وداعاً يا مهرجان الشعر الكردي

جوبار ديريكي

عادة موعد مهرجان الشعر الكردي يصادف22/ 10من كل عام ليذكرنا بشعرائنا العظام لنرتشف القصائد من معينيهم وكم كنت متلهفاً أن أشارك في هذا المهرجان ليدلوا كل منا بدلوه بما حفظ أو كتب عن الشعر و الشعراء أو نستمع من الوافدين إلى المهرجان وما يجولوا بخاطر كل منا وابعد ما كنت أتصوره أن نكون في رحاب ملاي جزري ـ فقه طيران ـ علي حريري ـ جكر خوين ـ فكم كان شوقي وحنيني إلى ذلك اليوم لعل اشهد بعيني واستمع باذني قصيدة بما يجول في مخيلتي وفؤداي فأنطلقت بنا السيارة ونحن في غمرة الفرح و البهجة و السرور لأننا سنشارك في هذا الحدث وذلك  المهرجان الذي طال انتظاره
وها نحن مع موعدة لنشارك معاً في هذا المهرجان الذي يحمل بين جوانبة معاني سامية وفي ذكراة مدلولاعظيما وفي أنعقاده عنواناً كبيراً وبعد أن وصلنا الى مكان المهرجان وكنا أول المشاركين الذين وصلوا الى المكان المقرر وكان بتاريخ 30 /11/ 2007 وبعد مضي اربعين يوماً على تاريخ الذكرى وتوافد الوافدون إلى مكان المهرجان لنخلدا معاً ذكرى مهرجان الشعر الكردي الذي يجسد يقظة الشعر والشعراء.
لإن تخليد مثل هذه الذكرى لا بد أن تكون لجنة لإعداد بمستوى المسوؤلية والتنظيم الذي نحن بصدده حتى يليق بالشعر والشعراء الذين لهم بصمات في التنوير واستنهاض النزعة الوطنية والهوية القومية الكردستانية. إن تخليد مثل هذه الذكرى لها دلالات كبيرة ومعاني عظيمة ثم بدأ المهرجان بدقيقة الصمت على ارواح شهداء الحركة التحررية الكردية وغاب عن الهرجان النشيد الوطني /ئه رقيب/ الذي نظمه الشاعر (دلدار) وأضعف من هذا وذلك لم يقدم عريف المهرجان الشخص الذي سيلقي كلمة التخليدي وبعدا أن ألقى بعض الأخوة المشاركين قصائدهم إذا أبدا عريف لإعداد عذره بعدم تقديم كلمة التخليد أي عذر هذا كما يقول المثل (العذر أقبح من الذنب نفسه) لأن اللجنة كانت مذنبة ومقصرة ولم تكن بمستوى المسوؤلية والإعداد لهذا المهرجان فكان الحضور ضعيفاً والاداء والشعر يتيماً ما عدا القصيدة التي القاها أحد الأخوة المشاركين عن إحصاء /1962/ علماً إنني لم أكن شاعراً ولكن من هواة الشعر والأدب وحفظه ثم بدأ عريف المهرجان يتلو الأسماء الذين سيلقوا بقصائدهم كأننا في قاعة صف مدرسي ووضع كل تلميذٍ في محفظته أو جيبه خاطرةً أو قصيدةً وبدأ المدرس يقرأ الاسماء ليتلوا كل منهم خاطرته أو قصيدته ليس بمستوى الشعر والنظم فلم يبق من الوافدين الاومعه قصيدة يلقيها على السامعين إلا القليل منهم لأن المشاركين كانوا قلة في العدد ولجنة الإشراف ضعيفاً في الاداء والتنظيم لأن مثل هذا الحدث له مكانة رفيعة في نفوس الأدباء والمشاركين فكان الإعداد والتنظيم ضعيفاًَ في كافة جوانبه فقد تحول لهفتي وشوقي وحنيني إلى هذا الحدث إلى حزن عميق وترك أثراً في نفسي وجرحاًعميقاً ويأساً كبيراً كأنني في مأتم فعندما يكون المهرجان بهذا المستوى فمن الطبيعي أن تكون القصيدة والاداء بمستوى ادنى. إن الذين القوا بقصائدهم لم تكن بمستوى القصيدة والقافية ولكن كانوا خواطر وترصيف الكلمات وقصائد الحداثة ولكن أي حداثة هذا فلم أجد قصيدة تسر النفس وتهز المشاعر رغم إنني لست من أنصار قصيدة الحداثة ولكن هناك قصائد في الحداثة على نظم القافية سواءً في الشعر الكردي أو العربي وأن أغلب القصائد كانت غزلية فقد ألقى الإستاذ خليل ساسوني قصيدته فكان إلزامية القصيدة /يا هلا/ فقد ذكرني بقصيدة الشاعر جكرخوين بعنوان (بدموع العين سأسهل الطريق) والذي يسعى الشاعر أن يتقرب من حبيبتهِ فتقول حبيبتهِ وتتلوا عليهِ أية (لاتقربون) كما ذكرني بقصيدة الشاعر نزار قباني (صباحك سكر) والذي يقول فيه ـ
 فلا تحسبي إنني لاأراك 
  فبعض المواضع بالذهن يبصر
 ففي الظل يغدو لعطرك صوت
 وتصبح أبعاد عينيك اكبر
 أحبك فوق المحبة لكن
 دعيني أراك كما اتصور
 فقصيدة قباني قصيدة الحداثة ولكن تتطرب لها النفس وتصغي لها الأذان فكان بودي أن يلقي الإستاذ المحامي خليل ساسوني غير هذه القصيدة لأنه له باع طويل في مجال الشعر والوطنية جاء المهرجان يتيماً لأنه لم يتطرق أحد في المهرجان إلى الشعراء الكرد الفطاحل الذين أغنوا المكتبة الكردية بنتاجهم الأدبي وتغنى بها العاشقون على أوتار بزق أو نغمات ناي راعٍ فوق السهول والهضاب وعلى قمم جبال كردستان الشماء ولولا ميراثهم الأدبي لما كان للشعر مكانة في عصرنا وعلى سبيل الذكر وليس الحصر فقد نظم الشاعر الكردي احمد خاني رائعته الادبية والذي صاغها شعراً بقصة (ممو زين) قبل /300/ عام وجكر خوين الذي وضع بين أيدينا سبعة دواوين وديواني ملاي الجزري الذي يعتبر فرقان الأدب وبيادر الشعر والغزل والتنظيم والقافية وغيرهم من الشعراء الذين تركوا لنا إرثاً وزخماً أدبياً وأخرهم الذي فارقنا (سيداي كلش) هذا العام والذي ترك بين أيدينا عدة دواوين هؤلاء الذين كتبوا عن مآسي شعبهم ونضالهم وبطولاتهم في كافة مناحي الحياة تصورت إنني سأمضي نهاراً في رحاب حدائق شعرائنا لنقطف وردة من حدائق ملاي جزري أوعلي حريري أواحمدخاني الخ  ولكن خاب ظني يا ليتني لم أحضر هذا المهرجان الذي كان شاحباً كأوراق فصل الخريف عندما يصفر لينذر بسقوطه من الشجر كأنه ذفرات دمع تزرو به الرياح حتى لا يخلق لدي هذا الانطباع ورد فعل إتجاه الشعر والشعراء والذكرى رغم كل هذا فقد كان من بين المشاركين كل من ملا نوري هساري و ملا نوري غمكين خاني وبعد الإنتهاء من إلقاء القصائد فقد تم تكريم الشاعر الفاضل ملا نوري هساري الذي قدم الكثير الكثير في مجال الشعر والأدب وشاركنا رغم وضعه الصحي وكبر سنه الذي انهكه المرض فقد تم تكريمه بأقصوصة من الورق كأنه تلميذ في المدرسة وقدم له معلم الصف في نهاية العام الدراسي بطاقة لتفوقه في الصف أي تكريم هذا يا لجنة الإشراف الذي لا يليق بنتاج هذه العلامة وجهده فعندما تم تكريم ومبايعة الشاعر آحمد شوقي بإمارة الشعر وهو الحفل الذي أقيم في شهر مارس عام /1927/بدار الأوبرا الملكية وكان تحت رعاية الملك فؤاد وبرئاسة زعيم الامة سعد باشا زغلول وهو الحفل الذي وقف فيه شاعر  النيل حافظ  ابراهيم ينطق بلسان الشعراء ويخاطب الشاعر المكرم بقوله:
امير القوافي قد أتيت مبايعاً * *  وهذي وفود الشرق قد با يعت معي
أتعجب وأتأسف من هذا التكريم المتواضع الذي لايليق بمقام الشاعر المكرم ولا بمكانته في مجال الأدب والشعر والقافية.
جاء هذا الشاعر الفاضل رغم إعتلال صحته ليشاركنا في هذه الذكرى الذي نظم القصيدة في الماضي على ضوء السراج وفي جنح الظلام وبمداد القصب تحت رعاية أي شخصية تم تكريمه لأنه لم يحضر إلى هذه الذكرى ولا شخصية سياسية من الحركة الكردية يبدو إن مقامهم اكبر من هذا بكثير كأنهم لم يتذكروا عندما حضرالسيد رئيس أقليم كردستان مهرجان ملاي جزري وأشاد بمناقب الشعراء الكرد ودورهم في تاريخ الأدب والنضال عبر السنين كم أزداد حزني وتأسفي على اسلوب هذا التكريم الذي لا يليق بالمكرم ولا بالحدث فتباً لهذا التكريم والف باقة ورد أقدمها لملا نوري هساري عرفاناً لما قدمه لنا ولأطفالنا في مجال الشعر والأدب فوداعاً بل إلى اللقاء يا مهرجان الشعر الكردي بعد أن أمضينا نصف نهارنا في رحابه وعدت  إدراجي من المهرجان في غاية الحزن والأسى فبدأ كل منا يهمس لرفيقه ما هذا وما جرى والله على ما أقول شهيد.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…