وإذا…

  غازي حسين العلي *

إذا قرأت دراسة نقدية ولم تعجبك، نزلت عليك لعنة كاتبها، واتهمك بالتخلف، لأنك لم تستوعب بعد نقد ما بعد الحداثة، الذي يعتبر نفسه أحد فرسانها.
وإذا قرأت رواية ولم تنل رضاك، ووجدت فيها مجرد هرطقة لغوية، نعتك مؤلفها بالجهل، لأنك لم تطّلع على آخر منجزات الرواية العالمية، التي تجاوزت ما فوق الواقع وما تحته. وإذا كنت من هواة حضور المعارض التشكيلية، فعليك أولاً تعلم فنونها ومدارسها، من تكعيبية وتجريبية وسريالية و… وأن تلمّ بالكتلة والفراغ وما يسمى بفضاء اللوحة، وإلاّ اتهمت بفقر الذائقة الفنية، وأنك لا تفهم بالفن وفنونه.
وإذا قرأ أحدهم عليك (قصيدة) ولم تهزك كلماتها ومعانيها، اتهمك بصلف القلب والبلادة، وإذا سألته عن قراءاته، يقول لك دونما تردد: أنا لا أقرأ شيئاً، لأن الشعر من الشعور، وأنا أكتب مشاعري؟ وإذا صدح أحدهم بأغنية في مطعم ولم تطرب لها، فأنت من جماعة أم كلثوم وعبد الحليم وفيروز، فمن الواجب الحجر على ذوقك وذوق أمثالك. وإذا حدث وسجلت ملاحظات سلبية في صحيفتك، عن مهرجان ثقافي ما، فقد تجد من يتهمك بقلة الفهم والنزاهة والوطنية، وأنك لم تدرك ما تحقق فيه من معجزات. وإذا حالفتك الشجاعة يوماً، وقلت ما تود قوله دونما مواربة في مسؤول ثقافي، ستجد من يعدك بالويل والثبور وعظائم الأمور.‏‏
الملحق الثقافي لجريدة الثورة
27/11/2007م

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…