وجوه الجسد

إبراهيم محمود
أحياناً يستحيل جسده سماء
ماضية في إظهار ما لديها من نجوم ومجرات
أن قلبه يحلّق به عالياً
ليرتقي به مانحاً إياه فضاء من لذة نادرة
ويشعر بصوت يتردد هناك: أظهِر لون سمائك
أحياناً يستحيل جسده غيمة
ماضية في مخاض سواد يرعد
أن قلبه يهرع إلى الخارج  في الهواء الطلق
ليتهيأ للاغتسال تحت وابل المطر المنتظَر
ويتملكه شعور أن السماء تسمعه عبارة: نعيماً
أحياناً يستحيل جسده نهراً
ماضياً في جريانه مشدوداً إلى سماء تصاحبه
أن قلبه يمضي به سريعاً مندفعاً في تياره
ليصل ما بين منبعه ومصبه نشواناً
ويسمع صوتاً أن الأرض تقول له: عش طويلاً
أحياناً يستحيل جسده تراباً
يمتد برضى ذاتي شاداً إليه أعماقاً لا تُسبَر
أن قلبه يرتحل به إلى ظلمات غير مألوفة ولا تخيف
يرى فيها ما لم يره من قبل
ويشعر أن صوتاً يسمعه فصيحاً: امتلىءْ أسراراً
أحياناً يستحيل جسده مجرد شجرة
تصل ما بين الأرض والسماء
أن قلبه يقفز حالاً متقمصاً هيئتها
متلقياً يخضورها الضوئي دون حساب
ويشعر أن هناك من يردد: أنعِم عطاء
أحياناً يستحيل جسده إنساناً حقيقياً
تلتقي فيه كل جهات الكون
أن قلبه يشتعل فتيل مصباح فتياً
مستوعباً ما يعيشه من احتراق
ويشعر أن صوتاً يقول له: ستخلدك نارك

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إعداد وسرد أدبي: خوشناف سليمان
(عن شهادة الراوي فاضل عباس في مقابلة سابقة )

في زنزانةٍ ضيقةٍ تتنفسُ الموت أكثر مما تتنفسُ الهواء. كانت الجدران تحفظ أنين المعتقلين كما تحفظ المقابر أسماء موتاها.
ليلٌ لا ينتهي. ورائحةُ الخوف تمتزجُ بالعَرق وبدمٍ ناشفٍ على أرضٍ لم تعرف سوى وقع السلاسل.
هناك. في ركنٍ من أركان سجنٍ عراقيٍّ من زمن صدام…

صدر مؤخرًا عن دار نشر شلير – Weşanên Şilêr في روجافاي كردستان، الترجمة الكردية لرواية الكاتبة بيان سلمان «تلك الغيمة الساكنة»، بعنوان «Ew Ewrê Rawestiyayî»، بترجمة كلٍّ من الشاعر محمود بادلي والآنسة بيريفان عيسى.

الرواية التي تستند إلى تجربة شخصية عميقة، توثّق واحدة من أكثر المآسي الإنسانية إيلامًا في تاريخ كردستان العراق، وهي الهجرة المليونية القسرية…

حاوره: ابراهيم اليوسف

تعرّفتُ على يوسف جلبي أولًا من خلال صدى بعيد لأغنيته التي كانت تتردد. من خلال ظلال المأساة التي ظلّ كثيرون يتحاشون ذكرها، إذ طالما اكتنفها تضليلٌ كثيف نسجه رجالات وأعوان المكتب الثاني الذي كان يقوده المجرم حكمت ميني تحت إشراف معلمه المجرم المعلم عبدالحميد السراج حتى بدا الحديث عنها ضرباً من المجازفة. ومع…

مروى بريم

تعودُ علاقتي بها إلى سنوات طويلة، جَمَعتنا ببعض الثَّانوية العامة في صفّها الأول، ثمَّ وطَّدَت شعبة الأدبي صحبتنا، وامتَدَّت دون انقطاع حتى تاريخه.

أمس، انتابني حنينٌ شبيهٌ بالذي تقرّحت به حنجرة فيروز دون أن تدري لمن يكون، فوقه اختياري على صديقتي وقررتُ زيارتها.

مررتُ عن عمَدٍ بالصّرح الحجري العملاق الذي احتضن شرارات الصِّبا وشغبنا…