«قد أكون قطرة الحب التي تجمع قلبيكما.. الى الهواء الذي نحتاجه دائماً جميل داري وإبراهيم محمود»

مها بكر

أنا قطرة ُ أمل ٍ تسيلُ على ذهب اليأس
تبزغ من شهوة عشبة ٍ وندم يسرد مايخبئه الطلُّ لخيال الحجر.
أظللُ الموتَ وأستريح في رعشة يديه ، وهو يكتب لي المجد، ويزيح عن العمر التعب.
أنا بحةُ الشوق ِ ، غداة َطير ٍ لايحب السفر، وأرضاً لاتمقت الغريب، تمنح ُ كل قناديلها لليلهِ وتبقى وحيدة في جنة السُهادِ والغياب، أمكث ُ في صوت ٍ يكتبني بحروف وهم ٍ وهواء ، تحوِّطني الكتابة بتشابيه مكتنزة ٍ ، وتؤويني في صفحة ٍ بيضاء لاتشيخ ،تلمُّ ماتكسَّرَ مني ، تجمعني في هديل منديلها خيط حنين ،يذكرني بأمي ، تزهر في تربة عمرها ملامحنا ، تحسبنا حلما نطلع منه براعماً،تثمر في سرَّاءِ وضراء فصولها .
أمي التي لن أطال رؤياها ، هي هناك مازالت تنقش وجدي على خيالات “القامشلي” ينسلُّ اسمها من ألمي ، تستدلُّ به عليَّ ، ولهانة ٌ ، مريضةٌ ،مكسوّة بفضة وحدتها ، وأنا من تذوب على زهرة ٍ في ثوبها، في صمت ريحانها ، وقرنفلها ،وشوارعها ، وأزقَّتها الحنونة ، أذوب في يديها المضياعتين ، أجلُّها في الغياب ، وتستثنيني من عودة ٍ ، تحلّل َ صوتي بين شقوق يديها ، وذبل اسمي رويدا ً رويدا ً في نقوشٍ ٍ على صحن ٍ من خزف ملوّن ، رسمته لي جارتنا عربون محبة وتذكار ، علّقته على جدار عمرها ، تضيِّع به أثار ريح ٍ عن سنين عجاف ، وتطمر بين ثناياه شوقا ً غزيرا ً ووهج عشق ٍ وسؤالطلٌّ لحجر ٍ عليل
يشمُّ كفيه
حتى بزوغِ ِأصابعها
وحتى مطلع الشهد منها سكرانا ً
يميلُ  بسُكَّر ٍ يتهافت على مطارح الرجا
،يَهِبُ الرؤيا ولا ينال
 يضج ُُّبنرجس ٍتناسته القطوف
وهي تعبر ُ الأمل دونها
يُنصِِِتُ لأخضرٍ كالح ٍ
ينزُّ من خيالات ٍغائرة له
ومن طلة ٍ مكسورة ٍ لها
يشعل ُ الأرض من تحت قدميها
وينهمر ُ عليها بغمامات ٍ خبيئة ٍ
يُذيب ُ بها صهيل َ الشوق
على لُقياالريحان ِ بالريحان
والخوخ بالمطر
يُسند ُعتمتها بالملائكة ِ
وتهديه الريح
يكثرُ من ماء ٍيستميل به
الطلَّ لحجر ٍ عليل
ولخواتم أعياها الهجر َوالنسيان
وتهديه الريح
بيدين ِ جريحتين
يرسم ُليلا ً لها
ترف ُفي وسيع ِ سواده
حتى تنشف َأجنحتها وتموت
وثمت َ أزرق تتركه خلفها
يُّغردُ في الضوء والنقوش
عامٌ عماء يدوِّن فناءه سطراً سطرا ، بحبرٍ ضال ، هو لون جبروت أمريكا ، لون طغيانها وهي تتلذذ وتتقاسم هباء أرواحنا، وهي تُفنى بمكيدة دولٍ عتيدة ٍأخرى ، ترسم لنا شكل القرار بدءاً من وجهة الإنتماء ، حتى لون الجوع ، كل ذلك تتممه  وتوِّثقه بعدالة باذخة وحكمةٍ ناقصة ،تستثني من نهجها القاحل آمالنا وهي تُبسط على طاولات قاتمة ،تَدَعُ مآثرنا تتكسر بصنيعة قرارات ، يبتكرها قتلة، وحكام وشركات متعددة الجنسيات ،تخترق فضاءنا المباح ،مستفيدة من عجزنا وهي تصيغ مشيئة صناع الحروب ، تحت سماء الحرية الكسيرة بدم ثمين وخيال كاسح تحت مسمى شمس العولمة والديمقراطية والحريات ، تستثني من مسوداتها نهايات مواجعنا ، وفقرنا ، ونزاعاتنا المفرطة باسم الحوار مع الآخر، ثم تتأهب لصياغات كونية جديدة تلائم مطامعها ومصالحها ، يُسَوِّق لها تجار الدم والسلاح ، تاركة إيانا خارجها جغرافيةوتاريخ ، ولامانع أيضاً من أن تتولّى رعاية قهرنا تحت ستار حقوق الإنسان ، وجمعيات مناهضة للظلم تدعم السلم ، والمرأة ، والطفل .
عام تيمته الموت ، يزهو الدم في الخطاب بكل أشكاله مغلفا ً نشراتَ أخبار ٍ ، تضلِّلُ المتلقي عبر تحليل عماء ، وجدالٍ عماء ، يتصدر في إدلاء معظمه طبقةً أو نخبة متورمة تبث السموم باسم حرية الرأي والتعبير ، والمثقف الحقيقي منكوبا بعيداً عن المساهمة في صياغة الخطاب الجدّي والمجدي ، الخطاب الحق .
الموت والحب تيمتان حقيقيتان فرضتا ظلاليهما على غالبية النتاج الشعري ، لمست ذلك وأنا أتصفح ما ينشر في الصحف الإلكترونية والورقية ، ويوازي ذلك إصداراتٍ تُمجِّد الموت كقيمة فلسفية وفنية معاً ، تؤلِّهه وتجعله مقاماً أول ،مقاما ً سامياً كالحياة .
عام ٌ إنسحبت ُ منه وأنا مكلّلة بالحلم واليأس ، تساندني الكتابة لأرى العالم بمنظارٍ أقل سوداوية وأكثر أمل .
عامٌ تراجعت فيه العدالة أمام سطوة الدم والمال ،عام ٌ تألق فيه المأزق اللبناني وتفاقمت الحالة الكارثية للعراق ، ليجني ثمار كل ذلك الشعب العراقي بكل أطيافه عرباً ، كردا ً وآشوريين …الخ  وظلَّت فلسطين جرحا ً ينشطر ويتكاثر وحيدا ً في عتمة الموت والمؤامرة وقرارات الأمم المتحدة العقيمة كما لمعت القراءات الخاطئة والمجحفة بحق القضية الكردية بإمتياز .
وجدت في الكتب كما سابقاً ضالتي المنشودة أعبرها ، وأشرب من بحر معرفتها بالكون والوجود ، أبدِّدُ بها حزني وعزلتي وغربتي ، وأتهيأ بعد قراءة كل كتاب لنصٍ يثير شهيتي على الحب والأمل .
في الشعرية البصرية كتابٌ ساحر ومهم ،دلَّني وأنا أتصفحه الى قيمة مصطلحات مهمة كالشعرية ، تُطرح بفهم ذي إضافات روحية جديدة وثرية ،نهلت منه وأنا أشبع نهمي بالبحث على هذا المصطلح الشاسع .. الرحب كمفهوم نقدي ، وأتلمس إسقاطه على قراءة  الضوء والخط واللون أولا ً،وكمفهومٍ إشكالي ثانياً ، بسبب الإلتباسات التي يطرحها ويثيرها على مستوى التجريد النظري ، وعلى المستوى التطبيقي العملي  في التلقي والإنتاج الأدبي والفني بأنواعه كافة ، من شعر ، ونثر فني ، وتشكيل وموسيقى ، وفهمه على مستوى الرفض والقبول أيضاً .
هو كتاب ٌ يسهب في تناول شعرية الضوء ، شعرية الرؤى ، شعرية الخط ، شعرية الإختلاف وشعرية الحداثة ومابعدها ، وكيف تتحقق هذه الشعرية في العمل البصري ، وماهي أبعادها ، يستفيض وهو يؤكد على القيمة الفنية التي يظهرها في حالة تشريح مفهوم شعرية الرسم ، وهي تنطلق معتمدةعلى تجربة بصرية فذة وخبيرة في معاينتها وإدراكها لقيم وفضاء الرسم وعوالمه التي يشكل فيها التعلم ، وطبيعة الموروث الثقافي جانباً مهماً فيها وحاسما ً بعد ملكة الإبداع . كان عاما ً مثمراً بالنسبة لي على صعيد الكتابة والنشر ، وإقتصرت نشاطاتي الحيَّة على مشاركة وحيدة دُعيت إليها من قبل المكتبة العامة لمدينة ” باد تسالزوفلن ”  الألمانية
و أماعن الحصاد الثقافي في بلدي سورية ، لا أعتقد بأن الحصاد الثقافي يكون مثمراً ، في بلدٍ مازال المواطن فيه وأولهم المبدع يلهث وراء لقمة الخبز والحرية ، إذا لم نختزل معنى الحصاد الثقافي لبلدٍ ما ، في عدد كتبٍ طبعت ، ومسرحيات عرضت ووفرة نشاطات فنية أقيمت.

——
مها بكر
شاعرة سورية تقيم في ألمانيا

Mahabecker67@hotmail.de

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

شكري شيخ نبي

 

يا ليل أما أضناك هرج السمار

وانت تشيح مرودك عن الإصباح

 

أما آن للياسمين المعرش على

لسان اللظى أن يغفو عن البواح

 

أنا وانت و قنديل البدر ساه

وهزار يشدو الشجى كأنه المزاح

 

صاح يا نديم الصفا والليالي

لا تحرم شفاه الأقداح من الراح

 

دع الكؤوس تدنو للأقدار بنا

فلا إنفكاك هرم ولا لجم السراح

 

أراني والراحلين في مطي…

خالد إبراهيم

نيسان: الممرُّ بين وجهين، بين صراخٍ وتوابيت

نيسانُ ليس شهرًا، بل شقٌّ في زمنٍ يُجيدُ الانهيارَ على مهل.

كأنّ اللهَ، وقد أرهقه التوازنُ، قرّر أن يُفلت الزمامَ في هذا الشهرِ وحده، فجعلني بابًا تُطرَقه الحياةُ برِضيعٍ يشبهني، وتدخلهُ الوفاةُ بأمٍّ كنتُ أُشبهها… ثم انكسرتُ.

نيسان…

أأنتَ بابُ الولادةِ أم نعشُها؟

أأنتَ طَرقٌ سماويٌّ على نافذةٍ كنتُ نائمًا فيها، أم…

علي شمدين

– 1 –

يعد صدور العدد الأول من جريدة (KURDISTAN )، الذي أصدره الأمير مقداد مدحت بدرخان في القاهرة في (22 نيسان 1898)، بمثابة البداية الحقيقية لإنطلاقة مسيرة الصحافة الكردية التي أخذت على عاتقها خلال أكثر من قرن من الزمن- وبإمكاناتها المتواضعة- مهمة إيقاظ الجماهير الكردية وتعريفها بقضيتها القومية والمساهمة الفعلية في بلورة وعيها القومي…

عن منشورات رامينا في لندن، صدرت حديثاً رواية “الباستيل الصغير” للكاتب الكردي السوري عبد القادر سعيد، في عمل سرديّ يمزج بين التخييل الروائي والتوثيق التاريخي، حيث يغوص في أعماق التجربة الكردية مع القمع، السجون، والخذلان الوطني، عبر بناء سردي محكم يذكّر بسجون الباستيل الفرنسية، لكن بلغة محلية تنبض بالألم السوري والكردي.

تتناول الرواية، الصادرة في طبعتها…