الشاعر فريد زامدار، فناناً في فردوس آنارشيه

  فوتو وكتابة: فتح الله حسيني

من للون سوى الباليت، ومن يكتبه الشعر سيمتطي صهوة الريح صوب المجهول، وأي مجهول يستطيع بقوته، بعنفوانه، بجبروته المطلق، أن يكتسب كل هذا السواد، وكل هذا العبث، بعد كل هذا السراب.
قبل سنوات طويلة، في نادي الصحفيين في دمشق ، قال لي، بعض الأصدقاء العرب، أن كردياً من كردستان العراق، يأتي يومياً الى النادي، ويجلس يشرب مع ممدوع عدوان، ألا تريد أن تتعرف عليه، فقلت: التعارف في جلسة شرب ليست مغامرة ولا مقامرة، ولا أعرف إلا أن أغامر وأقامر.

كان أصدقائي الذين يؤومون النادي يتحدثون عن الشاعر فريد زامدار، بنشوة كبرى، في تلك الأثناء تسنى لي الإطلاع على مجلة الحوار في دمشق، فقرأت للشاعر فريد زامدار حواراً مطولاً فيها، يتحدث عن الشعر الهندسي، ويتحدث عن الجماد والعباد والبلاد، بفصاحة شاعر، ولكن لم يتسنى لي السلام عليه والتعارف معه عن قرب، لانشغالي آنذاك بصدور كتابي في بيروت ، والآن يومياً أسلم على فوضى غرفته مرتين، حيث هو وكتبه ولوحاته وآنارشيه.
الغرفة بأثاثها، تغنيك عن رتابة شاعر، وفوضاها تضاهي فوضى الله على ملكوت الأرض، ورقة مرمية في حضن لوحة، وقلم مغموس في بحيرة من الألوان، وشخوص وطقوس أليفة وغير أليفة تسلم عليك، أو تمد لك لسانها، وهو لا يهدأ، من الطاولة الى اللوحة الى الورقة الى علبة الدخان، الى قصاصات ورق متناثرة، تسبقه روحه الى فوضاه.

الشاعر والفنان فريد زامدار يحضر حالياً لمعرض فني، في فعاليات مهرجان كلاويج المقبل، ليترك للشعر أن يكتبه بعد تعبه في لملمة فوضى لوحاته، وألونه العصية على الفهم، العصية على الدمع، ذلك الدمع الذي قال عنه أدونيس” السكين لا يجرح موضعاً مسه الدمع، لذلك أبكي”.

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غالب حداد

1. مقدمة: استكشاف “العالم الجميل الموجود”

تُقدّم مجموعة القاص والشاعر الكردي السوري عبد الرحمن عفيف، “جمال العالم الموجود”، نفسها كعمل أدبي ذي كثافة شعرية فريدة، يرسم ملامح مجتمع مهمش، ويحول تفاصيل حياته اليومية إلى مادة للتأمل الفني والوجودي. ويأتي تحليل هذه المجموعة، التي تمثل تطورا لافتا في مشروع عفيف الأدبي الذي تجلت ملامحه…

مصطفى عبدالملك الصميدي| اليمن

باحث أكاديمي

هي صنعاء القديمة، مدينة التاريخ والإنسان والمكان. من يعبر أزِقَّتها ويلمس بنايتها، يجد التاريخ هواءً يُتَنفَّس في أرجائها، يجد “سام بن نوح” منقوشاً على كل حجر، يجد العمارة رسماً مُبهِراً لأول ما شُيِّد على كوكب الأرض منذ الطوفان.

وأنتَ تمُرُّ في أزقتها، يهمس لك الزمان أنّ الله بدأ برفع السماء من هنا،…

أُجريت صباح اليوم عمليةٌ جراحيةٌ دقيقة للفنان الشاعر خوشناف سليمان، في أحد مشافي هيرنه في ألمانيا، وذلك استكمالًا لمتابعاتٍ طبيةٍ أعقبت عمليةَ قلبٍ مفتوح أُجريت له قبل أشهر.

وقد تكللت العمليةُ بالنجاح، ولله الحمد.

حمدا لله على سلامتك أبا راوند العزيز

متمنّين لك تمام العافية وعودةً قريبةً إلى الحياة والإبداع.

المكتب الاجتماعي في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في…

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…