أخلاق الصحافة (1-2)

 

سيامند إبراهيم*
عندما قررنا إصدار مجلة آسو في دمشق, لم يكن بيننا أي عقود أو أي شيء قانوني يلزمنا به, كانت هناك المحبة, الأخلاق الصحافية, التعامل الأخوي و عدم التعالي, والإخلاص في العمل الصحفي, كنا كلنا توق إلى إصدار صحيفة على مستوى عالي في كل شيء, صحيفة متميزة, كان هدفنا الأسمى هو إخراج الصحافة الكردية من تقوقعها, وتواضع طباعتها هذا من جهة التقنيات أما من جهة التوزيع فحدث ولا حرج, فكل حزب منوط به طبع مجلته الثقافية المتواضعة, وتوزيعها ضمن أعضائه الحزبيين, وجماهيره, يقول الخبير الألماني (أوتو), إن من شروط الصحيفة:
1- سهولة انتشارها الواسع ووصولها إلى جمهور كبير
2- أن يستطيع أي مواطن في اقتنائها
3- أن تصدر بانتظام ولا تنقطع عن القراء
4- هو الإخراج والطباعة الجيدة
 أن يكون سعرها مناسباً
والتقنيات لقد منحنا الصحافي الحرية المطلقة في أن يكتب ويبدع في مادته الأدبية دون حسيب أو رقيب, وتركناه إلى شيء واحد يضبطه ويضبطنا جميعاً وهو أخلاق الصحافة, التي هي الرسالة الخالدة بحسب المبدع الروسي تولستوي, فالصحافي هو ينبغي عليه الإبداع الجميل في تقديم مادته الأدبية في أحسن رونقها, وواجب الصحيفة هو الاهتمام بأية مادة إبداعية ثقافية تأتي من أي كاتب ما وحتى ولو كان هذا الكاتب مغموراً, المهم بالدرجة الأولى هو مادته الأدبية, لكن ثمة مسؤولية أخرى تقع على عاتق هيئة التحرير ألا وهي التدقيق الشديد في نوعية المواد الواردة إلى المجلة, وعدم نشر كتابات عبثية, تخرب الذوق العام, وتبعث على زعزعة القراء بهذه المجلة, مع كل التقدير للرأي الآخر ومنحه الحرية، لا يعني إيذاء سمعة المجلة, والحط من قيمتها بين الشعب, فهذه هنا هو مسؤولية الصحيفة، فأذكر هنا أن أحد الشباب الأكراد بعث لنا بقصيدة يشبه عيون حبيبته بحذاء جميل, ويضع قدميه الباردتين في عينيها, هل نستطيع أن نضع هذا الإبداع الشعري المتألق في العبثية البيكيتية؟! وثمة قصة أخرى وهي أن أحد الشباب بعث لنا بعدة قصائد وأشعار, وبعد قراءات كثيرة لنصوصه, لم نجد سوى نصوص ضعيفة لا ترتقي مستواها اللغوي والكتابي إلى درجة جيدة, فرفضنا مادته, وزعل زعلاً شديداً, وبعد وقت من صدور العدد رأيته في إحدى المقاهي الحلبية, فأدار ظهره لنا وغادر المقهى دون أن يسلم علينا, إذً أقولها للتاريخ أن في مجلة آسو لا توجد أماكن لشعراء كبار أو أسماء طنانة رنانة ما لم تحمل في صفحاتها الإبداع الجميل ولا شيء سواه…يتبع
———–
·        رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية
·        عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صبحي دقوري

في لحظة ثقافية نادرة، يتصدّر الموسيقار الكوردي هلكوت زاهير المشهد الموسيقي العالمي بعدد أعمال معتمدة بلغ 3008 أعمال، رقمٌ يكاد يلامس الأسطورة. غير أنّ أهمية هذا الحدث لا تكمن في الرقم نفسه، بل في ما يكشفه من تحوّل جذري في مكانة الموسيقى الكوردية ودورها في المشهد الفني الدولي.

فهذا الرقم الذي قد يبدو مجرّد إحصاء،…

يسر موقع ولاتى مه أن يقدم إلى قرائه الأعزاء هذا العمل التوثيقي القيم بعنوان (رجال لم ينصفهم التاريخ)، الذي ساهم الكاتب : إسماعيل عمر لعلي (سمكو) وكتاب آخرين في تأليفه.

وسيقوم موقع ولاتى مه بالتنسيق مع الكاتب إسماعيل عمر لعلي (سمكو). بنشر الحلقات التي ساهم الكاتب (سمكو) بكتابتها من هذا العمل، تقديرا لجهوده في توثيق مسيرة مناضلين كورد أفذاذ لم ينالوا ما يستحقونه من إنصاف وتقدير…

صبحي دقوري

يضع كتاب أزمة العالم الحديث لرينيه غينون قارئه أمام أحد أعمق التشخيصات الميتافيزيقية لانحدار العصر الحديث، تشخيص لا ينطلق من داخل الحداثة بل من خارجها، من أفقٍ تقليدي يرى العالم لا من زاوية التاريخ بل من زاوية المبدأ. غير أنّ هذا التشخيص لا يكتمل فهمه إلا إذا وُضع في موازاة جهود مفكرين كبار واجهوا…

ناصر السيد النور *

يدخل الروائي السوري (الكردي) والطبيب في روايته الصادرة مؤخراً عن دار رامينا اللندنية -هذا العام- إلى تجاويف سردية غائرة بدلالاتها السيكولوجية في تعبير جريء وشاخص لشخصياته روايته التي اتخذت مساراً سردياً يغلب عليه التفصيِّل في شمول سردي يتخطى أحيانا المساحة (الفضاء السردي) المتاح. بافتراض أن التطابق ما بين احالات النص السردي وقيمة…