في ذكرى رحيل الفنان التشكيلي عمر حسيب و حديث لم يكتمل مع شقيقه الفنان زهير حسيب عنه (2)

 أجرى الحوار: غريب ملا زلال
غريب :
قبل 17 عاماً .. و تحديداً في 16 / 11 / 1998 كان قادماً إليك ، مع زوجته وإبنته الصغيرة ، قادماً عله يضع حداً لعلاج مرضه /سكر / ، لكن لم يصل ، بل أنت سرت إليه ، كان الطريق إبن حرام ينتظره ليبدأ بالقنص ، هناك أيضاً لون عمر تراب الطريق بدمه ، رسم لوحة مأساوية لا تنسى ، كيف وصلتك تلك اللوحة ، و كيف تم شرحها ، دعنا نذرف قليلاً من الدمع لنتذكر تلك اللحظات القاسية جداً .
زهير :
 إستقبلتنا أمي وقالت : زهيرو عمر…جو..جو جو
أنا عمر بلا شباب…..وحياة بلا ربيع
 أعرف جيداً سؤال الجحيم و الألم
كنت أنتظر أخي عمر….و الشمس تغيب على سفوح زورآفا, كان من المفروض أن يصل الساعة الخامسة و النصف مساء و هو في طريق رحلته من الحسكة إلى دمشق, كنت قد أعددت له العشاء و اشتريت لإبنته إيفا بعض الحلوى…أصبحت الساعة السابعة لم يأت عمر.
كنت أحاور نفسي الآن سيصل وسنتناقش حول أعمالي الفنية كما نفعل دائماً عندما كان يحضر إلى دمشق….وأنا أنظر إلى الساعة بإستمرار, أصبحت التاسعة ولم يأت بعد.
إتصلت بأخي في الحسكة, سألته عن الرحلة وقلت له لم يأت عمر….قال لي : الباص قد تعطل في تدمر و سيصل قريباً…مرت ساعتان و كنت قد فقدت صبري, إتصلت بمكتب الباص و سألتهم عن الرحلة كان جوابهم بأن هناك حادث في تدمر ولا يعرفون التفاصيل.
عندها بحثت عنه في جميع مستشفيات دمشق لم يكن موجوداً , إتصلت بمشفى تدمر سألت عن الحادث كانت الساعة الثانية عشر قالوا نعم هناك جرحى و قتلة…
قال هل لديك أقرباء قلت نعم أخي و زوجته و إبنته سألني هل يرتدي طقم أسود و يدخن الغليون…لم أستطع أن أكمل الحديث جلست على الأرض بضع دقائق استجمعت قواي…استاجرت سيارة و انطلقت إلى تدمر
كان الطريق طويلاً و أنا أقول لنفسي بأنه لن يكون هناك إلا بعض الرضوض و الكسور كل شيء سيكون بخير
وصلت حوالي الساعة الثالثة صباحاً …وفي تلك الأثناء وصل أخي برفقة صديقه إلى المشفى أيضاً….سألنا الممرض أين هم؟ قال في براد المشفى في السابعة سنفتح الباب…إنتظرنا كان الوقت ثقيلاً ، و الريح قوية تضرب تلك الاعمدة الأثرية وهي تصدر أصواتاً و ألحانا ًجنائزية….جلست منتظراً ، وضعت يدي على خدي وأنا أحدق في الفراغ.
بدأت الشمس ترسل خيوطها البراقة على هضاب البادية…ناداني أخي وقال سوف تفتح أبواب البراد, نهضت مسرعاً…دخل أخي وصديقه, خرجا مذهولين, لم أعد أتحمل دخلت مسرعاً ، نظرت ورأيت جثث غارقة بالدماء و وجه مبتسم يحضن إبنته و زوجته…إنه عمر.
خرجت مسرعاً إبتعدت و عيناي غارقتان في الدموع نظرت حولي, تراء لي وجهه مبتسما ًحاضناً إبنته وزوجته…حاولت أن أقترب منه, أشم رائحته… أبتعد ملوحاً إبتعدت معه إبتسامته المجبولة برائحة التراب ورغيف خبز أمه… 
بدأ المسير إلى الحسكة أتجهنا حيث السهول والقمح وأزهار القطن كان طريقاً طويلاً..
إقتربنا من تخوم مدينتنا حيث الأحبة والأصدقاء وجوهاً شاحبة مشبعة بالحزن واليأس و هم يستقبلون فنانهم الذي إنتمى إلى وجدانهم إلى هذه الارض.
وصلنا إلى المنزل إستقبلتنا أمي وقالت : زهيرو عمر…جو..جو
حضنتها بقلبي وأنا أمسح دموعها وأشم رائحتها…قفز إيفان إلى حضني كعصفور يتلوى ألما ويسأل أين هم لماذا لم يأتوا معك؟؟
لورين…نيرمين يتلمسون ملامحي..أين أبي أين أمي؟؟ أين أيفا؟؟
قلت لهم: لقد أصبحوا نجوماً ساطعة في السماء ولترقد روحهم بسلام
غريب : 
كنت أحب أن تتحدث عن علاقتك به كيف بدأت ، كيف نمت ، 
قلت أكثر من مرة و في أكثر من مكان بأنه لولا عمر لما كان زهير ، و اعتبرته معلمك الأول 
أريد أن تخوض في هذا الجانب من الشهقة الأولى وإلى الآن ، هل مازلت تحرث بمحراثه ام انك وكما هو واضح اصبح لك محراث خاص بك تحرث به طريقك الجميل
طريق بات يميزك عن مجايليك
???????
??????
?????
????
???
??
?

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ألمانيا- إيسن – في حدث أدبي يثري المكتبة الكردية، صدرت حديثاً رواية “Piştî Çi? (بعد.. ماذا؟)” للكاتب الكردي عباس عباس، أحد أصحاب الأقلام في مجال الأدب الكردي منذ السبعينيات. الرواية صدرت في قامشلي وهي مكتوبة باللغة الكردية الأم، تقع في 200 صفحة من القطع المتوسط، وبطباعة أنيقة وغلاف جميل وسميك، وقدّم لها الناقد برزو محمود بمقدمة…

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…