عالم الألوان الجميل والزاهي في البراري والحقول يختلف عنه في مضمار آخر.. وإذا كان اللون الأبيض لون الفرح لدى شعب ما فانه لون الحزن لدى بعض الهنود، والأزرق الذي يرمز للقوة والنفوذ لدى البعض تجده لوناً بغيضاً لدى الآخرين، أما الأسود الذي يمثل الثقة بالنفس فهو يرمز للحزن والتشاؤم لدى آخرين..
استقبلنا السيد المسئول في غرفته ذات الستائر والقنفات والسجاد الوردية اللون، وبعد أن قدم سيادته لكل منا وردة وردية اللون، تحدّث إلينا بشفافية وردية مؤكداً على إن الأحلام الوردية من الممكن تحقيقها في حال اصطفاف الجماهير خلف الحزب ـ الوردة ـ بكل معنى الكلمة، وأضاف سيادته وهو يتفحص الوردة الوردية اللون المعلقة فوق جيب سترته الوردية: نحن نؤمن إيماناً مطلقاً وعميقاً وراسخاًَ بان لغة الورد ستسود في النهاية.. وفي نهاية زيارتنا قدموا إلينا قرص (CD) فيه جميع أغاني وردة الجزائرية، إضافة لقرص آخر فيه مسرحية (على خشب الورد)، وودعونا بالورود..
في المقر الثاني العائد (لحزب العسل الاشتراكي الحر) كان اللون العسلي يفرض نفسه على المكان، الكراسي، الطبلات، مناضد المكاتب، الأبواب والشبابيك، طفايات السجائر، وحتى (صوندة) الحديقة كانت عسلية اللون، بل إن كرسي المرافق الصحية كان مصبوغاً باللون العسلي..
غرفة السيد مسئول المقر كانت مبنية بشكل سداسي، وعندما لاحظ سيادته تمعننا في ديكور غرفته بادرنا بالقول وبما يعكس لنا سرعة بديهيته وفطنته وذكاؤه الوقاد: نحن نستلهم كل أفكارنا من نحل العسل (حفظهم الله من شرّ الزنابير) الذين يبنون خلاياهم بشكل سداسي، وهذا ينبع من ثقتنا المطلقة بأننا لو ثابرنا في العمل الدءوب والمضني مثلما يعمل نحل العسل (حفظهم الله من شرّ الزنابير) بدون أية أطماع أو بحث عن مكتسبات شخصية، فان الوطن سيصبح أحلى من العسل..
ثم قدّموا إلينا الكعك المحلّى بالعسل مع شربت العسل المخفف، إضافة إلى علبة زنة (واحد) كلغم من العسل الأصلي والخالي من (الشيرة) على حد زعمهم، وأثناء خروجنا من غرفة السيد المسئول طالعتنا صور (نحّول) التي كانت تزيّن أروقة المقر، تارة وهو ينطّ بين الزهور وتارة أخرى وهو يقاتل الزنابير، كما إننا لم نستغرب استماعنا إلى أغنية (زي العسل على قلبي هواك) التي كانت تبثها إذاعة المقر الداخلية..
في المحطة الأخيرة من جولتنا، وصلنا إلى مقر حزب (سماء واحدة تجمعنا) والذي ارتبكت خطواتنا ونحن نلج لداخله، حيث اعتقدنا بأننا دخلنا إلى مركز للشرطة وذلك لان غالبية الإخوة المتواجدين هناك كانوا يرتدون قمصان سماوية اللون شبيهة بتلك التي يرتديها أبناؤنا من عناصر الشرطة، وقد اكتشفنا إن مرد ذلك التشابه سببه إن هؤلاء الإخوة يحبون حزبهم بشكل لا مثيل له، حسبما قال لنا ذلك السيد مسئول المقر.. ثم أضاف وهو يتنهد: يا إخوان نحن لدينا مشكلة كبيرة، وسألناه عن تلك المشكلة فقال: و لأن رفاقنا يرتدون القمصان السماوية، فإن الإرهابيين يستهدفونهم، وقد قدّمنا قافلة كبيرة من الشهداء جراء حبنا وتمسكنا باللون السماوي الذي هو لون حزبنا المكافح.. وكي نغيّر من سوادوية الموضوع، سألناه عن شعار حزبهم، فقال: شايفين البحر شو كبير؟ قد البحر نحبكم، وشايفين السما شو بعيدة؟ قد السما نحبكم.. هذا هو شعار حزبنا الذي يسعى ويعمل ويأمل أن يعتنق أفكاره وطروحاته كل محب للسلام..
ثم نظرنا فوقنا فرأينا إن الغرفة بدون سقف.. فقال لنا دون أن نسأله: أعزائي لا تستغربوا عدم وجود السقف، لأنني اعشق رؤية السماء أينما أكون..
وفي نهاية زيارتنا لهم أعطونا كميات كبيرة من حلوى (من السما) مع مجموعة قصص (تحت سماء الجليد).. كما منحوا كل منا قميص سماوي اللون، لكنني قررت عدم ارتدائه حاليا على اقل تقدير..