استعارات

إبراهيم محمود

استعرت من المساء 
قميصه المشبع بالسواد
لأزدان بنجوم الليل
استعرت من الصباح
بنطاله المطرز بالنار
لأعبر النفق بسلامة
فتقاسمني الليل والنهار في طرب
استعرت من الورد 
عطره  البهي في انتثاره 
لأصحو عالياً
استعرت من الشوك
إبرته الجلية في النفاذ 
 لأنام مطمئناً بعمق
فتقاسمني الورد والشوك على وئام
استعرت من الصخرة
 بصمتها الفصيحة بالبروز
 لأثبت خطاي في صعودي
استعرضت من الفراشة 
خفق جناحها بزهوه الأنيق
لأمتلىء بالهواء خفيفاً
فتقاسمتني الصخرة  والفراش في حبور
استعرت من القمة
 زلالها بشفافيته الملهمة
لأرتدي أفق العالم البعيد
استعرت من الوادي
 لغزه بوقاره المؤكد
لأتنفس أفق نفسي القريب
فتقاسمتني القمة والوادي في سعادة
استعرت من العسل
حلاوته الأثيرة بنجاعتها
 لأسلسل خيال روحي
استعرت من العلقم
مرارته التي لا تعرف المهادنة
 لأهذّب مذاق روحي
فتقاسمني العسل والعلقم في سلام
استعرت من الصحراء 
تيهها ذا الصدى في الجوار
 لأكتشف أطلس قصيدتي
استعرت من الحديقة
حزامها ضارب الأثر
 لأبلغ مكامن شعوري
فتقاسمتني الصحراء والحديقة بحكمة
استعرت من شيخوختي
 أرجوحتها ذات الغد الماضي
 لأحصي ظلال عمري الآتي
استعرت من شبابي
وثبته بثقتها الموثَّقة
لأقيس طيراني الفضائي
فتقاسمتني شيخوختي وشبابي بابتسامة
استعرت ممن أحب 
نكهة ذات رؤيا  مجنحة
 كي أبهج داخلي
استعرت منّي أنا
بصيرة تمضي بي إلي
قتقاسمتنا الحياة مشرقاً ومغربا
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…