سرقات ولكن بطريقة مختلفة

  محمد قاسم
m.qasim@hotmail.com 

يظن الكاتب-المثقف- انه عندما يمتلك مقدرة التعبير كتابيا بلغة معبرة ذات قدرة على التواصل مع الآخرين..وإلقاء الضوء على المخفي والمحجوب عن الناس او تصوير بعض الأشياء او توضيحها في لغة علمية او أدبية او فنية..الخ.
يظن بأنه بلغ موطنا آمنا في مساحة الحياة الواسعة والمعقدة..

فهو قد حاز على خصائص ويقدر من خلال كون  الثقافة –العلم- أو المعرفة عموما..تهدف الى تحسين صورة الحياة ومضمونها معا..لينعكس ذلك على المجتمع سهولة في الفهم والاختزان للحقائق والمعلومات والمعارف..!
ولكن ما يحز في النفس أن الوسط المسمى -المثقف- في حالات كثيرة لا يختلف عن الأوساط غير المثقفة في تجليات عديدة –عدم الاهتمام بالثقافة بقيمها المفترضة الإيجابية..عدم الرقي سلوكيا في التعامل سواء من حيث اللهجة التي يتعاملون بها او الحركات التي ينفذونها او الحالة الأخلاقية المبنية على بعض مثالية  في العلاقات وهو ما يسمى السلوك الحضاري أحيانا، او الاعتدال في الأداء بحيث يأتي متوازنا بين الأنا والغير ،بين الأنا والهم،بين الأنا والأنت او الأنتم..الخ.
واذا حاولنا متابعة هذه الحالات فيتطلب منا الكثير من العمل النظري والميداني حتى يمكننا توثيق الحالة بموضوعية ملائمة لأي بحث جاد..
لذا سأشير الى جانب واحد عشته مع بعض المثقفين المفترضين..
أولا-
وردني إيميل –من بين عدد من الكتاب- فيه دعوة للمساهمة في زاوية (عرض كتاب) لصالح جريدة ذات انتشار في الخليج..فأرسلت عرضا لكتابين احدهما:
1-   جغرافية الفكر..
2-   الملل والنحل
وجاءني إشعار باستلام المادتين..وتأكيدا على إدراج عرض الكتاب الأول للنشر وتأجيل الثاني باعتباره كتابا قديما لم يقر بعد نشر مثلها..
وكان المتصل شخصا يحمل شهادة دكتوراه بحسب ما يكتب الى جانب اسمه”د”.
وطلب العنوان والهاتف  بقصد إرسال المكافأة ..وقد فعلت ذلك..
ولكني لم أجد شيئا وقد مضى أكثر من سنة..ولم يعد يتصل بي هذا الدكتور
بل وقد أرسلت منذ أمد ايميلا أستفسر فلم يردني منه رد-وكان الرد يأتيني خلال يومين على الأكثر في مرحلة الطلب للمواد….!
ثانيا:
اتصل بي احدهم –وكنت أتوقع ذلك- لأن بعض أقاربي اخبرني بان احدهم سيتصل بك للكتابة في  باب يشرف عليه في صحيفة تمثل اتجاها سياسيا كبيرا-حزبيا- ..وطلب مني أن اكتب في موضوع حدده ..وفعلت ذلك وأرسلت له المادة ونشرها فعلا..ثم تتالت الاتصالات فأرسلت حوالي خمس مواضيع نشر منها أربعة مواضيع..واعتذر عن نشر الآخر لأنها تشير الى بعض الدول..وهذا لا يناسب سياسة الصحيفة..
وطلب مني تفويضا ليتسلم المكافأة عني ويرسلها لي طبعا..
ولكن هذا لم يكن بأفضل من السابق.
فقد مضى أكثر من عام ولم يردني شيء ولا حتى تواصل بعد ذلك..
ما استنتجته من هاتين الحالتين..
إن هؤلاء المثقفون-المشرفون على الصحف والمجلات يلجؤون الى طريقة ذكية في سرقة جهود واستحقاق الكتاب بطريقة كهذه..
فإذا استطاعوا أن يطبقوا فخهم على بعض الكتاب ..ويسرقوا جهودهم ربما كونوا في فترة قصيرة بعض مالية (محترمة كما).
مستغلين الظروف التي يعيش فيها الكتاب ماليا و قيميا..
فها أنذا أشير الى حادثتين موثقتين لدي عبر إيميلاتهم..ولكني لا اذكر أسماءهم ويبدو أنهم درسوا هذا الأمر واطمأنوا لذلك فيعملون ما يعملون..
إذا كان المثقفون هذه مسلكهم، فهل نلوم غيرهم..؟!
والأمر ذاته ينطبق على الكثيرين في الطبقة السياسية، والتي  تسرق شعوبها باسم الوطنية والمبادئ والقيم يرددونها بدون خجل..لأن الناس لم يعد ينطلي عليهم الحديث ولكنهم قد لا يستطيعون فعل شيء عمليا.
 إلا أن معرفتهم للحقيقة اكبر مما يظنه هؤلاء جميعا..ولا بد لكل شيء نهاية..ولا ادري ما ذا ستكون نهاية هؤلاء..!
وان كنت أقدر بأنها ستصبح في زاوية مهملة –ان لم تكن زاوية القمامة –من التاريخ..ولو بعد حين..!

فحكم التاريخ -أحيانا-اشد قسوة من حكم الواقع..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

 

فراس حج محمد| فلسطين

تتعرّض أفكار الكتّاب أحياناً إلى سوء الفهم، وهذه مشكلة ذات صلة بمقدرة الشخص على إدراك المعاني وتوجيهها. تُعرف وتدرّس وتُلاحظ تحت مفهوم “مهارات فهم المقروء”، وهذه الظاهرة سلبيّة وإيجابيّة؛ لأنّ النصوص الأدبيّة تُبنى على قاعدة من تعدّد الأفهام، لا إغلاق النصّ على فهم أحادي، لكنّ ما هو سلبيّ منها يُدرج…

عمران علي

 

كمن يمشي رفقة ظلّه وإذ به يتفاجئ بنور يبصره الطريق، فيضحك هازئاً من قلة الحيلة وعلى أثرها يتبرم من إيعاقات المبادرة، ويمضي غير مبال إلى ضفاف الكلمات، ليكون الدفق عبر صور مشتهاة ووفق منهج النهر وليس بانتهاء تَدُّرج الجرار إلى مرافق الماء .

 

“لتسكن امرأةً راقيةً ودؤوبةً

تأنَسُ أنتَ بواقعها وتنامُ هي في متخيلك

تأخذُ بعض بداوتكَ…

 

محمد إدريس *

 

في ذلك المشهد الإماراتي الباذخ، حيث تلتقي الأصالة بالحداثة، يبرز اسم إبراهيم جمعة كأنه موجة قادمة من عمق البحر، أو وترٌ قديم ما زال يلمع في ذاكرة الأغنية الخليجية. ليس مجرد ملحن أو باحث في التراث، بل حالة فنية تفيض حضورًا، وتمنح الفن المحلي روحه المتجددة؛ جذورٌ تمتد في التراب، وأغصانٌ…

 

شيرين الحسن

كانت الأيام تتسرب كحبات الرمل من بين أصابع الزمن، ولكن لحظة الغروب كانت بالنسبة لهما نقطة ثبات، مرسى ترسو فيه كل الأفكار المتعبة. لم يكن لقاؤهما مجرد موعد عادي، بل كان طقسًا مقدسًا يُقام كل مساء على شرفة مقهى صغير يطل على الأفق.

في كل مرة، كانا يجدان مقعديهما المعتادين، مقعدين يحملان آثار…