علمي أدبي

لقمان ديركي

قرر والدي عني، وبدلاً من أن أدخل الحادي عشر علمي كما يريد هو، لا الأدبي كما أريد أنا، وطبعاً ما دخلنا أدبي إلا بألف يا ويل، لأنو حضرة الوالد بدو ياني أدخل علمي مشان أصير دكتور، وأنا ما بدي أصير دكتور، فاضطررتُ إلى تشكيل إفرار من بيتنا في حلب باتجاه الدرباسية في أقاصي الشمال، واعتكفتُ في بيت قريبتي المتزوجة من رجل تزوج فوقها ثلاث مرات، يعني المعلم عنده أربع نسوان، وفي بيت واحد كمان، وذهبتُ لأسجل في مدرسة الدرباسية الموحدة، وخلفي حشد من أبناء قريبتي وإخوتهم اللي من خالاتهم زوجات أبيهم
فوقف المدير احتراماً لهذا الوفد اللي شي حافي وشي مشقوق قميصه وشي مخطته شارَّة، وشي شعراته منكوشين، وشي عيونه معمصين، هذا عداك عن كميات الوحول التي تلطخت بها أرضية مكتبه بسبب أحذيتنا المنتجة للطين، ثم كتب لي ورقة اللامانع من قبول هذا الطالب في مدرسة الدرباسية الموحدة، مشيتُ ومشى وفدي خلفي، ثم التفتُّ التفاتة ثقافية نحو المدير وسألته: لم تسألني إذا ما كنتُ سأدرس في الحادي عشر العلمي أم الأدبي؟!.. ونظر إلي أولاد قريبتي بإعجاب، وليش السؤال.. هون ما في غير علمي، قال المدير، فصُعقتُ وتسمرتُ مكاني، وصُعقَ الوفدُ مثلي، وجمدت شرشورة ما بين أنف وفم أحد عضاوات الوفد، وبُهتَ إبهام قدمِ آخرٍ وهي تمد رأسها من الحذاء المعوَّد على الصدعات قلبي، فلقد سمعوا قصتي البارحة، وعرفوا أنني أتيت من أجل شغلة غريبة أسمها الأدبي، وعرفوا الآن بأنني عنهم سأمضي، وخارج المدرسة تناقشنا، فقال لي عضو راسب في الصف الثالث مرتين ومبطِّل، أن أبطِّل وسأعيش أحلى عيشة، بلا دراسة وبلا وجع راس، وقال لي عضو آخر أن أتمسك بقرار إفراري من حلب والبقاء في الدرباسية ودراسة الحادي عشر علمي، وأغراني.. المدرسة هون عنا مختلط معلم، وأنت شاب مرتب جايي من حلب والأنظار ح تكون عليك، شو بدك بحلب وبمدارس البنات تبع حلب، هون لا بتوقف على باب المدرسة ولاشي، بحياتك شفت طالب بيوقف على باب مدرسة البنات اللي عم يدرسه معه بمدرسته؟!.. بعدين ما بيسترجي حدا من غير مدرسة يوقف قدام هالمدرسة ويلطش بناتها، لأنو فيها شباب بيدافعوا بالتأكيد عن شرفهم الرفيع ويسلمونه من الأذى، وباشرنا الدوام، أمضي صباحاً وخلفي وفدي، أدخل فيمضي الوفد إلى شؤونه الخطيرة من صيد عصافير وكسر لمبات بالنقيفات إلى آخره من مهمات، أزهو بجاكيتي المخمل الأسود الذي سرقته من أختي على اعتبار أنني هربان وهربان، وكالطلطميس في درس الرياضيات بدأتُ ألمع، وحاشاكم بالفيزيا والكيميا أكبر حمار أظهرُ، وتغبَّرَ بطباشيرة الأستاذ جاكيتي، حاولتُ أن أصلِّح وضعي في درس العربي، لكن هيهات.. السمعة أنو حمار، وفشلتُ في إثبات الذات أمام البنات، وعرفتُ أنو القرنة مو قرنتي، وأنو ملاعبي بالأدبي مو هون، وعدتُ مشكلاً الإفرار، هذه المرة من الدرباسية إلى حلب، وقاتلتُ وجاهدتُ وحاربتُ حتى وافق أبي على دخولي الأدبي، لكن بعد أن أقنعوه أن في بعض الدول يمكن لصاحب البكلوريا الأدبي دراسة الطب، ومن يومها بقيتُ أسمع كلمة رومانيا حتى  دخولي الجامعة، وغداً ألقاكْ.
—–

جريدة بلدنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…