الدكتور علاء الدين جنكو
ترددت أثناء اختياري لعنوان هذا اللحن بين كلمتي (سعر) و(مهر) وبعد حوار مع الفكر والذاكرة والواقع كان اختياري للكلمة الأولى ولعل السبب الرئيس في ترجحي هذا، قصة سمعتها منذ أكثر من اثنتي عشرة سنة عندما اتفقت عائلة محترمة لها سمعة طيبة في المجتمع على تزويج ابنتهم من ابن عائلة محترمة هي الأخرى ، وبعد الحوار والتداول وتحديد المهر وافق أب الفتاة على المهر وقدره 150 ألف ليرة بشرط عجيب وهو : أن يعلن بين الناس أن المهر هو 300 ألف ليرة !!
منذ فترة ليست بالقليلة يعاني مجتمعنا من مشكلة غلاء المهور ، وما ينتج عنها من مفاسد اجتماعية وخلقية لا حد لها ، أثرت بشكل واضح حتى على الحبيبين ، وخاصة عندما تستغل عائلة الفتاة ارتباط حبيبها بها ..
فالمغالاة في المهور وعدم تيسيرها أنتجت أسوأ العواقب فتركت الفتيات العذارى عوانس في بيوت آبائهن يأكلهن الأيام ، وتنطوي أعمارهن سنة بعد سنة ، وتذبل رياحين حياتهن ، ويفوتهن قطار الزواج بسرعة يكاد يكون كالبرق في آثاره .
وعلى الجانب الآخر تعذر الزواج على جمهور الشباب بل تعسر فعزفوا عنه رغم رغبتهم فيه ، بل حاجتهم إليه ، وخاصة في ظل ظروف الواقع الحالي من مغريات تقتحم صلابتهم ، وشهوات تحوم حول عفافهم ، وحرام يسهل الحصول عليه بأرخص الأثمان !!
وهذه المشكلة التي يعاني منها الفتيات والشباب على السواء ، وخاصة المحبين منهم ، فيها معارضة صريحة لمقاصد الشريعة الإسلامية التي رغبت في النكاح والتحصين والتناسل ، وبناء الأسرة السعيدة القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل ، لا على قيمة كل منهما المادية ، كما هي عند البعض مع كل أسف !!
إن الذي يمعن في هذه المشكلة ويدقق النظر فيها يعرف بداهة أن القدوة الحسنة هي الحلقة المفقودة للقضاء على هذه المشكلة التي ما كان لها أن تكون لو أن ذوي الجاه والنفوذ (المادي والديني) في مجتمعنا حاربوها ، أو عملوا جاهدين لاقتلاعها من جذورها.
هذه أسبابها :
ومن خلال استقراء الواقع هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار الفتيات في مجتمعاتنا ، وأقول مرة أخرى أسعار لأنهن بهذه المبالغ الخيالية تجاوزن حدود المهر ، ومن أهمها :
أ – غياب أثر الوازع الديني من مجتمعاتنا ، وطغيان الفكر المادي على الغالبية العظمى من أفرادها ، حتى المتدينين منهم .
ب – التنافس السيئ في الشر – لا في الخير – فليس من المعقول أن بنت الجيران وهي الأمية وغير الجميلة تتزوج بمهر عال ، وجارتها الجامعية الفائقة الجمال تتزوج بمهر يقل عنها !!
ج – الأثر السلبي للإعلام ، فالكثير من النساء يشاهدن المسلسلات الاجتماعية ويحاولن تقليد ذلك حرفيا خاصة فيما يتعلق بنسج الأحلام من وراء بناء الثروة المادية .
د – الرأي السائد بأن من تزوجت بمهر قليل ، تخرج من بيت أبيها لا قيمة لها ، لا عند والديها ، ولا عند زوجها ، إذ لو كان لها خير لما رماها الطير .
أين الحل ؟
إن الطريق الحقيقي للقضاء على هذه المشكلة هو العودة الحقيقية إلى تعاليم ومفاهيم الإسلام ، لقد فرض الشرع الحنيف المهر للزوجة منحة تقدير ، تحفظ ماء حيائها ، وتعبر عن تكريم الزوج لها ورغبته فيها، وليس الأمر كما ورد عن بعض الفقهاء أن المهر هو عوض عن منافع البضع !!! ، ولكن مع هذا الحكم ، إلا أن الإسلام دعا من جانب آخر إلى تخفيف المهر وتيسيره ، فقد وردت أحاديث عدة تؤكد لنا هذا .
فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خير النكاح أيسره) .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إن من يمن المرأة ، تيسير خطبتها و تيسير صداقها ، وتيسير رحمها) .
واتبع النبي صلى الله عليه وسلم السنة القولية بالسنة العملية ، موضحاً معنى هذا التيسير ، فلم يزد في مهور بناته ولا نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية !!.
وبكل صراحة نقطة تثير دهشتي ، أني رأيت مشارع الزواج الجماعي في كثير من المجتمعات ، لكنها تكاد تكون معدومة في مجتمعنا ، وأتصور أن السبب في ذلك يعود لكثير من الأمور النفسية التي يعيشها أفراد المجتمع ، إذن أن مشروعا كهذا يحتاج إلى التنازل عن الرغبات الشخصية التي قد يبذل فيها الحبيبان جزءا من حياتهما لتحقيقها..
هكذا كان الأولون
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما ، وأراد أن يدخل بها ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أعطها شيئاً) ، قال : ما عندي شيء ، قال (أين درعك الحطيمة) فأعطاها درعه.
بالله عليك يا أخي القارئ… هل بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل قيمة من غيرها من النساء ؟!
وقد سار الصحابة الكرام على هذا الطريق ، لذا لم يرد عن أحد منهم أنه توفي من غير زوجة نتيجة لغلاء المهور.
بل سار على هذا النهج والطريق التابعون رضي الله عنهم ، فهاهو سعيد بن المسيب رضي الله عنه ضرب لنا أروع الأمثلة في هذه المسألة ، تقدم إليه الخليفة عبد الملك بن مروان لخطبة ابنته لابنه الوليد ، فأبى سعيد أن يزوج ابنته من الوليد ولكنه زوجها من أحد تلاميذه وهو عبد الله بن وداعة بدرهمين ما كان يملك غيرها !! وأمثال هذه القصص كثيرة.
لا تنسوا أيها الحبيبان بعد هذا العرض البسيط لمشكلة المهر وحله من المنظور الشرعي الواقعي ، و مع بيان مختصر لما كان عليه الأوائل
ما علينا إلا أن نحاول قدر الإمكان أن نطبق ما طبقه الأولون وأن نترجم ما ترجموه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقع ملموس ، لا أن يبقى كلاما يقرأه الجميع ثم ينظرون إلى المشكلة وكأن شيئا لم يكن.
ابدؤوا بتطبيق ما نقول فباقترانكما أيها الحبيبان ستكونان أبا وأما ، وحاولوا قدر الإمكان إن كنتم إخوة ولكم رأي مسموع من قبل العائلة ، على الجميع أن يقلع جذور المشكلة ، حتى يحصدوا ثمار العمل0
ويد الله مع الجماعة ، والفرد قليل بنفسه كثير بإخوانه،أدعو الله العلي القدير أن يجعلني كما أقول ، وأن يثبتني على قول الحق إنه نعم المولى ونعم النصير.
فالمغالاة في المهور وعدم تيسيرها أنتجت أسوأ العواقب فتركت الفتيات العذارى عوانس في بيوت آبائهن يأكلهن الأيام ، وتنطوي أعمارهن سنة بعد سنة ، وتذبل رياحين حياتهن ، ويفوتهن قطار الزواج بسرعة يكاد يكون كالبرق في آثاره .
وعلى الجانب الآخر تعذر الزواج على جمهور الشباب بل تعسر فعزفوا عنه رغم رغبتهم فيه ، بل حاجتهم إليه ، وخاصة في ظل ظروف الواقع الحالي من مغريات تقتحم صلابتهم ، وشهوات تحوم حول عفافهم ، وحرام يسهل الحصول عليه بأرخص الأثمان !!
وهذه المشكلة التي يعاني منها الفتيات والشباب على السواء ، وخاصة المحبين منهم ، فيها معارضة صريحة لمقاصد الشريعة الإسلامية التي رغبت في النكاح والتحصين والتناسل ، وبناء الأسرة السعيدة القائمة على التفاهم والاحترام المتبادل ، لا على قيمة كل منهما المادية ، كما هي عند البعض مع كل أسف !!
إن الذي يمعن في هذه المشكلة ويدقق النظر فيها يعرف بداهة أن القدوة الحسنة هي الحلقة المفقودة للقضاء على هذه المشكلة التي ما كان لها أن تكون لو أن ذوي الجاه والنفوذ (المادي والديني) في مجتمعنا حاربوها ، أو عملوا جاهدين لاقتلاعها من جذورها.
هذه أسبابها :
ومن خلال استقراء الواقع هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار الفتيات في مجتمعاتنا ، وأقول مرة أخرى أسعار لأنهن بهذه المبالغ الخيالية تجاوزن حدود المهر ، ومن أهمها :
أ – غياب أثر الوازع الديني من مجتمعاتنا ، وطغيان الفكر المادي على الغالبية العظمى من أفرادها ، حتى المتدينين منهم .
ب – التنافس السيئ في الشر – لا في الخير – فليس من المعقول أن بنت الجيران وهي الأمية وغير الجميلة تتزوج بمهر عال ، وجارتها الجامعية الفائقة الجمال تتزوج بمهر يقل عنها !!
ج – الأثر السلبي للإعلام ، فالكثير من النساء يشاهدن المسلسلات الاجتماعية ويحاولن تقليد ذلك حرفيا خاصة فيما يتعلق بنسج الأحلام من وراء بناء الثروة المادية .
د – الرأي السائد بأن من تزوجت بمهر قليل ، تخرج من بيت أبيها لا قيمة لها ، لا عند والديها ، ولا عند زوجها ، إذ لو كان لها خير لما رماها الطير .
أين الحل ؟
إن الطريق الحقيقي للقضاء على هذه المشكلة هو العودة الحقيقية إلى تعاليم ومفاهيم الإسلام ، لقد فرض الشرع الحنيف المهر للزوجة منحة تقدير ، تحفظ ماء حيائها ، وتعبر عن تكريم الزوج لها ورغبته فيها، وليس الأمر كما ورد عن بعض الفقهاء أن المهر هو عوض عن منافع البضع !!! ، ولكن مع هذا الحكم ، إلا أن الإسلام دعا من جانب آخر إلى تخفيف المهر وتيسيره ، فقد وردت أحاديث عدة تؤكد لنا هذا .
فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (خير النكاح أيسره) .
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : (إن من يمن المرأة ، تيسير خطبتها و تيسير صداقها ، وتيسير رحمها) .
واتبع النبي صلى الله عليه وسلم السنة القولية بالسنة العملية ، موضحاً معنى هذا التيسير ، فلم يزد في مهور بناته ولا نسائه على أكثر من اثنتي عشرة أوقية !!.
وبكل صراحة نقطة تثير دهشتي ، أني رأيت مشارع الزواج الجماعي في كثير من المجتمعات ، لكنها تكاد تكون معدومة في مجتمعنا ، وأتصور أن السبب في ذلك يعود لكثير من الأمور النفسية التي يعيشها أفراد المجتمع ، إذن أن مشروعا كهذا يحتاج إلى التنازل عن الرغبات الشخصية التي قد يبذل فيها الحبيبان جزءا من حياتهما لتحقيقها..
هكذا كان الأولون
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: لما تزوج علي بفاطمة رضي الله عنهما ، وأراد أن يدخل بها ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أعطها شيئاً) ، قال : ما عندي شيء ، قال (أين درعك الحطيمة) فأعطاها درعه.
بالله عليك يا أخي القارئ… هل بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم أقل قيمة من غيرها من النساء ؟!
وقد سار الصحابة الكرام على هذا الطريق ، لذا لم يرد عن أحد منهم أنه توفي من غير زوجة نتيجة لغلاء المهور.
بل سار على هذا النهج والطريق التابعون رضي الله عنهم ، فهاهو سعيد بن المسيب رضي الله عنه ضرب لنا أروع الأمثلة في هذه المسألة ، تقدم إليه الخليفة عبد الملك بن مروان لخطبة ابنته لابنه الوليد ، فأبى سعيد أن يزوج ابنته من الوليد ولكنه زوجها من أحد تلاميذه وهو عبد الله بن وداعة بدرهمين ما كان يملك غيرها !! وأمثال هذه القصص كثيرة.
لا تنسوا أيها الحبيبان بعد هذا العرض البسيط لمشكلة المهر وحله من المنظور الشرعي الواقعي ، و مع بيان مختصر لما كان عليه الأوائل
ما علينا إلا أن نحاول قدر الإمكان أن نطبق ما طبقه الأولون وأن نترجم ما ترجموه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلى واقع ملموس ، لا أن يبقى كلاما يقرأه الجميع ثم ينظرون إلى المشكلة وكأن شيئا لم يكن.
ابدؤوا بتطبيق ما نقول فباقترانكما أيها الحبيبان ستكونان أبا وأما ، وحاولوا قدر الإمكان إن كنتم إخوة ولكم رأي مسموع من قبل العائلة ، على الجميع أن يقلع جذور المشكلة ، حتى يحصدوا ثمار العمل0
ويد الله مع الجماعة ، والفرد قليل بنفسه كثير بإخوانه،أدعو الله العلي القدير أن يجعلني كما أقول ، وأن يثبتني على قول الحق إنه نعم المولى ونعم النصير.