضي رد على المدعي قائلا: أنني اسمع بهذه القصيدة لأول مرة ومن ثم يستطرد كيومرس في حديثة لقد حضرت الكثير من المحاكم الميدانية ولكنني لم أشاهد شخصاً مثل القاضي بهذه الجسارة والشجاعة وطوال جلسة المحكمة لم أجده خائفاً من أي حكم أو مرتبكاً أمام هيئة المحكمة وكان يتحدث بجسارة ويرد على الأسئلة دون تردد وكأنه جالس في مجلس عادي وليس في محكمة.
لقد كتب كيومرس  عن ذلك المقطع الزمني من التاريخ أيضاً عندما قام العقيد نيكوزادة بإهانة القاضي والشعب الكردي ورد عليه القاضي محمد بعنف وعصبية قائلا :أن أسلافنا قد عرفوكم أفضل منا وأرجوا أن يرضى الله عن ذلك الشاعر الذي قال فيكم أنتم الفرس (……….)  فيقول كيومرس أن القصيد كانت باللغة الفارسية وكانت لها معاني ودلالات عميقة وقد قرأها بهيجان وجسارة كبيرة وكانت تدور حول جذور واصل العجم والشيعة و كم كنت أرغب أن أكتب تلك القصيدة  وأعرف منه أسم شاعرها ولكن كان الوقت للمحكمة ولم يكن لي الحق بأن أعيد به قراءة تلك القصيدة مرة ثانية وبعد الانتهاء من قراءتها قال لهم القاضي أنتم هكذا كما وصفكم هذا الشاعر. div>
بعد ذلك طلب المقدم عطا من القاضي محمد أن يتحدث عن البارزاني مرة أخرى قائلا: عندما خرج الملا مصطفى من هنا (مهاباد) فهل كانت هناك علاقة تربطكم به وما هي طبيعة تلك العلاقة وإذا وجدت فكيف ومتى وأين ..؟
الرئيس القاضي محمد : لقد كانت لنا علاقة معه حتى وصوله إلى تخوم منطقة شنو Şino ونغدة Nexede وبعد ذلك أنقطت أخباره عنا وليس لنا علم به .
العقيد عطا : حينما كان لك علاقة مع البارزاني فهل كان له خطة لتحريرك من الأسر …؟
الرئيس القاضي محمد : لقد حاول الملا مصطفى كثيراً أن أذهب معه قبل أن يقبض علي ولكنني أخطأت عندما أقنعت نفسي بأنني لست متهما ولم أكن أعرف حقيقتكم كما عرفه هو حقيقة العجم .فقد شرح ورسم لي مخطط ومنهج وسلوك العجم تجاه الكرد وفتح عيني على حقيقتكم ولكن فات الأوان.
العقيد عطا :هل تستطيع أن تبين لنا ذلك الوصف والتوصيف الذي رسمه لك البارزاني عنا ورأيه فينا  وكيف .
الرئيس القاضي محمد :في الحقيقة لقد عرفكم البارزاني أكثر عن غيركم لقد قال لي : لا يوجد شعب وأمة مثل العجم حينما يكونون في مركز الحكم والسلطة فهم بدون رحمة وإنسانية ولا يوجد لهم وجدان وظالمين إلى حد لا يتصوره العقل ولكم عندما يضعفون ويضطهدون (بفتح الهاء) فهم يعيشون حياة الذل والمهانة ولا يهمهم سوى العيش مهما كانت الظروف المحيطة بهم  وقال أيضاً : لا تفكر بأنك لم تقترف ذنباً وأن العجم سوف لن يعفوا عنك أبداً .
القاضي محمد :إذا كان الله قد أراد أن يكون موتي بهذه الطريقة فلست نادما لأنني مؤمن به تمام الإيمان وقد أقسمت وعهدت شعبي بأن أعيش معه وأموت معه فإن ذهبت وغادرت ولم تقبضوا علي لأقدمتم على ارتكاب المجازر بحق شعبنا انتقاماً منهم بسببي  ومن أهالي مهاباد وكردستان على العموم لذا أنا مسرور أولا لأنني سوف أموت من دون ذنب ارتكبته وضميري مرتاح وثانياً لقد أديت ما علي من العهد والقسم والواجب وأتمنى أن أكون مرفوع الرأس في الدنيا ويوم القيامة  وأنا أودع الحياة بشرف وتقدير من الله و الشعب الكردي.
العقيد عطا :عندما سجنت في مهاباد فهل جرت محاولات من قبل أحدهم هنا أو من حول مهاباد بتحريرك من السجن :
القاضي محمد : أجل لقد حصلت محاولات من البارزاني وأرسل لي بأنه سوف يقوم مع عدد من البيشمركة بتحريري في أحد الليالي وكان هدفه هو أن لا أموت وأقتل.
العقيدعطا : لماذا لم يقم بذلك العمل …؟
القاضي محمد : لم أرغب في ذلك .
العقيد عطا : لماذا لم ترغب أن تخرج من السجن ..؟
القاضي محمد :لأسباب عديدة .
العقيد عطا : ما هذه الأسباب ..؟
القاضي محمد :السبب الأول هو من أجل تلك الوعود وذلك القسم الذي أعلنته لشعبي بأن لا أتركهم لوحدهم والسبب الثاني هو أن لا تراق الدماء الكثيرة من أجلي وكنت أحزن للموت والمجازر التي ربما سوف ترتكب.
العقيد عطا:في الحقيقة هل كنت حريصاً على نفسك أم على البارزاني أم على جنودنا..؟
القاضي محمد : كلا.. ليس كذلك لم أكن حريصاً على نفسي ولا على جنودكم بل  كنت حريصاً على سلامة  شبابنا و بيشمركة البارزاني وعلى كل الأحوال آمنت بقدري وكنت على يقين بأنني سوف أعدم .
العقيد عطا : هل تستطيع أن تخبرنا سبب حرصك الشديد على سلامة البارزاني..؟
القاضي محمد : إن سبب حرصنا على مصطفى البارزاني والبارزانيين هو تصورنا بأنهم أمل الشعب الكردي في المستقبل وقد قمت بتسليم علم كردستان إليهم وأنا على يقين تام بأنهم سوف يرفعونه عاليا على جبال كردستان يوما ما وإلى ذلك اليوم سوف يكون ذلك العلم في الحفظ والصون وليس ذلك العلم الذي بزق عليه نيكوزادة وداسه تحت رجليه وأنا آمل من الله أن يرفع ذلك العلم بيد قوات البارزاني  ويرفرف على هذا البناء الذي أحاكم فيه وكل أراضي كردستان يوم ما.
العقيد عطا :السؤال الأخير . قل لي الحقيقة هل أنت الذي لم تذهب معه أم أن الملا مصطفى لم يأخذك معه ولم يرغب بذلك   ..؟
القاضي محمد : يبدو أنك لم تصدق الحديث الذي قلته حتى الآن .
العقيد عطا :أريد أن تقول لي الحقيقة .
القاضي محمد : حضرة العقيد كن حذرا ولا تقدم على الاهانة مثل غيرك… وماذا تقصد قولك بأن  أقول الحقيقة..؟ وهل أنا لا أقول الحقيقة وإلى أين كنت سأذهب..؟ فهل هذه الأرض ليست أرض كردستان وهي مهد آبائي وأجدادي وقد عاشوا عليها ولست قليل الأصل والنخوة القومية بأن أترك شعبي وأرضي وراء ظهري وأرحل عنها وأهرب وخوفا من العقيد عطا بألا يغضب القاضي ويتكلم بعصبية مرة ثانية ويهينه كما أهان العقيد نيكوزادة  أسرع إلى الاعتذار من القاضي محمد وأقسم أن غايته لم تكن شيء مغرض أو إهانة فكل ما في الأمر فقط كانت هي كلمة وقد خرجت من فمي وأطلب منك بصراحة أن تجيب على هذا السؤال .
العقيد عطا :  إذا كنت تحب شعبك ووطنك بهذا الشكل الذي أبديته لنا فكيف سمحت للأجانب والغرباء أن يأتوا إلى وطنك ويصبحوا قادة لشعبك  ..؟
القاضي محمد : أنكم تكررون هذا السؤال كثيراً فهل أنكم تقصدون الجيش الروسي والإنكليزي ..؟
العقيد عطا : كلا . بل أقصد البارزاني  .
القاضي محمد: يبتسم..وأردف قائلا لقد أجبت على هذا السؤال في معرض حديثي وأن التكرار ليس له أهمية ولن يغير من إفادتي وقلت أن البارزاني هو كردي وأن كردستان هي بيته الثاني هنا وكل الكرد لهم نفس الحقوق بأن يسكن في أية بقعة من وطنه وأكرر مرة ثانية عليكم أن تعرفوا بأنني لم أرغب بترك وطني وكان بقدوري فعل ذلك وقد كان تحت يدي سيارات وإمكانيات بالخروج من هنا ولكن نتائج خروجي من أرض الوطن لن تكون إيجابية على تاريخي الشخصي والقومي وأننا كنا على معرفة تامة بنتائج بقائنا كما قاله لي البارزاني حينما وصفكم أحسن توصيف فعندما تكونوا في السلطة بأنكم حقودين وظلمة لا يعرف قلبكم طريق الرحمة .فقد كنت أعرف تمام المعرفة نتائج عملي ونضالي وكذلك سلوككم فلا يوجد شعب مثلكم عندما يقع في الضائقة والظروف القاسية يضع نفسه تحت الأقدام ويطلب الرحمة والتشفع من غيره ويستسلم فلا تفكر بما أنت فاكر به كي تأخذ مني اعترافا بأنني نادم .
بهذ الشكل انتهت محاكمة القاضي محمد ومن ثم جاء دور محمد حسن خاني سيفي قاضي ودخل إلى قاعة المحكمة بجسارة  وبكل رزانة وهدوء مرفوع الرأس وكأنه داخل إلى أي مكان ولم يلاحظ عليه أنه داخل قاعة محكمة ميدانية وبعد ذلك  رجع العقيد نيكوزادة إلى مكانه ونظر إلى سيفي قاضي وبدأ يسأله.
نيكوزادة : لماذا أصبحت وزير الحربية ولماذا تقلدت هذه المهمة وما هي غايتك في ذلك .
سيفي قاضي: كنت مسرور جدا بتسلمي هذه المهمة وتقليدي هذا المنصب المشرف وكل هدفي هو أن أخدم شعبي.
نيكوزادة : هل كان هدفك هو الخدمة أم من خلال هذا المنصب أن تجمع المال وتعيش من وراءه …؟
سيفي قاضي : يبتسم . يا حضرة العقيد إذا كنت لا تعرفنا فاعلم أننا لم نقم على هذا العمل لأجل جمع المال وربما صرفت أكثر من مليونين من التومن Tûmen “العملة الرسمية لإيران في ذلك الوقت ” لصالح شؤون الجمهورية من مالي الخاص ولكن يا حضرة المقدم ٍيبدو أنك لا تعرف شيئا من أصول القضاء والعدالة والمحاكمات . وهنا كان يبدو أن المقدم نيكوزادة ما زال غاضبا في داخله من الكلام الذي وجهه القاضي محمد وأراد أن ينتقم من سيفي قاضي ولكن سيفي لما أخبره حيث قال : أننا قد تركنا المال  والحياة خلفنا وكل شيء من أجل هذه القضية وإذا كانت لديك من الجسارة بقدر رأس الإبرة  بأن تهينني سوف أرد عليك أكثر مما قام به القاضي محمد في إهانتك ليس فقط بالكلام وقام برفع قبضة يد عالياً وأردف قائلا سوف أحطم رأسك وأسنانك فهل هناك شيء غير الموت وهذا هو أيضاً هدفنا حتى الآن لقد وجهتم لنا الكثير من الكلام الغير لائق والكذب والتهم والتلفيق وتريدون أن تهينوننا أيضاً وكل هذه التهم هي كلها ملفقة وليس لها أي أساس من الصحة ولكن أعلن لكم قبول كل هذه التهم الموجه لي وأفضل لي من أن أرد على أسئلتكم بهذا الشكل انتهت محاكمة سيفي قاضي.
ومن ثم جاء دور أبو القاسم صدري قاضي في المحاكمة وكان أول سؤال وجه إليه  كان كالتالي . ما الغاية من كتابة تلك الرسالة التي أرسلته إلى القاضي محمد بأن ينتظروا قليلا لغاية أن تأتي المساعدة العسكرية من هاندارانHandaran   إلى مهاباد ..؟
صدري قاضي: لم يحدث مثل هذا الأمر وإذا حدث ما تقولونه فهيا آتنا بالتفاصيل.
المدعي العام نيكوزادة: ما هذه القصيدة التي كتبتها في وصف البارزاني ..؟
صدري قاضي : أجل لقد حدث هذا الأمر وقد أردت ذلك وأرسلت له تلك القصيدة.
المدعي العام :  يكرر السؤال ويقول .هل المساعدات التي ذكرتها في رسالتك كانت تأتي إليكم من قبل الأجانب سابقاً  أم هي المرة الأولى ..؟
صدري قاضي : أقول لك مرة ثانية لم يحصل شيء من هذا القبيل.
المدعي العام  : لماذا اجتمعت في تبريز مع بيشواري Pêşewarî (رئيس جمهورية أذربيجان الإيرانية ) وكذلك مع نماز علييف Nemaz elîyêf القائد الميداني للجيش الروسي في مياندواو واليكسندر في مرغة Merege والقنصل الروسي في أورمية..؟
صدري قاضي : كانت تلك  الاجتماعات  اعتيادية  ولها أهميتها في ذلك الوقت .
المدعي العام  : بل كان عملا جاسوسياً أليس كذلك ..؟
صدري قاضي : أرد إليك ما قلته من الكلام ولكن أية جاسوسية هذه التي تتحدث عنها ولمن ..؟ وهل كان من شيء مخفياً عن الدولة الروسية وهل من مكان لم يطأه أقدامهم
المدعي العام : يرد  بعض من الأسماء التي كان الصدري قد راسلهم .
صدري قاضي : كل شيء كتبته من رسائل ووثائق  كنت أحتفظ بنسخة منها لدي  وكل الملفات الشخصية قد صدرت وهي الآن في طهران فلا حاجة أن أرد على هذه التهمة أو تلك فما عليكم الاطلاع عليها حينها تعرفون كل عمل قمت به .
بهذا الشكل السريع انتهت محاكمة آل قاضي الثلاثة قاضي محمد وسيفي قاضي وصدري قاضي  وقامت هيئة المحكمة بالتشاور والمداولة وهذه المرة كان قرار المحكمة لم يكن سريعاً  من سابقتها التي أصدرت قرار إعدامهم أقل من نصف ساعة وفي هذه المحكمة قد أصدرت بعد حوالي /10/ ساعات وتم إخبار طهران بالقرار وانتهت عمل المحكمة ومن الجدير ذكره كان الاتصال مستمرا بين مهاباد وطهران بواسطة الاتصال اللاسلكي وفي الساعة الثانية عشرة ليلا أصدرت المحكمة حكم الإعدام بحق الثلاثة دون أن ينشروا الخبر وقد عرفنا ذلك من خلال الارتباك الحاصل على وجوه ضابط الاتصال حين أتصل مع طهران ويده يرتجف ومن تصرفات الضباط العسكريون ولم ينشروا الخبر وقتها ولكنهم أخبروا طهران بذلك  وقد كان من المقرر أن يبق الاتصال مع طهران مستمرا لمد نصف ساعة فقط في تلك الليلة ولكنه استمر إلى الصباح لتلقي الأوامر ولم يتغير من نتائج المحكمة الأولى من شيء ولم يقبل أي طعون قدمها الثلاثة وبدأت البحث عن مكان في المدينة لتنصيب أعواد المشانق  ولكن يبدو أن قائد الحامية الشاهنشاهية قد عين المكان وكان بانتظار القرار وتنفيذه وكان ذلك المكان هو بيت في ساحة جوار جرا çiwarçira .وهذا ما  قاله قائد الحامية بالحرف “لقد عينا المكان المناسب ” وقد كان من المقرر أن نترك مهاباد فور صدور القرار وتترك مهام إجراءات الإعدام لقائد حامية مهاباد العسكري ولكن أمراً معاكسا  مفاجئاً قد ورد إلى هيئة المحكمة من طهران بأن تبقى إلى أن تنفذ الحكم بالثلاثة  لذا أجبرنا تطورات الأحداث على البقاء هناك إلى أن يتم إعدامهم .
بعد أن صدر حكم الإعدام بحق  القاضي محمد وسيفي وصدري  تم وضعهم في غرفة في الطابق الثاني من بناء الحامية العسكرية وحولهم عدد من جنود الحراسة  ومن ثم  قررت القيادة العسكرية بان يتم جلب كل واحد منهم بسيارة أي كل واحد منهم  في سيارة مستقلة وبرفقة عشرة جنود حراسة وتم إخبار المتهمين بأنهم سوف يسوقونهم إلى طهران ولكن قائد الحامية أمر أحد الضباط بتوجيه السيارات إلى ساحة جوار جرا و يستطرد كيومرس في معرض كتابته عن الواقعة قائلا : بغرض أن أكمل تقريري  عن هذه الواقعة للمجلة التي كنت أكتب فيها ذهبت إلى داخل السجن الذي كان فيه القاضي محمد بصحبة أحد الضباط رأيت القاضي محمد وهو يصلي  فتحدث الضابط مع القاضي محمد قائلا : استعدوا لكي نرسلكم إلى طهران وحينها وجدت على وجوه سيفي وصدري بعض من  علامات الراحة وعندما أنهى القاضي صلاته سارع إلى جمع أغراضه الشخصية بسرعة وطلب منا أن نخبر أهاليهم  بخبر ذهابهم إلى طهران حتى يأتوا لنا أيضاً بعض النقود مصروف ذهابنا إلى هناك .فرد عليه الضابط لا حاجة باصطحابكم النقود اللازمة لمصروف السفر وقد تكفلها المسئولين بذلك وعلى ضوء القرار الصادر اركبوا كل من الثلاثة  في سيارة  شاحنة مستقلة وبرفقتهم عشرة جنود حراسة وفي ليلة ذلك اليوم أعلنت السلطات العسكرية حالة منع التجوال في المدينة بشكل تام وتم توزيع الجنود في كل شوارع المدينة وساحاتها وحول المدينة  تحسباً لأي طارئ وقد تم ذلك بعد نصف ساعة من لقائنا
كان القاضي محمد في الشاحنة الأولى  ومحمد حسين سيفي قاضي في الشاحنة الثانية وأبو القاسم صدري قاضي في الشاحنة الثالثة وانتظروا أمر الحركة .ولكن الأمر الذي ورد من طهران كان ينص على إرهاب الناس في المدينة وإعدام آل قاضي الثلاثة في الساحة الكبيرة في وسط مهاباد ومنذ أن توجهت هيئة المحكمة من طهران كانت القيادة العسكرية قد عينت ذلك الدار في ساحة جوار جرا الذي كان له ثلاثة أبواب مستقلة عن بعضها وكان أحد الأبواب يطل مباشرة على ساحة جوار جرا  والأخر خارج الميدان والثالث نحو الباحة الصغيرة للدار وأعطيت الأوامر أن تسير الشاحنة التي تستقل القاضي محمد نحو الساحة مباشرة وعندما وصلت السيارة إلى باب الدار المطل على الساحة سأل القاضي محمد لماذا تطلبون مني النزول هنا فقال الضابط للقاضي أن سفركم إلى طهران سوف يتم إجراءاته هنا في هذا المكان وسوف يتم استجوابكم ببعض الأسئلة فنزل القاضي محمد وعندما وصل إلى داخل المنزل وجد العقيد نيكوزادة وأحد الملالي من الكرد واسمه محمد صديق صدقيان وعدد من الجنود المسلحين هناك و كذلك طاولة كبيرة وعليها نسخة من القرآن ومدير الصحة الذي أقدم من طهران لهذا الغرض وحينها أدرك القاضي أن مسألة تسفيرهم إلى طهران هي كذبة ولا صحة لها وبدأ على الفور المقدم نيكوزادة قراءة الحكم على القاضي محمد وقال له سوف يتم تنفيذ الحكم عليكم الآنً ومن ثم قال نيكوزادة إذا كان لديك وصية تستطيع قولها أو كتابتها فقام القاضي بسرعة إلى خلف الطاولة وبدا بكتابة وصيته وكتب عدة صفحات وتبين أنه كان متعباً لذا طلب من الملا الذي هو من أهالي مهاباد  أن يكمل له كتابة الوصية وقال له أكتب كل ما أمليه  لك فصار يقول أوصي بالأرض الفلانية لبناء جامع والأخرى للمدرسة والمستشفى وهكذا حتى يستفيد أحفاد الكرد منها في المستقبل وكما كتب عدد من الوصايا للشعب الكردي …
استغرقت كتابة وصية القاضي محمد حوالي ساعتين ونصف في الوقت الذي كان العقيد نكيوزادة على أحر من الجمر للرجوع إلى طهران خشية من أمر ما قد يصيبه وهو ينتظر انتهاء القاضي من كتابة وصيته . بعد أن انتهى القاضي من كتابة وصيته صلى ركعتي سنة ومن ثم دعا الله أن يقبل أعماله وطلب من المدعي نيكوزادة مرة ثانية أن يكتب وصية أخرى للشعب الكردي فوافق على طلبه وجلب له القلم والورق . طلب القاضي محمد من الملا أن يكتب ما يملي عليه  ومن ثم قال للملا أكتب فرد عليه الملا ماذا اكتب ..؟ رد  عليه كل ما أقوله لك فرد عليه الملا يا سيدي ربما لن يسمح لك العقيد بذلك فغضب القاضي غضباً شديداً وأردف قائلا : من هذا الذي تتحدث عنه (يقصد المدعي العام ) ومن هو بالنسبة لنا  ولن آخذ الأذن من أحد حتى أكتب وصيتي للشعب الكردي وهنا يبين كيومرس صالح أن القاضي محمد قد طلب من الملا ما ينقل إليه بالفارسية عليه كتابته باللغة الكردية مباشرة ولكن الملا قال للقاضي محمد يا سيدي لا أعرف الكتابة باللغة الكردية حينها غضب القاضي مرة أخرى وقال أنها مصيبة الكرد الكبرى ومن سوء حظهم  حينما لا  يستطيعون الكتابة بلغتهم ومرة أخرى بدأ القاضي محمد في كتابة وصيته المشهورة للشعب الكردي بخط يده وجاءت فيها :
بسم الله الرحمن الرحيم ……الشعب الكردي …أخواني الأعزاء … الذين هضمت حقوقهم.. أمتي المظلومة.. أنا الآن في اللحظات الخيرة من حياتي أوصيكم ببعض الوصايا . أستحلفكم بالله بألا تعادوا بعضكم البعض بعد الآن اتحدوا وساندوا بعضكم قفوا بوجه العدو الظالم المستبد ولا تبيعوا ذممكم له فهو يريدكم هكذا حتى ينفذ مآربه ولن يعطف عليكم وفي أي فرصة تسنح له لن يصفح عنكم . إن أعداء الشعب الكردي كثيرون وهم طغاة وظلام وقساة وأن عوامل انتصار أي شعب هو الوحدة والتوحد ورص الصفوف ومساندة الأمة لبضعها وأية أمة لا تتوحد ستبقى تحت سيطرة وسطوة الأعداء وأنتم الشعب الكردي لستم بأقل من شعوب هذه الأرض كما أن الأمم التي تحررت من أعدائها كانت صفوفها موحدة وقوية لم تخترقها الأعداء فتخلصوا من ضعفكم وتوحدوا .
أخوتي لا تنخدعوا بحيل الأعداء بعد الآن فأعداء الكرد ومن أية قومية وملة كانوا سيبقون أعداء لكم ولا تصدقوهم وهم عديمي الرحمة ولا ضمير لهم ولن يرحموكم و سوف يقتلونكم ويغرونكم بالأكاذيب والتضليل والحيل ويؤلبون بعضكم على بعضكم ومن بين أعداء الكرد يبقى العجم أكثرهم ظلماً وحقداً عليكم وألعنهم ولا يؤمنون بالله وأكثرهم قوة ولا يتورعون عن ارتكاب أية جريمة بحق الكرد وعلى مر التاريخ ولم ير أحد منهم الالتزام بالعهود والمواثيق وكانت لهم أحقاداً على الشعب الكردي جذورها موغلة في القدم أفلا تذكرون ماذا فعلوا بأعيانكم أمثال إسماعيل آغا (سمكو) وشقيقه جوهر آغا وكذلك جعفر آغا وحمزة آغا ألم يحتال عليهم العجم وقتلوهم..؟ لقد خدعوهم بقطع الوعود والعهود لهم واصطادوهم لقد أنخدع الكرد بهم ولكن لحد الآن وعلى مر التاريخ لم ير أحداً منهم الالتزام والوفاء وكانت كلها خدعاً وحيلا وأنا كأخ صغير لكم وعلى عهد الله استحلفكم وأقول لكم أن تتحدوا ولا تخذلوا بعضكم بعضاً وثقوا بأن العجم لو سقوكم العسل فأنهم سيدسون السم فيه ولا تنخدعوا بعهود وإيمان العجم حتى لو اقسموا بالقرآن ألف مرة ومرة ثقوا أن في ذلك خداع لكم .
أنا في هذه اللحظات الأخيرة من حياتي أنصحكم وأقول لكم ويعلم الله وحده أنني لم أقصر بواجبي ما أمكنني بالروح والمال والنضال والنصح والإرشاد إلى الصواب والآن في هذه اللحظات ومرة أخرى أقولكم لا تنخدعوا بالعجم لأنهم لا يؤمنون بالله ولا نبيه ولا بيوم القيامة والحساب والكتاب فحتى لو كنتم مسلمين فأنكم عندهم مجرمون ومحكومون وأنتم بالنسبة لهم أعداء وأرواحكم وأموالكم حلال عليهم ويعتبرون ذلك غنائم الغزو لهم رغم عهدي لكم هو أن لا أرحل عنكم وأترككم في هذه الظروف القاسية ولكن عندما كنت أفكر بالماضي كيف استطاع هؤلاء خداع أعلامنا ومشاهيرنا حيث لم يستطيعوا أن يقضوا عليهم في ميادين القتال بل بالخديعة والحيل ومن ثم القتل أنني أذكر ذلك لكم كله ولم أثق بالعجم قط ولكنهم قبل عودتهم إلى هنا أرسلوا الوسطاء وبعثوا الرسائل وشخصيات من الكرد والفرس وقطعوا الكثير من الوعود بأن الشاه ودولة العجم لا يريدون إراقة قطرة دم واحدة في كردستان والآن ترون بأم أعينكم النتيجة ولو أن رؤساء العشائر لم يخونونا ولم يبيعوا ذممهم للعجم لما كان مصيرنا ومصيركم ومصير جمهوريتكم كما هو الآن.
نصيحتي ووصيتي لكم أن تعلموا أولادكم أننا نحن الكرد لسنا أقل كفاءة من الأمم الأخرى إلا بالعلم وإلا إذا تخلصنا من تخلفنا . تعلموا حتى لا يفوتكم ركب التقدم والتعليم وحده السلاح الحقيقي بوجه العدو.. ثقوا إّذا كانت محبتكم ووحدتكم وتعليمكم جيدة سون تتغلبون على عدوكم ويجب ألا يخيفكم قتلي مع إخوتي وأبناء عمومتي و يجب عليكم التضحية بالمزيد من أمثالنا في سبيل هذا الهدف وأنا واثق بأنه سيأتي آخرين من بعدي وسيخدعون بهم وسوف يقضي عليهم بالحيلة والخيانة والنفاق وسوف يأتي الكثيرين منكم لاحقا وسيخدعون بالرغم كون البعض أكثر علماً منا ولكن أتمنى أن يكون أعلامنا قد تنبهوا ًوأخذوا العبرة والدروس من تجربتنا والتاريخ .
لي وصية أخرى لكم وهي أن تدعوا الله أن يعينكم في كل ما تبذلونه من أجل رفعة شعبكم وتحرره وأني على يقين بأن الله سينصركم . ربما سألتم لماذا لم أنتصر…؟ أقسم بالله أنني منتصر  وأي نصر عظيم هذا هو أن أضحي بروحي ومالي في سبيل الشعب والأمة والوطن . صدقوني أنني كنت أتمنى أن أموت ميتة كهذا حيث أكون أمام الله ورسوله وشعبي وأمتي ناصع الوجه ومرتاح الضمير وهذا هو النصر بالنسبة لي.
أعزائي كردستان دار كل كردي وكيف أن أعضاء الأسرة الواحدة يعملون من أجل الجميع فلا يحق لأحد أن يضع العراقيل أمام الآخر ولا تضيقوا ذرعاً إذا تسلم أحدكم المسؤولية ثقوا به أن أخاكم الكردي هو أفضل من العدو في كل الأحوال فلو لم أتحمل المسؤولية الكبيرة لما وقفت الآن هذه الوقفة التاريخية وتحت أعواد المشنقة وأما الذين لم ينفذوا أوامرنا وليس هذا فحسب بل كانوا يعادوننا كوننا اعتبرنا أنفسنا خدما للشعب وهؤلاء ينامون الآن مطمئنين في بيت أهلهم وعند أطفالهم ولكننا باسم الشعب نقف الآن تحت أعواد المشنفة ولو لم أحسن المسؤولية الوطنية والقومية لكنت مثل غيري الآن نائماً في بيتي ولكننني أبيت ذلك وهذه وصيتي الأخيرة لكم عاش الشعب وعاشت كردستان .
بعد أن أنهى القاضي محمد من كتابة وصيته إلى الشعب الكردي طلب من المدعي العام أن يستمع إلى نص وصيته فقال له المدعي لا حاجة لذلك . رد عليه القاضي محمد حسناً ولكن حسب الشريعة الإسلامية لا يصح قتل المرء شنقاً بل رميه بالرصاص ولكن المدعي العام رفض طلبه ومرة ثانية طلب منه أن يصلي ويستعد للموت حسب الشريعة الإسلامية فوافق المدعي العام على طلبه وبعد أن توجهوا به إلى المشنقة رفع كلتا يديه باتجاه السماء قائلا : يا إلهي أنك شاهد أنني لم أقصر تجاه شعبي ولم أفرط بحقوقه وانك شاهد أيضاً بأنني لم أوفر جهداً في سبيلك  إلا وأردت رضاك عنا وأن تأخذ بحيف وحق المظلومين في هذه الدنيا واليوم الآخرة  من الظالمين وأنا مؤمن بك هكذا . يا إله الذي لا يخفى عليه شيئاً ويعلم به أن تخلص الشعوب المظلومة ومنهم الشعب الكردي من ظلمهم .
يقول  كيومرس لقد استمر الانتظار للتحضير والإعداد للشنق في الساحة حوالي /20/ دقيقة وخلال هذه المدة هو يطلب من ربه المغفرة ويدعو إليه  وأنا استفسر عن معاني الوصية التي كتبها القاضي محمد بالكردية  من ذلك الملا الذي كان متواجدا في المكان وبعد ذلك ساقوا القاضي إلى منصة الإعدام  وتم إعدامه ومن الجدير ذكره أن جسده قد فارق الحياة بعد دقيقتين وكان ذلك حوالي الساعة الرابعة فجراً من 31يوم /3/1947 .
بعد ذلك أشاروا إلى الشاحنة التي كانت فيها وزير الحربية  لجمهورية كردستان سيفي قاضي  بالتوجه صوب الساحة ومن ثم أدخلوه إلى ذلك المنزل وحينما وجد المدعي نيكوزادة  والملا ومدير الصحة هناك عرف الحقيقة ولكنه لم يطرأ على ملامح وجه من شيء ولم يضعف عزيمته ومن ثم قرأ نيكوزادة الحكم عليه وقال له بإمكانك أن تكتب وصيتك وذهب هو أيضا إلى خلف الطاولة وكتب /1./ صفحات إلى أن أنهى وصيته وكان الوقت تتقارب إلى بزوغ الفجر وعندما توجهوا به نحو منصة الإعدام وشاهد القاضي معلقاً فصار يقرا القصائد الشعرية  والشعارات الثورية باللغة الكردية وبصوت عال  وكان يضرب بيده ورجله  الجنود والضباط  من حوله وكل جندي كان يقع في طريق سيره يرميهم أرضاً لأنه كان قوي البنية والعضلات وينظر إلى من حوله مثل الأسد .فاستيقظ معظم الأهالي الذين حول الساحة من النوم على صوته وهو يقول : عاش القاضي محمد وعاش الكرد واستقلال شعب كردستان فلن يموت الكرد أبداً وبسبب القوة البدنية وجسارة سيفي قاضي تعب الجنود إلى أن علقوه ووضعوا الحبل في عنقه وبعد دقيقتين أنقطع الحبل ووقع سيفي قاضي على الأرض ولكنهم علقوه على المنصة من جديد وهو لا يزال يتنفس وإلى أن تم إعدام سيفي قاضي أصبحت الساعة تشير إلى الخامسة صباحاً وأصبحت الرؤية واضحة على مسافة بعيدة.
ثم جاء دور أبو القاسم صدري قاضي وهو في الشاحنة الثالثة كل هذا الوقت فجيء به  وقد كان متعباً جداً وهو قد سمع بإعدام سيفي قاضي كونه كان قريبا من الساحة وسمع صوته وهو يرفع الشعارات القومية والثورية باللغة الكردية وعندما أنزلوه من الشاحنة ووجد المدعي العام والملا فطلب منهم رجاءا وقال أنتم تعرفون أنني لم أقترف من ذنوب وأطلب منهم  أن يرسلوه إلى طهران لتقرر مصيره هناك فقال له الملا أنها لعار كبير أن تطلب المساعدة من هؤلاء وكن مثل غيرك رجلا شجاعاً  ولن يفيدك أي طلب ولا تتأمل شيئاً من هؤلاء فهذا هو قرار المحكمة سوف ينفذوه ولماذا لا تريد الموت مع الرجال ولماذا تسر قلب أعداءك بهذا الكلام فهؤلاء هم أعداؤك وسوف يعدمونك لا محالة وبعد ذلك الكلام الذي سمع من الملا جلس وكتب وصيته .والغريب والمدهش أن كيومرس لا يتحدث عن مضمون وصية سيفي قاضي وصدري قاضي .
عندما  انتهى صدري قاضي من كتابة وصيته توجهوا به نحو ساحة الإعدام وشاهد جسمان القاضي محمد وسيفي قاضي فبدا على وجه علامات الحزن والقهر ولم يستطع الوقوف على رجليه فقام الجنود بحمله ولفوا الحبل على رقبته وهكذا انتهت مأساة قادة الكرد الثلاثة  وبعد الانتهاء كانت السيارات التي توجهنا بها من طهران إلى مهاباد بانتظارنا في مكان ليس ببعيد من ساحة جوار جرا فقمت أنا وهيئة المحكمة  وبحراسة عدد من الجنود بالإسراع  للخروج من مهاباد  وفي الساعة /1./ صباحا كنا في مياندواو  .
لم أكن أفكر يوما من الأيام بأن قادة الكرد كانوا بهذه الجسارة والشجاعة وإلى الآن لا يزال صوت القاضي محمد في مسمعي عندما كان يقول يا رب خذ جزاء المظلومين من الظالمين وكذلك شجاعة سيفي قاضي في ضربه وعدم استسلامه إلى آخر نفس من حياته فكل هذه الصور لا زالت مطبوعة في ذاكرتي .وقد قمت بأخذ عدة صور من بعيد لهم وبعد تنفيذ عمليات الإعدام قمت بالتقاط عدة صور أخرى وأيقنت حينها  أن دعاء القاضي سوف يلبى ولكن متى  وكيف لا أعلم وقد كتبت كل وقائع  هذه المحكمة من بدايتها إلى نهايتها بهذا الشكل المنشور تمت طبعها  في العدد /61/ من مجلة ماه نامه العسكرية عام 1947 ومن الجدير ذكره أن عدد من الفقرات والجمل قد أمحيت من وصية القاضي محمد وأعتقد أن يد خفية قد لعبت بها وخاصة في الوصية التي وجهت للشعب الكردي وكذلك قمت بطبع تلك الواقعة  في البروشور الموسوم ويزنامه Wêjename   الذي وزع على الضباط ورجالات الدولة بشكل سري .
في عدد لاحق لتلك المجلة يقول النقيب كيومرس صالح :  بحجة  الحفاظ على أمن الدولة فقد أخذ العقيد نيكوزادة وصية القاضي محمد من الملا بعد أن الإعدام الذي أوصاه القاضي محمد بنشرها بين الناس من أهالي مهاباد ولكن المقدم نيكوزادة قد أعطاني إياها  وقال لي أن هذه الوصية سوف تخلق الفتنة إذا تمت نشرها في المستقبل وها أنا اليوم أنشره في الكتيب ويزه نامه Wêjename وأخير وجدت من ساعدني ووقف إلى جانبي في نشر هذه أحداث تلك المحكمة ومن الجدير ذكره أن وصية القاضي محمد التي كتبها للعائلة والثانية للشعب الكردي قد حفظت في أرشيف المتحف العسكري للجيش الإٌيراني أي في أرشيف  قسم الخرائط للجيش الوطني مع كل أعداد مجلة ماهنامه والكتيب (النشرة ) تاجكياني بالإضافة إلى الكثير من الوثائق تخص الضباط وحركات التمرد في كل إيران في ذلك المقطع الزمني من تاريخ إيران  . وعلى سبيل المثال كل وثائق محاكمات الضباط في خراسان Xurasan وأزربيجان وقزوين وتمرد ضباط الشاهنشاه ونوري  هوايي  والدكتور مصدق وملف ثريا زوجة الشاه الإيراني في ذلك المتحف كما هي.
مصدر الوثيقة …كتيب تاج كياني لرئاسة أركان الجيش الإيراني  ومجلة ماهنامه العسكرية العدد /44 / حتى العدد /75/
 تنويه: النص الكامل لتلك المحاكمة التاريخية قد وصلت إلى يد م.م ـ بوكان M.M.bokan ولأسباب وظروف خاصة لم يكتب اسمه الحقيقي وبعد ذلك أرسل م.م ـ بوكان ذلك النص إلى حيدر رواندوزي لترجمتها إلى اللغة الكردية ومن ثم راجعها الصحفي بدر الدين صالح ونشرها في مجلة xebatî qutabiyan العدد /37/في يوم /14/8/2… ومن ثم نشر هذا النص في مجلة  دجلةDicle و مجلة وار War في العددين /1. و11/  ومن هذا المصدر الأخير قمنا بترجمته إلى اللغة العربية نظرا لأهميته التاريخية 

Wergerandin : Xelîl kalo

31.3.2013

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…