طعن الكرامة

خالد إبراهيم
و فُسْتان عُرسكِ الَّذِي ينزُّ دمَ قَلْبِي ، لَا هَذِهِ الْحَرْب تَقْتُلْنِي ، و لَا هَذَا الْخَرَاب الْمَطْلِيّ بفمي 
أتسائلُ : 
كَيْف التمسَ طَرَفِ الثَّوْبِ ؟ 
وَمَاذَا هَمَس فِي أذنيكِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ؟ 
و أَي عِطْر كَانَ مَا بَيْنَ يديكَ و صَفِيح السَّيَّارَة ؟ 
كَمْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ الكفيلة لتدمير الْعَالِم بابتسامتكِ الْمُشْتَعِلَة بَيْنَ عَيْنَيْهِ ؟
لَقَد جرَّ قَلْبِي وَ هُوَ فَوْقَ سِكِّين اسْمُه الْقَدْر ، هُوَ الَّذِي يملكُ مِن الْكَرَامَة مَا يَجْعَلَنِي أَنْهَض بكِ وَسَط هَذَا الرُّكَام الصحراويالأقراط ، الذَّهَبِيّ و المنفى .
نَعَم 
لَا أنتِ تُرِيدِين نِسْيَان مرارتي و لَا أَنَا أَسْتَطِيع تَمْرير بناء بُرجكِ الْأَوَّلِ وَ الْأَخِير 
الأُغْنِيَة الَّتِي هزت قُلُوب الْبَشَر ، هَكَذَا كَانَتْ و هَكَذَا سأنتهي بِلا مَأْوَى 
بَالَغَ فِي سعادتكَ أنتقاماً لِنفسكَ ، بَالَغَ فِي فرحتكَ ثأراً مِنْ الْجَمِيعِ 
بالغ و أنتَ في أشد الحاجة للخروج عارياً ، مِثل مصباح الليل الأعزل
بالغ ، كي لا تتفاجأ بالسقوط حافياً تحت فيء شجرة جرداء 
ضَمَّد جراحك و أَنْسَى و كأنكَ لَمْ تَكُنْ 
تَغْلِب عَلَى الطَّبِيعَةِ و كُن مِثْل الْعَاصِفَة 
لَا شَيْءَ يَنْجُو ، و لَا شَيْءَ يَعْلُو ، عَفّ هَذَا التَّذَمُّر مِن حولكَ ، و أقْلَع عَيْن الْمُسْتَحِيل القابع عَلَى بسطات الهلع و الْغُيَّاب . 
انْظُر إِلَى سجائركَ كَيْف تَحْتَرِق ،  إنَّه الْعَالِم الْقَبِيحُ الَّذِي يَنْبُعُ مِنْ جذُور الِانْتِقَام 
فِي عُرسكِ الْأَخْرَس ، كُنت أرقصُ حافياً و أَشْوَاك الصَّبَّار تَمْلَأ جُدْرَان قَلْبِي وَ مَا يَزَل 
هَل تَعْلَمِين أَن لِلْجُرْح مَسَافَة كَافِيَةٌ لِتمزيق الرَّصَّاصَة ؟ 
هَذِهِ لَيْسَتْ كِيمْيَاء و لَا تَارِيخ وَلَا فِيزياء 
أَنَّهَا لَعْنَة الجغرافيا الحافية بِدَمَي.
يالَ قساوة الله ، و يالَ قُبح البشر ، أُرِيدُ أَنْ أَرَى الْعَالِم بِعَيْن مفقوءة
أريدُ طِفْلًا يكْتَنِس هَذَا الْأَرَق ، طِفْلًا يُشبهني 
يُحْمَل كُل الصِفات و الْأَلْوَان 
طِفْلًا يُنسيني وَجَع الْمَسَافَة مَا بَيْنَ الْجَلَّاد و الضَّحِيَّة 
مَا بَيْنَ الْكَرَامَةِ وَ الشَّرَف 
مَا بَيْنَ الطَّعْنَة و الْآخِرَة 
اُتْرُكُونِي اُكْتُب بِلَا رسنٍ فلستُ كَلْبًا و لستُ حصانًا و لستُ كُلُّ هَذَا الْأَلَم 
اُتْرُكُونِي مرةً وَاحِدَة أكتبُ مَا لَدَيَّ مِنْ فَرَحٍ و أَلَم 
اُتْرُكُونِي وحيداً أَبْكِي بِلَا هَوِيِّه .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

الشيخ نابو

في زمن تتكاثر فيه المؤتمرات وترفع فيه الشعارات البراقة، بات لزاما علينا أن ندقق في النوايا قبل أن نصفق للنتائج.

ما جرى في مؤتمر هانوفر لا يمكن اعتباره حدثاً عابراً أو مجرد تجمع للنقاش، بل هو محاولة منظمة لإعادة صياغة الهوية الإيزيدية وفق أجندات حزبية وسياسية، تُخفي تحت عباءة “الحوار” مشاريع تحريف وتفكيك.

نحن لا نرفض…

نجاح هيفو

تاريخ المرأة الكوردية زاخر بالمآثر والمواقف المشرفة. فمنذ القدم، لم تكن المرأة الكوردية مجرّد تابع، بل كانت شريكة في بناء المجتمع، وحارسة للقيم، ومضرب مثل في الشجاعة والكرم. عُرفت بقدرتها على استقبال الضيوف بوجه مبتسم ويد كريمة، وبحضورها الفعّال في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. لقد جسّدت المرأة الكوردية معنى الحرية، فلم تتوانَ يومًا عن…

زوزان ويسو بوزان
1
كوباني على الحدودِ تصرخ..
تودِّع أبناءها واحدًا.. واحدا
وترحلُ في الليلِ مثقلةً بالوجيعةْ
تحملُ أحلامَها فوقَ أكتافها المتعبةْ
منهم من خرجْ.. حافيَ الروحِ والقدمينْ
ومنهم من تركْ غنائمَ العمرٍ الطويلْ
وسافرَ وحدَه مع ذاكرتهْ

فماذا جنتْ الشيخةٌ في الخريفْ
بأيِّ ذنبٍ تُشرَّدُ الطفولة
كأنَّ البلادَ نسيتْ أنَّهم من رَحِمِ الأرضِ
وُلدوا ها هنا
2
أيُّ دينٍ يبيحُ ذبحَ العجائزْ
أيُّ دستورٍ يشرعُ قتلَ الأباريح
أيُّ بلاد…

رضوان شيخو

بطبعة أنيقة وحلة قشيبة، وبمبادرة كريمة وعناية كبيرة من الأستاذ رفيق صالح، مدير مركز زين للتوثيق الدراسات في السليمانية، صدر حديثا كتاب “علم التاريخ في أوروبا وفلسفته وأساليبه وتطوره”، للدكتور عصمت شريف وانلي، رحمه الله. والكتاب يعتبر عملا فريدا من نوعه، فهو يتناول علم التاريخ وفلسفته من خلال منهج علمي دقيق لتطور الشعوب والأمم…