المثقف بين القول والممارسة

 

حواس محمود
يكثر النقاش ، ويحتدم الجدل ، ويزداد السجال احتداداً وإشكالية حول المثقف ودوره الاجتماعي والثقافي والنهضوي ، ويجد أي شخص استطاع أن يلم ببعض العلوم والمعارف نفسه قادراً على الخوض في معمعان هذا النقاش الذي لا يكلفه شيئاً سوى الحبر الذي كتب به ولكنه يكلف المجتمع كثيراً بزيادة تعقيد الإشكالية وخلط الأوراق حابلها بنابلها ، الأمر الذي يجد المتلقي في كل ذلك ضرباً من الترف الثقافي والفكري ، وبعداً بل ابتعاداً عن بحث جذر المسألة وجوهرها ، واللافت للانتباه أنه بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العديدة التي تلعب دورها في أزمة الثقافة والمثقفين ، نجد عاملاً مهماً وأساسياً في عدم الاقتراب من نقطة ملامسة الجرح وتشخيص الحالة بما هي عليه في حقيقتها العيانية .

إن هذا العامل هو غياب الممارسة المستندة إلى القول أو تناقض المصداقية بين قول الشيء وفعله ، ولعله من خلال متابعاتنا العديدة للكتابات التي تتناول أزمة المثقفين قول بعضهم نظرياً قولاً جميلاً وفضفاضاً وبراقاً يجده المتابع أمراً مقبولاً وممكناً ، لكن هذا القول لا يأخذ مجراه من حبر الكتابة إلى حركة الواقع ، أعتقد أن كثيراً من الكتاب يحاول انتقاد ظاهرة ما نظرية أو ممارسية، ويقع في نفس اللحظة في نفس الخطأ النظري أو الممارسي إذاً ما جدوى الكتابة ، وما جدوى أن تكون مثقفاً كما عنون به أحد المثقفين إحدى مقالاته ؟
إن المطلوب الآن في العالم العربي أن تكون النقاشات والكتابات منطلقة من صميم الواقع  ومن عمق الحياة التي نعيشها ، وأن تكون صادقة وصادرة عن مثقف صادق بعيد عن الانتهازية واللف والدوران واللعب بالألفاظ والتمظهر  والاستعراضية ، والتملق والبلاغة الزائدة ، والزئبقية واللامبدئية . إن أي حالة مرضية أو أي واقع أزموي للمثقف أو لغيره يتطلب جهوداً مخلصة وجريئة تستطيع تشخيص الحالة بشكل موضوعي دقيق نابع من التألم لما يجري ، ووضع الحلول والعلاجات الناجعة بما يتلاءم والطموح النهضوي  المراد تحقيقه بما يخدم المسيرة التنموية للمجتمع ، ولا أعتقد أن أي نهضة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية يمكن أن تقوم بالاستناد إلى
جرة قلم أو أضغاث أحلام أو فذلكات مثقف يجيد فن القول مجرداً من حيوية الممارسة ودينامية الفعل .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. فاضل محمود

رنّ هاتفي، وعلى الطرف الآخر كانت فتاة. من نبرة صوتها أدركتُ أنها في مقتبل العمر. كانت تتحدث، وأنفاسها تتقطّع بين كلمةٍ وأخرى، وكان ارتباكها واضحًا.

من خلال حديثها الخجول، كان الخوف والتردّد يخترقان كلماتها، وكأن كل كلمة تختنق في حنجرتها، وكلُّ حرفٍ يكاد أن يتحطّم قبل أن يكتمل، لدرجةٍ خُيِّلَ إليَّ أنها…

سندس النجار

على مفارق السنين
التقينا ،
فازهرت المدائن
واستيقظ الخزامى
من غفوته العميقة
في دفق الشرايين ..
حين دخلنا جنائن البيلسان
ولمست اياديه يدي
غنى الحب على الافنان
باركتنا الفراشات
ورقصت العصافير
صادحة على غصون البان ..
غطتنا داليات العنب
فاحرقنا الليل بدفئ الحنين
ومن ندى الوجد
ملأنا جِرار الروح
نبيذا معتقا
ومن البرزخ
كوثرا وبريقا ..
واخيرا ..
افاقتنا مناقير حلم
ينزف دمعا ودما
كشمس الغروب …

خلات عمر

لم تكن البداية استثناءً،,, بل كانت كغيرها من حكايات القرى: رجل متعلّم، خريج شريعة، يكسو مظهره الوقار، ويلقى احترام الناس لأنه “إمام مسجد”. اختار أن يتزوّج فتاة لم تكمل الإعدادية من عمرها الدراسي، طفلة بيضاء شقراء، لا تعرف من الدنيا سوى براءة السنوات الأولى. كانت في عمر الورد حين حملت على كتفيها…

عصمت شاهين دوسكي

* يا تُرى كيف يكون وِصالُ الحبيبةِ، والحُبُّ بالتَّسَوُّلِ ؟
*الحياةِ تَطغى عليها المادّةُ لِتَحُو كُلَّ شيءٍ جميلٍ.
* الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌِّ آدابِ العالمِ.

الأدبُ الكُرديُّ… أدبٌ شاملٌ مجدِّ آدابِ العالَمِ… يَتَفَوَّقُ هُنا وَهُناكَ، فَيَغدو ألمانية الشَّمسِ… تُبِعِثُ دِفئَها ونورَها إلى الصُّدورِ… الشِّعرُ خاصَّةً… هذا لا يعني أنه ليس هناك تَفَوُّقٌ في الجاوانبِ الأدبيَّةيَّةُِ الأخرى،…