كوجكا قامشلو الثقافية في محراب آفستا

في ليلة التاسع والعشرين من نيسان 2008عشية أربعينية شهداء نوروز كانت كوجكا قامشلو الثقافية مع الدكتور خليل عبد الرحمن وجمع من المثقفين والكتاب والشعراء الكرد وعشرات المهتمين بالشأن الثقافي الكردي من الرجال والنساء في محاضرة حول (آفستا) وتأثيرها على الحضارات والديانات والفلسفات التي سبقت الزرادشتية كديانة فلسفية قديمة للميديين, في البداية رحب عريف الأمسية بالضيوف والمحاضر باسم كوجكا قامشلو الثقافية وقدم نبذة مختصرة عن المحاضر
ثم افتتح المحاضرة بالوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الكرد وكردستان وعلى رأسهم البارزاني الخالد وعلى أرواح شهداء نوروز بشكل خاص ودعى المحاضر إلى إلقاء محاضرته , وبعد تقديم الشكر الجزيل لكوجكا قامشلو الثقافية وللحضور أكد الدكتور خليل أن قراءة متأنية لكتاب (آفستا) تؤكد أن الشعب الكردي شعب أصيل في المنطقة وهو يندرج من سلالة الميديين الذين بنوا إمبراطورية اتسعت مداها وحضارتها لتشمل ((آفستا)), فالكتاب يتضمن بين دفتيه شواهد ودلائل علمية تؤكد على تأثر الديانات ( اليهودية , المسيحية والإسلام ) بالإضافة إلى حضارات اليونان و ….الخ بالزرادشتية وكتابها المقدس (آفستا) الذي أصبحت لغتها لغزاً حير العلماء ما دفعهم إلى اعتبارها لغة مستقلة وتسميتها (لغة آفستا).
الا أن آفستا تظهر بعض الأعراف والطقوس والتقاليد الاجتماعية والنظم الاقتصادية التي كانت سائدة آنذاك بين الأقوام الميدية في الألف الأول قبل الميلاد , والأسماء التي تشير إلى التراتب الاجتماعي, والى التقسيم الاقتصادي والأسماء ذات الدلالات الدينية كلها أسماء ميدية , كما عكست (آفستا) المضمون الاجتماعي , الديني والاقتصادي في القرن الثامن قبل الميلاد , وذلك بالنسبة لميديا يمثل مرحلة الانتقال من المجتمع البدائي إلى المجتمع العبودي , حيث بدأ تقسيم المجتمع بالتزامن مع تقسيم الأرض , وتأسيس دول وممالك صغيرة يحكمها رئيس القبيلة – القرية (الدولة) , وهذا يدل على ميدية آفستا وكرديتها , وبالتالي فان لغة (آفستا) هي اللغة الميدية , والشكل القديم لاسم ماكو (ماه كوه – Mah- kuh) يؤكد أيضاً وبدقة علاقة الكرد بالميديين , كما تدل أسماء ملوك ميديا الى انتمائهم الى الزردشتية ومن أمثلة ذلك (كيا كسار) فالسابقة (كاي / كافي) التي ترتبط بالأسماء تدل على معنى (النبيل).
واليزيدية التي استمدت اسمها من (آفستا) من (yaz) أو (yazdan) الدالة على الإله لاتزال تحافظ كثيراً على المبادئ الزرادشتية , وثمة طقوس مشتركة بين الزردشتية واليزيدية فهما متفقتان في رؤيتهما الأخروية , ويحرمان على الآخر اعتناق ديانتيهما , والتزاوج من أهل الأديان والعقائد الأخرى , وتشتركان في عرف ينص على ترتيبه اجتماعية , دينية , وتقدسان النبات , وتتفقان على احترام الحيوانات الأليفة , وعلى تبجيل النار , وكان الزردشتيون ولا يزالون يدفنون موتاهم بحيث يكون وجه الميت متجهاً نحو الشمس , وهو ما يتبع عند اليزيديين أيضاً. هذا وقد استمرت المحاضرة أكثر من ساعتين خصصت نهايتها لمداخلات واستفسارات الحضور , ثم اختتمت
بالإجابة عن أسئلة واستفسارات الحضور الذين قيموا المحاضرة بايجابية.
k.qamislo@gmail.com
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

علي شمدين

المقدمة:

لقد تعرفت على الكاتب حليم يوسف أول مرّة في أواخر التسعينات من القرن المنصرم، وذلك خلال مشاركته في الندوات الثقافية الشهرية التي كنا نقيمها في الإعلام المركزي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، داخل قبو أرضي بحي الآشورية بمدينة القامشلي باسم ندوة (المثقف التقدمي)، والتي كانت تحضره نخبة من مثقفي الجزيرة وكتابها ومن مختلف…

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…