نجوم موسيقى وغناء الكورد الفيليين في ذاكرة التاريخ – بغداد ( 1 )

ا . د . قاسم المندلاوي  

عندما نتحدث عن بغداد علينا ان لا ننسى مطربين الكورد الفيليين الذين ابدعوا في الموسيقى و اغاني شعبية و بالمقامات وبرز منهم عدد من العمالقة والكبار نالو شهرة واسعة داخل العراق و خارجها و امتازت اغنانيهم و موسيقاهم بالتنوع في الحان و باصوات جميلة و مؤثرة ، وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي حلت  بالكورد الفيليين في العراق ، من حملات التهجير واعتقالات  و تعذيب في السجون وقتل الابرياء بلا ذنب  و ” الابادة  الجماعية ” .. الخ ” من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة وخاصة خلال حكم الطاغية ( صدام حسين ) الذي انزل جام غضبه العنصري والشوفيني على هذا المكون الاصيل والمخلص من الشعب العراقي ، ومنع مطربيهم من الغناء بلغتهم الكوردية ، وبسبب الملاحقات المستمرة لهم ولعوائلهم اضطر قسم  منهم  بالفرار الى خارج البلاد ”  السويد و المانيا و هولندا  ” وقسم اخر تم اعتقالهم وتهجيرهم الى ايران علما  كانوا يغنون باللغة العربية و  باللهجة  البغدادية ، وكانوا ايضا يتنافسون مع مطربين وموسيقين  كبار امثال ” جميل سليم و عباس جميل واحمد خليل و يحيى حمدي وسالم حسين وغيرهم من عمالقة الفن ” .. ،  ومن اشهر نجوم  الكورد الفيليين . 
الفنان المرحوم ” سلمان شكر الفيلي ” اسمه الكامل ” سلمان شكر داود حيدر محمد علي ” عازف وباحث ومؤلف واستاذ الة العود و الموسيقى الشرقية ونظرا لابداعاته الموسيقية اطلق عليه ” فيلسوف العود ودرويشه ، وهو من عشيرة الملكشاهي الفيلي وابن عم السياسي العراقي المعروف  ” عزيز الحاج  ، ولد في بغداد عام 1920 ونشآ بين عائلة متواضعة غير مشجعة لتعليم الموسيقى ، وقبل دخوله معهد الموسيقى ” معهد الفنون الجميلة ” كان عازفا على الة الكلارنيت ، وفي عشرينيات القرن الماضي تعلم العزف على الة العود .. دخل معهد الموسيقى في بغداد عام 1936 الا انه ترك الدراسة لمدة ثلاثة اعوام بسبب ظروفه العائلية ”  تخرج من المعهد عام 1944 وفي عام 1947عين في نفس المعهد ( مدرس الة العود ) .. عام 1954 حصل على دراسة بجامعة اسطنبول  .. كان الفنان سلمان شكر مبدعا وماهرا وعالما و احد مشاهير الموسيقى العراقية و العربية و العالمية ، وتخرج على يديه الفنان الكبير نصير شمة الفيلي الذي سياتي الحديث عنه في الحلقات  القادمة .. يقول عزيز الحاج “… لا اكتب عن سلمان لكونه ابن عمي ، او لكونه كردي فيلي ، بل لكونه مفخرة كبرى في عالم الموسيقى ، رفع اسم العراق عاليا في المحافل الدولية ، وتخرج على يديه العشرات من العازفين حيث كان استاذ العود في معهد الفنون الجميلة ” التي لم يبق لها اليوم ذكر ” ومن ثم رئيسا لقسم الموسيقى الشرقية ، امينا لاستاذه الشريف محي الدين ، اول عميد للمعهد .. ويضيف  .. وفي اخريات ايامه كان حالته الصحية مقلقة لا تبشر بالخير بسبب المتاعب و الهموم  حيث اصبح عاجرا عن الحركة وكان بحاجة ماسة للعلاج الطبي ومع الاسف لم يقدم لهذه الشخصية الفنية الكوردية العراقية والعالمية اية مساعدة ضرورية لا من قبل رئيس الجمهورية ولا من قبل رئيس اقليم كوردستان انتهى الاقتباس ” 1 ”  ، توفي الفنان سلمان شكر في بغداد  26 / 9 / 2007 .. وكتب عنه الراحل عزيز الحاج  بعد وفاته  ” .. ان خير تكريم للراحل هو ان تجمع مؤلفاته الموسيقية وان يجري التعريف بها لمن لا يعرفه ، وان تدون سيرته الذاتية كموسيقار موهوب وكانسان رمث وفي اعلى درجات الخلق الرفيع انتهى الاقتباس ( 2 ) … المصادر: 1 – عزيز الحاج ” المحور حقوق الانسان – الحوار المتمدن 22 / 9 / 2007 ،  2 –  ” سلمان شكر احلام الوتر الطروب و كوابيس مجتمعه ” 30 /11/ 2016  يوتيوب  3 – احمد الحمد المندلاوي  ” الفيليون في العراق ” الحوار المتمدن على يوتيوب 30 / 9 / 2021   4 – عاصم الجلبي ” سلمان شكر فيلسوف العود ودرويشه ” مركز الوتر السابع للفنون و التنمية المستدامة 14 / 6 / 2014  يو تيوب  5 – – الفيسبوك  26 / 9 / 2016   6 –  عزيز الحاج شكر في ذمة الخلود  27 / 9 / 2007  يوتيوب  .
الفنان  المرحوم ” رضا علي فيلي ” رائد فن التلحين الاول في العراق  ولد 10 / 4 / 1929 في منطقة الشواكة ببغداد .. وهو من اصول كوردية فيلية وعائلة دينية .. تعلم قراءة القرآن الكريم عند الملالي ثم درس في مدرسة الاميريه الابتدائية في الكاظمية واكمل المتوسطة و الثانوية في مدرسة الجعفرية بعدها دخل معهد الفنون الجميلة قسم ” التمثيل و الاخراج المسرحي ” ولكنه تخصص في الموسيقى و الالحان ، وبعد تخرجه عام 1948عين معلم نشيد في المدرسة الجعفرية ، وجدير بالاشارة : في الخمسينات من القرن الماضي – ايام الحكم الملكي – كان اهتمام كبير للمواهب الفنية و الرياضية في المدارس وكان هناك معلمين لدرس الفن ” الرسم والموسيقى و النشيد ” و معلمين لدرس الرياضة ”  و الى جانب عمله كمعام التربية الفنية قام بتلحين الاغاني الشعبية و الموشحات الدينية و الوطنية وكان في طليعة الفنانين في مرحلة الاربعينيات و الخمسينيات …  يقول المرحوم ” كنت امارس الاعمال الفنية عن طريق المدرسة ثم تعلمت الموسيقى وبعض الايقاعات و الموازين على يد المرحوم ( شيخ علي الدرويش ) ثم بدآت بنفسي الحن واعزف على العود و اغني  .. انتهى الاقتباس ” ، غنى المرحوم  جميع الوان الاغنية العراقية و شارك في كثير من المهرجانات و الحفلات الموسيقية العربية والدولية وفي عام 1954 قدم كاول عراقي اغنية في اذاعة شرق الاوسط من لندن .. واطلق على المرحوم  اسم ” سفير الغناء العراقي ” عام 1949 دخل الى الاذاعة الكوردية ببغداد وبدا مشواره الفني المتميز باول اغنية ” حبك حيرني ”  ثم اغنية ” مالي عتب وياك ” واغنية ” تدري اشكد احبك ”  واغنية ” شدعي لك يلي حركت كلبي ” ومن اشهر اغانيه في فترة الخمسينات اغنية ” تفرحون افرحلكم ” واغنية  ” سمر سمر ” حيث انتشرت هذه الاغنية في عموم العراق انذاك  ، قدم مئات اروع الحانه لعديد من المطربات ”  العراقيات و السوريات و اللبنانيات و المصريات امثال عفيفة اسكندر ومائدة نزهت و زهورحسين ونرجس شوقي وفائزة احمد وسميرة توفيق و نهاوند و زينه التونسيه وغيرهم ” و للمطربين امثال ” فهد بلال  و فؤاد حجازي  و غيرهم ” .. وغنى لثورة تموز 1958 وفي بداية الستينات و تحديدا عام 1961 سافر الى سوريا وقدم اغاني في اذاعة دمشق ثم الى الاردن وقدم اغاني جميلة في اذاعة عمان ثم سافر الى لبنان و قدم اروع اغانيه في اذاعة لبنان من بيروت  وشارك في فلم العراقي ” ارحموني ”  وغنى فيه اوبريت بغداد ” محلى وادينا وجماله ” كما شارك في لبنان في فلم ” لبنان في الليل ” بالاشتراك مع رشدي اباظه و سمير توفيق  وصباح كما شارك في فلم اخر ” يا ليل يا عين ”  وسافر الى مصر وقدم من اذاعة القاهرة اغانيه .. وفي زمن الطاغية صدام تعرض الفنان العملاق لظلم كبير ” كونه من الكورد الفيليين ” ، وكاد يطرد من العراق لولا  الواسطات من اجل بقائه ، ولكن استمر ازلام الطاغية صدام  مضايقته بشدة و تعطيم مقصود ضده ، فاضطر الى ترك البلاد عام 2001 متوجها الى اوربا وتحديدا السويد وبقي هناك يعمل في معمل للصناعات الجلدية الى  سقوط النظام حيث عاد الى البلاد ثانية عام 2005 وقدم بعض الاغاني الدينية الا انه وجد صعوبة كبيرة للاستمرار في عمله تحت سيطرة الاحزاب و المليشيات البعيدة عن احترام القيم الفنية و الانسانية ، ولم يعامل هذا الفنان الكبير حتى بعد زوال نظام البعث الدموي بالشكل اللائق وبما كان يستحقه من تقدير و دعم ، وسبل الراحة والعيش الكريم ، ولم ينصب له تذكار او تسمية شارع باسمه في بغداد ” .. توفي في 9 / 4 /  2005 بعد ان ترك ارثا كبيرا من الموسيقى و الاغاني والالحان العراقية الاصيلة و الرائعة . المصادر : 1 – عن كلكامش 14 /12 /2011  2 – رضا علي – لقاء مع يحيى ادريس – الجزء الاول – برنامج على ضفاف التراث – دريد عبد الوهاب ” قناة 1 ”   3 – ويكبيديا – الموسوعة الحرة ”  4 – حوار مع رضا علي و عباس جميل – نوال محسن ، علي صالح للارشيف –  2022  يوتيوب    .  
يتبع 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…