قامشلو (ولاتي مه) – شفيق جانكير : أمس الثلاثاء 22 نيسان، وبرعاية الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) وبحضور مجموعة من الكتاب والمثقفين الكرد، أقيم في قامشلو حفل عيد الصحافة الكردية بمناسبة الذكرى المئة والعاشرة لصدور جريدة كردستان.
بعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء وعلى رأسهم العائلة البدرخانية، وعزف النشيد القومي الكردي (أي رقيب)، بدأت مراسيم الحفل بكلمة ألقاها السيد محمد اسماعيل، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا – البارتي، حيث تحدث عن تاريخ جريدة كردستان التي لم تكن مجرد صحيفة كردية، بل لعبت دورا نضاليا قوميا في تاريخ الشعب الكردي، وكانت جزءا من نضال الحركة التحررية الكردية ومن حياة الشعب الكردي. كما تمكنت من تعريف القضية الكردية للرأي العام، واستطاعت في ذلك الوقت أن تخترق الحدود المصطنعة بين أجزاء كردستان، وأن تلعب دورا مهما في التواصل بين هذه الأجزاء.
ودعا اسماعيل، من أجل إعلام عصري ومتطور في خدمة القضية الكردية، جميع الكتاب والمثقفين والصحفيين الكرد، وخاصة جيل الشباب، إلى تجاوز الخلافات، سواء بين السياسيين أو المثقفين، والتعالي على النزاعات التي تحدث هنا وهناك وتضر أكثر مما تنفع. كما شدد على ضرورة ممارسة الإعلام والصحافة بأسلوب علمي ومنهجي وعصري، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وخاصة الإنترنت لإيصال القضية إلى أكبر عدد ممكن من القراء.
وطالب اسماعيل السلطة السورية برفع الحظر عن اللغة والثقافة الكردية والسماح للصحافة الكردية بالعمل بحرية ودون قيود. وفي ختام كلمته هنأ جميع الكتاب والمثقفين والصحفيين بعيد الصحافة الكردية.
بعد ذلك ألقى الكاتب علي جزيري كلمة باللغة الكردية، قال فيها: “بهذه المناسبة نقول لإدارات التنظيمات والجرائد والمجلات الكردية إنه رغم أن الصحافة الكردية قد خطت خطوات مهمة، سواء في المجال الطباعي أو الإعلامي وخاصة في الجانب الإلكتروني والفضائي، من أجل حل المسألة الكردية في كردستان المحررة، إلا أن هذا الجزء لا يزال متخلفا وهشا، والسبب الرئيسي يعود إلى السلطة السورية التي تعمل باستمرار على وضع العراقيل أمام تطور القضية الكردية. ومن الأمثلة على ذلك ما قامت به الأجهزة الأمنية من منع احتفالات نوروز لهذا العام، والتي أدت إلى سقوط ثلاثة شهداء وعدد من الجرحى”.
ودعا جزيري إلى الاهتمام أكثر بتعليم اللغة الكردية وخاصة الجيل الجديد، مؤكدا أن هذا الهدف صعب التحقيق ما لم يتم إنشاء اتحاد الكتاب الكرد في هذا الجزء بالتعاون مع التنظيمات الكردية والوطنيين الكرد. وأضاف أن تحقيق هذا الهدف سوف يريح أرواح البدرخانيين وخاصة روح الأمير مقداد بدرخان في قبره.
ثم ألقى السيد عدنان بشير كلمة قصيرة بدأها بتهنئة الحضور باسم كروب ديرك الثقافي، ثم عدّد بعض المطالب الملحة، منها ضرورة قيام عمل مشترك بين الكتاب والمثقفين والتنظيمات الكردية لتطوير الصحافة الكردية. وتمنى أن تعاود المجلات الكردية التي توقفت عن الصدور نشاطها مثل (أدب القضية، كلاويز، المنبر، بهار، وأجراس). وأشار إلى دعوة السيد محمد اسماعيل للشباب للاهتمام بالصحافة، ودعا الأحزاب الكردية لتأمين مؤسسات إعلامية تساعد الكتاب والصحفيين على أداء دورهم بأكمل وجه. وفي ختام كلمته تمنى أن يأتي اليوم الذي يُحتفل فيه بعيد الإعلام الكردي أيضا أسوة بعيد الصحافة الكردية.
كما ألقى السيد داريوس داري كلمة بعنوان “سيدتي السلطة الرابعة”، قال فيها: “كيف يمكننا أن نكسب ود الصحافة عندما نسمع أن هناك من يشكك في قدرات الآخرين الأدبية بحجة عدم امتلاكهم شهادة جامعية، حتى لو لم يجد في كتاباتهم أي خطأ، تماما مثل الشرطي الذي يرى أوراق السائق نظامية لكنه يخالفه بسبب ذقنه الطويلة أو عينه الحولاء”. وأضاف: “حبذا لو يعلم كل صاحب قلم أن القلم أمانة في عنق الكاتب، وأن الكلمة التي يكتبها يقرأها آلاف الناس، وبالتالي يجب أن يلتزم بالمصلحة العامة”.
وألقى الكاتب زاغروس عثمان كلمة قال فيها: “إذا كان الإنسان القديم يكتب بعض القضايا التي تشغله على جدران الكهوف لينبه جماعته إلى المخاطر، فحري بنا أن ندرك أهمية الصحافة في حياة الشعوب المعاصرة. أن تكون لنا صحافة عمرها أكثر من مئة وعشر سنوات، فهذا دليل على أن بين أبناء شعبنا رجالا عظماء سبقوا عصرهم فكرا ووعيا، وأدركوا ضرورة تأسيس صحيفة كردية وكأنهم كانوا يتبصرون بأن شعبهم سيحتاج إلى سلاح الوعي والفكر. لقد كانت الصحافة من العوامل الأساسية في النهضة الأوروبية، لكننا نفتقر إلى رواد نهضتنا، وعلى رأسهم المعلم مقداد بدرخان مؤسس أول صحيفة كردية”.
وتساءل عثمان: “لماذا لم نستطع إكمال مسيرة أبي الصحافة الكردية ونحن كشعب مضطهد أحوج ما نكون إلى صحافة حقيقية تسلحنا بالعلم والوعي وتدافع عن حقنا أمام القوميات الغالبة وتنقل صوتنا إلى الأمم المتحضرة؟ لماذا عجزت صحافتنا الحزبية والمستقلة عن خلق رأي عام كردي منسجم ومتوافق؟”. وفي الختام أكد: “علينا أن ننتهز هذه المناسبة لمراجعة صحافتنا ونسأل أنفسنا: هل أبو صحافتنا راض عن أدائنا؟”. وأجاب: “يؤسفني القول إن بدرخان غير راض عن عملنا”.
وتلقت إدارة الحفل عددا من برقيات التهنئة من (Baxên jinên Dêrikê – الكاتبة نارين عمر – منتدى جكرخوين للثقافة الكردية – كروب ديرك الثقافي – كوجكا قاشلو للثقافة الكردية).
كما ألقى الصحفي لوند حسين كلمة مشتركة باسمه وباسم الصحفية لافا خالد، جاء فيها: “نحيي كافة الصحفيين الكرد وندعوهم إلى القيام بواجبهم المهني تجاه ما يعانيه أبناء شعبهم، وذلك بنقل حقيقة الأحداث والوقائع كما هي إلى وسائل الإعلام الكردية والعالمية. نحن بحاجة إلى تكاتف احترافي حتى نكون دوما مع الحدث وننقل الصورة الأقوى عن قضيتنا وواقعنا ومعاناتنا ككرد وصحفيين”.
وألقى الكاتب توفيق عبد المجيد كلمة بعنوان “لنتذكر الصحفيين يوما في السنة فقط”، قال فيها: “أحيي الرواد الأوائل الذين رفعوا راية الصحافة الكردية الحرة عاليا واعتبروها من مسؤولياتهم الكبرى، انسجاما مع القول إن القلم أمانة والأمانة مسؤولية، ومن الخيانة أن يتصدى لها من يفتقد كليهما. لقد كان القلم على الدوام أداة إيجابية للتغيير، خشيه الطغاة، كما كان الإعلام يسير مع الجيوش المقاتلة، بل ويتقدمها أحيانا. وكان نابليون يفضل خوض الحروب على مواجهة الصحفي. الصحافة الحرة في أي أمة مؤشر على حيويتها وقدرتها على التغيير نحو الأفضل”.
وأضاف: “أرجو من جميع الصحفيين أن يحسنوا استغلال المنابر الإعلامية لإبراز الصورة المشرقة والحضارية لشعبنا الكردي دون إساءة لأحد، وأن يسلطوا الضوء على الجوانب المظلمة بهدف النقد البناء والإصلاح، وأن يركزوا على القيم النبيلة، ويعملوا على نشر ثقافة التآخي وروح التسامح، ومحاربة النزعات التسلطية وثقافة القمع والاضطهاد، وفضح الانتهازيين والمتسلقين. نحن نعيش في عصر الكلمة التي أثبتت أنها أقوى من السلاح في التغيير، لأن القلم أحد صناع التاريخ الثلاثة: المثقف والسياسي والتاجر”.
ثم ارتجل الصحفي رستم محمود كلمة تطرق فيها إلى سلطة الصحافة التي تندرج في المرتبة الرابعة بعد السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، متسائلا: “هل يعقل أن تكون هذه السلطة بلا رقابة أو شرعية؟”. وأوضح أن شرعيتها تكمن في أن تكون صحافة حقيقية، وأن مستوى الكتابات الكردية في الإنترنت فيه تجاوز على مهمة المثقف، وأن الصحافة لها محددات يجب الالتزام بها، وإلا فلا يمكن اعتبار المرء كاتبا أو صحفيا.
وفي ختام الحفل، ألقى الشاعر خليل ساسوني قصيدة شعرية، ثم تم توزيع بعض الحلويات على الضيوف من قبل الجهة الراعية (البارتي).
وجدير بالذكر أن فرقة نارين الفلكلورية شاركت بفاصل جميل من الرقص الكردي.