د. حزني حاجو
الترجمة عن الكرديَّة: هوشنك أوسي
أخي العزيز مراد… تحياتي واحترامي
برأيي، نشرُكَ لمقالك ذاك، في موقعكَ الالكتروني “نت كورد”، يوم 12/12/2008، كانت أقرب شبهةً لـ”سكرات” الموت. كونك بدت ترى بأمّ عينيك سفينة حركة شمال الوطن، تقترب من الشاطئ. قبل كل شيء، هذا ليس بزورقٍ صغير، يهيم في عرض البحار والمحيطات الهادئة. فالأمواج العاتية التي ضربت هذه السفينة، والتي لمَّا تزل تضربها، لا يمكن مقارنتها بتلك الأمواج التي ضربت سفينة حركة جنوب افريقية، أو الحركة الفلسطينيَّة أو الفيتناميَّة.
الترجمة عن الكرديَّة: هوشنك أوسي
أخي العزيز مراد… تحياتي واحترامي
برأيي، نشرُكَ لمقالك ذاك، في موقعكَ الالكتروني “نت كورد”، يوم 12/12/2008، كانت أقرب شبهةً لـ”سكرات” الموت. كونك بدت ترى بأمّ عينيك سفينة حركة شمال الوطن، تقترب من الشاطئ. قبل كل شيء، هذا ليس بزورقٍ صغير، يهيم في عرض البحار والمحيطات الهادئة. فالأمواج العاتية التي ضربت هذه السفينة، والتي لمَّا تزل تضربها، لا يمكن مقارنتها بتلك الأمواج التي ضربت سفينة حركة جنوب افريقية، أو الحركة الفلسطينيَّة أو الفيتناميَّة.
فما عدى أميركا وانكيترا، وبعض دول “الأناناس”، فقد كان العالم أجمع، يساند نيلسون مانديلا وحركته. وعدى أميركا وإسرائيل، فقد كان كلّ العالم مسانداً لياسر عرفات وحركته أيضاً. والعالم أجميع _ وفيما بعد، الشعب الأميركي أيضاً _ كان مسانداً لهوشمين وحركته. بخلاف ما تعرَّضت له حركة كردستان الشماليَّة وزعيمها السيّد أوجلان. فليست أميركا وأوروبا _ عدى عن سورية لفترة معيّنة _ كل العالم لا زال معادياً لهذه الحركة. وللأسف، 99% من الأحزاب والحركات الكرديَّة _ باستثناء الديمقراطي الكردستاني العراقي في السنتين الأخيرتين _ وقفت ضدّ هذه الحركة منذ بدايتها، ولمّا تزل تلك الاحزاب على مواقفها، ولا تقدّم لـPKK يد العون والمساعدة، مع بالغ الأسف الشديد.
ليس لديَّ تلك المهارة الأدبيَّة والسياسيَّة التي تتمتَّع بها، كي أكون مثلك، أحاول خلق تآلف بين المتنافرات والمتناقضات. واضحٌ أنك تضع سفينة حركة شمال الوطن بين خيارين: (إمَّا على السفينة ان تتخلَّى عن قباطنتها العشوائيين، وفاقدي البوصلة… أو تزاداد الثقوب والشروخ فيها، نتيجة ارتطامها الشعوائي بالصخور، ما يجلعها تتهشَّم على رصيف الشاطئ). فيا عزيزي، شعبنا في شمال الوطن، الذي يناهز تعداده 20 _ 30 مليون نسمة، (رئيس إقليم كردستان العراق الفيدرالي السيد م. بارزاني، خمَّن 30 مليون)، هذا الشعب، قد أجرى عمليات الغربلة، ثمَّ المنخلة على قياداته السياسيَّة. والذين نتجوا عن عملية الغربلة، كان السكرتاريَّة والرؤساء والأمناء العامّين لتلك الأحزاب والتنظيمات الثلاثيَّة والرباعيَّة والثُمانيَّة…الخ. والذين نتجوا في عمليّة المنخلة لهذه القيادات، كان السادة؛ أوجلان، بايك، قره إيلان ورفاقهم. ولقد نوَّهتَ في نهاية مقالك السالف، إلى أن (الأحزاب والتنظيمات “خارج العمال الكردستاني وحزب المجتمع الديمقراطي”، وصلت بها حالة التدجين والتفريغ، لدرجة جعلتها خارج أطر التحليل والمتابعة). لكن، “القباطنة” الذين تقترحهم لقيادة السفينة، ولا تشير إليهم بالاسم، هم نفسهم الذين، أول من لفظتهم عملية الغربلة. ولا اتهمهم بالخيانة، ما عاذ الله. لكنّي واثقٌ مائة بالمئة، أنهم كانوا يبحثون عن الأماكن الوارثة، الطريَّة، الدافئة، التي تدرُّ المال والرَّاحة عليهم. الأماكن، التي لا تحوي برودة جبال آعري، مرتو، باغوك، وقنديل…، القارسة. الأماكن التي لا تعشِّش فيها الأفاعي والعقارب. وغالبية القباطنة والملاّحين الذين تقترحهم، اختاروا السويد ملاذاً لهم. واتجهوا للكتابة. وكانوا يتقاضون على كلّ كتاب او بروشور صغير ما يناهز الـ10 آلاف كرون. افتتحوا الجمعيات، وخصّصت لهم ميزانيات ضخمة. وكان التشاحن والتشاجر على تلك النقود التي تمنحها لهم دولة السويد، يدفعم للمسك بخناق بضعهم البعض مراراً وتكراراً، وقد ألحقوا ببعضهم ما لم يتوقَّعه أحد منهم. وفاحت روائحُ نتانةِ شجارهم وتناحرهم بين أعضاء قواعدهم. وأنت أدرى منّي بهاتيك الأحداث القذرة. وكلُّ الاحترام والتقدير لروهات ألكوم، محمد أوزون، محمود باكسي، فرات جوهري…، وآخرين كُثر. فهؤلاء، قدّموا نتاجات قيَّمة في ميادين الأدب، اللغة، التاريخ، الرواية والفنون الأخرى. وبعد أن استتبّ الأمر في كردستان العراق، رأينا كيف بدأ “القباطنة” و”الملاّحون” يتسابقون في التهافت على؛ أيٌّ منهم يَصِلُ أولاً إلى كردستان الحرّة!. ومع وصول بعضهم، تمَّ منحهم المكاتب والمقرَّات، والسيارات رباعيَّة الدفع، مع سائقين خاصّين. وتمَّ فتح أبواب استوديوهات قنوات كردستان لهم على مصارعها. وكنَّا نرى ونسمع هديلهم المتصاعد، في برامج تلفزيونيَّة، كبرنامج “روني” الذي كان يقدِّمه السيّد سامي أرغوشي. حيث كان الأخير يستضيفهم، ولا نسمع منهم شيء ذو قيمة، سوى اندفاعهم الحماسي للتشهير وتحقير حركة شمال الوطن!. وسأكتفي بهذا القدر، ولن أفتح عليهم باب الغنى، وطرح الأسئلة بهذا الخصوص.
أخي مراد.. في هذا العالم العديم الوجدان، والخالي من العدالة، لم تعد مهارة وشطارة “القباطنة”، ذات أهميَّة، كي يستحصلوا على النصر. هل كان في العالم أشخاص أكثر نتانة وقذارة من بن لادن والملا عمر، لكنهم كانوا “قباطنة” ماهرين، وكانت أميركا وأوروبا، تقوم بدعمهما بشكل كبير. وإنْ اتفقنا جدلاً: إن ذلك الدعم، كان في إطار مناهضة السوفيات والمنظمومة الاشتراكيَّة، فبماذا تفسّر دعمهم لصدّام في مواجهة ملالي إيران؟!. لماذا تدعم أميركا الصعاليك الفارّين من كوبا إلى فلوريدا ضدّ كاسترو؟. يبدو أن ترنالي جومبي كان “قبطاناً” بارعاً، حتّى يلقى الدعم والمساندة ضد نظام لومومبا؟!. أيّهم كانوا “قباطنة” ماهرين؛ دكتاتوريات أميركا الوسطى والجنوبيَّة، أم قادة حركة توباماروس، الذين كان 50 % منهم أكاديميين؟!.
وهنا، أبدي احترامي وتقديري اللامتناهي لقيادات أكرادنا الجنوبين _ رغم “عشوائيّتهم” و”شواش بوصلتهم” في تاريخنا القريب _ كونهم يديرون ويقودون الآن، جزءاً محرراً من الوطن. لكن، إنْ لم “يرتطم العصفور بالحجر”، (مثل كردي، كناية عن الصدفة والحظ/ المترجم)، ولم تتدخَّل القوى الدوليَّة العظمى في العراق سنة 1990، اما كانت، حتّى الآلهة، عاجزة عن تحريك عرش صدَّام، وقلب نظام حكمه، والإطاحة به سنة 2003؟. وبإمكاني أن آتي لك بلائحة طويلة، تؤكّد أن 70 % ، على الأقلّ، من انتصارات الحركات، في عالمنا الراهن، لم تتأتَّى من مهارة وبراعة “القباطنة”، بل كان الامر متعلّقاً بمصالح القوى العظمى في العالم. وقد يتساءل “قباطنتك البراعون”: ولماذا لا نربط مصالحنا مع مصالح هذه القوى الكبرى؟. لماذا نحن، لهذه الدرجة، عاجزون في حقل الدبلوماسيَّة؟. وطبعاً، السؤال الاول، ليس في محلّه. لأن المشلكة هي مشكلة مصالح. نعم، لا مناص من النضال. لكن، في آخر المطاف، التوازنات الدوليّة، هي التي تهيّئ الفرص الدوليَّة. أمَّا ما يتعلَّق بالسؤال الثاني، فأنا أيضاً، وإلى حدٍّ ما، مع طرحه. وما أقصده، هو الدبلوماسيَّة الواعية والفعَّالة. وهنا، ثمّة سؤال آخر يطرح نفسه: السيّد كمال بورقاي، الذي يتمتّع بقدرٍ كبير من الوعي والحيوية، وينشط في أوروبا منذ 1970، ولا تستطيع أوروبا أن تتهمه بالتصلُّب الأيديولوجي، أو العنف، ولو بمقدار رأس الإبرة، هو وحزبه (الاشتراكي الكردستاني)، ومعهم “كوم كار” التي كانت في أوج قوَّتها، بين المنظمات والأحزاب الكرديَّة في شمال الوطن، وقتئذ، ماذا أنجزت للآن؟!. وبعد إذنك، هل نجحوا في استقطاب منظمة أوروبيَّة هامَّة وذات وزن وتأثير _ وليس دولة _ لمساندة ودعم الشعب الكردي في كردستان الشماليَّة؟!. ألم يكن الشعب الكردي في شمال الوطن، أكثر أحقيَّة من المعارضة الإيرانيَّة، بما فيها مجاهدي خلق، لتقّي الدعم والمساندة؟.
دون شكّ، لا يمكن غسل وتنزيه حركة الشمال من الاخطاء؟. فحركة واسعة وكبيرة مثلها، من البديهي أنها ستتعثّر وتخطئ. لكن، ما هي معاييرك، أو على ماذا تستند في قولك: (في الفترة الأخيرة، تتجه الحركة، في الداخل والخارج، نحو العزلة. ورويداً، يتقلَّص الدعم الدولي والمحلّي لها)؟. عزيزي مراد.. لا أنت، ولا أنا، نسمك بعصا رفيعة، بواسطتها، نقوم بتعداد من كان مع هذه الحركة، ومن تركها. وعلى الصعيد العسكري، لا أنا ولا أنت، نملك تلك الآلة التي تحصي عدد الموجودين في استاديومات كرة القدم، حتّى نقوم بإحصاء عدد مقاتلي قوات الدفاع الشعبي الكردستاني HPG، (الجناح العسكري للعمال الردستاني/ م). وإن كنت تأذن لي، وتقبل منّي، أن أكرر على مسامعك تصريح السيّد مسعود بارزاني بهذا الخصوص، والذي أدلى به في المنابر الإعلاميَّة التركيَّة، ردَّاً على الأتراك، حيث يقول: (كم مرَّةً قالتنا معكم ضد PKK؟. ولم ننجح في الانتصار عليهم معاً. هم الآن، أقوى من السابق). وعلى صعيد حجم الالتفاف الجماهيري حول التظيم العلني، أحيلك إلى نتابج الانتخابات البرلمانيَّة والبلديَّة السابقة. فإذا قسنا عدد المقترعين لحزب المجتمع الديمقراطي DTP في انتخابات 2007، مع دورة السيّدة ليلى زانا ورفاقها، الذين تحالفوا مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي SHP (برئاسة أردال أنونوا / م)، نجد أن الفارق كبير جداً، رغم كل الأخطاء التي اعترفت بها قيادة DTP. وإذا كانت موجة حزب العدالة والتنمية ليست في الميدان، ولم يكن كل اكراد العالم، ما عدى DTP، أيّدوا هذه الموجة، ولم يقولوا عنها بأنها “خير وبركة”، بالتأكيد لكان عدد برلمانيين DTP أكثر. هذا ناهيك عن ان عدد البلديات التي بحوزة الاكراد كانت 37، أمَّا الآن، فعددها 56. لا أنت ولا أنا، راضيين عن هذه النتائج. لكنك مخطئ في تشاؤميتك _ ولا أقول تشويهك. وإنْ قمتُ بتعداد الموالين لحزب العمال في الاجزاء الثلاثة الاخرى من الوطن، أجد ان حزب الحياة الحرّة الكردستاني PJAK، يعتبر الحزب الأول في كردستان الشرقيَّة. شخصيَّاً، لا استطيع تأكيد هذه المعلومة مائة بالمئة. لكنني أعرف الكثير من الشخصيات المعروفة والموثوقة، في ذلك الجزء، ممن تؤكّد وجهة النظر تلك. في الجنوب، لم تنتهِ صفحات اقتتال الأخوة وحسب، بل ثمة ما ينعش صدور وقلوب كل الأكراد، داخل وخارج الوطن، مما يصدر عن البيانات هناك. لا أزعم أن جماهير العمال الكردستاني قد ازدادت عدداً هناك، لكن، دون شكّ، شحنة الرفض الجماهيري للدولة التركيَّة، قد ازدادت عشرة أضعافها. يعني، أنهم يساندون حركة شمال الوطن، ولو بشكل غير مباشر. وفي الآونة الاخيرة، يبدو التأييد مباشراً أحياناً. ولا اكتمك سرَّاً، أنني لست مع ازدياد الحجم الجماهيري المساند للعمال الكردستاني في كردستان العراق، خشية أن تزداد حساسيات الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني، كي لا نخسر الأجواء الحاليَّة.
وإذا كان السيّد اوجلان، يدعو من سجنه، السيد مسعود بارزاني ومام جلال طالباني، ألاّ يكتفيان بمساندة حل القضيَّة الكرديَّة في الشمال وحسب، وبل أن يعتبرا نفسيهما ممثلين لهذه القضيّة، وإذا كان السيدان قراه إيلان وباهوز أردال، ورفاقهما، يقولون أنهم مستعدّون للتضحية بأنفسنا في سبيل الحفاظ على مكتسبات كردستان الجنوبيَّة، وإذا كان السيّد أحمد ترك، يقول كلاماً جميلاً أمام ضريح المرحوم؛ الملا مصطفى بارزاني، وإذا كان السيّد مسعود بارزاني يقول لكلّ الأكراد في العالم؛ إن الاقتتال الكردي _ الكردي، هو خط أحمر. ويصرّح دوماً؛ إن PKK ليس منظمة إرهابيَّة، وإذا لم تكن لاعتبارات دبلوماسيَّة، لكان عدد لا بأس به من اعضاء برلمان كردستان العراق، أشهر تأييده لحركة شمال الوطن، منددين بممارسات الدولة التركيَّة، كل ما سلف، يا أخ مراد، بالفعل، انه يشير إلى (العزلة) التي ذكرتها!. امَّا في الجنوب الغربي من الوطن، وإن لم يكن بنفس وتيرة سنة 1990، فأن التأييد والمناصرة الجماهيريَّة لحركة التحرر الوطني الكردستاني، هي الاكثر تنظيماً، والاكثر انضباطاً، والأكثر قوَّة. وتتحدَّث لنا عن انحسار التأييد الدولي للحركة!. فما أعلمه، إن هذا التأييد، كان معدوماً، أصلاً. والتصريح الأخير للبرلمان الأوربي، كان الأكثر قوّة بهذا الصدد. أمّا السلطات التركيَّة، فتتهم أوروبا وأميركا بتقديم الدعم والمساندة لحزب العمال ولحزب المجتمع الديمقراطي، ليصل الحدّ بهم للقول: إن الجيش الأميركي، يمدُّ قوات الدفاع السعبي الكردستاني بالأسلحة!. قد لا يكون الأمر صحيحاً، وقد يكون خلاف ذلك، عملاُ بالمثل الشعبي؛ ألاَّ دخان من دون نار. وليس خافياً أن إسرائيل، أمدَّت مرَّات عديدة ملالي إيران بالأسلحة، أثناء الحرب العراقيَّة _ الإيرانيَّة.
لا أودُّ التعريج على علاقات بعد عناصر حزب العمال بعصابة أرغاناكون، والاستخبارات التركيَّة MIT، والجهات الأخرى، لأنه لا تتوفَّر لدي المعلومات الموثوقة في هذا الصدد، ولا أجد أنه من المنطقي الخوض في هذه المسائل. فالسيّد أوجلان، تمَّ أختطافه بمؤامرة دوليَّة، وتمَّ إيداعه في سجن إنفرادي، قلَّ نظيره في تاريخ العالم. في الوقت عينه، نجد عدداً، لا بأس به، من سكرتارتيَّة بعد الاحزاب الكرديَّة في تركيا، يصولون ويجولون بحريَّة بين آمد، أنقرة، اسطنبول، استوكهولم، باريس، بارلين…الخ، دون أن يكون أحد يعلم شيئاً عن ذلك!. والبعض من هؤلاء القادة، يتعمَّد التحرُّش بالمحاكم التركيَّة، ويقول أمامها: “عاش الكرد وكردستان”، ولا أحد يكترث بهم، ولا يأخذ على محمل الجدّ عنتيراتهم!. أمَّا أوجلان الذي يعيش في ظروف جد صعبة، ما يثلج صدره ويخفف عنه، فقط، هو أن يسمع بأنّ الشعب الكردي لا ينساه، ويطالب بحريَّته، داخل وخارج الوطن. لكن مع الأسف، كان هنالك البعض _ تناقص عددهم الآن _ يقولون: إن أوجلان، يعيش في فندق 5 نجوم، في سجنه بإمرالي، حيث يأتون بالفتيات الحسنوات إليه. ولا يمنعون عنه مشاهدة التلفزيون، واستخدام الكمبيوتر والانترنيت. أمَّا أنا، فأقول: يا ليت الأمر كان هكذا. في سجون البلدان المتقدِّمة، هذه الأشياء، من الحقوق الطبيعيَّة للسجين. وقد يكون استخدام الانترنيت، محدوداً في تلك السجون، لكن السجناء هناك، يتمتّعون بحقوق كثيرة. ولم يبقَ 2% مما كان يقال من كلام على هذه الشاكلة. لكن، من كان يفبرك هذه الأكاذيب، ويروِّجونها عمداً، وأولئك الذين كانوا يُصدِّقونها، ماذا يقولون لأنفسهم الآن؟!.
عذراً، عزيزي مراد.. البعض من كلامي هذا، هو ذاتي، وليس ذي آصرة بفحوى مقالك السالف الذكر. لكنّك قد قمت بصوغ آرائك وعبارتك _ ليس في مقالك ذاك وحسب، بل في مقالات أخرى أيضاً _ ما دفعني لذكر تلك الأمور. وتقول في إحدى الفقرت: (يتمُّ الحديث عن وجود الحمائم والصفور في حركة الشمال. وأن ليس هنالك PKK واحد، بل العديد من PKK. كل جناح، خاضع لدولة معيّنة…!).
ومعلوم أنه لم يبقّ أي تنظيم كردي، لم يتعرَّض للانشقاق، وأضحى أشلاءاً وإرباً. وأحياناً، كان الفريق المنشقّ، يصبح أكبر قوّة وزخماً من الحزب الأم، ولا زال هذا التوجُّه غير الشرعي قائماً. وآمل ان تشير لي إلى أسماء وأحجام وقوَّة الذين انشقّوا عن حزب العمال الكردستاني. وبديهيٌّ جداً، أن يصاب البعض بالتعب والإرهاق، في تلك الظروف الصعبة جداً، وأن تنخفض عزيمة وإيمان البعض، فيتركون صفوف رفاقهم. لكن، الذين تركوا الحركة، بحجَّة أنهم لم يعودوا مقتنعين بنهج السادة آبو، قره إيلان، بايك…الخ، ورغم الدعم اللامحدود الذي تلقّوه، إلاَّ أنهم فشلوا في مسعاهم. عثمان، وهو شقيق زعيم حزب العمال، لم يعد يعرف في أيّ اتجاه يذهب!. ولنرى، ماذا سيجني من استسلامه للأتراك، وماذا سيتمخّض عن ذلك؟. ويبدو أن بعض الذين قاموا بتعليفه _ نظراً لضعفه _ لم يعودوا يوطيقونه، أو يعتازونه، لذا، قرّر عثمان أن يسلِّم نفسه لتركيا!. وأخشى أن بعض أولئك القادة والسكرتاريَّة، ينتظرون منه، أن يلعب دوراً معادياً لحزب العمال؟!.
وتشير في نقطة أخرى إلى أنّ (جلُّ سياسة حزب العمال الرسميَّة…، لا تكترث بسيادة ذلك الجزء “كردستان العراق”. ولا يعتبر ذلك المكان، كأراضي محررة….). عزيزي مراد.. الحقُّ، أننا لا نأمل من مثقفٍ، شأنك، هكذا رأي. وكأنه لم ينقصنا مساعي الدولة التركيَّة، ومجموعة لا بأس بها من القادة العسكريين والسياسيين في أميركا، حتى تأتي أنت أيضاً، وتنحو نحوهم، عبر عباراتك تلك، التي لا خير فيها، والهادفة إلى خلق البلبلة بين أكراد جنوب الوطن وشماله، وخاصة، دقّ أسافين بين قيادتي هذين الجزئين، وتأليبهم على بعض!. وللأسف، إن قسم لا بأس به، من كتَّاب المقالات في موقعك الالكتروني “نت كورد”، هم أيضاً يحذون هذا الحذو!. ويبدو أنك تطالب من PKK، أن يدخل ضمن جوقة المطبِّلين والمزمِّرين بُكرةً وأصيلا، لقيادات ومؤسسات كردستان العراق؟!. تلك الجوقة المؤلَّفة من أشخاص، كانوا فيما مضى قيادات أحزاب كردستانيَّة!.
وفي نقطة أخرى، أجدك توازي بين ممارسات وآراء PKK تجاه العلويين، مع وممارسات آراء الكماليين. (نسبة إلى كمال أتاتورك/ م). وأنا من قامشلو _ إن لم أكن مخطئاً _ وفي دار المرحوم د. دارا عراف عبّاس، العلوي المذهب، وفي سنة 1995، كنت أمام شاشة “ميد تي في”، حين كان يتمّ تعداد أسماء أعضاء البرلمان الكردي في المهجر PKDW، فقلت مداعباً الدكتور دارا، وأخوه وأفراد عائلتهما: “غير ممكن!!، كل الأعضاء منكم!!؟”. وأجزم ألاّ وجود لأيّة مؤسسة تابعة لـPKK في أوروبا، ولا يعمل فيها، أو يديرها أخوتنا العلويون. وقد تكون نسبتهم، لا توازي نسبة الأكراد السنَّة. ولو كنت أنا، لأفسحت المجال لهم أكثر. ثم تقول: (منطلقات ورؤية PKK في العلاقات العلويَّة _ النقشبنديَّة، هي أقرب إلى رؤية الكماليين لها. فيما يتعلَّق بتشويه النقشبنديَّة في عيون الأكراد، غير المسلمين، غير السنَّة، غير النقشبنديين، واتخاذها كنقطة أساسيّة). وعلى ضوء كلامك، فلنتخذ أهم مؤسسة ذات التأثير، من بين مؤسسات PKK، كـ”روج تي في” نموذجاً. فكم شخص من الأكراد غير العلويين، يعلمون أن النقشبنديَّة، القادريَّة، الشافعيَّة…الخ، قد أثَّرت على علاقاتهم في العمل في هذه القناة؟!. صحيح أن الأتراك قد ودودوا في آذنهم كثيراً، بأن الأكراد السنَّة يسعون إلى إبادتهم. ولقد نجح الأتراك إلى حدٍّ ما في إبعاد العلويين عن قوميتهم، بشكل مخطط ومبرمج وممنهج. واعتقد أنه، لا PKK ولا DTP قد لعبا هذا الدور الذي تشير إليه. ولا اعقد أنه ثمَّة مماسات متعمَّدة بحقِّهم من قبل هذين الحزبين. وكما نعلم جميعاً، أن اكرادنا العلويين، هم مثقفون وتقدّميون. وهذا بحدِّ ذاته، يكفيهم لأن يتبوَّأوا المناصب الهامَّة. وهذا لا يعني البتَّة، أن الحركة الكرديَّة، تمارس التمييز بين الأديان، والطرائق، والطوائف الكرديَّة. وقد تناهي إلى مسمعي، أنه كانت هنالك بعض الحساسيات بين الأكراد العلويين والإيزيديين. لكن، بين النقشبنديين والقادريين، فهذا ما لم أسمعه أبداً. وآمل أن تتفضَّل عليَّ بذكر، من الحركات السياسيَّة، أكثر من PKK وDTP أوجد تقارباً بين الأديان والطوائف؟. ليس لي علم بما يدور في دواخل وخواطر السادة؛ أوجلان، قره إيلان، بايك، باهوز، علي حيدر قيطان…الخ، لكن أداء منابر إعلامهم المرئي والمسموع والمقروء، هو مناقض تماماً لكلامك. ما يثير لدى المرء شكوكاً حول كلامك. وأقولها لك بصراحة، بأن ربطك النقشبنديَّة بالكراديتي في مقالك ذاك، لهو أمرٌ غريب ومثير للدهشة!؟. وهذا لا يعني أن السادة شيوخ الطرق النقشبنديَّة والقادريَّة، والملا سعيد النورسي (بديع الزمان النورسي/ م)، ليس لهم مكانة مرموقة وعالية في الاجتهاد الإسلامي، لكن، من اتّبع خطاهم، استخدم هذه الطرائق، كحصان ذهبي. وعليه، ما الذي يميّز كرديَّةَ النقشبنديَّة عن كرديَّة الطرائق الأخرى؟. وفي مواجهة الشيوخ الشرفاء، كالشيخ عبيدالله النهري، الشيخ سيعد بيران، سيد رضا، شيخ أحمد بارزاني…، نجد مئات الشيوخ الخونة والمرتزقة، كانوا يركعون أمام أقدام الأعداء صاغرين. ومن بين هؤلاء، قادريين ونقشبندين. وتناولي للمسألة، لا يتأتَّى من مسند أو خلفيَّة أيديولوجيَّة. فهذه حقيقة، لا يمكن لأحد إنكارها.
ولنأتِ على نقطة أخرى، أخالفك الرَّأي فيها، حين تقول: (ثمّة مسعى في حركة أكراد كردستان الشماليَّة، يقضي بإبعاد أكراد الشمال من التاريخ، اللغة، الثقافة، والرموز القوميَّة المشتركة للأكراد، كي لا يصبح الكرد، أصحاب هويَّة قوميَّة مستقلَّة…!؟). وسأكتفي هنا فقط، تذكيرك ببعض أسماء برامج “ميد تي في” و”ميديا تي في” و”روج تي في”: عظماء الكرُد. أعرف وطنك. الخطوة الثالثة. جراب الدرويش…الخ. ولم أعد أذكر البرنامج الذي كنت أنت تقدِّمه عن الخالد احمد خاني. وهنا، لا يسعني الحديث حول المؤسسات الكثيرة والمتنوّعة التي أسسها حزب العمال الكردستاني في هذا الصدد. ولا أعلم إنْ كنت تزور كردستان الشماليَّة أم لا؟. وإن تسنَّى لك ذلك، ولم يكن هنالك أيّ عائق، فأنا أدعوك لزيارة المركز الثقافي الميتاني في نصيبين، كي ترى، كيف تعتني هذه الحركة بالثقافة واللغة والرموز الكرديَّة، ومدى حرصها على حماية الهويَّة الكرديَّة، أم لا؟. وعليك ألاَّ تنسى، أن هذه الحركة، لا زالت في طور التحرر الوطني، وهي لم تصل لمرحلة استلام السلطة الرسميَّة.
أخي العزيز مراد.. وكانِّي بك تحاول في مقالك ذاك، ان تصنِّف كلّ جهد ونشاط وكفاح PKK وDTP، وخاصَّة في الآونة الأخيرة، بأنها تقع في إطار خدمة الدولة التركيَّة!. ومن حقِّك التعبير عن رأيك وافكارك، وليس في “نت كورد” وحسب. لكن، هكذا رؤى وأفكار، كانت رائجة سنة 1984. وأعتقد أنه، لا زلت تذكر، كيف ان 11 حزب وتنظيم كردي، من اجزاء كردستان الأربع، أصدرت بياناً، كان يحوي تقريباً، هذه الأفكار والعبارات التي تكررها اليوم!. والآن، في متناولك الكثير من المجموعات والأحداث المنتقاة، كأرغاناكون، وPKK الخفيَّة، على وزن الدولة الخفيَّة في تركيا…الخ، الكثير من المحللين الحاذقين، يقولون: عسكرتاريَّة PKK والدولة التركيَّة، لا يودُّون إنهاء هذه الحرب!. في هذه الأوقات، ربما جنرال تركي، في اسطنبول وأنقرة أو إنجيرلك، يقضي شتاءه، أمام دفء “جنترا هايتينغ” وكالوريفير، متَّكئاً على الأرائك أمام التلفاز، وكوبه مترعة بالويسكي الاسكوتلندي، لا يرغب في أن تنتهي هذه الحرب، ربما يتقبَّل العقل هذه الفكرة. لكن، أن يكون شخص، كجميل بايك، الذي منذ العشرين أو الخامسة والعشرين من عمره، وهو مختبئ، لا بديل له عن سكنى الكهوف او الخيم البلاستيكيَّة، كي يردأ عن نفسه برد جبال زاغروس القارس، ويودُّ ان تستمرَّ الحرب، فأن لم يكن عقل المرء، يشابه عقل الحـ…، هل يمكنه أن يصدِّق هذه الترَّهات!؟. وقد يكون لبايك، كانتوناته في سويسرا، ونحن لا ندري بها!!. وليتفضَّل علينا، محللونا بكشف، كم من ملايين الأورهات، يملكها بايك؟!.
وبالـ”بروباغندا المضادة” و”تشهير” الذي تثيره تجاه حركة الكرديَّة المتضامنة مع شعوب الاناضول، بأنّ؛ (هذا النهج، يصبُّ في خدمة، ألاَّ تعبّر المسألة الكرديَّة عن نفسها في المحافل الدوليَّة. ولا يتمَّ التباحث حولها مع الأحزاب السياسيَّة، والمنظمات الاجتماعيَّة، والحكومات والبرلمانيين الأوروبيين، وخاصَّة، الغربيَّة منها…)، ربما هو تعبير عن مخاوفك، من الدور والثقل والاهتمام المتنامي الذي توليه مؤتمرات الاشتراكيَّة الدوليَّة، والبرلمان الأوروبي لـDTP، وقبله، لـHADEP وDAHEP!. ذلك الاهتمام الذي كان يحظى به سابقاً PSK وYNK، ما أثار غيظك، دفع لقول تلك العبارات؟!. واتفق معك، ان PKK لا زال، يجد صعوبة في إقامة العلاقات مع الأحزاب والمنظمات الأوروبيَّة. وللأسف، ليس تركيا وحسب، وبل حلفاؤها أيضاً، وقفوا عائقاً أمام إقامة تلك العلاقات. لكن، علينا ألاَّ ننسى ان عدداً لا بأس من التنظيمات الكرديَّة أيضاً أثّرت سلباً، وحالت دون إقامة تلك العلاقات!. والبعض من هذه الاحزاب الكرديَّة، كانت السبَّاقة إلى ربط حزب العمال بالإرهاب!. والحقُّ، إنَّه لم يكون مأمولاً منك، أن تقارن سلوك وممارسات حركة كردستان الشماليَّة، بسلوك وممارسات الدولة التركيَّة، وتضعها في سلّة واحدة!. لكن، ماذا أفعل، أو أقول لك ولـ”نت كورد”تك، أكثر من: ألاّ يكون الشيخ عبدالقادر الغيلاني، وشاه نقشبند معكم في مسعاكم.
ــــــــــ
ليس لديَّ تلك المهارة الأدبيَّة والسياسيَّة التي تتمتَّع بها، كي أكون مثلك، أحاول خلق تآلف بين المتنافرات والمتناقضات. واضحٌ أنك تضع سفينة حركة شمال الوطن بين خيارين: (إمَّا على السفينة ان تتخلَّى عن قباطنتها العشوائيين، وفاقدي البوصلة… أو تزاداد الثقوب والشروخ فيها، نتيجة ارتطامها الشعوائي بالصخور، ما يجلعها تتهشَّم على رصيف الشاطئ). فيا عزيزي، شعبنا في شمال الوطن، الذي يناهز تعداده 20 _ 30 مليون نسمة، (رئيس إقليم كردستان العراق الفيدرالي السيد م. بارزاني، خمَّن 30 مليون)، هذا الشعب، قد أجرى عمليات الغربلة، ثمَّ المنخلة على قياداته السياسيَّة. والذين نتجوا عن عملية الغربلة، كان السكرتاريَّة والرؤساء والأمناء العامّين لتلك الأحزاب والتنظيمات الثلاثيَّة والرباعيَّة والثُمانيَّة…الخ. والذين نتجوا في عمليّة المنخلة لهذه القيادات، كان السادة؛ أوجلان، بايك، قره إيلان ورفاقهم. ولقد نوَّهتَ في نهاية مقالك السالف، إلى أن (الأحزاب والتنظيمات “خارج العمال الكردستاني وحزب المجتمع الديمقراطي”، وصلت بها حالة التدجين والتفريغ، لدرجة جعلتها خارج أطر التحليل والمتابعة). لكن، “القباطنة” الذين تقترحهم لقيادة السفينة، ولا تشير إليهم بالاسم، هم نفسهم الذين، أول من لفظتهم عملية الغربلة. ولا اتهمهم بالخيانة، ما عاذ الله. لكنّي واثقٌ مائة بالمئة، أنهم كانوا يبحثون عن الأماكن الوارثة، الطريَّة، الدافئة، التي تدرُّ المال والرَّاحة عليهم. الأماكن، التي لا تحوي برودة جبال آعري، مرتو، باغوك، وقنديل…، القارسة. الأماكن التي لا تعشِّش فيها الأفاعي والعقارب. وغالبية القباطنة والملاّحين الذين تقترحهم، اختاروا السويد ملاذاً لهم. واتجهوا للكتابة. وكانوا يتقاضون على كلّ كتاب او بروشور صغير ما يناهز الـ10 آلاف كرون. افتتحوا الجمعيات، وخصّصت لهم ميزانيات ضخمة. وكان التشاحن والتشاجر على تلك النقود التي تمنحها لهم دولة السويد، يدفعم للمسك بخناق بضعهم البعض مراراً وتكراراً، وقد ألحقوا ببعضهم ما لم يتوقَّعه أحد منهم. وفاحت روائحُ نتانةِ شجارهم وتناحرهم بين أعضاء قواعدهم. وأنت أدرى منّي بهاتيك الأحداث القذرة. وكلُّ الاحترام والتقدير لروهات ألكوم، محمد أوزون، محمود باكسي، فرات جوهري…، وآخرين كُثر. فهؤلاء، قدّموا نتاجات قيَّمة في ميادين الأدب، اللغة، التاريخ، الرواية والفنون الأخرى. وبعد أن استتبّ الأمر في كردستان العراق، رأينا كيف بدأ “القباطنة” و”الملاّحون” يتسابقون في التهافت على؛ أيٌّ منهم يَصِلُ أولاً إلى كردستان الحرّة!. ومع وصول بعضهم، تمَّ منحهم المكاتب والمقرَّات، والسيارات رباعيَّة الدفع، مع سائقين خاصّين. وتمَّ فتح أبواب استوديوهات قنوات كردستان لهم على مصارعها. وكنَّا نرى ونسمع هديلهم المتصاعد، في برامج تلفزيونيَّة، كبرنامج “روني” الذي كان يقدِّمه السيّد سامي أرغوشي. حيث كان الأخير يستضيفهم، ولا نسمع منهم شيء ذو قيمة، سوى اندفاعهم الحماسي للتشهير وتحقير حركة شمال الوطن!. وسأكتفي بهذا القدر، ولن أفتح عليهم باب الغنى، وطرح الأسئلة بهذا الخصوص.
أخي مراد.. في هذا العالم العديم الوجدان، والخالي من العدالة، لم تعد مهارة وشطارة “القباطنة”، ذات أهميَّة، كي يستحصلوا على النصر. هل كان في العالم أشخاص أكثر نتانة وقذارة من بن لادن والملا عمر، لكنهم كانوا “قباطنة” ماهرين، وكانت أميركا وأوروبا، تقوم بدعمهما بشكل كبير. وإنْ اتفقنا جدلاً: إن ذلك الدعم، كان في إطار مناهضة السوفيات والمنظمومة الاشتراكيَّة، فبماذا تفسّر دعمهم لصدّام في مواجهة ملالي إيران؟!. لماذا تدعم أميركا الصعاليك الفارّين من كوبا إلى فلوريدا ضدّ كاسترو؟. يبدو أن ترنالي جومبي كان “قبطاناً” بارعاً، حتّى يلقى الدعم والمساندة ضد نظام لومومبا؟!. أيّهم كانوا “قباطنة” ماهرين؛ دكتاتوريات أميركا الوسطى والجنوبيَّة، أم قادة حركة توباماروس، الذين كان 50 % منهم أكاديميين؟!.
وهنا، أبدي احترامي وتقديري اللامتناهي لقيادات أكرادنا الجنوبين _ رغم “عشوائيّتهم” و”شواش بوصلتهم” في تاريخنا القريب _ كونهم يديرون ويقودون الآن، جزءاً محرراً من الوطن. لكن، إنْ لم “يرتطم العصفور بالحجر”، (مثل كردي، كناية عن الصدفة والحظ/ المترجم)، ولم تتدخَّل القوى الدوليَّة العظمى في العراق سنة 1990، اما كانت، حتّى الآلهة، عاجزة عن تحريك عرش صدَّام، وقلب نظام حكمه، والإطاحة به سنة 2003؟. وبإمكاني أن آتي لك بلائحة طويلة، تؤكّد أن 70 % ، على الأقلّ، من انتصارات الحركات، في عالمنا الراهن، لم تتأتَّى من مهارة وبراعة “القباطنة”، بل كان الامر متعلّقاً بمصالح القوى العظمى في العالم. وقد يتساءل “قباطنتك البراعون”: ولماذا لا نربط مصالحنا مع مصالح هذه القوى الكبرى؟. لماذا نحن، لهذه الدرجة، عاجزون في حقل الدبلوماسيَّة؟. وطبعاً، السؤال الاول، ليس في محلّه. لأن المشلكة هي مشكلة مصالح. نعم، لا مناص من النضال. لكن، في آخر المطاف، التوازنات الدوليّة، هي التي تهيّئ الفرص الدوليَّة. أمَّا ما يتعلَّق بالسؤال الثاني، فأنا أيضاً، وإلى حدٍّ ما، مع طرحه. وما أقصده، هو الدبلوماسيَّة الواعية والفعَّالة. وهنا، ثمّة سؤال آخر يطرح نفسه: السيّد كمال بورقاي، الذي يتمتّع بقدرٍ كبير من الوعي والحيوية، وينشط في أوروبا منذ 1970، ولا تستطيع أوروبا أن تتهمه بالتصلُّب الأيديولوجي، أو العنف، ولو بمقدار رأس الإبرة، هو وحزبه (الاشتراكي الكردستاني)، ومعهم “كوم كار” التي كانت في أوج قوَّتها، بين المنظمات والأحزاب الكرديَّة في شمال الوطن، وقتئذ، ماذا أنجزت للآن؟!. وبعد إذنك، هل نجحوا في استقطاب منظمة أوروبيَّة هامَّة وذات وزن وتأثير _ وليس دولة _ لمساندة ودعم الشعب الكردي في كردستان الشماليَّة؟!. ألم يكن الشعب الكردي في شمال الوطن، أكثر أحقيَّة من المعارضة الإيرانيَّة، بما فيها مجاهدي خلق، لتقّي الدعم والمساندة؟.
دون شكّ، لا يمكن غسل وتنزيه حركة الشمال من الاخطاء؟. فحركة واسعة وكبيرة مثلها، من البديهي أنها ستتعثّر وتخطئ. لكن، ما هي معاييرك، أو على ماذا تستند في قولك: (في الفترة الأخيرة، تتجه الحركة، في الداخل والخارج، نحو العزلة. ورويداً، يتقلَّص الدعم الدولي والمحلّي لها)؟. عزيزي مراد.. لا أنت، ولا أنا، نسمك بعصا رفيعة، بواسطتها، نقوم بتعداد من كان مع هذه الحركة، ومن تركها. وعلى الصعيد العسكري، لا أنا ولا أنت، نملك تلك الآلة التي تحصي عدد الموجودين في استاديومات كرة القدم، حتّى نقوم بإحصاء عدد مقاتلي قوات الدفاع الشعبي الكردستاني HPG، (الجناح العسكري للعمال الردستاني/ م). وإن كنت تأذن لي، وتقبل منّي، أن أكرر على مسامعك تصريح السيّد مسعود بارزاني بهذا الخصوص، والذي أدلى به في المنابر الإعلاميَّة التركيَّة، ردَّاً على الأتراك، حيث يقول: (كم مرَّةً قالتنا معكم ضد PKK؟. ولم ننجح في الانتصار عليهم معاً. هم الآن، أقوى من السابق). وعلى صعيد حجم الالتفاف الجماهيري حول التظيم العلني، أحيلك إلى نتابج الانتخابات البرلمانيَّة والبلديَّة السابقة. فإذا قسنا عدد المقترعين لحزب المجتمع الديمقراطي DTP في انتخابات 2007، مع دورة السيّدة ليلى زانا ورفاقها، الذين تحالفوا مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي SHP (برئاسة أردال أنونوا / م)، نجد أن الفارق كبير جداً، رغم كل الأخطاء التي اعترفت بها قيادة DTP. وإذا كانت موجة حزب العدالة والتنمية ليست في الميدان، ولم يكن كل اكراد العالم، ما عدى DTP، أيّدوا هذه الموجة، ولم يقولوا عنها بأنها “خير وبركة”، بالتأكيد لكان عدد برلمانيين DTP أكثر. هذا ناهيك عن ان عدد البلديات التي بحوزة الاكراد كانت 37، أمَّا الآن، فعددها 56. لا أنت ولا أنا، راضيين عن هذه النتائج. لكنك مخطئ في تشاؤميتك _ ولا أقول تشويهك. وإنْ قمتُ بتعداد الموالين لحزب العمال في الاجزاء الثلاثة الاخرى من الوطن، أجد ان حزب الحياة الحرّة الكردستاني PJAK، يعتبر الحزب الأول في كردستان الشرقيَّة. شخصيَّاً، لا استطيع تأكيد هذه المعلومة مائة بالمئة. لكنني أعرف الكثير من الشخصيات المعروفة والموثوقة، في ذلك الجزء، ممن تؤكّد وجهة النظر تلك. في الجنوب، لم تنتهِ صفحات اقتتال الأخوة وحسب، بل ثمة ما ينعش صدور وقلوب كل الأكراد، داخل وخارج الوطن، مما يصدر عن البيانات هناك. لا أزعم أن جماهير العمال الكردستاني قد ازدادت عدداً هناك، لكن، دون شكّ، شحنة الرفض الجماهيري للدولة التركيَّة، قد ازدادت عشرة أضعافها. يعني، أنهم يساندون حركة شمال الوطن، ولو بشكل غير مباشر. وفي الآونة الاخيرة، يبدو التأييد مباشراً أحياناً. ولا اكتمك سرَّاً، أنني لست مع ازدياد الحجم الجماهيري المساند للعمال الكردستاني في كردستان العراق، خشية أن تزداد حساسيات الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني، كي لا نخسر الأجواء الحاليَّة.
وإذا كان السيّد اوجلان، يدعو من سجنه، السيد مسعود بارزاني ومام جلال طالباني، ألاّ يكتفيان بمساندة حل القضيَّة الكرديَّة في الشمال وحسب، وبل أن يعتبرا نفسيهما ممثلين لهذه القضيّة، وإذا كان السيدان قراه إيلان وباهوز أردال، ورفاقهما، يقولون أنهم مستعدّون للتضحية بأنفسنا في سبيل الحفاظ على مكتسبات كردستان الجنوبيَّة، وإذا كان السيّد أحمد ترك، يقول كلاماً جميلاً أمام ضريح المرحوم؛ الملا مصطفى بارزاني، وإذا كان السيّد مسعود بارزاني يقول لكلّ الأكراد في العالم؛ إن الاقتتال الكردي _ الكردي، هو خط أحمر. ويصرّح دوماً؛ إن PKK ليس منظمة إرهابيَّة، وإذا لم تكن لاعتبارات دبلوماسيَّة، لكان عدد لا بأس به من اعضاء برلمان كردستان العراق، أشهر تأييده لحركة شمال الوطن، منددين بممارسات الدولة التركيَّة، كل ما سلف، يا أخ مراد، بالفعل، انه يشير إلى (العزلة) التي ذكرتها!. امَّا في الجنوب الغربي من الوطن، وإن لم يكن بنفس وتيرة سنة 1990، فأن التأييد والمناصرة الجماهيريَّة لحركة التحرر الوطني الكردستاني، هي الاكثر تنظيماً، والاكثر انضباطاً، والأكثر قوَّة. وتتحدَّث لنا عن انحسار التأييد الدولي للحركة!. فما أعلمه، إن هذا التأييد، كان معدوماً، أصلاً. والتصريح الأخير للبرلمان الأوربي، كان الأكثر قوّة بهذا الصدد. أمّا السلطات التركيَّة، فتتهم أوروبا وأميركا بتقديم الدعم والمساندة لحزب العمال ولحزب المجتمع الديمقراطي، ليصل الحدّ بهم للقول: إن الجيش الأميركي، يمدُّ قوات الدفاع السعبي الكردستاني بالأسلحة!. قد لا يكون الأمر صحيحاً، وقد يكون خلاف ذلك، عملاُ بالمثل الشعبي؛ ألاَّ دخان من دون نار. وليس خافياً أن إسرائيل، أمدَّت مرَّات عديدة ملالي إيران بالأسلحة، أثناء الحرب العراقيَّة _ الإيرانيَّة.
لا أودُّ التعريج على علاقات بعد عناصر حزب العمال بعصابة أرغاناكون، والاستخبارات التركيَّة MIT، والجهات الأخرى، لأنه لا تتوفَّر لدي المعلومات الموثوقة في هذا الصدد، ولا أجد أنه من المنطقي الخوض في هذه المسائل. فالسيّد أوجلان، تمَّ أختطافه بمؤامرة دوليَّة، وتمَّ إيداعه في سجن إنفرادي، قلَّ نظيره في تاريخ العالم. في الوقت عينه، نجد عدداً، لا بأس به، من سكرتارتيَّة بعد الاحزاب الكرديَّة في تركيا، يصولون ويجولون بحريَّة بين آمد، أنقرة، اسطنبول، استوكهولم، باريس، بارلين…الخ، دون أن يكون أحد يعلم شيئاً عن ذلك!. والبعض من هؤلاء القادة، يتعمَّد التحرُّش بالمحاكم التركيَّة، ويقول أمامها: “عاش الكرد وكردستان”، ولا أحد يكترث بهم، ولا يأخذ على محمل الجدّ عنتيراتهم!. أمَّا أوجلان الذي يعيش في ظروف جد صعبة، ما يثلج صدره ويخفف عنه، فقط، هو أن يسمع بأنّ الشعب الكردي لا ينساه، ويطالب بحريَّته، داخل وخارج الوطن. لكن مع الأسف، كان هنالك البعض _ تناقص عددهم الآن _ يقولون: إن أوجلان، يعيش في فندق 5 نجوم، في سجنه بإمرالي، حيث يأتون بالفتيات الحسنوات إليه. ولا يمنعون عنه مشاهدة التلفزيون، واستخدام الكمبيوتر والانترنيت. أمَّا أنا، فأقول: يا ليت الأمر كان هكذا. في سجون البلدان المتقدِّمة، هذه الأشياء، من الحقوق الطبيعيَّة للسجين. وقد يكون استخدام الانترنيت، محدوداً في تلك السجون، لكن السجناء هناك، يتمتّعون بحقوق كثيرة. ولم يبقَ 2% مما كان يقال من كلام على هذه الشاكلة. لكن، من كان يفبرك هذه الأكاذيب، ويروِّجونها عمداً، وأولئك الذين كانوا يُصدِّقونها، ماذا يقولون لأنفسهم الآن؟!.
عذراً، عزيزي مراد.. البعض من كلامي هذا، هو ذاتي، وليس ذي آصرة بفحوى مقالك السالف الذكر. لكنّك قد قمت بصوغ آرائك وعبارتك _ ليس في مقالك ذاك وحسب، بل في مقالات أخرى أيضاً _ ما دفعني لذكر تلك الأمور. وتقول في إحدى الفقرت: (يتمُّ الحديث عن وجود الحمائم والصفور في حركة الشمال. وأن ليس هنالك PKK واحد، بل العديد من PKK. كل جناح، خاضع لدولة معيّنة…!).
ومعلوم أنه لم يبقّ أي تنظيم كردي، لم يتعرَّض للانشقاق، وأضحى أشلاءاً وإرباً. وأحياناً، كان الفريق المنشقّ، يصبح أكبر قوّة وزخماً من الحزب الأم، ولا زال هذا التوجُّه غير الشرعي قائماً. وآمل ان تشير لي إلى أسماء وأحجام وقوَّة الذين انشقّوا عن حزب العمال الكردستاني. وبديهيٌّ جداً، أن يصاب البعض بالتعب والإرهاق، في تلك الظروف الصعبة جداً، وأن تنخفض عزيمة وإيمان البعض، فيتركون صفوف رفاقهم. لكن، الذين تركوا الحركة، بحجَّة أنهم لم يعودوا مقتنعين بنهج السادة آبو، قره إيلان، بايك…الخ، ورغم الدعم اللامحدود الذي تلقّوه، إلاَّ أنهم فشلوا في مسعاهم. عثمان، وهو شقيق زعيم حزب العمال، لم يعد يعرف في أيّ اتجاه يذهب!. ولنرى، ماذا سيجني من استسلامه للأتراك، وماذا سيتمخّض عن ذلك؟. ويبدو أن بعض الذين قاموا بتعليفه _ نظراً لضعفه _ لم يعودوا يوطيقونه، أو يعتازونه، لذا، قرّر عثمان أن يسلِّم نفسه لتركيا!. وأخشى أن بعض أولئك القادة والسكرتاريَّة، ينتظرون منه، أن يلعب دوراً معادياً لحزب العمال؟!.
وتشير في نقطة أخرى إلى أنّ (جلُّ سياسة حزب العمال الرسميَّة…، لا تكترث بسيادة ذلك الجزء “كردستان العراق”. ولا يعتبر ذلك المكان، كأراضي محررة….). عزيزي مراد.. الحقُّ، أننا لا نأمل من مثقفٍ، شأنك، هكذا رأي. وكأنه لم ينقصنا مساعي الدولة التركيَّة، ومجموعة لا بأس بها من القادة العسكريين والسياسيين في أميركا، حتى تأتي أنت أيضاً، وتنحو نحوهم، عبر عباراتك تلك، التي لا خير فيها، والهادفة إلى خلق البلبلة بين أكراد جنوب الوطن وشماله، وخاصة، دقّ أسافين بين قيادتي هذين الجزئين، وتأليبهم على بعض!. وللأسف، إن قسم لا بأس به، من كتَّاب المقالات في موقعك الالكتروني “نت كورد”، هم أيضاً يحذون هذا الحذو!. ويبدو أنك تطالب من PKK، أن يدخل ضمن جوقة المطبِّلين والمزمِّرين بُكرةً وأصيلا، لقيادات ومؤسسات كردستان العراق؟!. تلك الجوقة المؤلَّفة من أشخاص، كانوا فيما مضى قيادات أحزاب كردستانيَّة!.
وفي نقطة أخرى، أجدك توازي بين ممارسات وآراء PKK تجاه العلويين، مع وممارسات آراء الكماليين. (نسبة إلى كمال أتاتورك/ م). وأنا من قامشلو _ إن لم أكن مخطئاً _ وفي دار المرحوم د. دارا عراف عبّاس، العلوي المذهب، وفي سنة 1995، كنت أمام شاشة “ميد تي في”، حين كان يتمّ تعداد أسماء أعضاء البرلمان الكردي في المهجر PKDW، فقلت مداعباً الدكتور دارا، وأخوه وأفراد عائلتهما: “غير ممكن!!، كل الأعضاء منكم!!؟”. وأجزم ألاّ وجود لأيّة مؤسسة تابعة لـPKK في أوروبا، ولا يعمل فيها، أو يديرها أخوتنا العلويون. وقد تكون نسبتهم، لا توازي نسبة الأكراد السنَّة. ولو كنت أنا، لأفسحت المجال لهم أكثر. ثم تقول: (منطلقات ورؤية PKK في العلاقات العلويَّة _ النقشبنديَّة، هي أقرب إلى رؤية الكماليين لها. فيما يتعلَّق بتشويه النقشبنديَّة في عيون الأكراد، غير المسلمين، غير السنَّة، غير النقشبنديين، واتخاذها كنقطة أساسيّة). وعلى ضوء كلامك، فلنتخذ أهم مؤسسة ذات التأثير، من بين مؤسسات PKK، كـ”روج تي في” نموذجاً. فكم شخص من الأكراد غير العلويين، يعلمون أن النقشبنديَّة، القادريَّة، الشافعيَّة…الخ، قد أثَّرت على علاقاتهم في العمل في هذه القناة؟!. صحيح أن الأتراك قد ودودوا في آذنهم كثيراً، بأن الأكراد السنَّة يسعون إلى إبادتهم. ولقد نجح الأتراك إلى حدٍّ ما في إبعاد العلويين عن قوميتهم، بشكل مخطط ومبرمج وممنهج. واعتقد أنه، لا PKK ولا DTP قد لعبا هذا الدور الذي تشير إليه. ولا اعقد أنه ثمَّة مماسات متعمَّدة بحقِّهم من قبل هذين الحزبين. وكما نعلم جميعاً، أن اكرادنا العلويين، هم مثقفون وتقدّميون. وهذا بحدِّ ذاته، يكفيهم لأن يتبوَّأوا المناصب الهامَّة. وهذا لا يعني البتَّة، أن الحركة الكرديَّة، تمارس التمييز بين الأديان، والطرائق، والطوائف الكرديَّة. وقد تناهي إلى مسمعي، أنه كانت هنالك بعض الحساسيات بين الأكراد العلويين والإيزيديين. لكن، بين النقشبنديين والقادريين، فهذا ما لم أسمعه أبداً. وآمل أن تتفضَّل عليَّ بذكر، من الحركات السياسيَّة، أكثر من PKK وDTP أوجد تقارباً بين الأديان والطوائف؟. ليس لي علم بما يدور في دواخل وخواطر السادة؛ أوجلان، قره إيلان، بايك، باهوز، علي حيدر قيطان…الخ، لكن أداء منابر إعلامهم المرئي والمسموع والمقروء، هو مناقض تماماً لكلامك. ما يثير لدى المرء شكوكاً حول كلامك. وأقولها لك بصراحة، بأن ربطك النقشبنديَّة بالكراديتي في مقالك ذاك، لهو أمرٌ غريب ومثير للدهشة!؟. وهذا لا يعني أن السادة شيوخ الطرق النقشبنديَّة والقادريَّة، والملا سعيد النورسي (بديع الزمان النورسي/ م)، ليس لهم مكانة مرموقة وعالية في الاجتهاد الإسلامي، لكن، من اتّبع خطاهم، استخدم هذه الطرائق، كحصان ذهبي. وعليه، ما الذي يميّز كرديَّةَ النقشبنديَّة عن كرديَّة الطرائق الأخرى؟. وفي مواجهة الشيوخ الشرفاء، كالشيخ عبيدالله النهري، الشيخ سيعد بيران، سيد رضا، شيخ أحمد بارزاني…، نجد مئات الشيوخ الخونة والمرتزقة، كانوا يركعون أمام أقدام الأعداء صاغرين. ومن بين هؤلاء، قادريين ونقشبندين. وتناولي للمسألة، لا يتأتَّى من مسند أو خلفيَّة أيديولوجيَّة. فهذه حقيقة، لا يمكن لأحد إنكارها.
ولنأتِ على نقطة أخرى، أخالفك الرَّأي فيها، حين تقول: (ثمّة مسعى في حركة أكراد كردستان الشماليَّة، يقضي بإبعاد أكراد الشمال من التاريخ، اللغة، الثقافة، والرموز القوميَّة المشتركة للأكراد، كي لا يصبح الكرد، أصحاب هويَّة قوميَّة مستقلَّة…!؟). وسأكتفي هنا فقط، تذكيرك ببعض أسماء برامج “ميد تي في” و”ميديا تي في” و”روج تي في”: عظماء الكرُد. أعرف وطنك. الخطوة الثالثة. جراب الدرويش…الخ. ولم أعد أذكر البرنامج الذي كنت أنت تقدِّمه عن الخالد احمد خاني. وهنا، لا يسعني الحديث حول المؤسسات الكثيرة والمتنوّعة التي أسسها حزب العمال الكردستاني في هذا الصدد. ولا أعلم إنْ كنت تزور كردستان الشماليَّة أم لا؟. وإن تسنَّى لك ذلك، ولم يكن هنالك أيّ عائق، فأنا أدعوك لزيارة المركز الثقافي الميتاني في نصيبين، كي ترى، كيف تعتني هذه الحركة بالثقافة واللغة والرموز الكرديَّة، ومدى حرصها على حماية الهويَّة الكرديَّة، أم لا؟. وعليك ألاَّ تنسى، أن هذه الحركة، لا زالت في طور التحرر الوطني، وهي لم تصل لمرحلة استلام السلطة الرسميَّة.
أخي العزيز مراد.. وكانِّي بك تحاول في مقالك ذاك، ان تصنِّف كلّ جهد ونشاط وكفاح PKK وDTP، وخاصَّة في الآونة الأخيرة، بأنها تقع في إطار خدمة الدولة التركيَّة!. ومن حقِّك التعبير عن رأيك وافكارك، وليس في “نت كورد” وحسب. لكن، هكذا رؤى وأفكار، كانت رائجة سنة 1984. وأعتقد أنه، لا زلت تذكر، كيف ان 11 حزب وتنظيم كردي، من اجزاء كردستان الأربع، أصدرت بياناً، كان يحوي تقريباً، هذه الأفكار والعبارات التي تكررها اليوم!. والآن، في متناولك الكثير من المجموعات والأحداث المنتقاة، كأرغاناكون، وPKK الخفيَّة، على وزن الدولة الخفيَّة في تركيا…الخ، الكثير من المحللين الحاذقين، يقولون: عسكرتاريَّة PKK والدولة التركيَّة، لا يودُّون إنهاء هذه الحرب!. في هذه الأوقات، ربما جنرال تركي، في اسطنبول وأنقرة أو إنجيرلك، يقضي شتاءه، أمام دفء “جنترا هايتينغ” وكالوريفير، متَّكئاً على الأرائك أمام التلفاز، وكوبه مترعة بالويسكي الاسكوتلندي، لا يرغب في أن تنتهي هذه الحرب، ربما يتقبَّل العقل هذه الفكرة. لكن، أن يكون شخص، كجميل بايك، الذي منذ العشرين أو الخامسة والعشرين من عمره، وهو مختبئ، لا بديل له عن سكنى الكهوف او الخيم البلاستيكيَّة، كي يردأ عن نفسه برد جبال زاغروس القارس، ويودُّ ان تستمرَّ الحرب، فأن لم يكن عقل المرء، يشابه عقل الحـ…، هل يمكنه أن يصدِّق هذه الترَّهات!؟. وقد يكون لبايك، كانتوناته في سويسرا، ونحن لا ندري بها!!. وليتفضَّل علينا، محللونا بكشف، كم من ملايين الأورهات، يملكها بايك؟!.
وبالـ”بروباغندا المضادة” و”تشهير” الذي تثيره تجاه حركة الكرديَّة المتضامنة مع شعوب الاناضول، بأنّ؛ (هذا النهج، يصبُّ في خدمة، ألاَّ تعبّر المسألة الكرديَّة عن نفسها في المحافل الدوليَّة. ولا يتمَّ التباحث حولها مع الأحزاب السياسيَّة، والمنظمات الاجتماعيَّة، والحكومات والبرلمانيين الأوروبيين، وخاصَّة، الغربيَّة منها…)، ربما هو تعبير عن مخاوفك، من الدور والثقل والاهتمام المتنامي الذي توليه مؤتمرات الاشتراكيَّة الدوليَّة، والبرلمان الأوروبي لـDTP، وقبله، لـHADEP وDAHEP!. ذلك الاهتمام الذي كان يحظى به سابقاً PSK وYNK، ما أثار غيظك، دفع لقول تلك العبارات؟!. واتفق معك، ان PKK لا زال، يجد صعوبة في إقامة العلاقات مع الأحزاب والمنظمات الأوروبيَّة. وللأسف، ليس تركيا وحسب، وبل حلفاؤها أيضاً، وقفوا عائقاً أمام إقامة تلك العلاقات. لكن، علينا ألاَّ ننسى ان عدداً لا بأس من التنظيمات الكرديَّة أيضاً أثّرت سلباً، وحالت دون إقامة تلك العلاقات!. والبعض من هذه الاحزاب الكرديَّة، كانت السبَّاقة إلى ربط حزب العمال بالإرهاب!. والحقُّ، إنَّه لم يكون مأمولاً منك، أن تقارن سلوك وممارسات حركة كردستان الشماليَّة، بسلوك وممارسات الدولة التركيَّة، وتضعها في سلّة واحدة!. لكن، ماذا أفعل، أو أقول لك ولـ”نت كورد”تك، أكثر من: ألاّ يكون الشيخ عبدالقادر الغيلاني، وشاه نقشبند معكم في مسعاكم.
ــــــــــ
تمّت الترجمة، بالتنسيق مع الكاتب، وموافقته.