رشاد شرف
كنا أربعة أصدقاء، في ليلة رأس السنة، أعمارنا كانت دون العاشرة، طلينا وجوهنا بالأسود وقلوبنا تشع فرحاً، بتنا نطوف على البيوت في حارتنا لنحصل على نقود أو سكاكر لنحتفل بقدوم العام الجديد. كان الجو ليلتها دافئاً والسماء تبكي على فراق حبيب. أكياسنا تبللت فمزج الحابل بالنابل، والماء تسرب إلى أحذيتنا الموحلة فازداد ثقلها. غمرنا التعب وفي آخر بيت من جولتنا كنا ننوي أن نقتسم الغلة، قال رب الأسرة سوف أعطيكم خمس ليرات سورية تصرفونها في البقالية، لكم ليرة وتعيدون لي أربع ليرات. سبقني صديق إليه، لكنه أبى أن يعطيه وقال لا أثق إلا ب(جانو) فسلمني القطعة الورقية المطوية بعناية، تركت حذائي الموحل ملتصقاً بالأرض وطرت إلى البقال. في العودة انهمرت دموعي وامتزجت بدموع السماء، ليس لأنه- فقط – وثق بي، بل، لأنه؛ لم يكن يملك غيرها.
2.5.20