لافا خالد
قديما كانت السمنة لدى الفتيات عاملا جاذباً ومرغوباً فيه من أجل تحديد مصيرها، إذ لم تكن الرشاقة أو الطول يعنيان الكثير، فقد كانت النظرة ترتكز على هذا الجانب الذي تحول ليصبح شيئاً مؤرقاً في الوقت الحالي عند مختلف السيدات غير المتزوجات و المتزوجات أيضاً!! لقد كانت المرأة في السابق تفضل على غيرها بفضل وزنها الثقيل وجسمها الممتلئ لا بل الممتلئ جداً, وبحكم تبدل مفاهيم الوقت الحالي بات التنحيف هو لغة العصر حتى بتنا نرى تخصيص مراكز لأجل الرشاقة و لشدة التركيز على الموضوع باتت الكثيرات أشبه بهياكل عظمية.
وعلاوة على ذلك تكون المرأة أكثر من سعيدة بوضعها الحـالي من أن يقال لها سمينة, وحسب الكثير من التقارير الصادرة من منظمات تعنى بالصحة فإن نسبة السمنة بين النساء تفوق الرجال عشرة أضعاف, فالرجل بحكم العمل يخرج ويتحرك ويحرق ما بجسمه من شحومات زائدة بينما المرأة وبخاصة التي تزاول عمل البيت فقط تبقى رهينة عمل معين ومحدود فتزيدها المأكولات والوجبات الغنية بالدهون والنشويات والسكر بدانة زائدة وباتت البدانة ظاهرة درجت كثيرا بين فتيات اليوم اللواتي يتزوجن ويهملن عادات صحية كنّ يتبعنها قبل الزواج فتفرط في طعامها وبخاصة في فترة الحمل وبعد الولادة يحتفظ الجسم بمفرزات كثيرة من تلك الشحوم، وتندرج تلك الفتاة المتزوجة تحت مستوى عمري تتشابه وجيل والدتها, والأسوأ انتشار البدانة بين أطفال اليوم الذين يفرطون من تناول المقبلات الغنية بالدهون ويجلسون ساعات طوال أمام شاشة التلفزيون والكمبيوتر، فتبدأ معه مشكلة السمنة التي تؤرقه ولا يستغني بالتالي عن نمط معين من الطعام أدمنه بشكل روتيني وانتشرت ظاهرة البدانة بين شباب اليوم الذين يعتمدون على مأكولات المطاعم والإكثار من المشروبات الغازية وغياب الممارسات الرياضية وقيادة السيارة بشكل مفرط ولساعات طوال وبالرغم من النصائح الطبية الكثيرة في الحث من تخفيف الوزن وعدم الإفراط في تناول الأطعمة درء للبدانة لكننا نشهد تزايداً في أرقام البدانة التي تصدرها التقارير الصحية من منظمات عالمية في مختلف البلدان وفي تجنب السمنة تجنب لمظلمة الآخرين أيضا الذين يحتارون على غداء قد يجدونه يوماً ويحرمون منه لأيام أخرى كثيرة (إذا شبع البطن طغى)
ما الذي نجنيه من السمنة؟
تشير الدراسات الطبية إن أهم مشاكل القلب والسكري وضغط الدم مرتبط بالسمنة بالإضافة لمشاكل أكثر خطورة تصل لبعض أمراض السرطان الناتج من تزايد نسبة الشحوم والدهون في الطعام ونتيجة لعامل البدانة المفرط يعجز الطب أحيانا في توصيف الكتل التي تتركها السمنة في مناطق مختلفة من الجسم وبالتالي قد يدفع الشخص السمين أولاً والمصاب بهكذا داء خبيث قد يدفع حياته ثمنا لأمر كان بإمكانه تلافيه لو وازن في معادلة الحياة الصحية عنده, ناهيكم إن السمنة تدفع للإصابة بسرطان الرحم عند النساء والتقليل من نسبة القدرة على الإنجاب وتصيب السمنة الكلى والكبد والبنكرياس وهي عامل موثق في سرطان القولون كما يشير الأطباء.
أما على صعيد الواقع الحياتي فتداعيات السمنة تبدو واضحة في الكآبة والانعزال عن المجتمع فينظر البدين لنفسه كائن غير مرغوب فيه ومتمايز عن الآخرين وتدفع المرأة الضريبة مضاعفة وبخاصة لو كانت فتاة وكثيرة هي الحالات التي عايشتها وأبدت انعزالها عن المجتمع, فترى في نفسها غير مرغوبة من الآخرين ولا يتقدم أحد للزواج منها وتعيش حالة نفسية منهارة دوماً
ما الحل
ربما ليست ظاهرة البدانة حديثة العهد ولكنها طغت على السطح مع مفاهيم أخرى كثيرة ترافقت والطفرة الزائدة في التكنولوجية والتمدن والتحضر وساهم في التركيز على الموضوع وتوضيح أسبابه وآثاره الجانبية الكثيرة البرامج الوقائية في التلفزيون والإنترنيت والندوات الصحية التي تعقد بين حين وآخر
ويبقى العلاج للتخفيف من البدانة و الحد من خطورتها هي تلك المقولة الجميلة لسيدنا عليّ كرم الله وجهه ( يا بني اقبل على الطعام وأنت تشتهيه وقم عنه وأنت تشتهيه و اعرض نفسك على الخلاء لا يأتيك الطبيب أبدا, كذلك لابد من إتباع نصائح خبراء الصحة بضرورة القيام بالتمارين الرياضية والإكثار من الفواكه والخضراوات وتناول الفيتامينات والمواظبة على إتباع الحمية للوصول إلى وزن صحي وتفاديا لما لايحمد عقباه وربنا بجلالة قدره أوصى عباده بقوله تعالى:) كلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين) ولا ننسى إن الإفراط من الطعام من صفات المنافقين بقول رسول الله (ص) (المؤمن يأكل في أمعاء واحد و المنافق يأكل في سبعة أمعاء)؟؟؟