سنة مختلفة .. في رثاء ضيف ثقيل

إبراهيم اليوسف
 
لقد فرقّت العرب منذ القديم بين العام والسنة دلالة ، رغم أداء كلتا المفردتين المعنى الزماني نفسه ، إذ تدل ّ السنة عادة- على الأيام العجاف الموغلة في القسوة –بينما العام شارة الفرح- على خلاف السنة المنبتة شأن الكائن المحتضر – الآن – بين أيدي ستة مليارات من البشر في هذه الساعات الأخيرة من هذا اليوم الأخير من هذه السنة
كيف لا أرسم – المخلوق – هكذا بوسم السن، وأنا، وسواي من أبناء قريتنا الصغيرة – الكرة الأرضية ، باتت تصفع نوظرنا – شاشات التلفزة، بكل ما لدن آلهة الشر من دمار ورعب، وجوع، ودم ……دم …….. 
حيث بات يفطر الطفل الصغير في أسرته على أصداء مشاهد الدم المروعة بعد أن كان يحظر القاصر – من قبل- في عصر مراعاة سيكولوجية الطفولة المقدسة سابقاً – أفلام العنف في ما لو احتوت هولة، بل صفعة، بل محض نقطة دم، قبل ان تسعف الفياغرا فحولة قابيل – في زمان مابعد حداثة الموت أيضا ً- فتتناسل سلالته، ويتولى عنه الاحفاد زمام مهام الموت الجديد على أبشع صورة – مألوفة – في ظل الارهاب –و الدكتاتوريات، و الاحتلال بنوعيه :السافر و المشرعن،  و هو ما يجعل من صورة كل حلم اعتدنا على رسمها – في هكذا ساعات أخيرة من ذيل الروزنامة الحولية – تجديفاً , و تهويماً , لا تفلح أصابع البرهة على ترجمتهاالبتة .
سنة أسميها 2004 ….ولا أتورع …….من مغبة ما….!!
دم عشية السنة….دم ……
دم في نقطة صفرها …..دم……
دم في خطوتها الأولى ………..
دم في شباطها،  آذارها،  نيسانها إلى آخر الدورة …
سياط شرط و زنزانات و مخبرون ….و أنين شاسع …شاسع……………….
رصاص أهوج تفرج عنه الأحقاد كي يمارس اللعبة المشتهاة…
أفواه جائعة،  وجائحة بطالة،  وأطفال في انتظار آباء قد يأتون …..أو لا يأتون …
طغاة حرباوات يغيرون و يخلعون الألبسة الكاكية وفق طقس المستقبل- في خديعة مقبلة – ليبقوا كما كانوا من قبل ….وراء مقود المهزلة ……..
ضحايا في الأقبية ومجرمون قضاة طلقاء يديرون الدوائر و يصعدون عالياً ….عالياً ….
شهداء في صومهم الطويل
جرحى لا تزال الطلقات تمشي في بياض لحومهم
مزهوة
مكابرة
سنة أسميها 2004 …ولا أتورع…….
سنة عجفاء ……لاعام……
سنة أكثر ثقلاً ..!
سنة دون قصيدة و أعشاب
سنة من عويل و انكسارات
تودع وراء خطوط الناس
وجوهاً كثيرة تشرش في قلبي
حيث:
القصيدة لما تزل كما هي عليه
نائمة الحبر
من يقول لأم الشهيد :
كل عام و أنت بخير..؟
من يقول لزوج السجين :
كل عام و أنتم بخير ؟
من يقول
للطفلة – للطفل – للحبيبة
يعبرون حدود سنة إلى مجاهيل عام دون الغائبين
إليكم باقة القرنفل ….!
سنة عجفاء ….سنة
سنة لم أقل فيها شيئاً ….
لم أقل شيئاً….
سنة ………………………………………………..
 
عن موقع Keskesor
كتب بمناسبة مرور سنة على الانتفاضة…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…