المعلوم باسمه….

ابراهيم محمود
-1-
امض ِ إلى نهرك امض وافرغ كامل نهارك في ليلك ذي الحبر موفور الصحة ترحّب بك الينابيع دفعة واحدة وتخرج الكلمات من قلاعها وتطلق سراح أحلامها على مدى واسع ستصعد الضفاف بعجينة أفكارها القاعية وهي تستدعي كائناتها المائية والبرمائية لتتوافد إلى خيالك الذي لا يخفي سعادة الطيران ومهارة التحدث بلغات شتى وحتى الدوامات النهرية نفسها ستجلس قبالتك مصغية إلى عمق المهلَّل في قصائد المتهادية بغاباتها الغواني الملهمات حتى قصائدك ستعقد على مدار سيرة النهر مذ أبصر سماءه الزرقاء لأول مرة ندواتها العامرة سوف تستفسر عما أسررتَ به من آلاء الزلال ومحقق المحال إلى درجة أن تماسيح الماء ذات السطوة ستتولى دروس الرعاية الصحية والرفق ببني آدم من جنسك طبعاً قدر ما تشاء أنت طالما أنك تحيل جسدك بادي الضعف إلى هبَات تشتعل حيوات صالحة لجعل كل كائن مأخوذاً بسواه خفة دم ٍ..
-2-
امض إلى نهرك امض حيث الماء يتنفس الصعداء بلقياك بأصالة خيالك المشرف بحسَبه ويرتديك خافقاً شاهقاً برؤياه وقد منحته دفقاً يهبط إليه القمر مجدّداً فضّية لونه، وراجياً منك أن تمنحه بعضاً مما يبقي النجوم أقدر على اليقظة في ملاعبها السماوية ومتابعة اللعب مع بعضها بعضاً يكون للشجر نفسه حظه من هذا اللقاء جرياً وراء عمر لا يشيخ وسعياً إلى عز لا يوهب لأي كان بسهولة ويستحيل النهر أكثر قدرة على الاستلقاء في سريره المائي الذي يتهادى حيث الهواء يلطّف روحه السلسبيلية، ويكتسب قاعه مهارة التوسع برؤياه رائياً إلى ما وراء أفق كلماته التي تسكب ورودها المشتعلة بالضوء في أصص من كريستالات ضخمة
وحدها السماء تضحك مستبشرة بيقين لا يجارى بكامل حضنها وتوزع خيراتها من علاها على كل من يصعد سلَّم حلْم له إلى مدى أرحب وله في بسْط المعاني الرشيقة خبرة مؤرشفة في تاريخ يقدّره الحجر الأصم وصمته..
-3-
امض إلى نهرك امض حيث عتبة القادم يحن إلى فناء الماضي الخلفي معلِماً إياه أن ذاكرته الغدية فرغت حمولتها القديمة من الصور التي فقدت صلاحية الاستئناس بها نزولاً عند رغبة تدفق قصيدك خميرة موزعة في نسيج النهر المقاوم للبلى استعداداً لحمولة أكثر قابلية لاكتساب ثقة أبدية تنتظر من يستحقها بشهادة مائية لا تقلَّد وأنت بُتَّ قاب قوسين أو أدنى من البحر الذي فتح لك قلبه اللامحدود بأزرقه المؤهل بالحكايات وما بثته سفن ماخريه من أحلام تتراقص في راحات أمواج لها فرح طفولي كما لو أن البحر نفسه قدّم نفسه وليد اللحظة بهدوئه غير المعهود حين أحلتَ كلماتك سائلاً مستساغاً بلغة الحي يرفض كل التسميات وهو يصالح بين البر والبحر وأنت المعتبَر اسماً يُعتدُّ به فماذا ترغب بكامل روحك أكثر من هذه الأعطية اللامتناهية المتوفقة عليك أزلياً وقد تسلل البحر نفسه مسحة ظل إلى مخدتك التي توسدتْها قريحة شعرك ورفعت إلى أعلى عليين..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…