دموع في عيون ..(وقحة)

داريوس داري

لا تقل الحقيقة ..
كن مداهناً متلوناً متشقلباً ..
فالحقيقة مثل لغتنا مراوغة مثل كتَابنا نرجسيين مثل بعض من نقادنا المبدعين؟؟؟؟؟  .. مثل الشمس في بلادنا حارقة .. مثل طرقات مدينتنا مزفلتة ؟؟.. مثل أرصفتنا المبلطة بحجر الآجر؟؟ . مثل أفراننا وخبزها الشهي ؟ لا تجلب الدفء والسكينة. مثل أصحاب رؤوس الأموال الحديثة ؟
لا نحبها كما أهل البلاد الباردة .

نهرب منها إلى  وراء الحقيقة  البعيدة ابعد مما تتخيل أو إن أمكن نذهب إلى      المستنقعات لنستمتع بنقيق الضفادع. ولا نستفيق إلا في الظلام . والذي لا يمكنه الذهاب إلى هذه الأماكن . يحلم وهو واقف على مدخل المدينة ويرحب بالهاربين من جحيم الحرب .؟؟ وفي يده ( baweşînk ) مروحة يدوية .
كن كاذباً …………
أو نصف كاذب .. تصبح موهوباً .. عظيم الشأن تتسيد المجالس .مثل أصحاب صالات الأفراح في بلادنا ..تسحر البشر بأحاديثك الملونة كفراشات ربيع بلادنا وصاحبات الابتسامات الصفراء في مكاتب الصحف ومكاتب قطع التذاكر..؟ وسكرتارية الأطباء وهن متكئات على الطاولة تنظرن إليك بعين واحدة .؟؟
قل كلامك وستجد كل الناس رؤوسهم حافية منحنية, يصمتون ويستمتعون لصوتك صاعداً طبقات عليا هابطاً كأصوات مطربي هذا الزمان .
كن كاذباً تكن مطاعاً بين المخدوعين بالصدق. و لأن الأنثى لا تحب الصادقين بل منبهرة بهمسات ( مسيلمة) ؟..
لا تقل الحقيقة ..
حتى لا تغضب الأرامل والعوانس والمتسولات الجميلات. وذوات الوجوه التي تتغير ملامحها كل نهار وكل حين.
قل للمرأة التي يملأ القبح عيونها ولسانها.
أنت مثل الصفصاف كلما ارتوى أورق . أنت تمثال الحرية في بلاد الديمقراطية ممنوعةً من الصرف في  بلادنا
أنت صافية كقطرات الندى المتساقطة قبل الشروق على نبات طلع لتوه من أرض طينية خصبة . مثل عشاقنا المشردين وقمرنا المهجور.
قل لها :
أنت عنوان الحقيقة وركن الجمال ، وجهك شفاف كالماء المقطر أو كالبلور المضيء في عتمة أيامنا ، ومستقبل شبابنا التعساء ، المتسكعين على أرصفة الغرب .
رائحتك تسكر المخ والمخيخ وتنعش الفؤاد وترقص البدن العليل  ، عندما تدفع الفاتورة في المستشفيات الخاصة في بلادنا.
قل لها ما شئت لكن لا تقل لها الحقيقة ، طالما أنك لا تدفع ثمن الكلام الفاسد ولا تجد عناء في البحث عن مفرداته الكثيرة .
فالصدق وحده له ثمن وضريبته قاسية .. غالباً يصعب تسديدها . أما الكذب فنهر متدفق وبالمجان تنهل وتعبئ منه وقتما تشاء ، مثل الخبراء في مراكز الحبوب في بلادنا يشترون التراب بسعر القمح.
لا تقل لها :
أنت بلهاء .. جئت من قرى نائية ومن وراء البقر ولم تصنعي من روث البقر أسوار الحماية من غدر الزمان ومن وحوش البراري ومن المشعوذين في بلادنا.
لا تقل لها :
جئت هرباً من الماء المالح . جسدك الملتوي كثعبان يهرب من نار الصحارى ولا يبلل عرقوب قدمك الناشف كجذع شجرة اجتثت من رحم الأرض قبل زمن قابيل وهابيل .
أنت أرض صخرية جرداء ، مثل الطلبة الجامعيين ثقافتهم لا تساوي قشرة موز، لا يعبر قربك إنسان أو حيوان .. وإلا فصخورك الحادة كما النصل ستقطع أرجلهم وستفرحين أنت بالحمرة التي تبقع وجهك والجنز الذي له ألف لون ولون و الموبايل الذي في انشغال ليل نهار فقط..
كن كاذباً ولا تقل الحقيقة . ؟!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

رسم ستار علي ( 1957_2023 ) لوحة كوباني في ديار بكر /آمد عام 2015 ضمن مهرجان فني تشكيلي كردي كبير شارك فيه أكثر من مائتين فنانة و فنان ، و كان ستار علي من بينهم ، و كتبت هذه المادة حينها ، أنشرها الآن و نحن ندخل الذكرى الثانية على رحيله .

أهي حماسة…

عِصْمَتْ شَاهِينَ الدُّوسَكِي

أعْتَذِرُ

لِمَنْ وَضَعَ الطَّعَامَ أَمَامَ أَبِي

أَكَلَ وَابْتَسَمَ وَشَكَرَ رَبِّي

أَعْتَذِرُ

لِمَنْ قَدَّمَ الْخُبْزَ

لِأُمِّي وَطَرَقَ بَابِي

لِمَنْ سَأَلَ عَنِّي

كَيْفَ كَانَ يَوْمِي وَمَا…

ماهين شيخاني

هناك لحظات في حياة الإنسان يشعر فيها وكأنّه يسير على خيط رفيع مشدود بين الحياة واللاجدوى. في مثل هذه اللحظات، لا نبحث عن إجابات نهائية بقدر ما نبحث عن انعكاس صادق يعيد إلينا شيئاً من ملامحنا الداخلية. بالنسبة لي، وجدتُ ذلك الانعكاس في كتابات الفيلسوف والكاتب الفرنسي ألبير كامو (1913-1960).

ليس كامو مجرد فيلسوف عبثي…

فراس حج محمد| فلسطين

المقدمة

تُمثّل رواية “ميثاق النساء” للروائية والشاعرة اللبنانية حنين الصايغ، الصادرة في طبعتها الأولى عن دار الآداب عام 2023، إضافة نوعية في المشهد الثقافي العربي المعاصر. لقد نجحت الكاتبة في تقديم عمل أدبي عميق يتجاوز كونه سرداً فنياً ليلامس قضايا اجتماعية ونفسية حساسة، خاصة في مجتمع يتسم بالخصوصية والانغلاق مثل المجتمع الدرزي في…