أجرى الحوار: نصر محمد
هي شاعرة كردية سورية متمكنة فرضت حضورها على الساحة الأدبية والثقافية. تنطق شعرا وتصوغ حروف حريرية متناهية. تكمن لذة ومتعة نصوصها بالبوح ولا تخضع لرقيب حبرها المنساب كالماء الرقراق من دون تردد. وهي تعتبر من الأصوات النسائية الجميلة على الخارطة الشعرية. هي الشاعرة بشيرة درويش ضيفتنا وضيفتكم اليوم.
بشيرة درويش من مواليد قامشلو.. كاتبة قاصة وشاعرة.
تكتب باللغتين. العربية والكردية.
ديوانها الأول باللغة العربية « ابنة الشمس »
وشاركت بمعرض هولير الدولي الرابع عشر ومعرض شهيد هركول للكتاب بقامشلو
وكتابها الثاني باللغة الكردية هي عبارة عن قصص قصيرة جدا وهي الاولى من نوعها والاسلوب واول من تكتب هذا النمط وباللغة الكوردية في روج افا بعنوان « Marên di hêlînên kevokan de »
وطبع لها ديوان جديد حديثا باسم « بخجكا هيفيان، اي صرة الامنيات » الى جانب « pêl û dûman »
ايضا لها مجموعة قصص قصيرة جدا كانت بصدد طباعتها ولكن للأسف بسبب جائحة الكورونا لم يطبع ولم يتم توزيع بوخجكا هيفيا ايضا الى الآن.
ايضا لها ديوانين باللغة العربية لم يطبعا بعد
وانا اسير
واقترب من الحدود
لا اسمع غير العواء
اجتازه بصمت
وهواء قارس
يصفع وجهي
وظلام اخرس
مخيف
تُهاجمتي الاشجار
بحفيف اوراقها
اغمض عيني برهة
اعاود المسير
الى اين؟
لا اعلم
فقط المجهول
بانتظاري
تَيَبّست اصابعي
وانا
اعض على شفاهي المتشققة
خوفاً
وحيرة
الى اين؟
لا اعلم
المجهول …!!
– بداية حدثينا عن بشيرة درويش الشاعرة والإنسانة؟
*بشيرة درويش مواليد قامشلو من عائلة متوسطة الدخل تربت ضمن عائلة وطنية محبة لوطنها مثلي مثل الكثيرات من نساء الكورد افتخر بكورديتي التي توارثناها عن ابي وامي المناضلين الاوائل وانصار البرزاني الخالد ناضلو بسرية وزرعوا فينا الحب والانتماء من خلال قصصهم وتجاربهم المؤلمة في ظل المخابرات وسرية العمل النضالي واحياء نوروز على اضواء الشمع واللمبة الگاز و كيف كانت امي تخبئ المناشير في التنور عند احساسها بالمراقبة ووجود الخطر.
– ثمة خيط يوصل ما بين الطفولة ومابعدها. كشاعرة ماالذي يشدك إلى الطفولة. وكيف عشت هذه المرحلة من حياتك؟
* عشت طفولة بريئة بسيطة جدا محبوبة بين الجيران والاصدقاء في الحي والمدرسة ابي انحرم من التعليم لذا كان يحثنا على الدوام على التعليم وكان يرى في العلم نور وخاصتا البنات فكان لنا نحن البنات النصيب الاكبر من التعليم وجميع اخواتي لان العلم يجعلنا نعرف وننغمس اكثر في الفكر القومي واختيار المسار الصحيح
– مالذي دفع بك إلى كتابة الشعر وماهي المؤثرات التي كانت السبب في ذلك. ومن من الشعراء أثر في تجربتك الشعرية؟
* كنت منذ الصغر شغوفة وملمة بالكتابة ابتداء من كتابة مذكراتي اليومية الى ذكريات الطفولة والصداقة والتي احتفظ ببعضها حتى الآن دفتر ذكريات الطفولة وتدوين اسماء الاصدقاء
تأثرت كثيرا في بداية حياتي بقصيدة الشاعر العظيم جگرخوين /kîne em وهذا السؤال كان يراودني دائما في مرحلة الدراسة واول قصيدة كتبتها كانت اغنية ارددها في نوروز بالرغم من انها كانت طفولية وتجربتي الاولى عن المرأة ez jinim وانا فتاة كوردية كتبتها باسم مستعار ونشرت في مجلة صوت الحياة باسم ام بنفش على اسم ابنتي الى جانب مقالات وقصص واول قصة كانت شبكة العنكبوت نشرت في الاوج اللبنانية عن مؤامرة الدول وتقسيم كوردستان
– من برأيك الشاعر المبدع الذي يوفر لقرائه المتعة الجمالية ويترك فيهم أثرا عميقا؟
* الشاعر هو الذي يكتب بإحساسه وكل ما يخرج من القلب بصدق وحس مرهف يصل لقلب القارئ هذا اولاً ويجب على الشاعر ان يكون ابن مجتمعه يتأثر بهم ويؤثر فيهم يكتب اوجاعهم يشاركهم آلامهم يكون صادقا ومحبا يخلق بيئة متكاملة لا ينفصل عنهم الى جانب صور جمالية تضفي على القصيدة الجمال الممزوج بالحب والاحساس ويخلق تعابير يحتضنها القارئ ويشده اليها
– ماماهية نظرتك لقصيدة النثر. هل انت معها ام ضدها؟ وهل توافقين سلفية العصر على أنها خلقت فوضى شعرية لجفافها من الإيقاع وجاءت كجواز السفر لمن لايقدر على كتابة الشعر الموزون والى اي العوالم الشعرية تميلين؟
* انا مع القصيدة التي تصل لقلب المستمع و للقارئ لست ضدها ابدا على العكس تماما هناك مدارس عدة خلقت وخرجت العظماء ليس بالضرورة ان يكون الشعر موزونا ليكون جميلا فلكل منه موقعه مثلا نزار قباني شاعر معروف نجد عنده القصيدة الحديثة اكثر جمالا بنظري من الشعر التفعيلة لأنه استطاع الوصول الى قلب القارئ وانا لا فرق عندي احب الموزون والنثر والشعر الحر
– هناك أراء في الوسط الثقافي تعتقد بأن لا وجود لمرأة شاعرة او ليس لها من الشعر شيء. وأحيانا تطرح هذه الآراء علانية. ماتعليق بشيرة درويش على هذه الآراء؟
* على العكس تماما المرأة اكثر حسا وحيوية من الرجل والمرأة الكوردية لها بصمة منذ القديم كانت تؤلف الاشعار وتغنيها بصوتها الشجي الجبلي ولكن بسبب عقلية المجتمع الذكوري وبعض العادات الدخيلة على مجتمعنا فرضت عليها قيودا سوا كانت دينية او اجتماعية دخيلة اكتسبناها بحكم الاديان وما الى ذلك ليرى انه من المعيب ان تكتب المرأة عن العشق مثلا او تكتب قصيدة وتلقيها لان هذا يخدش حيائها ولكن ومع ذلك هناك شاعرات تجاوزن هذه الخطوط وكتبن بكل احاسيسهن دون خوف وانا افتخر بصدقاتي لهن جميلات وطني
– اصدرت حتى الآن ثلاثة كتب. الأولى بالعربية بعنوان «ابنة الشمس» وهي مجموعة شعرية. والثانية باللغة الكردية وهي عبارة عن قصص قصيرة جدا بعنوان « Marên di hêlînên kevokan de » والثالثة أيضا باللغة الكردية وهي عبارة عن مجموعة شعرية بأسم « بخجكا هيفيان، اي صرة الامنيات ». لو تحدثينا بإيجاز عن هذه الكتب؟
* نعم ماموستا باكورة اعمالي «ابنة الشمس» افتخر بها بالرغم من وجود اخطاء مطبعية فيها الا انني احب ابنة الشمس التى كانت هوية تعريفي بابنة الشمس لقبا الطباعة وحفلة التوقيع كان في هولير وكان في كابيتول ضمن الاصدقاء وشخصيات ثقافية وبحضور اعلامي واقول واكرر في هذا الحفل كان من ضمن الحضور استاذ من جامعة السليمانية قال لي حينها جملة تأثرت بها كثيرا قال، احييك على حسك وكلماتك الرقيقة ولكن اعلمي ان احمدي خاني لم يصبح احمدي خاني الا عندما كتب باللغة الكوردية لذا اتمنى ان تكتبِ بلغتك جاوبته حينها سوز، عهدا سألملم كتاباتي الكوردية واطبعها ولكن صدقاً لم اكن املك الجرأة لطباعة كتاباتي الكوردية وهذا كان اصرارا مني لأقف على كورديتي اكثر وطبعت مجموعتي القصصية باللغة الكوردية بعنوان : Marên di hêlînên kevokan deوتعني الافاعي في اعشاش الحمام
و هكذا نمط واسلوب جديد للقصة القصيرة جدا انا اول من كتبت هذا اللون والاسلوب في عموم سوريا وروز افاي كوردستان
يوجد فقط كاتب من كوردستان العراق يكتب هذا النوع وترجمت كتبه لعدة لغات الاستاذ خيري وكاتب مغربي فقط وديواني الثاتي باللغة الموردية طبعت بعنوان: Buxçika hêviyan ومجموعتي الثانية pêl û dûman اي الموج والدخان نفس اللون جاهز للطباعة ولكن بسبب كورونا توقف كل شيء
– بشيرة درويش انت من المهتمين بالأدب الكردي بقوة وكثافة. ماذا تقولين حول القصيدة الكردية الحديثة في سوريا؟
* نعم احب الكوردية فهي لغتي التي حُرمت منها لعقود وكتبت بالعربية والقصيدة الحديثة اجدها في تطور وارى لها مستقبل في المدى القريب فهنالك جيل من الشباب عاصر الحرمان والحرب والثورة وخلقت عنده ظروف ليبدع في صياغة الجمل والصور الواقعية التي يمر بها واتمنى لهم الدوام والابداع.
– كتبت أعمالك بالكردية والعربية. لماذا هذه الازدواجية في الكتابة؟ ومن هم قراءك الأكثر متابعة لأعمالك؟
* لا اعتبر كتاباتي باللغتين ازدواجية فجميعنا مررنا بالحرمان من لغتنا الام وفرضت علينا العربية مع انني احبها ولكن من الطبيعي انني كوردية وعشت في مجتمع سوري تعايشنا مع الواقع وضمن موزاييك من قوميات واديان عدة تشكل لوحة فنية فمن الطبيعي اكتب بالعربية لقرائي الى جانب لغتي الام التي اعتز بها لإيصال معاناة شعبي فمثلا احببت ان اضيف للمكتبة الكوردية اسمي لهذا كتبت بالكوردي فهناك كتاب كبار اصولهم كوردية ولكنهم كتبوا بالعربية كالكاتب سليم بركات والشاعر احمد شوقي ولكنهم لم يصنفوا ضمن المكتبة الكوردية لهذا اكتب لقرائي بالعربية ووفاء لأمي ولغتها اكتب بلغتي الام
– هل اللغة الكردية قادرة على التعبير عما في داخل الشاعرة. والقاصة بشيرة درويش؟
* ليس دائما فهناك قصص لا اجد نفسي فيها بالعربية وايضا هناك قصائد لا اجد نفسي او بإمكاني كتابتها الا بالعربية لأنني اجد نفسي اتعمق بالعربية فيها اكثر
– يتوجه الشعراء والكتاب الكرد إلى الكتابة باللغة العربية مع اهمالهم للغتهم الام الكردية. على الرغم الكثيرين منهم يجيدون الكتابة بالكردية. كيف تفسرين ذلك؟
* لا اعلم ربما مثلما ذكرت عن نفسي في بداية الامر لعدم جرأتي وثقتي لإتقان لغتي الام او لأسباب تخصهم
– مالذي يثير الشاعرة بشيرة درويش ويحرك مشاعرها يدفعها إلى أن تقول ماتريد من خلال الكتابة والإبداع؟
* الحدث. انا أتأثر بالحدث وبما يدور حولي لدرجة كبيرة لدرجة اتنبأ بالحدث واحسه قبل وقوعه احيانا لذا فالعامل الرئيسي هو الحدث اعيشه اتعمق فيه لحد الجرح اعيشه بكل تفاصيله
– مواقع التواصل الاجتماعي. ماالذي اضافته لك؟ وهلا فعلا تسهم في تحفيز الإبداع.؟ وهل لها سلبيات؟
* لا شك فيه مواقع تواصل الاجتماعي تساهم في التحفيز ولكن في الوقت نفسه هنالك سلبيات فنجد مثلا الكثير من الشعراء وكأنهم يقتبسون من بعضهم مثلا قصائدهم تتشابه احيانا اجد الكثير من القصائد تشبه قصائدي وبالعكس فهذا حسب راي ليس ابداعا.
– هناك كاتب خلاق وشاعر خلاق ومعاصر.. الشاعر المعاصر يقف في مواجهة الشعرية العالمية. فلا بد أن يضيف ويجدد ويواصل. لابل يجب أن يتخطى عملية الإبداع ويحطم الاسوار التقليدية والمثل الكاتب أيضا. وله حرية اختيار مايلائم ذوقه الإبداعي والشكل الذي يرغب. بماذا تفسرين خروج العديد من الشعراء من عباءة الشعر وارتداء عباءة الرواية؟
* في الحقيقة انا ايضا حاولت كتابة الرواية ولكن هناك روائي وكاتب مغربي اسمه يوسف السباعي قال لي هذا اللون والنوع للقصة التي اكتب بها اصعب من كتابة الرواية، الكاتب هو من يجد نفسه في مجالات الادب مثلا اكتب المقالة والقصة القصيرة جدا والشعر ولي بحث في التاريخ والاديان لم اكمله بعد اما الشاعر، فهو لا يجد نفسه الا في الشعر فقط وهذا يتوقف على الاديب نفسه اين يجد نفسه وفي اي خانة للكتابة.
– هل الشاعرة بشيرة درويش مع الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية التعبير. واحترام الرأي والرأي الآخر؟
* طبعا هناك في مجموعتي القصصية قصة كتبتها /البسوني عباءة لا تلائم عمري الذي تجاوز 1400 سنة/ اي لا زلنا بحاجة لفهم الديمقراطية اولاً حتى نستطيع تطبيقها مع احترامي لجميع الآراء والاديان.
– ماهي احلام وطموحات بشيرة درويش التي تتمنى ان تتحقق لها؟
* احلامي وامنياتي امنية امي وحلم ابي اي حلم شعبنا بان نعيش بأمان ويعيش اطفالنا سعداء واحرار كباقي شعوب العالم وليس لي حلم خاص لأنني لا استطيع ان انفصل عن جسدي الذي هو شعبي او انسلخ عنه وان يحبني شعبي ايضا بقدر حبي له هذا ما يزيد من اصراري وعزيمتي على الدوام لإيصال صوت شعبي ومعاناته عن طريقة كتاباتي واوضحت ذلك في مجموعتي القصصية الافاعي في اعشاش الحمائم وهي عبارة عن قصص سياسية اجتماعية تحكي عن معاناة المرأة من خلال السبي والاغتصاب ووو الكثير من الواقع المر.