قريتنا .. بلد العجائب…!؟

دهام حسن

ــ 1 ــ
في قريتنا…
الناس رقودا…تحسبهم أيقاظ.!
أنعم عليهم الإله  بلغة الصمت..
ونعمة الصبر..
فكل مصيبة عندهم …
قضاء وقدر..
رزقهم  من السماء…
فإذا ما انحبس المطر..
وأجدبت الأرض..
خرجوا  للاستسقاء..

فاغرين الأفواه تضرعا ..
وارتفعت الأيادي دعاء  وخشوعا..
اللهمّ أسقهم المطر..
لا تبخلي عليهم أيتها السماء..
بحمدك ـ اللهمّ ـ الأرض تخصب..
وبحمدك الحقول تخضر…
والنساء تنجب..
فأمطري يا سماء…
 
ــ 2 ــ
في قريتنا…
ما يزال الأموات..
كما كانوا منذ القدم..
يبعثون أحياء..
 ينسلون من قبورهم..
يزورون أهاليهم..
أيام الجمعة والأعياد…
يحيونهم..!
وهل سمعتم بتحية الميت للأحياء..
🙁 السلام عليكم يا أهل القبور)

ــ 3ــ
في قريتنا..
بصّارة….
 تقرأ الكفّ والفنجان..
وترجم  بالغيب..
مدّت إليها الأكف…
فتبصّرت.. وتنهّدت..
ثم بكت لبختنا..
وقالت..
 يا أولادي…
ليس لكم في الدنيا حظوظ..
هذا ما جاء في السفر المحفوظ..

ــ 4 ــ
في قريتنا….
يولد  الأطفال بلا أسماء..
يتسكعون في الأزقة  والحواري…
  هائمين… فائضين..
يترعرعون … يكبرون…
يحمل  كل واحد منهم  هوية ..
عليها اسم شارع..

ــ5 ــ
في قريتنا..
لا تضاجع النساء إلا التراب…
ولا تحبل النساء إلا بالفقر..
فإذا ما حانت ساعة  المخاض..
وحصلت الولادة..
جاء  مباركا  من هبّ ودب..
بالوليد  التعس الشؤم..
فهنيئا  له  بهذا النسب..
لقد زاد على الفقراء  رقم..

ــ 6  ــ
في قريتنا..
تخصى الخيول..
فينقطع عن مرابعنا الصهيل..
وتسرح في المضامير البغال..
فماذا بعد.. تتوقع..؟
لبغل أبتر لا يرزق..
هجين هو..وأبوه ينهق..

ــ 7  ــ
في قريتنا..
لا توجد مصابيح..
والسرج مطفأة..
فإذا ما أظلم الليل وسكن..
مشى  الناس في الظلام..
وأصاب الجميع الوهن..

ــ 8 ــ
في قريتنا..
أمير .. ولا كل الأمراء..
أمير  على قريتنا المحررة..
قيل أنه من سلالة نادرة..
في ديوانه وجهاء وحاشية..
وأمام بابه يصطف الشعراء..
هذا الأمير..
يقاسمنا قوتنا اليومي..
يجوع أطفالنا..يسرق أحلامهم..
فيا ترى.؟
هل صحيح أن قريتنا محررة.!؟
أم  ما زالت  في عهدة الأمير مستعمرة.؟

ــ 9 ــ
في قريتنا..
لا توجد  أحزاب..
لا تنظيمات.. لا نقابات..
فلا تسمع سوى ثرثرة المسؤولين
من دون رعايا…
أو جنود..
هكذا قضى حكم الزمن..
فمن قال غير هذا..
 وثار..
فهو في ضيافة الأمن..!
وربما بعد حين..
ألبسوه الكفن..

ــ10 ــ
في قريتنا…
اعتدنا على المسيرات..
نحمل اللافتات..
ونذرع في مواكب الطرقات..
نصفـّق  مع المصفـّـقين..
ونسقط مع  الساقطين ..
يعيش.. يسقط.!
 يسقط…  يعيش..!
هكذا..!
هكذا يمضي بنا الرفيق..
ونحن حيارى…
يمينا حينا نمشي..
وحينا يسارا..
إلى أن تضلّ  بنا  الطريق…!

ــ 11 ــ
فيا ربّ.. أغثنا..
إنـّا ..نطمع في رحمتك..
فأرضك عطشى..
وعبادك غرثى..
فقد يبس الشجر..وجفت الضروع..
وأجدبت المواسم..
وهلكت الزروع..
أغثنا.. يا رب..
علّ من يأتي بعدنا..
 تحيا فيهم العروق..
 وتبتسم لأجلهم البراعم…
لا تقنطوا…
لا تفقدوا  الرجاء..
أسرفوا في الدعاء…
أمطري  يا سماء..
لا.. لا..
لا تمطري يا سماء..!
فالموت سنـّة الأحياء..
والموت أرحم من هذي الحياة

=================

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

(ولاتي مه – خاص):
على امتداد أكثر من خمسة عقود، يمضي الفنان والمناضل شفكر هوفاك في مسيرة حافلة تجمع بين الكلمة الثورية واللحن الصادق، ليغدو أحد أبرز الأصوات التي عبرت بصدق عن آلام الشعب الكردي وأحلامه بالحرية والكرامة.
منذ انخراطه المبكر في صفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني في سبعينيات القرن الماضي، ظل شفكر وفيا لنهجه…

ماهين شيخاني

في فجرٍ بعيدٍ من فجر الأساطير، خرج رستم، بطل الممالك الفارسية، في رحلة صيدٍ طويلة. ضلّ طريقه بين الجبال حتى وجد نفسه في مدينة «سمنغان»، حيث استضافه الملك في قصره. هناك التقى بالأميرة تَهمينه، فتاةٌ تفيض حُسنًا وشجاعة، قالت له بصوتٍ يقطر صدقًا:

«يا رستم، جئتُ أطلب من البطل ولداً مثله، لا كنزاً…

إبراهيم اليوسف

لم يكن إصدار رواية” إثر واجم” في مطلع العام عام 2025 عن دار نوس هاوس للنشر والترجمة والأدب، مجرّد إعلان عن عمل سردي جديد، بل ولادة مشروع روائية- كما نرى- تُدخل إلى المشهد الروائي صوتاً لم يُسمع بعد. هذه الرواية التي تشكّل باكورة أعمال الكاتبة الكردية مثال سليمان، لا تستعير خلالها أدواتها من سواها، ولا تحاكي أسلوباً…

عصمت شاهين الدوسكي

الشاعر لطيف هلمت غني عن التعريف فهو شاعر متميز ، مبدع له خصوصية تتجسد في استغلاله الجيد للرمز كتعبير عن مكنوناته التي تشمل القضايا الإنسانية الشمولية .

يقول الشاعر كولردج : ” الشعر من غير المجاز يصبح كتلة جامدة … ذلك لأن الصورة المجازية جزء ضروري من الطاقة التي تمد الشعر بالحياة…