ماذا يعني ما بعد الحداثة ؟؟

ابراهيم البليهي
قامت الحداثة الغربية على الإيمان بقدرات العقل البشري فالحضارة الحديثة تأسست على العقلانية لذلك كانت من ثمار التنوير الذي بزغ أولا في بريطانيا على يد فرانسيس بيكون ونيوتن ثم جون لوك وديفيد هيوم ثم أخذ شكله الأبرز في فرنسا في القرن الثامن عشر حيث بزغ نجم فولتير وديدرو وروسو وقبلهم مونتسيكيو وقد جاء هؤلاء امتدادًا لفكر مونتاني وبايلي وديكارت ثم امتد التنوير إلى ألمانيا فظهرت الفلسفة النقدية عند كانط ثم ظهر ليسينج وهردر وفخته ثم هيجل وجوته وشيلر ……
أما ما بعد الحداثة فقد كانت ثورةً على العقل وإنكارًا للإرادة الحرة فالإنسان نتاج قوى عمياء اجتماعية وثقافية وعوامل لا سبيل إلى التحرر منها ….
إن ما بعد الحداثة تؤكد الشك والنسبية والذاتية واللاواقعية وتنكر الفردية كما تنكر الحقيقة فلا شيء في الشأن الإنساني يقبل القياس فالعقل غير موضوعي وهو غير قادر على إدراك الحقيقة لأن كل فرد مبرمج بالنسق الثقافي الذي نشأ فيه ولأن كل نسق ثقافي يدرك الحقيقة على نحوٍ مغاير لما تراه المجتمعات الأخرى فالحقيقة تتعدد بتعدد الأنساق الثقافية بل تتعدد بتعدد الأفراد حيث كل فرد له بنية ذهنية مغايرة لكل الأفراد ……
إن تعدد العقول بتعدد الأنساق الثقافية وتعدد الرؤى بتعدد الأفراد تمثل حقيقة واقعة لا مجال لإنكارها لكن هذا لا يستوجب نفي العقل وإنما يستوجب تسديد خطوات التعقل وإدراك المزالق والحرص على تحري الحقيقة لكن فلاسفة ما بعد الحداثة لم يكتفوا بهذه النتيجة المنطقية العقلانية ولكنهم اندفعوا لتقويض العقلانية ذاتها وتسفيه القائلين بها فالعالم عندهم ليس عقلا ونشاط الأفراد والمجموعات هو نتاج الصراع إنه الفعل ورد الفعل والعقل تائه وسط هذه المعمعة إنها نتيجة تعسفية إن نقائص العقل تستوجب الارتقاء به وليس نفيه ….

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …