كلمة بمناسبة عيد الصحافة الكردية *

د. كسرى حرسان

تحية كبيرة ألقى بها هذا الحفل الكريم بمناسبة عيد الصحافة الكردية المبجل.
أما بعد…

فبعد السنين وتداول الأيام أرى الصحافة تزداد شباباً ورونقاً وتألقاً, أراها تثبت وثبات عظيمة لا يشق لها غبار, أرى عمالقة من الصحفيين يبرعون ويبدعون فلا يتهيبون ولا يتزلفون, نلمحهم في سوح الوغى أبطالاً أشداء لا ترهبهم معمعة القتال, كونهم ارتفعوا على الألم وترفعوا فوق الحطام, لذلك كانت تسمية السلطة الرابعة حقاً طبيعياً للصحافة والصحفيين لا ينازعهم فيها منازع.
ونحن إذ نحتفل اليوم بهذه الذكرى, الذكرى الخامسة عشرة بعد المئة, وهي عيد الصحافة الكردية, لا يسعنا الا أن نستذكر الثورة السورية وأبطالها, نطأطئ لهم الهام إجلالاً وتكرمة, وكيف لا نخشع وننحني للنجوم الذين رفعونا جملة واحدة من الأرض الى السماء.
أحيي هذا الحفل تحية الصحافة الكردية, ولا ألقي بالملام على الكرام. وهم يعاركون قيود الحياة القاسية الشديدة عراكاً مريراً لا يعرف الهوادة, وأقدر العبء الوخيم الذي ينهضون به بغير تكلو ولا كلل.
ولكني أحرق باللوم اللاذع من يخفض جناحه للجبابرة والطواغيت, فهم الذين رفعوا الطغيان وأرادوا بشتى الوسائل أن يحطموا الثورة حتى جعلوها تستعر حمراء تسيل دماً وتفيض ألماً, واذا كان قدر هذا الشعب الألم فلا ضير أن يكون عظيماً, فإنه ما من شيء يجعل الإنسان عظيماً مثل ألم عظيم.
للصحافة والصحيين مهام أهم وأعظم من أدوار الساسة لولا أن للساسة قوة التأثر وصناعة التغيير, فإذا حكمت ساسة العالم المصالح والأهواء القاذوراتية التي تضعهم في مراتب السوقة ومنازل البهم تجد فرسان الكلمة أهل الواجب, لأقلامهم الصرير, وقاماتهم سيوف عوار وسط المعامع, لا يخافون في سبيل اثبات إنسانيتهم أزيزاً ولا هديراً ولا فناءً.
نحن مقصرون مهما اجتهدنا حتى يفي الحق الى أهله.
إن سوريا العروس الغانية تفتخر اليوم على الدنيا, على بكرة أبيها, بأن لها أهلاً يخطبونها بالدم القاني الأرجواني, وكفى به مهراً نفيساً لا يقدر بثمن.
حتى بات العالم أجمع يقف مشدوهاً يشغله الذهول المستديم حين يتملى طاقات الإنسان السوري العجيبة غير المحدودة بأي من أساليب التثبيط والزعزعة التي تمارس بحقه والتي من شأنها تفليل إرادته والفت في عضد عزيمته.
إننا أقوياء وأصحاب همم, وكذلك يريدون لنا الضعف, وأذكياء بحيث لا يستغرب إن رجعت الحضارة الإنسانية ادراجها قهقريا إلى عصر بدائي حشوه التخلف والعجز.
* الكلمة التي اعدها الكاتب لإلقائها في احتفالية عيد الصحافة الكردية التي نظمتها رابطة الكتاب والصحفيين الكرد بالتعاون مع جمعية جلادت بدرخان الثقافية, في مدينة قامشلو, ولم تتسنى له الفرصة لإلقائها.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

أحمد جويل

طفل تاه في قلبي
يبحث عن أرجوحة
صنعت له أمه
هزازة من أكياس الخيش القديمة……
ومصاصة حليب فارغة
مدهونة بالأبيض
لتسكت جوعه بكذبة بيضاء
……………
شبل بعمر الورد
يخرج كل يوم …..
حاملا كتبه المدرسية
في كيس من النايلون
كان يجمع فيه سكاكرالعيد
ويحمل بيده الأخرى
علب الكبريت…..
يبيعها في الطريق
ليشتري قلم الرصاص
وربطة خبز لأمه الأرملة
………
شاب في مقتبل العمر
بدر جميل….
يترك المدارس ..
بحثا…

مكرمة العيسى

أنا من تلك القرية الصغيرة التي بالكاد تُرى كنقطة على خريطة. تلك النقطة، أحملها معي أينما ذهبت، أطويها في قلبي، وأتأمل تفاصيلها بحب عميق.

أومريك، النقطة في الخريطة، والكبيرة بأهلها وأصلها وعشيرتها. بناها الحاجي سليماني حسن العيسى، أحد أبرز وجهاء العشيرة، ويسكنها اليوم أحفاده وأبناء عمومته من آل أحمد العيسى.

ومن الشخصيات البارزة في مملكة أومريك،…

عبد الستار نورعلي

في دُجى الليلِ العميقْ:

“سألني الليلْ:

بتسهرْ لِيهْ؟”

قلْتُ:

أنتَ نديمي الَّذي يُوفِّى ويُكفِّى،

ويصفِّي..

منَ الشَّوائبِ العالقة..

بقفصِ صدري المليءِ بالذِّكرياتِ الَّتي

تعبرُ أفْقَ خيالي..

بارقاتٍ

لامعاتٍ

تَخرجُ مِنْ قُمْقُمِها،

ففيكَ، أيُّها الليلُ الَّذي لا تنجلي،

أُلقي صَخرةَ النَّهارِ عنْ كاهلي،

وأرفعُ صخرةَ الأيامِ والكتبِ والأقلامِ

والأحلامِ،

والكلامِ غيرِ المُباح،

وفي الحالتين أشهقُ..

وأتحسرُ

وأزفرُ..

زفراتٍ حرَّى،

تسمعُها أنتَ، وتعي،

فما فاتَ لمْ يفُتْ،

وما هو آتٍ آتٍ لا ريبَ فيهِ!

وأشتكي لكَ ولصمتِكَ المهيبِ؛

فأنتَ الشِّفاءُ،

وأنتَ…

عِصْمَتْ شَاهِين الدُّوسَكِي

بَدٍلْ لَا تَتَبَدَّلْ

بَدٍلْ اسْتَقِرْ لَا تَنْفَعِلْ

فَالْأَدَبُ أَنْ تَتَحَكَّمَ

فِي الْمَوَاقِفِ لَا تَتَعَجَّلْ

***

الْحَيَاةُ لَيْسَتْ مَنَاصِبْ

وَلَا كُرْسِيٌّ لَكَ مُنَاسِبْ

<p dir="RTL"...