قادر عكيد
سُئل الشاعر الكردي ّ الكبير شيركو بيكس في لقاء خاص من البرامج التلفزيوني (روافد ) الذي تذيعه قناة العربية ومقدمه الأستاذ أحمد الزين, سُئل عن رأيه في الترجمة فقال: ” هي كالقبلة من خلف الزجاج “. ويقول بعض الكتاّب والنقّاد “إن النّص الأصلي كالفاكهة الطازجة, أما المترجم فهو أشبه بالمعلبة والمجفـّفة لا روح فيها”. وأنا أقول إن النص المترجم كوردة مقطوفة من شجرة في حديقة وموضوعة في مزهرية على طاولة مكتب.
نصوص كثيرة مترجمة تحفل بها صفحات الجرائد والمجلات والمواقع الالكترونيّة, بعضها جيد وبعضها لا بأس بها والبعض الآخر لا يرقى إلى مستوى القراءة وإجهاد العين. صحيح إن “كل مترجم خوّان ” لأنه مهما بلغ من أسباب, لن يبلغ الكمال في الترجمة ونقل المعنى المراد بأمانة إذ أن لكل أدب خصائصه وأمثاله الشعبيّة, وحِكمه الإيمائيّة التي لا يلمّ بها كل مترجم. لكن يبقى هناك خط رئيسيّ في الترجمة لا يجوز تجاوزه والاستهانة به, وهو قلب معنىً أو حذف جملةٍ من النص أو إضافة جملة أو كلمة أو حتى حرف, لأن الحركة في التشكيل أحياناً تعكس المعنى وتـُضاده. وهنا أودّ الإشارة إلى مقالة الفنان الجزائري محمد بو كرش عن سينما عامودا بعنوان:
” تضحيات أطفال عامودا والثورة الجزائرية “والمنشورة في موقع ولاته مه على الرابط التالي: http://www.welate-me.com/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1993
وترجمتها إلى اللغة الكرديّة من قبل (المترجمة ) زانا خاني أو ( gula Amûdê), تحت عنوان:
QURBANÊN ZAROKÊN AMÛDÊ Û ŞOREŞA CEZAÎRÊ
والمنشورة في مواقع كثيرة منها سما كرد, وآزاديا ولات و(جنديرس) على الرابط التالي:
http://www.jindires.com/zana-zarok-amude7112008.htm
من خلال مراجعة القارئ للنصـّين الأصلي والمترجَم يُلاحظ مدى اللامبالاة بالتقيّد بالنص الأصلي وتجاوز – إن جاز التعبير – الخطوط الحمراء التي أشرنا إليها سابقاً والإساءة إلى النص الأصلي منذ ترجمة أوّل جملة فيها. يقول الفنان الجزائري محمد بوكرش:
” لم أكن أعرف كل أسرار عظمة الثورة الجزائرية رغم اطلاعي ومعايشة بعض الأحداث وأنا طفل…الطفل الذي يدفع ثمن الحلوى اشتراكاً ومشاركة في الثورة الجزائرية البلد الذي كان مجرد حلم عند الكثير منا… ووهم عند من نصبوا اليوم علينا بالوصاية “. جاءت ترجمتها كالتالي:
“min hemû razên meznahiya şoreşa cezairê nizanî bûn,tevî nasîna minî pir,tevî ku min bi zaroktiya xwe hin bûyerên şoreşa cezairê dîti bûn,lê bi rastî min nizanî bû ku zarokin hebûn,bi xerciya xwey serê sebê pişikdarî di şoreşa cezairê de kiri bûn “.
فلو حاولنا ترجمة ما ترجمته الشاعرة زانا خاني إلى العربية ثانية لكانت كالآتي:
“ لم أكن أعرف كل أسرار عظمة الثورة الجزائريّة, رغم معرفتي الكثيرة, ورغم أني كنت قد شاهدت بعض أحداث الثورة الجزائريّة في طفولتي. لكن , في الحقيقة لم أكن أعلم أنه كان هناك أطفال قد شاركوا في الثورة بمصروفهم الصّباحيّ”.
فهل ذكر الفنان محمد بوكرش شيئاً عن ( المصروف الصباحيّ), بل لنقل هل كان بمقدور أحدٍ من أطفال الكرد حينها أن يحصل على ما تسمّيه المترجمة بالمصروف الصباحيّ. ثم لِمَ اكتفت بترجمة نصف المقطع وتجاهلت النصف الآخر: ” الطفل الذي يدفع ثمن الحلوى اشتراكاً ومشاركة في الثورة الجزائرية البلد الذي كان مجرد حلم عند الكثير منا… ووهم عند من نصبوا اليوم علينا بالوصاية ” أليس المقطعان مكملان لبعضهما…!!؟ ولنكمل الفقرة الأولى من النص, يقول الفنان بوكرش:
“… سر عظمتها يكمن في أنها ملك ومكسب في وسع الرقعة الإسلامية الممتدة من المحيط شرقاً إلى المحيط غرباً وواحدة من قضاياهم بين قضايا أخرى محلية”.
تُرجمت كالآتي”
“Meznaya şoreşa cezairê di pirbûna dostên wê de bûn,hemû welatên misilmanan ji rohilat ta roava dostê şoreşa me bûn,çawa xelk dilêşê doza xwe bûn,wilo jî dilêşê doza me bûn”.
وبالعودة إلى ترجمة زانا الكردية و إعادة ترجمتها الى العربية ثانية, نلاحظ الفرق في المعنيين:
” عظمة الثورة الجزائريّة كانت في كثرة مؤيديها, كانت كل الدول الاسلاميّة من المشرق إلى المغرب من مؤيدي ثورتنا, مثلما كان الناس مهتمين بمطالبهم كانوا مهتمين بمطالبنا أيضاً. “
ثم يتحدث الفنان بوكرش عن الأمير عبدالقادر ونفيه وانجازاته في شتى الميادين مدة إقامته في سوريّة يقول:
“…لكن وجوده بسوريا كان له الأثر الأكبر بين إخوانه المسلمين والمسيحيين…ولعب هناك الدور المهم في إطفاء فتيل النزعات الدينية التي تسيء لقدسيتها وتذهب بالأرواح بالباطل… “
جاءت ترجمتها على الشكل الآتي:
“cezair û doza wê bi xelkê dida naskirin,mabûna wî li sûriyê cihê serbilindaya xelkên wê bû,di navêna wan de navênçî dikir,ew li hev tanîn,xelk li hev haş dikirin,navêna wan xweş dikir”.
لقد نسيت المترجمة أو تناست جوهر الكلام في هذه الفقرة وهو الطرفين الدينيين المتنازعين؛ المسلمين والمسيحيين وتجاوزت الـ ” دور المهم في إطفاء فتيل النزعات الدينيّة التي تسيء لقدسيتها وتذهب بالأرواح بالباطل” فجاءت الترجمة العربيّة للفقرة المترجمة الى الكردية كالتالي:
” وكان بقاؤه في سورية مصدر اعتزاز أهله وناسه. كان يقوم بدور الوسيط, يصلح فيما بينهم, يفضّ خلافاتهم, ويمتّن علاقاتهم مع بعضهم ”
فلمْ تعرّفنا المترجمة بماهية هذه الخلافات, هل هي اجتماعيّة, سياسيّة, أو فكريّة. ولا حتى من هم الطرفين المختلفين…!
ثم يتطرّق النصّ الأصلي إلى تعاون المسلمين والمسيحيين مع الأمير للتعريف بالقضيّة والتنديد بالاستعمار:
” ووضعوا أياديهم بيده ليعرف العالم برمته القضية الجزائرية والتشهير والتنديد بالعدوان الفرنسي...”.
هذا التعاون الذي ضاع بين سطور الترجمة, ولم يُلحظ له أيّ أثر…!!
ثم أنكرت المترجمة التضحيات الجسام التي قدمتها – حسب الكاتب – الشعوب العربيّة وغير العربيّة الإسلامية يقول الكاتب بوكرش :
” جيل بعد جيل أصبحت المدارس تدرس أبناءنا موضوع الثورة الجزائرية وأناشيد تخصها…وأسماء بعض روادها إلى أن سطع نجم جميلة المضحية المعذبة، (جميلة بوحيرد ) والتضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الجزائري والشعوب العربية وغير العربية الإسلامية”.
جاءت ترجمتها الكرديّة ركيكة وغير وافية للمراد:
” Dibistanan,zarokên me nifşek li pê nifşekî hoyî sirûd û rastiya şoreşê dikirin, şoreşvana êşlêbûyî cemîla bûheyrid bi xwendevanan dida nasîn,qurbanên xelkên cezairê bi wan dida nasîn”.
ثم يصل ركب الكاتب إلى بيت القصيد الذي هو موضوع النص” سوريّة الفسيفسائيّة, محرقة السينما ,مدينة عامودا الكرديّة”. لقد أورد الكاتب كلمة الفسيفساء ليشير بذلك إلى “النسيج القومي الكرديّ الذي هو جزء أساسيّ من هذه الفسيفساء” بينما تجاوزتها المترجمة لأسباب تبعث على الحيرة, وضربت بكرديّة عامودا- التي ذهبت في مهب الترجمة – عرض الحائط. يقول الكاتب:
“سوريا الفسيفسائية برمتها كان لها في الموضوع ما كان…عامودا ومحرقة قاعة السينما بمن فيها، قاعة السينما التي برمجت فلماً سينمائياً عائداته للثورة الجزائرية والموضوع الثورة الجزائرية… لتضرم فيها النيران بمدينة كردية هي عامودا بسوريا”.
جاءت ترجمتها :
” Amûdê.! û bi sînema xwey şewitî,bi zarokên xwey ku bûne qurban,bi wan perên ku destbiçûkan guvaşti bûn bûne pişikdarê şoreşa cezairê. Amûdê dişewitî tevî sînema xwe,filmê sînemê li ser şoreşa cezair bû,perên sînemê alîkarî bûn ji bo şoreşa cezairê re,û qehreman û qurban zarokên amûdê bûn. Ên şewitîn,ên bi carekê re bûn arî, zarokên dibistanên kurdan bûn”.
وبمقارنة بسيطة بين ما كتبه بوكرش وبين ما تُرجم نلاحظ مدى الإساءة ليس للنص فقط وإنما للتاريخ و الأماكن والجغرافيا, لقد جاءت الترجمة العربية لنص الشاعرة زانا خاني كالتالي:
عامودا! شاركت في الثورة الجزائرية.. بسينماها المحترقة, بأطفالها الذين أضحوا قرابينا, بتلك النقود التي عصرها ذووالأيدي الصغيرة.عامودا كانت تحترق مع سينماها. الفيلم عن ثورة الجزائر, و ريع الفلم كان مساعدة لثورة الجزائر, الأبطال والقرابين كانو أطفال عامودا. الذين أحترقوا.. الذين أصبحوا رمادا بالكامل كانوا أطفال مدارس الكرد.
هل ذكر الكاتب شيئاً عن النقود التي عصرتها الأيدي الصغيرة…. احتراق عامودا مع السينما….أطفال عامودا؛ الأبطال والقرابين…!!؟ أم أن عاطفتنا نحن الكرد تظل تلاحقنا أينما حللنا وأنى أبدعنا ؛ حتى ولو كان الموضوع متعلّقاً بالأمانة الترجمية, أو يا ترى صدق نقد النقاد حين قالوا: ( كل ترجمان خوّان).
صحيح أن أطفال عامودا احترقوا لكنهم لم يصبحوا رماداً… ولو أصبحوا, إلا أن الكاتب لم يرد ذلك في نصّه. كما لم يُرد شيئاً عن احتراق مدينة عامودا مع السينما. فلم نسمع قط أن الحريق طال أي حيّ أو بيت في عامودا. فلا يجوز تقويل الكاتب ما لم يقل.
أخيراً يبيّن الكاتب التقدير العمريّ للضحايا وهو ما بين 10-14 ربيعاً, ويؤكد على أن الحادثة لم تأت عن عبث؛ وانما بفعل فاعل:
” أطفال مدارس كردية لن تتجاوز أعمارهم ما بين10 و 14 ربيعاً تفحموا على بكرة أبيهم بفعل فاعل…ليزيد عدد الشهداء الجزائريين والمسلمين على ما هو مصرح به رسمياً بكثير…” تكتفي المترجمة بالعبارة التاليّة:
“” Bi canê xwe,bi rihê xwe hejmara naskirî ji şehîdên cezair re zêde kirin.
في ختام النص يحني الكاتب هامته مرة واحدة إجلالا لأرواح جميع شهداء الثورة ويخص بها أطفال الكرد الا أن عاطفة المترجمة الجيّاشة تكون سبباً في انحناء هامتها مرتين, مرة لأرواح جميع شهداء الثورة ومرة تخص بها أطفال الكرد كما إن انفعالها المزمن منذ بداية الترجمة وحتى نهايتها أنساها أن توضح ديانة هؤلاء الأطفال كما وضحها الكاتب نفسه. يقول الكاتب:
“ننحني بمناسبة إحياء عيد أول نوفمبر(1954) عيد اندلاع الثورة الجزائرية 54 بالترحم وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، شهداء الثورة الجزائرية من المحيط إلى الخليج وعلى أرواح الأبرياء من الأطفال وخاصة أطفال عامودا الكردية المسلمة بسوريا “.
وتقول المترجمة المنفعلة:
“Bi helkeftina cejna yekê novemberê (1954), cejna destpêkirina şoreşa cezairê(54) em bejna xwe ditewînin û fatîhê li ser canê şehîdên şoreşa cezairê dixwînin,em bejna xwe ditewînin û fatîhê li ser canê bêgunehên zarokên amûda kurdandixwînin”
فجاءت الترجمة العربية لهذه الفقرة كالآتي:
“بمناسبة عيد الأول من نوفمبر 1954 , عيد انطلاقة ثورة الجزائر الـ (54) , نحني هاماتنا ونقرأ الفاتحة على أرواح شهداء ثورة الجزائر, نحني هاماتنا ونقرأ الفاتحة على ارواح أطفال عامودا – الأكراد – البريئين”.
أما من الناحية اللغويّة, فلم تخلُ الترجمة من الأخطاء الإملائيّة والقواعديّة البديهيّة في نصّها الكرديّ, وتتلخّص بمجملها في كتابة الحرف الأول من أسماء العلم المدن والأديان والقوميّات وبداية الجمل بالحرف الكبير من قبيل:
Amûdê Kurdan Cezairê Bokreş Mihemed Misilmanan Sûryayê Firensa Erebiye
وهذه من بديهيّات اللغة الكرديّة, وقد جاءت جملها ركيكة غير مترابطة قواعدياً كما في الجملة التاليّة:
cezair misilmane,cezair erebiye,firensa koledar û dagîrke
والأدقّ لو أنها كتبت:
Cezair Misilman e, Cezair Erebî ye, Firensa koledar û dagîrker e. أو الجملة التالية:
fatîhê li ser canê bêgunehên zarokên amûda kurdan dixwînin.
والأدق:
fatîhê li ser canê zarokên Amûda Kurdan yên bêguneh dixwînin.
وللتذكير فإن موقع “azadiya welat ” قام بتصحيح أخطاء النص وتنقيحه لغويّا قبل نشره, إلا أن الخلل الترجميّ بقي سمته.
” تضحيات أطفال عامودا والثورة الجزائرية “والمنشورة في موقع ولاته مه على الرابط التالي: http://www.welate-me.com/cand/modules.php?name=News&file=article&sid=1993
وترجمتها إلى اللغة الكرديّة من قبل (المترجمة ) زانا خاني أو ( gula Amûdê), تحت عنوان:
QURBANÊN ZAROKÊN AMÛDÊ Û ŞOREŞA CEZAÎRÊ
والمنشورة في مواقع كثيرة منها سما كرد, وآزاديا ولات و(جنديرس) على الرابط التالي:
http://www.jindires.com/zana-zarok-amude7112008.htm
من خلال مراجعة القارئ للنصـّين الأصلي والمترجَم يُلاحظ مدى اللامبالاة بالتقيّد بالنص الأصلي وتجاوز – إن جاز التعبير – الخطوط الحمراء التي أشرنا إليها سابقاً والإساءة إلى النص الأصلي منذ ترجمة أوّل جملة فيها. يقول الفنان الجزائري محمد بوكرش:
” لم أكن أعرف كل أسرار عظمة الثورة الجزائرية رغم اطلاعي ومعايشة بعض الأحداث وأنا طفل…الطفل الذي يدفع ثمن الحلوى اشتراكاً ومشاركة في الثورة الجزائرية البلد الذي كان مجرد حلم عند الكثير منا… ووهم عند من نصبوا اليوم علينا بالوصاية “. جاءت ترجمتها كالتالي:
“min hemû razên meznahiya şoreşa cezairê nizanî bûn,tevî nasîna minî pir,tevî ku min bi zaroktiya xwe hin bûyerên şoreşa cezairê dîti bûn,lê bi rastî min nizanî bû ku zarokin hebûn,bi xerciya xwey serê sebê pişikdarî di şoreşa cezairê de kiri bûn “.
فلو حاولنا ترجمة ما ترجمته الشاعرة زانا خاني إلى العربية ثانية لكانت كالآتي:
“ لم أكن أعرف كل أسرار عظمة الثورة الجزائريّة, رغم معرفتي الكثيرة, ورغم أني كنت قد شاهدت بعض أحداث الثورة الجزائريّة في طفولتي. لكن , في الحقيقة لم أكن أعلم أنه كان هناك أطفال قد شاركوا في الثورة بمصروفهم الصّباحيّ”.
فهل ذكر الفنان محمد بوكرش شيئاً عن ( المصروف الصباحيّ), بل لنقل هل كان بمقدور أحدٍ من أطفال الكرد حينها أن يحصل على ما تسمّيه المترجمة بالمصروف الصباحيّ. ثم لِمَ اكتفت بترجمة نصف المقطع وتجاهلت النصف الآخر: ” الطفل الذي يدفع ثمن الحلوى اشتراكاً ومشاركة في الثورة الجزائرية البلد الذي كان مجرد حلم عند الكثير منا… ووهم عند من نصبوا اليوم علينا بالوصاية ” أليس المقطعان مكملان لبعضهما…!!؟ ولنكمل الفقرة الأولى من النص, يقول الفنان بوكرش:
“… سر عظمتها يكمن في أنها ملك ومكسب في وسع الرقعة الإسلامية الممتدة من المحيط شرقاً إلى المحيط غرباً وواحدة من قضاياهم بين قضايا أخرى محلية”.
تُرجمت كالآتي”
“Meznaya şoreşa cezairê di pirbûna dostên wê de bûn,hemû welatên misilmanan ji rohilat ta roava dostê şoreşa me bûn,çawa xelk dilêşê doza xwe bûn,wilo jî dilêşê doza me bûn”.
وبالعودة إلى ترجمة زانا الكردية و إعادة ترجمتها الى العربية ثانية, نلاحظ الفرق في المعنيين:
” عظمة الثورة الجزائريّة كانت في كثرة مؤيديها, كانت كل الدول الاسلاميّة من المشرق إلى المغرب من مؤيدي ثورتنا, مثلما كان الناس مهتمين بمطالبهم كانوا مهتمين بمطالبنا أيضاً. “
ثم يتحدث الفنان بوكرش عن الأمير عبدالقادر ونفيه وانجازاته في شتى الميادين مدة إقامته في سوريّة يقول:
“…لكن وجوده بسوريا كان له الأثر الأكبر بين إخوانه المسلمين والمسيحيين…ولعب هناك الدور المهم في إطفاء فتيل النزعات الدينية التي تسيء لقدسيتها وتذهب بالأرواح بالباطل… “
جاءت ترجمتها على الشكل الآتي:
“cezair û doza wê bi xelkê dida naskirin,mabûna wî li sûriyê cihê serbilindaya xelkên wê bû,di navêna wan de navênçî dikir,ew li hev tanîn,xelk li hev haş dikirin,navêna wan xweş dikir”.
لقد نسيت المترجمة أو تناست جوهر الكلام في هذه الفقرة وهو الطرفين الدينيين المتنازعين؛ المسلمين والمسيحيين وتجاوزت الـ ” دور المهم في إطفاء فتيل النزعات الدينيّة التي تسيء لقدسيتها وتذهب بالأرواح بالباطل” فجاءت الترجمة العربيّة للفقرة المترجمة الى الكردية كالتالي:
” وكان بقاؤه في سورية مصدر اعتزاز أهله وناسه. كان يقوم بدور الوسيط, يصلح فيما بينهم, يفضّ خلافاتهم, ويمتّن علاقاتهم مع بعضهم ”
فلمْ تعرّفنا المترجمة بماهية هذه الخلافات, هل هي اجتماعيّة, سياسيّة, أو فكريّة. ولا حتى من هم الطرفين المختلفين…!
ثم يتطرّق النصّ الأصلي إلى تعاون المسلمين والمسيحيين مع الأمير للتعريف بالقضيّة والتنديد بالاستعمار:
” ووضعوا أياديهم بيده ليعرف العالم برمته القضية الجزائرية والتشهير والتنديد بالعدوان الفرنسي...”.
هذا التعاون الذي ضاع بين سطور الترجمة, ولم يُلحظ له أيّ أثر…!!
ثم أنكرت المترجمة التضحيات الجسام التي قدمتها – حسب الكاتب – الشعوب العربيّة وغير العربيّة الإسلامية يقول الكاتب بوكرش :
” جيل بعد جيل أصبحت المدارس تدرس أبناءنا موضوع الثورة الجزائرية وأناشيد تخصها…وأسماء بعض روادها إلى أن سطع نجم جميلة المضحية المعذبة، (جميلة بوحيرد ) والتضحيات الجسام التي يقدمها الشعب الجزائري والشعوب العربية وغير العربية الإسلامية”.
جاءت ترجمتها الكرديّة ركيكة وغير وافية للمراد:
” Dibistanan,zarokên me nifşek li pê nifşekî hoyî sirûd û rastiya şoreşê dikirin, şoreşvana êşlêbûyî cemîla bûheyrid bi xwendevanan dida nasîn,qurbanên xelkên cezairê bi wan dida nasîn”.
ثم يصل ركب الكاتب إلى بيت القصيد الذي هو موضوع النص” سوريّة الفسيفسائيّة, محرقة السينما ,مدينة عامودا الكرديّة”. لقد أورد الكاتب كلمة الفسيفساء ليشير بذلك إلى “النسيج القومي الكرديّ الذي هو جزء أساسيّ من هذه الفسيفساء” بينما تجاوزتها المترجمة لأسباب تبعث على الحيرة, وضربت بكرديّة عامودا- التي ذهبت في مهب الترجمة – عرض الحائط. يقول الكاتب:
“سوريا الفسيفسائية برمتها كان لها في الموضوع ما كان…عامودا ومحرقة قاعة السينما بمن فيها، قاعة السينما التي برمجت فلماً سينمائياً عائداته للثورة الجزائرية والموضوع الثورة الجزائرية… لتضرم فيها النيران بمدينة كردية هي عامودا بسوريا”.
جاءت ترجمتها :
” Amûdê.! û bi sînema xwey şewitî,bi zarokên xwey ku bûne qurban,bi wan perên ku destbiçûkan guvaşti bûn bûne pişikdarê şoreşa cezairê. Amûdê dişewitî tevî sînema xwe,filmê sînemê li ser şoreşa cezair bû,perên sînemê alîkarî bûn ji bo şoreşa cezairê re,û qehreman û qurban zarokên amûdê bûn. Ên şewitîn,ên bi carekê re bûn arî, zarokên dibistanên kurdan bûn”.
وبمقارنة بسيطة بين ما كتبه بوكرش وبين ما تُرجم نلاحظ مدى الإساءة ليس للنص فقط وإنما للتاريخ و الأماكن والجغرافيا, لقد جاءت الترجمة العربية لنص الشاعرة زانا خاني كالتالي:
عامودا! شاركت في الثورة الجزائرية.. بسينماها المحترقة, بأطفالها الذين أضحوا قرابينا, بتلك النقود التي عصرها ذووالأيدي الصغيرة.عامودا كانت تحترق مع سينماها. الفيلم عن ثورة الجزائر, و ريع الفلم كان مساعدة لثورة الجزائر, الأبطال والقرابين كانو أطفال عامودا. الذين أحترقوا.. الذين أصبحوا رمادا بالكامل كانوا أطفال مدارس الكرد.
هل ذكر الكاتب شيئاً عن النقود التي عصرتها الأيدي الصغيرة…. احتراق عامودا مع السينما….أطفال عامودا؛ الأبطال والقرابين…!!؟ أم أن عاطفتنا نحن الكرد تظل تلاحقنا أينما حللنا وأنى أبدعنا ؛ حتى ولو كان الموضوع متعلّقاً بالأمانة الترجمية, أو يا ترى صدق نقد النقاد حين قالوا: ( كل ترجمان خوّان).
صحيح أن أطفال عامودا احترقوا لكنهم لم يصبحوا رماداً… ولو أصبحوا, إلا أن الكاتب لم يرد ذلك في نصّه. كما لم يُرد شيئاً عن احتراق مدينة عامودا مع السينما. فلم نسمع قط أن الحريق طال أي حيّ أو بيت في عامودا. فلا يجوز تقويل الكاتب ما لم يقل.
أخيراً يبيّن الكاتب التقدير العمريّ للضحايا وهو ما بين 10-14 ربيعاً, ويؤكد على أن الحادثة لم تأت عن عبث؛ وانما بفعل فاعل:
” أطفال مدارس كردية لن تتجاوز أعمارهم ما بين10 و 14 ربيعاً تفحموا على بكرة أبيهم بفعل فاعل…ليزيد عدد الشهداء الجزائريين والمسلمين على ما هو مصرح به رسمياً بكثير…” تكتفي المترجمة بالعبارة التاليّة:
“” Bi canê xwe,bi rihê xwe hejmara naskirî ji şehîdên cezair re zêde kirin.
في ختام النص يحني الكاتب هامته مرة واحدة إجلالا لأرواح جميع شهداء الثورة ويخص بها أطفال الكرد الا أن عاطفة المترجمة الجيّاشة تكون سبباً في انحناء هامتها مرتين, مرة لأرواح جميع شهداء الثورة ومرة تخص بها أطفال الكرد كما إن انفعالها المزمن منذ بداية الترجمة وحتى نهايتها أنساها أن توضح ديانة هؤلاء الأطفال كما وضحها الكاتب نفسه. يقول الكاتب:
“ننحني بمناسبة إحياء عيد أول نوفمبر(1954) عيد اندلاع الثورة الجزائرية 54 بالترحم وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، شهداء الثورة الجزائرية من المحيط إلى الخليج وعلى أرواح الأبرياء من الأطفال وخاصة أطفال عامودا الكردية المسلمة بسوريا “.
وتقول المترجمة المنفعلة:
“Bi helkeftina cejna yekê novemberê (1954), cejna destpêkirina şoreşa cezairê(54) em bejna xwe ditewînin û fatîhê li ser canê şehîdên şoreşa cezairê dixwînin,em bejna xwe ditewînin û fatîhê li ser canê bêgunehên zarokên amûda kurdandixwînin”
فجاءت الترجمة العربية لهذه الفقرة كالآتي:
“بمناسبة عيد الأول من نوفمبر 1954 , عيد انطلاقة ثورة الجزائر الـ (54) , نحني هاماتنا ونقرأ الفاتحة على أرواح شهداء ثورة الجزائر, نحني هاماتنا ونقرأ الفاتحة على ارواح أطفال عامودا – الأكراد – البريئين”.
أما من الناحية اللغويّة, فلم تخلُ الترجمة من الأخطاء الإملائيّة والقواعديّة البديهيّة في نصّها الكرديّ, وتتلخّص بمجملها في كتابة الحرف الأول من أسماء العلم المدن والأديان والقوميّات وبداية الجمل بالحرف الكبير من قبيل:
Amûdê Kurdan Cezairê Bokreş Mihemed Misilmanan Sûryayê Firensa Erebiye
وهذه من بديهيّات اللغة الكرديّة, وقد جاءت جملها ركيكة غير مترابطة قواعدياً كما في الجملة التاليّة:
cezair misilmane,cezair erebiye,firensa koledar û dagîrke
والأدقّ لو أنها كتبت:
Cezair Misilman e, Cezair Erebî ye, Firensa koledar û dagîrker e. أو الجملة التالية:
fatîhê li ser canê bêgunehên zarokên amûda kurdan dixwînin.
والأدق:
fatîhê li ser canê zarokên Amûda Kurdan yên bêguneh dixwînin.
وللتذكير فإن موقع “azadiya welat ” قام بتصحيح أخطاء النص وتنقيحه لغويّا قبل نشره, إلا أن الخلل الترجميّ بقي سمته.
لقد حاولت الشاعرة زانا خاني من خلال ترجمة النص السابق تقديم وجهة نظر فنان وكاتب جزائري هو الفنان محمد بوكرش إلى القارىء الكردي, فكان طغيان العاطفة وعدم التقيّد بالنص الأصلي والسماح لنفسها بالتصرّف بالنص أسباباً أساسيّة لإخفاقها ترجميّاً ولغويّاً.