ليس لي ولِي

إبراهيم محمود

ليس لي في الذات ذات معرَّفة
إنما لي في الذات ذوات 
إنما لي بالذات حيوات متوالدة
 
ليس لي إكليل للصباح
إنما لي مفترشٌ منه في كياني
إنما لي شرفة  تصلني بأعلى مدار ٍ له
ليس لي طريق إلى النبع
إنما لي معبر آمن إلى الماء الوديع
إنما لي عزف ناي يوقظ النبع بين يدي
ليس لي مقعد في الحديقة
إنما لي مهبط على كل شجرة
إنما لي ظل على كل مدخل للحديقة
ليس لي صهوة لحصان
إنما لي صهوة في الريح
إنما لي مرْبع مغرم بالجهات
ليس لي عقد مع الهواء
إنما لي ما يبقي الهواء خليلاً لنبضي
إنما لي ما يجعل الهواء أليف خيالي الطليق
ليس لي جمرة من النار في ليل خلوتي
إنما لي نار محلقة في مدادي 
إنما لي  نور ينتعش بين أناملي 
ليس لي كرسي في مقهى لأرتشف الشاي
إنما لي شاي طروب أحتسيه متى شئت 
إنما لي مقهاي المحرر من كل رخصة مكانية
ليس لي شجر يجاور الرصيف
إنما لي شجر يتنفس اللاحدود
إنما لي طيور فولكلورية تنادم شجري
ليس لي في الألم صلة مباشرة
إنما لي أصول يشتعل بها
إنما لي زمان يُحال عليه
ليس لي في القرابة الأهلية خيمة بعلامة
إنما لي في الوجود امتلاء بالكائنات
إنما لي روح تنبض بالإنس والجن وما بينهما
ليس لي في العمر ما لأجله تكون سيرتي الذاتية
إنما ليس أزمنة دائمة الحضور في سياقي
إنما لي ما ليس يُسمّى أتدفق به
ليس لي أرض لأرسم فيها سكَناً
إنما لي عوالم تجيد اللغات كافة
إنما لي للخلائق ألسنة من ماء وتراب محْكَم
 
ليس لي اسم ليشار علي بتهجئة محلية
إنما لي ما يمنح الاسم معنى 
إنما لي ما يُبقي الشيء وافر الحضور
ليس لي صورة مجسمة للكتاب
إنما لي حضور متدفق للكتاب في الروح
إنما لي أفق ينفتح على كامل الكتاب بمتعة
ليس لي ساعة تصلني بالوقت
إنما لي الزمن الذي ينتظم بي
إنما لي ما يجعل الساعة تعرِف بي
ليس لي ساحة أطلق فيها خيالاً حميماً
إنما لي برّية تهبُ الخيال ما يشتهيه
إنما لي في ساحتي المجتباة ما يرتقي بي
ليس لي في الحياة سجلٌّ لاسمي
إنما لي اسمي الذي ينفض عنه السجلات
إنما لي ما يمضي بي إلى الأبعد من الاسم
ليس لي في الغابة ممر خيال
إنما لي في شأنها بصمة شامخة
إنما لي في نَسَبها نسبٌ
ليس لي في القصيدة أرجوحة
إنما لي فضاء تتنفس فيه
إنما لي عبرها طرق إلى النجوم
ليس لي في الظلمة محبرة لأتدثر بها
إنما لي رداء بسواد مشع
يؤمّن لأناي ارتقاء بعنبره 
ليس لي في اللغة ما يلزمني بنحو مؤطر
إنما لي ما تحمله اللغة من أثر يتوقف علي
إنما لي ما يميّز بياني خارج ألفبائها
ليس لي ما تحرسني به حدود
إنما لي ما يشدني إلى ماوراء الإحداثيات
إنما لي ما يحركني دون إذن من حارس متكلس
ليس لي بيت يأسرني فيه عنواني
إنما لي رغبة لا سقف لها
إنما لي طواف لا يلامس أي عتبة
ليس لي امرأة تقيدني إلى سياج تناسلي
إنما لي امرأة لا تكف عن تنوير روحي
إنما لي شراكة لاطقوسية معها ما حييتُ
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبد الستار نورعلي

أصدر الأديب والباحث د. مؤيد عبد الستار المقيم في السويد قصة (تسفير) تحت مسمى ((قصة))، وقد نشرت أول مرة ضمن مجموعة قصصية تحمل هذا العنوان عن دار فيشون ميديا/السويد/ضمن منشورات المركز الثقافي العراقي في السويد التابع لوزارة الثقافة العراقية عام 2014 بـحوالي 50 صفحة، وأعاد طبعها منفردة في كتاب خاص من منشورات دار…

فدوى كيلاني

ليس صحيحًا أن مدينتنا هي الأجمل على وجه الأرض، ولا أن شوارعها هي الأوسع وأهلها هم الألطف والأنبل. الحقيقة أن كل منا يشعر بوطنه وكأنه الأعظم والأجمل لأنه يحمل بداخله ذكريات لا يمكن محوها. كل واحد منا يرى وطنه من خلال عدسة مشاعره، كما يرى ابن السهول الخضراء قريته كأنها قطعة من الجنة، وكما…

إبراهيم سمو

فتحت عيوني على وجه شفوق، على عواطف دافئة مدرارة، ومدارك مستوعبة رحيبة مدارية.

كل شيء في هذي ال “جميلة”؛ طيبةُ قلبها، بهاء حديثها، حبها لمن حولها، ترفعها عن الدخول في مهاترات باهتة، وسائر قيامها وقعودها في العمل والقول والسلوك، كان جميلا لا يقود سوى الى مآثر إنسانية حميدة.

جميلتنا جميلة؛ اعني جموكي، غابت قبيل أسابيع بهدوء،…

عن دار النخبة العربية للطباعة والتوزيع والنشر في القاهرة بمصر صدرت حديثا “وردة لخصلة الحُب” المجموعة الشعرية الحادية عشرة للشاعر السوري كمال جمال بك، متوجة بلوحة غلاف من الفنان خليل عبد القادر المقيم في ألمانيا.

وعلى 111 توزعت 46 قصيدة متنوعة التشكيلات الفنية والجمالية، ومتعددة المعاني والدلالات، بخيط الحب الذي انسحب من عنوان المجموعة مرورا بعتبة…