عربي يفصل بين جميل داري وإبراهيم محمود

 أحمد فراج العجمي

أولا ما كان ينبغي لمثلي أن  يتجرأ على إقحام رأيه بين فحول اللغة والأدب ولا أن يحكم بما أوتي من علم قليل وأدب ضحل ولغة صبية بين كاتبين أحدهما له الكثير من الكتب – كما انتهى إلى سمعي – وثانيهما شاعر معروف قرات له كثيرا ، ولكن ما جرأني على الكتابة في مجال لا أتقنه هو الإنصاف والإسعاف ، إسعاف الموقف الذي وقفاه وضربا سياجه حولهما ، وهو موقف الندية والجمود ، وأحببت أن أسعف هذا الموقف الذي ما يجوز أن ينزلاه بتذكيرهما بأن الأدب لا ينبغي دخول رحابه حاملين الضغائن الشخصية والذكريات النفسية ، وأنه ينبغي على كل أديب – إن ظن نفسه كذلك – أن ينأى بها عن فواسد الموضوعية ونواقض العلم والأدب – هذا هو الإسعاف .
 أما الإنصاف : فلي رأيان  :

-الرأي الأول هو شهادة أشهدها تمليها عليّ  لغتي التي أناضل في ساحتها منذ أن أحببتها – لا أقول تعلمتها – فأنا أكتبها شعرا ونثرا وأحب قراءتها وأعيش في كلامها الطيب الجميل أهنأ من الغني بماله وفرشه ولباسه وأسعد من المحب بحبيبه . والشهادة هي – وأستغفر الله إن جانبني الحق – إنني ما تمتعت أبدا من لغة الأستاذ إبراهيم محمود ولا عشت فيها ولا تلذذت بمذاقها ولا تنفست فيها روح اللغة التي تتغلغل نفسي  ولكنني وجدتها لغة غريبة عني بعيدة كل البعد عن أحاسيسي وأبعد ما يكون عن كلام المشهود لهم بالحس – مهما دعا صاحبها إلى تطور أو تجديد – وأشعر بها تناديني وهي تلفظ أنفاسها أنقذني إنني أموت ، ومن أعجب ما قرأت – على قدر ما قرأت – قوله ( الزمكاني ) وغير ذلك كثير وأرجو ألا يتهمني بأنني لا أعيش التطور اللغوي الذي يعيش فيه كما اتهم غيري ” أ جميل ) فإنني ما تركت لغتي التي أعشقها ولست أصوليا أحارب وأموت من أجلها فإنني تعلمت غيرها ثلاث لغات وكنت أتمنى أن أتقنها كلها مثل لغتي . فتعلم اللغات ليس قدحا في شخص أديب ولا أدبه وذلك لا يخفى على عاقل ولا يحتاج إلى استدلال .
وأما الرأي الثاني : فهو أنني أرى الحق في جانب الأستاذ جميل داري .
ورجائي أن تتذكرا أنني قلت رأيين – رأيين – أي أنهما قابلين للرد ، وأن يظل الاحترام بين من يذكرون أنفسهم مقترنين بالشعر والأدب أو فليغادروا ساحة الأدب فلا مكان فيها لمن لا أدب له .

أحمد فراج العجمي ليلة الأحد 30/12

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…