كالمساء ، كالصباح ، كالوداع*

فتح الله حسيني

وأكلل مساءك بأغنية مريم خان
لتبدين
حلوةً
كوطن يشتاق لزقاقه رجالٌ دراويش
كشهيدٍ يلهو فيه
أصدقاء يكتبون ما يحلو لهم
ليلاً
نهاراً
في المقاهي والحانات
لتبدين
كداليةٍ

كعيشيشان ..
وأمكث هنا ، لأخبرك بحضورك لا بغيابك ، أني دخان هذا الزمن المفصح عن ملكوته ، وأنت غَبَشُ الليل، حيث تمضين وتمتطين آخرك، لتؤكدي – ربما الآن – ليّ لأتوقك إلى ما تُزَفين إليه وداعاً فوداعاً
كالصباح .
وأنا في مجدي الأوحد ، موصدٌ بالحرائق
حيث أبدية وحشتي ..
ألمح ما يشبه تفاصيل وجه صديقة أحنّ إليها
في أماسيّ القاتلة والصاخبة بلا قتلى
وأنا أرتشف
فنجان قهوتي في حضرة أطواق هدوءٍ
مرمي على أوجه الصباح
كظلٍ
يتاخم
راحةَ ظله
أصحوا على قبلات نسوةٍ
يسدلنني قرباناً
لأماسيهن المودعة نفسها
عندما أتيتُ في منتصف الليل ، بعد وجبات تعب ٍ ، ما تيقنت أن الأصدقاء سيتأخرون تباعاً ،
وإنني سأحتضن أربع نسوةٍ حضنة واحدة بلا تروٍ وكلام .. أصدقاءٌ
يأتون بعجلة مفرطة ويغادرون
وداعتي المستاءة متروكة لهواكِ الضاج مني ،
وأنا مدفون في صغرى الخطايا
يأكلني الصدأ كما يأكل باباً من هواءٍ
تتغامزني أعين من لا أعرفهن
ويتهربن من مشاكساتي مَنْ كُنّ أمساً ، يدللن همساتي
في الحديقة
وفي الشارع
وفي الغرفة المطلة على الشارع والحديقة
تشوش الخسارة خسارتي
تشوش خسارتي الخسارة
موحشٌ هذا المساء
موحشٌ هذا الصباح
جدران العالم
مسكونة بنفثات جنيات عابثات بوحدتي
ترفسني
وتراقصني

والمدينة الملونة بأطيافها ، على هدوءها تفاصل
وحشة هذه الوحدة
ووحشة هذه الثرثرة .

* قصيدة من مجموعة بعنوان “امبراطورية الخديعة” ستصدر قريباً عن دار آرس للنشر في عاصمة اقليم كوردستان.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…