طالبات مدرسة وأشياء أخرى ؟

لافا خالد
 
واقع البنات عالم خاص جميل ومتعب ومهموم في وقت واحد , وتبقى مرحلة مقاعد الدراسة أجمل تلك السنوات حيث العفوية والبساطة في كل شيء , وإذا ما قارنا سنوات قليلة فائتة بما يحدث في المدارس عموما ومدارس البنات على وجه الخصوص سيفاجئ الجميع بأن ثمة منظومة كبيرة من القيم في مدارس اليوم قد تبدلت واختلت موازين كثيرة وترسخت صورة مشوشة عن كثير من الناس في إطلاق تسمية أهذه مدارس أم دور لعرض الأزياء وقصص الحب والغرام عند الكثيرات 
فحسب تقارير الكثير من المدرسين والمدراء يؤكدن إن وضع طالبات اليوم لا يشبه الأمس أبدا  بالرغم من إن معظمهن من بيئات تتشابه فيها العادات والتقاليد ومن سبقهنّ جلسن على نفس المقاعد والكثيرات منهنّ هنّ الآن سيدات مجتمع , يقول الأستاذ حسين بأنه يرى ويسمع العجاب من طالبات اليوم ويؤكد تعرضه للمضايقات عبر الموبايل والرسائل من العديد من الطالبات يتابع: في وقتنا كنا نخجل أن ننظر في عيون أساتذتنا ربما طالبات اليوم يطرقن باب الأنوثة مبكرا على حساب دراستهن وذلك نتيجة معطيات كثيرة , فهنّ مهووسات بتقليد الفنانات وارتداء الزى الذي لا يتناسب قط مع ما هو مطلوب في المدارس لا بل تأتي طالبة اليوم إلى قاعات الصفوف وقد تزينت بحليّ كامل وماكياج ناعم مع موبايل يرنّ لهنّ على الصامت كثيرا, وفي حالات كثيرة تسببت أجهزة الخليوي في مشاكل للطالبات ولعائلاتهم 
ما المشكلة ؟
 نتيجة المتغيرات الكثيرة التي تشهدها حياتنا وانعكاسها بالدرجة الأولى على الأبناء ولفئة الطلبة النصيب الأوفر من مخلفات تكنولوجيا اليوم , مؤخرا شاع كثيرا ضبط أجهزة موبايل بين طالبات كثيرات ومن مختلف المدارس ممن هن على مقاعد الدراسة المتوسطة والثانوية و تتفنن كل مستخدمة الخليوي ب طرق وأساليب استعمال الجهاز لأغراض كلها سلبية
وقد أصبحت هذه الظاهرة المقلقة هاجسا يلاحق إدارة المدارس كثيرا وباتت من الأمور التي خرجت عن السيطرة ويبادر للذهن السؤال من أين لهؤلاء الطالبات أجهزة المحمول ومع من يتكلمنّ ؟ أليس بالوقت المبكر لهذه الفئة اقتناء الموبايل ؟ على من تقع مسؤولية التغيير المفرط في سلوك الكثير من طالبات اليوم ؟ أرجع العديد من المهتمين انتشار هذه الظاهرة بين الطالبات إلى انعدام الوعي والثقافة بين الطالبات بأضرار تلك الظاهرة، وخاصة أنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى نتائج وخيمة على الطرف المستخدم والطرف المتصل به أيضا
وبحسب ما تفيده الكثير من الطالبات والمرشدات في المدارس فإن سبب حملهنّ للموبايل هو سلوكيات خاطئة وغراميات تفوق أعمار هؤلاء الفتيات أو موضة إعجاب الطالبة بأستاذها ورغبتهن في الحديث معهن خارج إطار المدرسة , أو ربما دوافع أخرى انتقامية لبعض الطالبات من معلماتهن أو حتى المعلمين الذين يسيئون معاملتهن في المدرسة وأسباب أخرى منها التسلية والتحدي في الحصول على الأرقام الخاصة بالأساتذة والمعلمين وكذلك نتيجة أوقات الفراغ الكبيرة والكثيرة التي تكون عند الطالبة، إضافة إلى أن الأسرة لا تتابع الطالبة في هذه النواحي بالإضافة إلى انتشار هذه التقنية في يد الناس بصورة كبيرة وإساءة استخدامها، حيث إن أنواع التقنيات الكثيرة والبطاقات الرخيصة الثمن فتحت بابا لم يكن مطروقا في سنوات فائتة، إضافة إلى عامل آخر وهو التربية والتنشئة الخاطئة، والعوامل النفسية والسلوكية للشخص، حيث إنها تجعله يميل إلى استخدام التقنيات بصورة خاطئة، حيث فتحت التقنيات آفاقا سلبية لهؤلاء في طريقة الاستخدام، بالإضافة شاعت ظاهرة الغش عبر الموبايل والتي لم يتوقعها الأساتذة أن تبدو هذه التصرفات من طالبات المدارس فهنّ صغيرات على هذه الممارسات السلبية وباتت الكثير من المدارس تفتش الطالبات قبل بدء الفحوصات برقابة مشددة 
تقول الآنسة سهام مؤخراً بتنا نراقب كثيرا الطالبات ونشدد عليهنّ وهناك تفتيش دوري ومصادرة كل جهاز مع أي طالبة وإبلاغ ذويها مع الإشارة إلى أن حمل الموبايل بات سمة مرافقة لأغلب طالبات هذه الأيام بالإضافةظ لظاهرة التزين والماكياج الكامل بات أمرا لافتا نشتكي منه كثيرا كموجهات ومدرسات أيضا  
ماذا عن رأي الإرشاد النفسي في المدارس ؟
تقول المرشدة النفسية لورين أحمد بأن كل الذي يحدث هو نتيجة التغير السريع في مجتمعاتنا الشرقية الناتج عن نقل الحضارة الغربية بمادياتها إلينا فأثر بالتالي على مفاهيم التربية عندنا جميعنا فلم نأخذ التكنولوجيا إلا بمخلفاتها وأخطأ الآباء في التعامل مع كل التقنيات الواردة وورثها الأبناء بجدارة وتؤكد الأستاذة ليلى بأن الذي ساعد على تغيير سلوك طالبات اليوم إنهم فجأة وجدوا كل شيء بين يديهم ودونما مراقبة بالإضافة إلى أنهم في مرحلة عمرية حساسة وهي فترة المراهقة والتي تتميز بالتمرد أولا و بالبحث عن الهوية فهي رحلة استكشاف الذات الداخلية وتكوين الهوية بأي وسيلة كانت حتى لو كان على حساب المصلحة المستقبلية لهؤلاء الطالبات وتتميز هذه المرحلة أيضا بالاضطراب العاطفي والتقلب الوجداني السريع ومجاراة الموضة والبحث عن حبيب تقليدا لما تبثه فضائيات اليوم وتعرض تفاصيله دونما مسؤولية
ويشير الكثير من الباحثين والمهتمين بأن أهم أسباب انتشار ظاهرة طالبات مدارس مع مرتبة موبايل ولوك جديد هو التالي: 
– تغليب النظرة المادية وسيطرتها حتى أصبحت من القيم التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار في الحكم على الآخرين واحترامهم وتقديرهم.
–  إعلاء الأهالي للقيم المادية في نظر الأبناء. 
– الفهم الخاطئ للآباء واعتقادهم أن الرعاية الجيدة والتربية الحسنة هي بمقدار الرفاهية وتوفير الكماليات المادية للأبناء.
–  ربط المحبة بالمادة، فما تقدمه من ماديات هو مقدار ما تحمله من حب وتقدير.
– تباهي الآباء بما يقدمونه من كماليات لأبنائهم.
–  تربية الابن وتعويده على أن يقدّم له مقابلاً لأي أمر يقوم به.
– إغفال الجانب المعنوي وعدم الاهتمام بالقيم الدينية.
و تبقى البدائل السليمة هي في التربية السليمة ومعرفة كيف نتعامل مع التكنولوجية ونعلم أصولها لأبنائنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عبدالعزيز قاسم

(كان من المقرر ان اقدم هذه المداخلة عن “اللغة الشعرية في القصيدة الكردية المعاصرة ـ ڕۆژاڤا” في مهرجان فولفسبورغ للشعر الكردي اليوم السبت ٢٥ اكتوبر، ولكن بسبب انشغالي بواجب اجتماعي قدمت بطاقة اعتذار إلى لجنة إعداد المهرجان).

وهذه هي نص المداخلة:

من خلال قراءتي لنتاجات العديد من الشعراء الكرد (الكرمانجية) المعاصرين من مناطق مختلفة “بادينان،…

إبراهيم محمود

 

تلويح خطي

كيف لرجل عاش بين عامي” 1916-2006 ” وفي مجتمع مضطرب في أوضاعه السياسية والاجتماعية، أن يكون شاهداً، أو في موقع الشاهد على أحداثه، ولو في حقبة منه، إنما بعد مضي عقود زمنية ثلاثة عليه، دون تجاهل المخاطر التي تتهدده وتتوعده؟ وتحديداً إذا كان في موقع اجتماعي مرصود بأكثر من معنى طبعً، كونه سياسياً…

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…