إلى أين تقودنا ثقافة الأنا…!؟ بقلم: دليار آمد

دليار آمد

ما أشبه تلك المجتمعات التي تسودها ثقافة الأنا بالغابة بكل ما فيها من عشوائية وفرض الأنا والذات المستبدة , فالحوار كان ولازال الوسيلة الأولى والأنجع لتفاهم الإنسان مع أخيه الإنسان وعندما تغيب هذه الوسيلة تنتهي الإنسانية بمعناها الروحي لتبدأ الحروب والإقصاء ونفي الأخر . وعندما نورد مصطلح ثقافة الأنا لابد وان نذكر مصطلح فلسفي أخر وهو ثقافة الأخر , وهذان المصطلحان متناقضان وليسا متتامان , ويمكن تبيان ذلك من خلال المتطابقات التالية :
ثقافة الأنا = ثقافة رفض الأخر
ثقافة الأخر = ثقافة رفض الأنا

وقد برز هذان المصطلحان كمصطلحين فلسفيين للتمايز بين ثقافتي الشرق والغرب وكتعبير لتلك الحرب بين الثقافتين التي مازالت تدور رحاها وتحصد ملايين الضحايا ثقافيا وحضاريا ومنهم نحن, ويمكن إسقاط هذا على الحالة الاجتماعية والسيكولوجية لمجتمع الشباب الكردي الذي أصبح – ومن دون علمه – ضحية تناقضات مجتمعه السياسية والاجتماعية , فأصبحت ثقافة الأنا – ثقافة نفي الأخر – سمة أساسية للشباب الكردي وهذا ما نلاحظه جميعا في مجتمع الجامعة , وكيف يكون حوارنا متجها دوما نحو العقم الأبدي , كما نلاحظ أيضا كيف انتقلت هذه الآفة إلى المواقع الالكترونية , فنرى هذا ينقد ذاك نقدا هداما , ويرد ذاك بنقد اهدم , وتكون الضحية هي فكرنا ووعينا الذي لم تتبين ملامحه بعد , وتتجلى ثقافة الأنا بمظاهر عدة منها :
1- ثقافة الأنا هي ثقافة كراهية , تهتم بتحطيم الأخر بالإضلال و الإبادة المعرفية والقتل الثقافي أكثر مما تهتم بتطور الذات وتثقيفها وتهذيبها .
2- ثقافة تكبر واستكبار , وهذه آفة ما بعدها آفة .
3- ثقافة الأنا اخطر ما فيها هي انتهاك الأخر ومحرماته الفكرية والروحية وصولا لتشهيره أحيانا لمجرد انه الأخر .
4- ثقافة حسد تتمنى زوال ما عند الأخر من إمكانيات وأفكار ومبادئ .
5- ترتبط ثقافة الأنا بإنكار أحقية الأخر في التميز والبروز وفي أن يكون أفضل مما هو عليه .
6- موقف الأنا من الأخر لا يكون عقلانيا بل عاطفيا تحكميا .
ولطالما نرى فئات كثيرة من مجتمعنا يرفع شعارات براقة مثل التحرر والوحدة والتحضر والتمدن , ولكن لا تكون تلك الشعارات سوى جمل منمقة ومانشيتات عريضة جوفاء , وذلك لأنهم ليسوا مؤهلين بعد لرفع هذه الشعارات وحمل مصير مجتمعهم وشعبهم على عاتقهم , فمن ينادي بالتحرر والوحدة لابد وان يكون مشبعا بثقافة الأخر إلى حد الثمالة . وهذا ما نفتقده نحن كأكراد كان من المفترض بنا أن نكون سندا لشعبنا وقضيتنا ومجتمعنا .
لابد وأننا محكومون بتبعات ومخلفات الثقافة العشوائية للمجتمعات المجاورة لنا والتي تسودها ثقافة الأنا , ولكن لا ينبغي أن نسلك سلوك الشاة عندما يبدأ ذبحها , ذلك الموقف الذي لا حول فيه ولا قوة , فلابد أن نكون ثائرين على ثقافة الأنا وعلى ثقافة استلاب الآخر فكريا وحضاريا .
إن الآلية التي تربط الأنا بالأخر هي الحوار , فالحوار هي معرفة نتطلع من خلالها للحقيقة بالسؤال والبحث المشترك , فعلينا جميعا أن نختزل المسافات بين الأنا والأخر وذلك باختزال المسافات بين المحاور ومحاوريه , وردم هذه الهوة السحيقة بين طرفي هذه العملية الحضارية لتكون جسر تواصل وجسر للتنمية المنشودة .
وفي الأخير يحضرني قول للإمام أبي حنيفة – رحمه الله – “رأيي خطأ ويحتمل الصواب , ورأيك صواب يحتمل الخطأ ”
ولنعلم جميعا أن حياة الأنا ليست مرهونة بموت الأخر , بل مرهونة بحياة الأخر .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

محمد فتحي المقداد. سوريا

الأدبُ الوهَّاجُ المُتوهِّجُ سيبقى نافذةً نُطِلُّ منها على ذَواتِنا، وهو المرآةُ العاكسةُ لأحوالِنا، وفيما يُكتَبْ من نصوصٍ أدبيَّة شعريَّةٍ أو نثريَّةٍ أو مقالاتٍ أو خواطر، جميعها تتوخَّى المِصداقيَّة بمُقاربات، تقترب أو تبتعد عن الهدف، وجميعها خاضعة لقدرة ومهارة الكاتب.

الأمرُ الذي يدفعُنا كقُرَّاء أيضًا للتساؤل حول جدوى الكتابة، أمام آلة الموت القاسية التي…

مصدق عاشور

أناملي

تداعب أوتارَ الزمن،

حنينٌ لروحِ أمٍّ،

تراتيلُ نغمٍ،

إنها صدى الروح…

 

فمتى تتناغمُ النغماتُ،

يا ياسمينَ الأغاني؟

قُم، وحاكِ ذاتَك،

أما آنَ لك أن تُواكِبَ الأغنيات؟

 

اليومَ سماؤُنا بيضاءُ،

تتماوجُ فيها الأوتارُ،

فلا تهتمّ، ولا تحتجّ،

عُد من شواطئِ البحار،

 

أيّها البحّارُ العجوز،

اركبْ موجاتِكَ بالأوتار،

فهي حكاياتُ الزمن،

وتغريدةُ عصفورٍ

يُشعِلُ الصباحَ بالحبِّ والحنين.

أ. د. قاسم المندلاوي (1)

كرميان أو جرميان أو غرميان هي منطقة إدارية ضمن إقليم كوردستان وتسمى رسمياً إدارة كرميان المستقلة. تعتبر مدينة كلار مركزها، وكانت تابعة لمحافظة كركوك سابقاً، وقبل عام 2003 كانت ضمن محافظة السليمانية. وفي عام 2012 أصبحت إدارة مستقلة، وهي أكبر قضاء في إقليم كوردستان.

كانت مرشحة لتكون…

سلمى جمّو

 

– 1 –

والأسودُ

من حُسنك حسِدٌ

أنْ ما لك تسرقُ وقّارَك من كُلّي؟

والجهامةُ

من بسمة ثغرِك مكفهرّةٌ

أنْ من أين لك وهذا السحرُ الذي يلغيني؟

يا ويحَك!

يا بن هذا الكبدِ القطمير

رويداً عليّ، فالقلبُ أضناه السقمُ

امشِ هويناً

واخلعْ نعليّ الوساوسِ زاجرها

فأنت في حرم جسدٍ مباركٍ.

تغلغلْ فيه

شجرةَ تينٍ وزيتون

واسقِه عذباً فراتاً

من رُضابك العسل.

يا أنت الخرافيُّ الكينونةُ

يا مسيحَ المعجزاتِ

مسّدْ تشنّجاتِ توتّري بتراتيلك.

 

– 2…