أسئلة الدم والندم جديد الروائي السوري خالد ابراهيم

 عن دار الدليل للطباعة، والنشر في برلين صدرت حديثا ًرواية الكاتب، والشاعر السوري خالد ابراهيم 
تقع الرواية في مئة وأربعين صفحة من القطع المتوسط..  قسّم الكاتب روايته إلى عشرة فصول لم تكن مستقلة عن بعضها من حيث الأفكار، لكنّها تتابع  في الحدث الروائي العام.
تحاول  الرواية مقاربة الموضوعات الساخنة على الساحة السورية، لكنها تأخذ زاوية لها خصوصيتها في الحدث السوري العام، وهي القضية الكردية، فالرواية تثير أسئلة شاغلة اليوم، هذه الأسئلة زيّاحة تتغيّر بتغيّر المواقف الحالية على الأرض، هذه الأسئلة لو أثارها كاتب اليوم وهو يعيش على أرض الوطن لكلفته حياته..
  خالد ابراهيم لا يطلب إجابات عن هذه الأسئلة الموجعة، والتي تقلقه في منفاه في ألمانيا وتقلق كلّ سوري  بقدر ما يثير الغبار أمام العيون، لعلّ القارئ يستشعر الوجع قليلاً، ويعود بعدها إلى لحظة التأمل، والتفكير، يعيد تقييم الواقع من جديد ليتساءل لماذا كلّ هذا الخراب والدم ؟
 من خلال هذه الأسئلة يسعى الكاتب إلى تقييم التجربة الحزبية الكردية عامة على مساحة المنطقة، ومن خلال نقد يخلو من المحاباة، والمجاملة، ينتقد الأحزاب التي انحازت لمشاريع القتل، والخراب والأجندات  الخارجية الأخرى . 
الفضاء العام للرواية غرفة بطل الرواية (شيركو) في مغتربه في ألمانيا، في هذه الغرفة يستدعي  البطل الكثير من الشخصيات يحاورها، يناقشها، يثير حولها زوبعة من الأسئلة ..
شخصيات سورية لها حضورها الفاعل في الثورة السورية.. هذه الشخصيات بمواقفها المتناقضة أحياناً في الموقف من الجغرافيا والتاريخ والدين  والمتوافقة في القضية الأساسية قضيّة الثورة السورية والتحرر من الظلم والحكم الدكتاتوري من مثل هذه الشخصيات ” القائد حسين هرموش مؤسس الجيش الحرّ، ومشعل التمو و باراين كوباني، ويوسف نبي، وحمزة الخطيب والشيخ معشوق الخزنوي، وغيرهم من الشخصيات التي كان لها مواقف عسكرية ،وسياسية بالإضافة إلى ذلك لم تكن الشخصيات من طرفٍ واحدٍ بل كان الراوي “شيركو” يستدعي شخصيات تمثل الطرف الديني ” داعش ” يحاورها أيضاً ويكشف ما تكنّه هذه الشخصيات من أفكار دفعتها لتكون في الصف الأول من لوائح الإجرام والقتل وتبرير القتل وفقاً للمُعطى الديني، بل أكثر من ذلك يحاور شيركو شخصيات امتهنت القتل وهي من ذات القوميّة أو الطائفة ضلّت طريقها بناءً على تراكمات دينية مُنحرفة فيغدو الموت على يده أكثر إيلاماً ويصير التاريخ أكثر وجعاً أن يموت الكردي على يد الكردي بناء على أجندات خارجية.. 
يسأل شيركو هذه الشخصيات “الشهداء” عن أسباب اغتيالهم، وموتم ولصالح مَنْ؟ ومَنْ فعل بهم هكذا؟  أحياناً يغوص في عمق الشخصيات ويتحسس ما يدور في دواخلهم ..
هذه الشخصيات تخرج مرّة من المرآة ومرّة من الباب ومرّة من عمق الجدار يغدو حوارها راقياً مفعماً بالحزن والخوف، والتساؤل تختلف أحياناً في المآلات لكنها في المحصلة تتساءل وتتمنى أن لا يحمل أطفالهم في المستقبل وزر أخطائهم يوماً.. 
في الرواية يعقد خالد ابراهيم مواءمة بين السكين في يد الجزار توفيق اسكندر في حيّه الذي يعيش فيه في المنفى وبين رقاب الضحايا التي جزّت على يد أعداء الانسانية على مساحة الوطن السوري.
المكان كان حاضراً في الرواية بتفاصيل كثيرة فقد جسّد الكاتب من الخابور والحسكة وعفرين وغيرها من الأماكن التي لها حضور في الذاكرة الجمعية العامة، ولها حضورها الفاعل على مساحة الرواية، يحاور الكاتب هذه الأمكنة كما يحاور الشخصيات..
في الرواية الكثير من الأسئلة التي تكشف تناقض الواقع..
و الكثير من التناقض في المواقف وانزياح في الآراء، وتغييّر في الرؤيا بين أول الرواية وآخرها يلحظه القارئ، لكن كلّ ذلك يعكس حالة الاضطراب التي تعيشها المنطقة عامة، والحالة الكردية خاصة.
خالد ابراهيم كاتب، وشاعر سوري من مواليد.. 
صدر له ديوان شعر بعنوان…. 
موسى الزعيم 
قاص وكاتب سوري مقيم في ألمانيا 


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ابراهيم البليهي

لأهمية الحس الفكاهي فإنه لم يكن غريبا أن يشترك ثلاثة من أشهر العقول في أمريكا في دراسته. أما الثلاثة فهم الفيلسوف الشهير دانيال دينيت وماثيو هيرلي ورينالد آدمز وقد صدر العمل في كتاب يحمل عنوان (في جوف النكتة) وبعنوان فرعي يقول(الفكاهة تعكس هندسة العقل) وقد صدر الكتاب عن أشهر مؤسسة علمية في أمريكا والكتاب…

عبدالرزاق عبدالرحمن

مسنة نال منها الكبر…مسكينة علمتها الزمان العبر..

بشوق وألم حملت سماعة الهاتف ترد:بني أأنت بخير؟ فداك روحي ياعمري

-أمي …اشتقت إليك…اشتقت لبيتنا وبلدي …لخبز التنور والزيتون…

ألو أمي …أمي …

لم تستطع الرد….أحست بحرارة في عينيها…رفعت رأسها حتى لا ينزل دمعها،فقد وعدت ابنها في عيد ميلاده الأخير أن لا تبكي ،وتراءى أمام عينيها سحابة بيضاء أعادتها ست سنوات…

فراس حج محمد| فلسطين

في قراءتي لكتاب صبحي حديدي “مستقرّ محمود درويش- الملحمة الغنائية وإلحاح التاريخ” ثمة ما يشدّ القارئ إلى لغة الكتاب النقدية المنحازة بالكلية إلى منجز ومستقرّ الراحل، الموصف في تلك اللغة بأنه “الشاعر النبيّ” و”الفنان الكبير” “بحسه الإنساني الاشتمالي”، و”الشاعر المعلم الماهر الكبير” “بعد أن استكمل الكثير من أسباب شعرية كونية رفيعة”. و”المنتمي…

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…