قيم باب الحارة

يوسف عبدي

قيم باب الحارة عزيزي القارئ عزيزتي القارئة, ألم يخطر ببالك ولو للحظة أن المسلسل الذي يدعى باب الحارة لا يحمل لا رسالة أخلاقية ولا تربوية ولا (عذراً من القارئ) أية رسالة الى المتفرج. رسالة الفن هي نقل شيئ ايجابي إلى القارئ أو السامع أو المتفرج على ما أعتقد فالفن هو شيئ سامي لا يلمس ولا يهان كما هو مهان في باب الحارة, ولا يجب أن ننحدر مع هذا الهراءاللا واعي للطبيعة الإنسانية.
 إن الهدف الرئيسي لهذا العمل هو الدعوة الواضحة الصريحة الى احتقار المرأة و جعلها شيئاً قذراً وممقتاً, أخجل من نفسي كرجل من مشاهدة هذا العمل وأستغرب مراراً وتكراراً تقبل الممثلات بمثل هذه الأدوار المذلة كما وأستغرب عندما أرى نسائنا يتفرجون عليه بعيون بدائية حتى تلك المرأة الواعية الداعية الى حرية المرأة.

 أستغرب وأستغرب بل أخجل من نفسي من رؤية تلك المرأة المذلولة المتقبلة للذل وهي تشاهد مثل هذا العمل, ألا توجد امرأة في هذا البلد تنتقد هذا العمل الرائع الجميل ألا يوجد ذوق فني أم أصبح الذوق العام بهذا السوء. تنتقدون الغرب وتقولون أنهم مستعمرون وأنهم يسممون أفكارننا فماذا انتم فاعلين أيها الشرق! لماذا تألفون المسلسلات الداعية الى تذليل المرأة بالرغم من معاناتها الشرقية ؟ لماذا تسممون عقول أطفالنا وتزرعون الحقد منذ الصغر؟ أكاد لا أصدق أن تزرع مثل هذه الكلمات في عقول الأطفال (تاج راسي, سيدي, ابن عمي) ألا تتأثرون بالحركة الفكرية العالمية, ألا تتأثرون بالزمن بالواقع بالحياة……………………… ما هذا التخلف الذي نعيشه لا بل نعشقه ونتودد إليه! هل أصبحت المرأة حاجة جنسية نقضيها أم ماذا؟ هل أصبحت المرأة سيجارة ندخنها بشراهة الإنسان الشرقي ثم نرمي ما تبقى منها في النفاية؟ ألا تعرف أن المرأة هي أمك أولاً ثم شريكة لك في السراء والضراء ثم أم لأطفالك, ألا تعرف أيها الشرقي السجان الجبان! هناك تيار فكري عالمي لدعم المرأة في الخارج لا بل هناك تيارات وتيارات وتيارات, حتى المجتمعات الأكثر جهلاً تكافح للقضاء على فكرة (الثاني).
 المرأة هي إحدى أهم أسس المجتمعات المزدهرة, هي أساس الوجود. فكيف تصفها بهذا الاسلوب الشنيع يا كاتب نص باب الحارة أوليس لديك أم؟ ألا تخجل من نفسك عندما تتابع إنتاجك الفني الرائع.
 ملاحظة: إن كلمة (رجّال) المتكررة الذكر من قبل الممثلات (وكل واحدة منهن إمرأة قبل أن تكون ممثلة موهوبة واعية) في المسلسل التعيس يعني ذكر أليس كذلك, أي له من الأعضاء ما لا تملكه المرأة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس

حين يمرض الضوء، تبقى الذاكرة سنده.

قبل فترةٍ ليست بعيدة، استوقفني غياب الأخت الكاتبة نسرين تيلو عن المشهد الثقافي، وانقطاع حضورها عن صفحات التواصل الاجتماعي، تلك التي كانت تملؤها بنصوصها القصصية المشرقة، وبأسلوبها المرهف الذي حمل إلينا عبر العقود نبض المجتمع الكوردي بخصوصيته، والمجتمع السوري بعموميته. كانت قصصها مرآةً للناس العاديين، تنبض بالصدق والعاطفة،…

خالد حسو

 

ثمة روايات تُكتب لتُروى.

وثمة روايات تُكتب لتُفجّر العالم من الداخل.

ورواية «الأوسلاندر» لخالد إبراهيم ليست رواية، بل صرخة وجودٍ في منفى يتنكّر لسكّانه، وثيقة ألمٍ لجيلٍ طُرد من المعنى، وتشريحٌ لجسد الغربة حين يتحول إلى قَدَرٍ لا شفاء منه.

كلّ جملةٍ في هذا العمل تخرج من لحمٍ يحترق، ومن وعيٍ لم يعد يحتمل الصمت.

فهو لا…

صدرت الترجمة الفرنسية لسيرة إبراهيم محمود الفكرية” بروق تتقاسم رأسي ” عن دار ” آزادي ” في باريس حديثاً ” 2025 “، بترجمة الباحث والمترجم صبحي دقوري، وتحت عنوان :

Les éclaires se partagent ma tête: La Biography Intellectuelle

جاء الكتاب بترجمة دقيقة وغلاف أنيق، وفي ” 2012 ”

وقد صدر كتاب” بروق تتقاسم رأسي: سيرة فكرية” عن…

كردستان يوسف

هل يمكن أن يكون قلم المرأة حراً في التعبير؟ من روح هذا التساؤل الذي يبدو بسيطاً لكنه يعكس في جوهره معركة طويلة بين الصمت والكلمة، بين الخضوع والوعي، بين التاريخ الذكوري الذي كتب عنها، وتاريخها الذي تكتبه بنفسها الآن، فكل امرأة تمسك القلم تمسك معه ميراثاً ثقيلا ً من المنع والتأطير والرقابة، وكل حرف…