في وأد مجلة (قلق)

عبداللطيف الحسيني 

 قبل أن يصل تعداد مجلة قلق إلى (خمسة أعداد) أعلن مؤسساها الشاعران : إبراهيم حسو.  و عبدالرحمن عفيف افلاسها . وكان السبب في غاية الغموض والقلق  . إن كان السبب يكمن في قلة الكتََاب. لكن ما لا يبرر : أن عامودا وقامشلي كانتا موارتين بالشعر والشعراء , وان كان السبب أن لا أحد يرسل بكتاباتهم إلى المجلة . فأنا الشاهد: ما يصلها يكفي لعشرة أعداد. من شعر كلاسيكي . وشعر حديث ..
غير أن السبب الحقيقي في وأدها . وهذا مالم يصرح به مؤسساها : أن  كلا منهما التفت إلى صوته الداخلي . الأول كان يكتب (الهواء الذي أزرٌق) والثاني كان يخطط لترجمة الحب . فكان النتاج (نجوم مؤلمة تحت رأسي و رنين الفجر على الأرض و وادي الديازيبام ) .
   وللتعريف بالمجلة  فقد كانت المواد تكتب بطريقة بدائية (على آلة كاتبة بدائية الصنع والمانيتها ). وعلى صفحات بيضاء عادية الصفات . و توزع علنا على الكتاب فقط . وكانت النقاشات التي تدور حول عدد واحد. يكفي لإصدار عشرين عددا . ما يشفع لها أن لها حتى الآن الصدى القلق لدى الكثيرين.
 لكن كيف ننظر إلى المجلة تلك . بعد مرور أكثر من خمسة عشر عاما ؟. و للحقيقة كنت أول المستهترين بها . لأن ما ينشر فيها عبارة عن هذيان و قلق وردود على الشعراء الذين  لم يرسلوا بنتاجهم إلى المجلة. ولم أكن أدري أن الكتابة الباقية هي تلك المنشورة فيها . والسسب (الآن أدركه) أن كليهما كانا يسهران حتى الصباح  بصخب و ضجة غير طبيعيين . إبراهيم حسو بقراءته المرخّمة . و عبدالرحمن بكتابة ما يمليه ابراهبم و تصحيحه لها.
 و في غبِ  إغلاق المجلة . أتى القاص عبدالحليم يوسف بخبر مفاده : أن ثمة مشروعا جديدا يخطط له . وهو إصدار مجلة ترمي ما ترمي إليه نصوص من نمط كتابات (إبراهيم حسو و عبدالرحمن عفيف) اللذين وجدا المناخ الحيَ لكتاباتهما في مجلة (ألف) فنشرا فيها حين كانت مطبوعة . وكذلك بعد أن صارت الكترونية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…