الفنان (شفان برور) في بيروت


سيامند إبراهيم*
نسمات ندية منعشة تنبعث من أنفاس البحر, تتلقفها أرواحنا لتطفئ قلوبنا المتعطشة إلى
مزيد من سحر الجمال والهدوء الأخاذ في صالون (الكارلتون) المطل على البحر الأبيض المتوسط, نسمات رقيقة تدخل بلا استئذان نحو قلوبنا المتلهفة إلى الجلسة الحميمية الخاصة, وراحت تبعث في الأنفس أريحية فتجعلك لا تحس بدورة الزمان

بعد حفلة ألهبت قلوب عشاق الفنان( شفان برور), وامتدت الجلسة الحميمية, مع ثلة من الصحفيين, والفنانين ومنهم (سعد حاجو) رسام الكاريكاتير في جريدة (السفير) اللبنانية, وبعض أعضاء الجمعية الكردية في بيروت, والذي كان (شفان) ضيفهم, وخاصة الشخصية الكردية (الياس رمضان), و كان في الجلسة متألقاً يسمع للأخرين بتواضع و أحيان مقاطع من أيه في مسألة سياسية أو اجتماعية, أو فنية, لكن مجمل النقاش كان يدور حول دور الفنان في المجتمع واستقلالية شخصيته, وعدم انخراطه في العمل السياسي مع أي حزب سياسي كان, لأن فنه بحد ذاته هو نضال ورسالة ثقافية, وتصب في خدمة الشعب السياسة, شفان أصبح حراً طليقاً بعد ابتعاده عن الحزب الذي تبناه في البداية, وانطلق معه, وأسدى له خدمات كثيرة في مختلف المناحي, وهو أكد أيضاً على ذلك, وتطرق إلى خصوصية الفنان وإلى احترام رسالة الفن المقدسة, لأنها الوجه الحضاري المعبر عن حضارة هذا الشعب, ومن النقاشات الممتعة والجريئة أحياناً كان يتهرب من السؤال بدبلوماسية وخفة, مثلاً: كان يتهرب من السؤال عن سبب الخلافات المزمنة بينه وبين زوجته السابقة الفنانة القديرة (كلستان) ويتذرع بأنه يريد المزيد من الأطفال, على كل هذه من خصوصيات أي إنسان كان, ولا يستطيع أحد فرض إيقاع حياته على الآخرين؟ وفي خضم هذه الأجواء الرائعة عاد الحديث عن مدينة بيروت, التي قال عنها إنها واحدة من المدن الجميلة, وأتمم قائلاً:” إنني عندما أدخل أية مدينة, أحب أن أتعرف على جميع حاراتها, و مكاتبها, وحدائقها, ولياليها, وصحافتها, وحضارة شعبها, وتطرق إلى موضوع حفلته التي هزت وجدان بيروت الجميلة, أجل حفلة شدت انتباه وسائل الإعلام اللبنانية, ورحنا نحتسي الشاي بلذاذة على صخب الموج الهادر, والأحاديث تمتد إلى مواضيع مختلفة, وكان ثمة سؤال منذ زمن بعيد يجول في خاطري, والسؤال عن أغنية (kîne em) الرائعة, وكان حلمي أن أستمع إلى أغنية (kîne em ) بصوته بدون مايكروفون, فطلبت من الفنان شفان أن يسمعني مقاطع من أغنيته المشهورة (kîne em)، فقال على الرحب والسعة, أنا جاهز لأغني لك أي أغنية تريد سماعها, وفي صالون فندق الكارلتون, بدأ شفان برور بالغناء كهدير الموج الذي نسمعه فاختلط الصوتان معاً ليشكلا سيمفونية رائعة, سيمفونية آتية من روح ووجدان جبل (الجودي) وهو يسحرنا بهذا اللحن الرائع, والكلمات المعبرة لشاعر الكورد المبدع (جكرخوين), واستمرت الجلسة التاريخية ساعات, لا أعرف كيف انقضت, بكى شفان وهو يتذكر أول لقاء مع الشاعر (جكرخوين), وكيف توطدت العلاقة بينهما على رغم خبائث وأفعال الذين أرادوا الصيد في الماء العكر, شفان روى لنا أن (kîne em ) قصيدة متكاملة أستغرق في تلحينها 3 سنوات, وهي تروي تاريخ وحضارة الشعب الكردي في سطور صكت من الذهب لتبرز عنفوان هذا الشعب وجمال أخلاقه.

———–
رئيس تحرير مجلة آسو الثقافية الكردية في سورية.
·عضو نقابة الصحافيين في كردستان العراق
.siyamend02@yahoo.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

سيماڤ خالد محمد

مررتُ ذات مرةٍ بسؤالٍ على إحدى صفحات التواصل الإجتماعي، بدا بسيطاً في صياغته لكنه كان عميقاً في معناه، سؤالاً لا يُطرح ليُجاب عنه سريعاً بل ليبقى معلّقاً في الداخل: لماذا نولد بوجوهٍ، ولماذا نولد بقلوب؟

لم أبحث عن إجابة جاهزة تركت السؤال يقودني بهدوء إلى الذاكرة، إلى الإحساس الأول…

خالد بهلوي

بحضور جمهور غفير من الأخوات والإخوة الكتّاب والشعراء والسياسيين والمثقفين المهتمين بالأدب والشعر، أقام الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الكُرد في سوريا واتحاد كردستان سوريا، بتاريخ 20 كانون الأول 2025، في مدينة إيسين الألمانية، ندوةً بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل الأديب الشاعر سيدايي ملا أحمد نامي.

أدار الجلسة الأخ علوان شفان، ثم ألقى كلمة الاتحاد الأخ/ …

فراس حج محمد| فلسطين

لست أدري كم سيلزمني لأعبر شطّها الممتدّ إيغالاً إلى الصحراءْ
من سيمسك بي لأرى طريقي؟
من سيسقيني قطرة ماء في حرّ ذاك الصيف؟
من سيوصلني إلى شجرة الحور والطلع والنخلة السامقةْ؟
من سيطعمني رطباً على سغب طويلْ؟
من سيقرأ في ذاك الخراب ملامحي؟
من سيمحو آخر حرف من حروفي الأربعةْ؟
أو سيمحو أوّل حرفها لتصير مثل الزوبعة؟
من سيفتح آخر…

حاوره: طه خلو

 

يدخل آلان كيكاني الرواية من منطقة التماس الحاد بين المعرفة والألم، حيث تتحوّل التجربة الإنسانية، كما عاينها طبيباً وكاتباً، إلى سؤال مفتوح على النفس والمجتمع. من هذا الحدّ الفاصل بين ما يُختبر في الممارسة الطبية وما يترسّب في الذاكرة، تتشكّل كتابته بوصفها مسار تأمل طويل في هشاشة الإنسان، وفي التصدّعات التي تتركها الصدمة،…