الواقع الكردي الراهن.. هشاشة الحالة- اعتباطية التصرف- تشوش الإرادة

حواس محمود
 hawasmahmud2@hotmail.com

لا يخفى على أي متابع للشأن الكردي، الواقع الذي يعيشه الكرد في سورية من جميع الجوانب والحيثيات والنواحي
إن واقع الاضطهاد المزدوج القومي والطبقي جعلت من الحالة الكردية حالة متراوحة في المكان تتجاذبها وتتقاذفها الأمواج الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بحيث لا يمكن لنا الادعاء بالقول بأن هنالك استقرار سيكولوجي اجتماعي سياسي للكرد في سورية ، فالفقر والعوز وانتشار الجهل وبعد المناطق عن العاصمة وإهمال الجوانب التنموية الذي أخذ ينعكس سلبا على الإخوة العرب والمسيحيين أيضا في مناطق التواجد الكردي
إنَ هذه الحالة المأزقية للكرد ولدت لدى الفرد الكردي كما لدى الجماعة الكردية مركبا نفسيا مشوشا يحتاج للتناول والمناقشة والمعالجة
إنَ هذا المركب النفسي جعلته لا يعتمد التنظيم في إدارة وقته وتعاملاته وتربيته لأفراد أسرته وعلاقاته الاجتماعية مع الأقارب والأصدقاء وعامة المجتمع ، وبالنسبة للفرد الكردي المهتم بالثقافة – متابعا ومساهما ومنتجا- فإنه أيضا في أغلب الحالات أسير إبراز الذات الشهروية بأن يتباهى بأنه نشر مقالا في هذا الموقع الانترنيتي أو ذاك أو أنه حاور الكاتب الفلاني أو رد على الكاتب الفلاني أو هاتر مع الكاتب الفلاني أو ذاك ناسيا أو متناسيا ضرورة العمل الجماعي المؤسسي الناظم للعلاقات البشرية والمعالج لهشاشة الواقع ولا استقراريته الضمنية رغم استقراره الظاهري (أي أن استقرار القشرة لا تخفي لا استقرارية ما تحت القشرة كما أثبت ذلك الواقع أكثر من مرة) في المشهد السوري الراهن
إنَ مجرد التفكير الاعتباطي للفرد الكردي عامة والفرد الكردي المهتم بالثقافة خاصة يولد نتيجة بدهية هي تشوش الإرادة فكما قلت في مقالات سابقة هنالك خامات وطاقات ثقافية كردية معطاءة وقادرة على الإبداع ولكنها مشتتة متناثرة غائبة عن التأطير والمأسسة هذا الواقع التشتتي (الذي هو موجود في أحزاب الحركة السياسية الكردية أيضا ولا زلنا نلمس آثاره التمزقيه بانفلاش الإطارات التحالفية الفوقية التي لم تضع أساسا وركائز لتوحيد القواعد وصولا إلى توحيد الأطر  السياسية) أقول هذا الواقع التشتتي الكردي الثقافي والعام له انعكاساته السلبية الضارة في غياب بوصلة التخطيط الاستراتيجي أو التأهيل المستقبلي عبر تكتيك المرحلة والتهيئة لخوض غمار أحداث ومفاجآت القادم من الأيام، أننا نفتقر إلى أن تتوحد الجهود الثقافية في أطر متناسقة واعدة قادرة على تلمس هشاشة الواقع ولا اسقراريته ، بحيث أن المرض يعالج بالدواء الناجع ، لا أن نتركه في استشرائه حتى يخرب الجسم الكردي بأكمله، وعندها قد نفيق أو لا نفيق على موتان الجسد بعد أن جهزنا بأنفسنا على آخر مقومات النهوض به.

الثقافة ليست نشرا ونثارا على الورق، الثقافة ليست فضاء إنترنيتيا عبثيا، الثقافة ليست تباهيا وافتخارا طاووسيا فارغا من المضمون، الثقافة فعل عقلاني وعاطفي منتج، الثقافة هي بوصلة الرؤية للمستقبل وهي معول هدم للأمراض المستشرية في الواقع الكردي، الثقافة فعل تغييري طموح يأخذ بنا إلى مناخات العمل المثمر الفعال والبنَاء الذي له نتائجه الايجابية الكبرى على صعيد الفرد والمجتمع .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم محمود

أول القول ومضة

بدءاً من هذا اليوم، من هذه اللحظة، بتاريخ ” 23 تشرين الثاني 2024 ” سيكون هناك تاريخ آخر بحدثه، والحدث هو ما يضفي على زمانه ومكانه طابعاً، اعتباراً، ولوناً من التحويل في المبنى والمعنى القيَميين والجماليين، العلميين والمعرفيين، حدث هو عبارة عن حركة تغيير في اتجاه التفكير، في رؤية المعيش اليوم والمنظور…

حاورها: إدريس سالم

ماذا يعني أن نكتب؟ ما هي الكتابة الصادقة في زمن الحرب؟ ومتى تشعر بأن الكاتب يكذب ويسرق الإنسان والوطن؟ وهل كلّنا نمتلك الجرأة والشجاعة لأن نكتب عن الحرب، ونغوص في أعماقها وسوداويتها وكافكاويتها، أن نكتب عن الألم ونواجه الرصاص، أن نكتب عن الاستبداد والقمع ومَن يقتل الأبرياء العُزّل، ويؤلّف سيناريوهات لم تكن موجودة…

إبراهيم أمين مؤمن

قصدتُ الأطلال

بثورة من كبريائي وتذللي

***

من شفير الأطلال وأعماقها

وقيعان بحارها وفوق سمائها

وجنتها ونارها

وخيرها وشرها

أتجرع كؤوس الماضي

في نسيج من خيال مستحضر

أسكر بصراخ ودموع

أهو شراب

من حميم جهنم

أم

من أنهار الجنة

***

في سكرات الأطلال

أحيا في هالة ثورية

أجسدها

أصورها

أحادثها

بين أحضاني

أمزجها في كياني

ثم أذوب في كيانها

يشعّ قلبي

كثقب أسود

التهم كل الذكريات

فإذا حان الرحيل

ينتبه

من سكرات الوهم

ف

يحرر كل الذكريات

عندها

أرحل

منفجرا

مندثرا

ف

ألملم أشلائي

لألج الأطلال بالثورة

وألج الأطلال للثورة

***

عجبا لعشقي

أفراشة

يشم…

قررت مبادرة كاتاك الشعرية في بنغلادش هذه السنة منح جائزة كاتاك الأدبية العالمية للشاعر الكردستاني حسين حبش وشعراء آخرين، وذلك “لمساهمته البارزة في الأدب العالمي إلى جانب عدد قليل من الشعراء المهمين للغاية في العالم”، كما ورد في حيثيات منحه الجائزة. وتم منح الشاعر هذه الجائزة في ملتقى المفكرين والكتاب العالميين من أجل السلام ٢٠٢٤…