ذكريات وأيام لها نكهة الشهد في السليمانية

 

سيامند إبراهيم*

 

منذ أشهر بعيدة والأحلام لا تفارق تباريح ذاكرتي, أشهرٌ وأنا أحلم بقضاء عدة أيام في مدينتي الأثيرية السليمانية, المكتبة العامة, (باغي كشتي) المكان المحبب إلى قلبي, فعلى أرصفتها تشاهد أجمل صبايا الدنيا يسرن ويتمايلن بخفة ورشاقة كالغزلان, القوام الممشوق, قوام تلك الصبية, التي لا تفارق البسمة شفتاها الرقيقتين, رائحة عطرها الأجمل من عبق الياسمين, تميس في فضاءات كردستان, تشحن في نفوسنا بارقة أمل جديدة في تجاوز صعاب الحياة

(سليمانيتي) هي الأجمل من باريس, وبيروت, ودمشق, مدينة تفعم بالحيوية, فتحت لي ذراعيها, داعبتُ وجهها الحضاري الجميل, مررت أناملي بين خصلات شعرها الحريري,  شدني بيرمكرون إلى قممه,  وسقاني كأساً من صلادة روحه التي لا تخاف نوائب الزمان المرّ, شحن في قلبي الشجاعة, ودفعني بعيداً, أسير في ركاب الأيام الشاقة,  أجول مرة ثانية فأجد نفسي في المتحف الوطني, في (مقهى الشعب) أنتظر الشاعر (شيركو بيكس) يمتطي صهوة القوافي, يسترسل في القاء المزيد من الأشعار الوجدانية, قلبي ونفسي النهمة لبيان موهبته الفذة التي لا ترتوي من هذا النبع الثر, أقارن بين دفقات وحنو قلب (احمد آوا) وبين خلجات قلب شيركو المتألق, لا يعكر صفو هذه الجلسة سوى تلك السحابات الزرقاء من لفائف التبغ الهاربة من تلك النفوس التي لا تجدد حياتها وترتخي على سلم الحياة؟ أجل خمريات السليمانية, اشتقت إلى أسواقك, أحياك, إلى جميع أصدقائي الذين يتسكعون في (كوشكي شار) إلى خرائب الشعراء, وجنونهم المميز, الشعراء الذين يلهون مع الزمان والباحثون عن الجمال وحسناوات كردستان في حدائق المدن المنسية, نجن, نبحث بتلهف الظمآن إلى خمريات أبي النواس في بغداد,  ذات مرة قلت لصديقي (شيركو بيكس) في السليمانية:” كم أنا مغرم بهذه الحدائق الغناء الرائعة, أتلذذ بسكرة المكان, استرجاع شعراء الخمريات, الجزيري, خاني, أبو نواس, ابن الفارض, وغيرهم.  أجل  الخمريات التي تجدد آمال الضياع في هذا العالم المسكون بالمتاهات السرمدية, أعود مرة ثانية إلى (باغي كشتي), لن يتعرف عليك أحد! أتعرف لماذا؟ لأنك حالم في فضاءات الأدب الكردي, هنا تتجلى العبقريات في شارع سالم, مولوي, كوران, تقضي ساعات مع جريدة الاتحاد, تتصفحها,  وتبحث عن إبداعات شعرية وفكرية في ثنايا قلبها,  في ورقها وإخراجها الأنيق, ثمة صبي صغير تشتري منه كأس من العصير الكردستاني اللذيذ, لا شيء أجمل من شراب الزبيب الأسود الآتي من عرائش حلبجة النابضة بروح التجدد, تأخذك الجلسة فوق ذاك الكرسي الخشبي ساعات طويلة, لا يعكر صفو هذه الجلسة شيء, وبرغم صياح الصبية على البيبسى والماء المثلج, إلا أنك تسترخي في نسغ هذه الحديقة, فجأة يربت على كتفك صديق كردي سوري , ويجلس معك, ومن ثم تغادرا المكان إلى مشوار آخر في هذه المدينة .

·        رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية
·        عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق.
·        mazidax@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عقدت اليوم السبت ٣٠ تشرين الثاني ٢٠٢٤، الهيئة الإدارية لاتحاد كتاب كوردستان سوريا، اجتماعها الاعتيادي في مكتب الاتحاد بمدينة قامشلو.

بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الكورد وكوردستان، تطرق الاجتماع إلى النقاط التالية:

١ـ تقييم نشاطات وفعاليات الاتحاد خلال الفترة الماضية

٢ـ متابعة الوضع التنظيمي لفروع الاتحاد في الداخل وممثليتيها في إقليم كوردستان وأوروبا.

٣ـ مناقشة النشاطات المشتركة…

عبد الوهاب بيراني

 

كان دأب الإنسان ومنذ القدم حماية جسده من حر الصيف وقر الشتاء، وكان عليه أن يرتدي ما يستر جسده، وكانت مراحل تطور ثياب الإنسان تعبر عن فكره ووعيه، وتعبر عن علاقته ببيئته ومحاولته في التلاؤم معها، فقد ستر جسده بأوراق الشجر وجلود الحيوانات وصولاً لصناعة خيط القطن والصوف والكتان، وهذا يُعد مرحلة…

صدر حديثاً للروائي والمترجم العراقي برهان شاوي، طبعة جديدة من روايته «منزل الإخوة الأشباح»، والصادرة بشكل خاص عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، والمتوفرة الآن في أوروبا وتركيا ودول عربية.

وقالت نوس هاوس، في تصريح خاص لموقع «سبا» الثقافي، أن رواية العراقي هي العشرون له في مسيرته الروائية، والسابعة ضمن سلسلة «روايات المطهر»، وتقع في…

فراس حج محمد| فلسطين

صادف يوم الجمعة (29/11/2024) ما سمي تضليلا اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تلك المناسبة الكذبة الكبيرة التي ما زلنا نصدقها، مدارسنا احتفلت بها يوم الخميس حتى لا تفوتها هذه النكتة/ المناسبة؛ كونه اليوم الذي يسبق المناسبة، وما بعده يومان عطلة، كأنها ترقص على الوجع غباء في غباء، فكيف يمكن لشعب أن…