رقصة فوق الغيوم

يزن حدادين

لا أذكُرُ رَحمَ أُمّي جيِّداً ..
فقد أَمضَيتُ مُعظَمَ الوَقتِ هُناكَ .. بل كُلَّ الوَقتِ .. وأنا مُغمَضُ العَينَين ..
لكن ما أذكُرُه جيِّداً هو الصَّوت الرّوتينيّ المُتَناغِم الذي أَرَقَّ مَسامِعي طَوالَ فَترة عُزلَتي داخِلَ أَحشائِها ..
تسعةُ شُهورٍ هناكَ كانت كَفيلةً لتَرويضِ قَلبي على الخَفَقان سويّاً مع ذاكَ الصَّوت …
وما أَن ارتَأَت أُمِّي أَنّي جاهِزٌ لمُجابَهة الجَحيم وتَرك النَّعيم .. حرَّرَتني باكِيَةً ..
كانُوا يعتَقِدون أنّها تَبكي مِن الأَلَم .. وأَنّي أَبكي مِن لَسعَةِ الهواءِ الباردِ ..
فقط كِلانا كُنّا نَعلَمُ أَنَّ دُموعَنا ذُرِفَت مِن الفُراق .. فُراق جَسَدَينا عن بَعضِهِما البَعض .. 
حرَّرَتني بنِصفِ روحٍ .. وأَهدَتني نِصفَ روحِها لأَكتَمِل ..
وحتَّى هذه اللَّحظة .. 
أَنبُضُ نَبضَها ..
وتَنبضُ نَبضي ..
طوبى لكِ يا أُمّي .. يا أيَّتُها الأَرضُ السَّرمَديَّة ..
من رَحمِكِ جِئتُ .. وإلى رَحمِكِ سأَعود ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…