عتْمةُ الحرْفِ المؤدّي إليْها

مراد حركات *

 خلْفَ الشموعِ تألَّقتْ فتطايرتْ كلماتُها…
وهي الفراشُ المسْتريحُ على مصابيحِ الأسى..
وحديقةٌ ألْقتْ شراعَ الظلِّ واحْترقتْ،
ولمْ تعْزِفْ دمي همساتُها…
وهي التي عزفتْ دمي شرفاتُها…
أبْدى الشذا نجْما فأمطرَ ضوْؤُه..
أسَفَ الدجى وابْتلَّ بالحسَراتِ معْراجًا غدٌ..
ينْمو مع الشجَرِ النحاسيِّ النهارُ ويرْتخي..
عنْدَ الغروبِ شراعُ قبَّعةٍ من الريْحانِ،
تسْألُ عنْ يدي همساتُها…

وهي المضيئةُ للصدى..
حينَ اسْتفاقتْ من رحيقِ دموعِها..
لمْ تقْترفْ جرَسًا حباحبُ حزْنِها..
واسْتسْلمَتْ للصمْتِ أغْنيةُ التي..
ما أبْحرتْ حدقاتُها…
لمْ ينْتظرْ يوْمًا قدومَ النقطةِ الحسْناءِ من وهجِ الربى..
أيَلُمُّ ذكراهُ الربيعُ،..
ونرْجسٌ من بحْرِه الدمْعيِّ يفْتكُّ الرؤى..
ليذيبَها في نزهةِ الورَقِ الأليمِ،
وتنْتهي في الياسمينةِ فارسًا عبراتُها…
ليَفُكَّ أزْرارَ الوداعِ لقاؤُها..
مع فارسٍ رسَمَ الرمادَ على وقوفِ حنينِها للوجْدِ..
والفرَسُ الودودُ تفكُّني منْ نبْضِها نظراتُها…
لا رمْلَ في رمْلِ المساءِ يلفُّني بتحيَّةٍ..
السكَّرُ الليْليُّ عاتبَ رقَّةَ الشايِ القديمِ،
وشيْبةٌ بشفاهِ ورْدِه جذَّفتْ..
بحناجرِ العطْرِ المحمَّلِ بالصبا..
وهي التي زرعَتْ مناراتٍ..
فحامتْ حوْلَ أرْصفةِ الأسى بسماتُها…
لتعانقَ المصْباحَ في أتْرجَّةٍ أفقًا..
وتجْرفَ مسْتحيلَ (أمامِها)..
(ووراؤُها)..
طفْلٌ يُجمِّعُ أدمعَ الماضينَ عبْرَ عواطفِ القنْديلِ،
طفْلٌ مُورقُ الأحْداقِ يرسمها على مرآةِ شِعْرٍ جارفٍ..
وهي التي في أقْحوانِ البدْرِ..
ما اجْتاحتْ مُناها أذرعًا شرفاتُها…

——

حديقة لندو – بسكرة – يوم 02/10/2007م

* مراد حركات مسئول الإعلام والاتصال
رئيس لجْنة الشعر
جمعية شعراء الجَنّة الثقافية – بسكرة – الجزائر

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

غريب ملا زلال

أحمد الصوفي ابن حمص يلخص في تجربته الفنية الخصبة مقولة ‘الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح’، وهو كثير الإنتماء إلى الضوء الذي يحافظ على الحركات الملونة ليزرع اسئلة محاطة بمحاولات إعادة نفسه من جديد.

يقول أحمد الصوفي (حمص 1969) في إحدى مقابلاته : “الفن رؤيا جمالية وبدائل لفساد الروح”، وهذا القول يكاد ينبض في…

عبد الستار نورعلي

في الليلْ

حينَ يداهمُ رأسَك صراعُ الذِّكرياتْ

على فراشٍ مارجٍ مِنْ قلق

تُلقي رحالَكَ

في ميدانِ صراعِ الأضداد

حيث السَّاحةُ حُبلى

بالمعاركِ الدُّونكيشوتيةِ المطبوخة

على نارٍ هادئة

في طواحينِ الهواء التي تدور

بالمقلوبِ (المطلوبِ إثباتُه)

فيومَ قامَ الرَّفيقُ ماوتسي تونغ

بثورةِ الألفِ ميل

كانتِ الإمبرياليةُ نمراً..

(مِنْ ورق)

بأسنانٍ مِنَ القنابلِ الذَّرية

ومخالبَ مِنَ الاستراتيجياتِ الدِّيناميتية

المدروسةِ بعنايةٍ مُركَّزَة،

وليستْ بالعنايةِ المُركَّزة

كما اليوم،

على طاولته (الرفيق ماو) اليوم

يلعبُ بنا الشّطرنج

فوق ذرى…

حاوره: إدريس سالم

إن رواية «هروب نحو القمّة»، إذا قُرِأت بعمق، كشفت أن هذا الهروب ليس مجرّد حركة جسدية، بل هو رحلة وعي. كلّ خطوة في الطريق هي اختبار للذات، تكشف قوّتها وهشاشتها في آنٍ واحد.

 

ليس الحوار مع أحمد الزاويتي وقوفاً عند حدود رواية «هروب نحو القمّة» فحسب، بل هو انفتاح على أسئلة الوجود ذاتها. إذ…

رضوان شيخو
وهذا الوقت يمضي مثل برق
ونحن في ثناياه شظايا
ونسرع كل ناحية خفافا
تلاقينا المصائب والمنايا
أتلعب، يا زمان بنا جميعا
وترمينا بأحضان الزوايا؟
وتجرح، ثم تشفي كل جرح،
تداوينا بمعيار النوايا ؟
وتشعل، ثم تطفئ كل تار
تثار ضمن قلبي والحشايا؟
وهذا من صنيعك، يا زمان:
لقد شيبت شعري والخلايا
فليت العمر كان بلا زمان
وليت العيش كان بلا…