صدور كتاب «بيئات مزدوجة» – لعبة النص البيئية في «ثلاثية بحر العرب» الروائية ليونس الأخزمي

لندن – صدرت حديثاً دراسة أدبية “بيئات مزدوجة – لعبة النصّ البيئية في “ثلاثية بحر العرب” الروائية ليونس الأخزمي”، للناقد والباحث السوري إبراهيم محمود عن دار عرب للنشر والترجمة في لندن.
يتناول الباحث في دراسته ثلاثية بحر العرب الروائية الشهيرة للروائي العماني يونس الأخزمي؛ الثلاثية التي تتألف من روايات: “برّ الحكمان”، “غبّة حشيش”، رأس مدركة”.
يحتوي الكتاب على عدة فصول، منها: بين بيئتين طبيعية ومتخيَّلة، منعطف الرواية: ثلاثية بحر العرب الروائية، تحدّي الاسم، منعطف الجغرافيا والتاريخ أدبياً، معبَر آخر للقراءة.
يتحدث الناقد عن فكرة الثلاثية، ويمهّد بما يصفها بتوطئة جغرافية لا بد منها، ثمّ ينتقل للفصول الرئيسة: بر الحكمان، البر والبحر معاً – غبَّة حشيش: في وثبة السرد – رأس مدركة، والبحث عن رأس السرّ.
 يكتب الباحث إبراهيم محمود في مستهلّ كتابه: لعل التجربة القصصية والروائية للكاتب العُمَاني يونس الأخزمي، لافتة في هذا المضمار. حيث تبدأ مسيرة رحلته مع الرواية، بدءاً من روايته الأولى والتي تتضمن نسجاً قصصياً فيها، وهي: الصوت (2012)، ولتكون وثبته الإبداعية في عالم كتابة الرواية مع “ثلاثية بحر العرب”، وهي التي تشكل مادة هذا الكِتاب، حيث تنبري البيئة وطُرُق تمثيلها في الفضاء الرحب للثلاثية، بصورة لافتة، ما يجعلها أهلاً لأن تكون موضوع كتاب هو نسيج بيئي يمتد على مد النظر، ومتخيل أدبي لدى الأخزمي، يغيّر في بنية البيئة، كمفهوم جغرافي، جرّاء ذلك.
وبدءاً من مفهوم “بيئات مزدوجة” وما يُداخلها من عناصر تتقاطع فيما بينها، بين المتناهي واللامتناهي، بين المشار إليه بالواقع، وما يوقِفه لحظة الإيذان ببروز واقع آخر، مأخوذاً بقوى متخيلة، بين لوغاريتما الغياب، وأساس الحضور، كما هو مفترض القول، حيث يكون رهان الكاتب في ذلك، وهو رهان يعنيه، عندما يكون متلوناً بتلك المؤثرات التي تتفاوت تبعاً للمقروء ومحتواه الفني.
في الحديث عن الموضوعات ذات الصلة بما هو جغرافي/ بيئي، كما في حال البحر، الجبل، الصحراء، أو الطبيعة عموماً، كما هي مأثرة الذاكرة الشعرية العربية قديماً وحديثاً، ما أكثر الإحالات المرجعية حول ذلك، إنما لا يخلو ذلك من حضور سردي، ومما هو متداول، وحتى مكرَّر، أو جار تلقيه، أو طرحه، أو تأكيده تفسيراً أو شرحاً، وليس تعمقاً وتوسعاً.. حيث تطرَح عناوين ذات علامات فارقة في توجهاتها الفنية، وأكثر من ذلك، حيث لا يكتفي النص الأدبي بمجرد التسمية أو هضم ما هو جغرافي، بمقدار ما يتشكل جسداً حياً، يكون له صوته المختلف، ورائحة أثره المختلفة، وصداه الجمالي المختلف، أي ما يمكن استخلاصه قيمياً منه، على مستوى المكاشفة، وتنوير القارئ بما هو غافل عنه، على قدْر وعيه للنص، على قدْر ثِقَل النص الذي يموت كتابة وينبعث قراءة.
ولعل تجربة الكتابة لدى يونس الأخزمي، وحين تقابَل بتجربة الحياة وتنوع بيئاتها، أوسع وأشمل من حدود البلد الذي ينتمي إليه وما فيه من تداخل بيئات وتناغمها، تحفّز على قراءة هذه الخاصية التي تحمل اسمه له إمضاءة إبداع في لعبة الكتابة هذه!
يشار إلى أنّ الدراسة جاءت في 264 صفحة من القطع الوسط.

تعريف بالكاتب: 
إبراهيم محمود: كاتب وباحث كُردي سوري، مواليد القامشلي 1956. يحمل إجازة في الفلسفة من جامعة دمشق، سنة 1981. تفرغ للدراسة والتأليف بعد ممارسة التدريس في معاهد القامشلي لمدة عشرين سنة. الآن يقيم في في إقليم كردستان العراق كلاجئ، ويعمل في مركز بيشكجي للأبحاث الإنسانية في جامعة دهوك. نشر أكثر من مائتيْ كتاب في حقول نقدية وفكرية وتاريخية وأدبية مختلفة، ويركّز بصورة خاصة على الجانب الأنتروبولوجي في دراساته، وفيما يخص الجسد، ما عدا مشاركاته في كتب جماعية، ومقدماته وشروحاته لكتب مترجمة عن الفرنسية (لجاك دريدا خصوصاً).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

كان مخيم ( برده ره ش ) يرقد بين جبلين صامتين كحارسين منسيّين: أحدهما من الشمال الشرقي، يختزن صدى الرياح الباردة، والآخر من الغرب، رمليّ جاف، كأنّه جدار يفصلنا عن الموصل، عن وطنٍ تركناه يتكسّر خلفنا… قطعةً تلو أخرى.

يقع المخيم على بُعد سبعين كيلومتراً من دهوك، وثلاثين من الموصل، غير أن المسافة الفعلية بيننا…

إدريس سالم

 

ليستِ اللغة مجرّد أداة للتواصل، اللغة عنصر أنطولوجي، ينهض بوظيفة تأسيسية في بناء الهُوية. فالهُوية، باعتبارها نسيجاً متعدّد الخيوط، لا تكتمل إلا بخيط اللغة، الذي يمنحها وحدتها الداخلية، إذ تمكّن الذات من الظهور في العالم، وتمنح الجماعة أفقاً للتاريخ والذاكرة. بهذا المعنى، تكون اللغة شرط لإمكان وجود الهُوية، فهي المسكن الذي تسكن فيه الذات…

مازن عرفة

منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، يتسارع الزمن في حياتنا بطريقة مذهلة لا نستطيع التقاطها، ومثله تغير أنماط الحياة الاجتماعية والإنسانية، والاكتشافات المتلاحقة في العلوم والتقنيات، فيما تغدو حيواتنا أكثر فأكثر لحظات عابرة في مسيرة «الوجود»، لا ندرك فيها لا البدايات ولا النهايات، بل والوجود نفسه يبدو كل يوم أكثر إلغازاً وإبهاماً، على الرغم من…

أصدرت منشورات رامينا في لندن كتاب “كنتُ صغيرة… عندما كبرت” للكاتبة السورية الأوكرانية كاترين يحيى، وهو عمل سيريّ يتجاوز حدود الاعتراف الشخصي ليغدو شهادة إنسانية على تقاطعات الطفولة والمنفى والهوية والحروب.

تكتب المؤلفة بصدقٍ شفيف عن حياتها وهي تتنقّل بين سوريا وأوكرانيا ومصر والإمارات، مستحضرةً محطات وتجارب شكلت ملامحها النفسية والوجودية، وموثقةً لرحلة جيل عاش القلق…