مسرحية البارزاني (المشهد الرابع و الخامس )

المشهد الرابع
(المكان مقر البارزاني، البارزاني في مرحلة متقدمة من العمر، إنه ينصت إلى مذياع صغير، يسمع أصوات خارج المقر يغلق المذياع وينصت ينادي أحد أفراد البيشمركه )
البارزاني : حمو.
                             (يدخل البيشمركه حمو)
حمو : نعم يا سيدي.

البارزاني:مع من كنت تتحدث؟ الصوت غريب، أليس كذلك؟
حمو : رجل عجوز وحفيده جاءا في حاجة يا سيدي.
البارزاني : ليدخلا.
حمو : (باضطراب) إنها حاجة غير لائقة.
البارزاني : غير لائقة؟!
حمو : أقصد….
البارزاني : (بضيق) أدخلهما.
حمو : (بحرج) لكنني صرفتهما.
البارزاني : ماذا ؟!
حمو : قلت لهما….
البارزاني : نادهما حالاً.
حمو : لقد ابتعدا عن المقر كثيراً يا سيدي ….
البارزاني : الحق بهما حالاً.
حمو : حاضر.
(يخرج حمو،يذرع البارزاني المكان جيئة وذهاباً، بعد قليل يدخل العجوز وحفيده)
العجوز : السلام عليكم يا سيدي.
البارزاني : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
العجوز : اعتذر يا سيدي، لم أكن أعلم أن الوقت غير مناسب.
البارزاني : قل حاجتك يا خال.
العجوز : هذا الولد يا سيدي، (للشاب) هل قبلت يد سيدك يا ولد ؟
(يهم الولد بتقبيل يد البارزاني، يسحب البارزاني يده ممانعاً)
إنه حفيدي يا سيدي، واسمه (للشاب) قل ما اسمك يا ولد. هل تريدني أن أذكر اسمك أيضاً؟
الفتى : اسمي نعمان يا سيدي.
العجوز : واسم والده حاجي، وهو ابني البكر، مات منذ زمن قريب.
البارزاني : رحمه الله.
العجوز : قل لسيدك : ما هي حاجتك يا ولد.
الفتى : أريد شهادة نقل مدرسية يا سيدي.
العجوز : (بضيق) تريد؟! هل تظن نفسك آغا ابن الآغا يا ولد؟! قل أرجو. كن مؤدباً مثل أبيك، ايه رحمك الله يا حاجي.
البارزاني : قل يا نعمان، ماذا تريد يا ولدي ؟
الفتى : شهادة  نقل مدرسية من مدرسة عقرة لأقدمها لمدرسة قلعة دزة.
البارزاني : حسن.
(يتناول ورقة بيضاء، يخط عليها بضع كلمات ويقدمها للفتى)
          اذهب إلى صاحب هذا العنوان واعرض عليه حاجتك.
العجوز:  شكراً يا سيدي، أطال الله عمرك، (للفتى) اشكر سيدك يا ولد، آه يا ولد إنك لا تثلج قلبي أبداً.
الفتى : شكراً يا سيدي.
البارزاني : لا تشكرني يا بني، بل اجتهد.
العجوز : أوه، إنه مجتهد يا سيدي.
البارزاني : أحسنت.
العجوز : إنه مثل جده تماماً، فهمان كثيراً.
البارزاني : (يضحك) أحسنت يا نعمان.
الفتى : حين أكبر سأصبح بيشمركه.
البارزاني : (يضحك) أحسنت يا بطل.
العجوز : ألم أقل لك يا سيدي، إنه فهمان وشجاع مثل جده.
البارزاني : (يضحك) لكننا نحتاج إلى المجتهدين أيضاً يا نعمان. والمجتهد في المدرسة كالبيشمركه في المعركة.
الفتى : بيشمركه ؟!
البارزاني : نعم.
الفتى : يعني أنا الآن بيشمركه ؟.
البارزاني : نعم.
الفتى : إذاً سأجتهد كثيراً.
البارزاني : أحسنت يا بطل.
العجوز : أنت بطل الكرد يا سيدي، وأنت أبو الكرد.
البارزاني : لست سوى خادم الكرد يا خال.
العجوز : أدام لك عزك يا سيدي، ونستأذنك الرحيل.
البارزاني : لا تنس دروسك يا نعمان.
الفتى : حاضر يا سيدي.
البارزاني : مع السلامة يا بطل، مع السلامة يا خال.
                   (يخرجان، ينادي حمو، يدخل حمو)
          رافق الضيوف حتى مشارف قريتهما.
حمو : حاضر يا سيدي.
البارزاني : حمو.
حمو : نعم يا سيدي.
البارزاني : لا تكرر ما فعلته الآن.
حمو : ينسى الناس أنك القائد يا سيدي.
البارزاني : قلت : لا تكرر ما فعلته يا حمو.
حمو : حاضر يا سيدي.
          (يخرج حمو، أصوات طلقات ومدافع ينصت باهتمام)

المشهد الخامس


          (المكان نفسه يدخل أحد عناصر البيشمركه)
بيشمركه : قوات الجحوش يا سيدي، إنها تتقدم نحونا ياسيدي.
البارزاني : (باستغراب) ورجالنا، رجال قوات الفوج الأول ماذا يفعلون ؟
بيشمركه : إنهم في استراحة يا سيدي.
البارزاني : استراحة ؟!
بيشمركه : نعم يا سيدي، منحهم آمر الفوج استراحة لمدة ساعتين يا سيدي، بعد قتال دام يومين.
البارزاني : (يفكر للحظات ثم يلتقط بارودته) اتبعني إذاً.
بيشمركه : إلى أين ؟
البارزاني : إلى جبهة القتال، يجب صد هجوم الجحوش يا أخي.
بيشمركه : وحدنا ؟!
البارزاني : نعم هيا يا أخي، الواجب يقتضي منا أن نفعل ذلك وحدنا ؟
بيشمركه : لكن يا سيدي.
البارزاني : بلا لكن، اتبعني وكفى.
بيشمركه : حاضر.
                             (يخرجان)

 

: قوات الجحوش يا سيدي، إنها تتقدم نحونا ياسيدي. ورجالنا، رجال قوات الفوج الأول ماذا يفعلون ؟ : إنهم في استراحة يا سيدي. : استراحة ؟! : نعم يا سيدي، منحهم آمر الفوج استراحة لمدة ساعتين يا سيدي، بعد قتال دام يومين. : اتبعني إذاً. : إلى أين ؟ : إلى جبهة القتال، يجب صد هجوم الجحوش يا أخي. : وحدنا ؟! : نعم هيا يا أخي، الواجب يقتضي منا أن نفعل ذلك وحدنا ؟ : لكن يا سيدي. : بلا لكن، اتبعني وكفى. : حاضر.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني

 

رجع “أبو شفان” إلى البيت في ساعةٍ متأخرة، يجرّ خطواته كما لو كانت أثقل من جسده المنهك. وجهه مكفهر، ملامحه كانت كمن ذاق مرارة أعوام دفعةً واحدة. ما إن فتح باب الدار، حتى لمح ابنه البكر “مصطفى” جالسًا في العتمة، ينتظره كأنه ينتظر مصيرًا لم يأتِ بعد.

– “أهلاً أبي… تأخرتَ الليلة”.

– “كنتُ في مشوار…

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

مَدرسةُ فرانكفورت ( 1923 _ 1970 ) هِيَ مَدرسة للنظرية الاجتماعية والفلسفةِ النَّقْدية ، مُرتبطة بمعهدِ الأبحاثِ الاجتماعية في جامعة غوتة في مَدينة فرانكفورت الألمانية ، ضَمَّتْ المُفكِّرين والأكاديميين والمُنشقين السِّياسيين غَير المُتَّفقين معَ الأنظمة الاقتصادية الاجتماعية المُعَاصِرَة ( الرأسماليَّة ، الفاشيَّة ، الشُّيوعيَّة ) في ثلاثينيات القرن…

عبدالاله اليوسف

 

لكن الهواءَ يحفظُ صوتكَ في الشقوق

بين تنهيدةٍ

ونَفَسٍ لم يُكمِلِ الطريق

 

قلبُكَ

ساعةٌ لا تُعيرُ الوقتَ اهتمامًا

تمرُّ عليها الأزمنةُ

ولا تشيخ

 

تخجلُ

من مرايا الوجوه

فتعيدُ تشكيلنا

كما تشاء

كأنك تصنعُنا من بُعدٍ

بحركةِ عينيك فقط

 

نلتفت

حولنا

أضيافك

نرتدي ظلالًا

ولا ندري

غريب ملا زلال

ليست سوى الحرب
تأكل أضواءنا
و رجالها
في دهاليز المملكة
يكيلون دماءنا
مُذ عرفت
أن الرب
في عليائه يستريح
كمحارب قديم
أتى تواً
من الجبل
و أحلامنا ..
آمالنا
تذهب في الريح
بحثاً عن أشلائنا
هل كانت الأمور
في السموات العشرة
على ما يرام
حين خلت المدينة
من أبنائها
إلا من بقي نائماً
تحت الركام
و زخات المطر
بعد القصف
هل كانت
دموع الرب في عليائه
على عباده
أم كانت
رذاذات صرخة
لطفل يبحث عن أمه
كل المعابد
لا تصلح لإطفاء الحريق
فالرب متعب
والكهان متعبون …