مير النثر الكوردي، العلّامة: (ملا محمود بايزيدي)

ريوان ميراني
إن معظم الكُتب والمخطوطات التي كتبت باللغة الكوردية منذ القرون الماضية وحتى قُبيل النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت ذات طابع إسلامي تصوفي، ولم يستطع كُتَّابها أن يخرجوا من أُفُق الحجرات، ونُظم الشعر المقفى، ما خلا بعض الجهود المتواضعة هنا وهناك، ولكن نقطة التحول في هذا المضمار كان العلّامة ملا محمود بايزيدي: (1797_1863م /؟) الذي ولد في مدينة بايزيد التابعة لولاية أرضروم وإنتسب إليها. أخرج بايزيدي الأدب الكوردي بمساعدة تلميذيه الديبلوماسي والمستشرق الروسي (ألكسندر أوغست جابا – Alexander JABA) (1894_1803) من غياهب الجب إلى عالم النور، وغير النظرة السائدة للأمم المتحضرة من الناطقين بالفرنسية والروسية تجاه الكورد حينها، بأن الشعب الكوردي لديه من الأدب ما ينافس بهِ الأمم العريقة رغم قسوة الظروف ووطأة الحروب والسيوف التي مابرحت تطحن في هذا الشعب منذ سقوط أمبراطورية ميديا الكوردية (550 ق.م).
يعتبر الملا محمود بايزيدي مؤسس النثر الكوردي وأول قاص، وله كتاب قصصي يحتوي أربعون قصة. وتبرز أهميته للكوردولوجيين من حيث نتاجه الأدبي، وأستخدامه اللغة الكوردية في الوقت الذي كان فيه الكورد ومثقفيهم يكتبون النثر ورسائلهم باللغة العثمانية والفارسية حسب ماذكره المستشرق (ب. ليرخ_P. LEARCH). وحافظ على الكثير من الكتب الكوردية من الضياع وفي هذا الصدد تقول الكوردولوجية (م. ب رودينكو): ” أستطيع القول بكل ثقة أن الشعب الكوردي مدينٌ إلى درجة كبير في المحافظة على الكثير من الأعمال الأدبية إلى م.م. بايزيدي، إذ أنه بدون مساعدة بايزيدي وجابا كان سيبقى الكثير من تلك الكتابات الأدبية مجهولة.”(1)
عندما وقعت الحرب التركية الروسية أو مايعرف في التاريخ بحرب القرم ( 1853-1856 م) قتل شقيق بايزيد في الحرب وساءت أحواله المادية بسبب إنهيار تجارة ولده، فعقد العزم على ترك أرضروم والعودة إلى مسقط رأسه في بايزيد. في تلك الفترة عينت روسيا قنصلها الجديد ألكسندر اوغست جابا في مدينة ارضروم، (1856م).(2) وكلف جابا من قبل الأكاديمية العليا للعلوم في بطرسبورغ/روسيا، بجمع مخطوطات، وأبحادث عن اللغة والثقافة والأدب الكوردي، وبناءاً على ذلك اجتمع مع عدد من ملالي وفقهاء الكورد_ ( متعلمي ذلك الزمان)، وكان البايزيدي من بينهم، وأصبح محل إهتمام جابا، ومن ذلك الحين أصبح بايزيدي سكرتير و مساعد ومستشار جابا الخاص في شؤون الكتابة والأدب الكوردي.
لم يدون بايزيدي اسمه على الكتب التي كتبها ويرجع ذلك إلى مركزه الديني، بل كان اسم جابا يحل محل اسمه، وكان في أحيانٍ أخرى يستخدم أسماء مستعارة مثل (حاجي محمود افندي) وغيرها، وذلك ليتفادى سخط وازدراء اترابه وزملائه بأنه يخدم رجل مسيحي في ترجمة خفايا العالم الإسلامي. ويذكر جابا في المقدمة الفرنسية لكتاب عادات وتقاليد الأكراد بأن ” البايزيدي لم يشاء ذكر اسمه.”
الأعمال الأدبية للعلامة ملا محمود بايزيدي:
(1) قصة مم وزين، (1856م) بالكوردية الكرمانجية العليا، بخط يدهِ، تم وضع مقدمتها وترجمتها إلى اللغة الفرنسية من قبل (ألكسندر جابا). توجد نسخة منه في مكتبة (لانگزو) في باريس واخرى في، بطرسبورغ. وتعتبر أول قصة كوردية.
(2) قصة مجنون ليلى (1859م) بخط يده، وتم وضع مقدمتها وترجمتها إلى اللغة الفرنسية (ألكسندر جابا) توجد نسخة في مكتبة (لانگزو) في باريس واخرى في (بطرسبورغ) وتعتبر ثاني قصة كوردية.
(3) جامع رساليات وحكايات الكورد، أربعين قصة كوردية، تعتبر أول مجموعة قصصية باللغة الكوردية مطبوعة في كتاب، في تاريخ الأدب الكوردي، ترجمت من قبل جابا إلى اللغة الفرنسية (1860م) ووضع مقدمتها بقلم (P. LERCH ليرخ)
(4) قصة (سيامند و شمسي)، ترجمة للفرنسية، من قبل جابا
(5) عادات و رسوماتنامەی طەوائفی ئەکرادیه، وتوسووڵی نیزاماتی کورمانجی(عادات وتقاليد الأكراد)، 1858-1895 ترجمت للروسية والفرنسية من قبل مارغريت رودينكو، و جابا.
(6) ترجمة مختصرة شرفنامه شرفخان بدليسي، من الفارسية إلى الكوردية.
(7) قاموس كوردي فرنسي مع جابا، 1879 نشرت في بطرسبورغ.
(8) كتابة واحياء كتاب القواعد لعلي ترماخي (القواعد العربية باللغة الكوردية)، وكتب لها مقدمة، وعنوانها الأساسي (صرف وبعض اصول اللازمة في تعليم بزماني كورمانجي)، والذي كتبه علي ترماخي سنة(1600).
(9) (تەواریخی جدیدی کوردستان)، بدء بكتابته سنة (1857م) مقلداً ومتمماً من حيث انتهى شرفخان، وتتألف من حوالي ألف صفحة ومن مقدمة و (11) فصل، ترجمها جابا إلى اللغة الفرنسية عام (1865م).
(10) وضع مع جابا قاموس لهجة (هكاري و روندي_فرنسي)، مع مقدمة باللغة الكوردية.
(11) رسالة تحفة النحلان في الزمان كوردان سنة،(1866م).(3)
وغيرها من الأعمال الأدبية الأخرى…
______________________________
قائمة المراجع باللغتين الكوردية والعربية:
(1) فرهاد پيربال، مەلا مەحموودی بایەزیدی، یەکەمین چیرۆکنووس و پەخشاننووسی کورد، لاپەڕە 3. ئەربیل(2000).
(2) ملا محمود بايزيدي، رسالة في تقاليد وعادات الكورد، ترجمة جان دوست، ص (18)، للمزيد ينظر، سعيد ديريشي، ترجمة شرفنامه، ص(356).
(3)فرهاد پيربال، مەلا مەحموودی بایەزیدی، یەکەمین چیرۆکنووس و پەخشاننووسی کورد، لاپەڕە 3_8. ئەربیل(2000).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…