بدل رفو مزوري ينفث روح الحياةِ في نصوصه المترجمة

نارين عمر

هناك مقولة يظلّ الكثير يردّدها باستمرار مفادها أنّ النّصّ المترجم-شعراً كان أم نثراً – يفقدُ الكثير من رونقه ومعناه خلال التّرجمة لاختلافِ الّلغتين –لغة النّصّ الأصلية, والّلغة التي يُترجَم إليها النّصّ –واختلاف الّلغة هذا يؤدي إلى اختلاف بيئةِ وربّما جغرافية النّص المترجم, ولكنّ الكاتب والشّاعر الكردي بدل رفو مزوري يكسرُ هذه القاعدة ويؤكّدُ على أنّ النّص الأدبيّ يستطيع الاحتفاظ بجماليته ورونق مضمونه سواء أكان مكتوباً بلغته الأصلية أم كان مترجماً من لغةٍ أخرى بشرطِ أن يكون كاتب هذا النّص أو مترجمه مالكاً لملكةِ الحسّ الأدبي والفنّي.
بدل رفو كاتبٌ وشاعرٌ نشيطٌ لأنّه يستطيعُ أن ينفث روح الأدبِ إلى نصوصه المكتوبة بلغته أو المترجمةِ من لغاتٍ أخرى, وهذا يدلّ بشكلٍ جلّيّ على رهافةِ حسّه وموسيقيةِ أذنيه وصفاءِ فكره, وهو إذ يفعلُ ذلك يتحمّلُ مسؤولية كبيرة من خلال ترجمته للنّصوص من الكردية إلى الّلغاتِ الأخرى أو من تلك اللّغاتِ إلى الكردية, وهذا جهدٌ مضاعفٌ لا يستطيعُ أداءه بشكل وافٍ إلا مَنْ كان مالكاً لملكةِ الإحساس الصّادق والفكر النّقيّ.
في كتابه الأخير /أنطولوجيا شعراءِ النّمسا/ الصّادر عن دار الزّمان للطباعة والنّشر في دمشق-والذي أهداني نسخة منه مشكوراً- يؤكّد بدل رفو على أنّه مترجمٌ بامتياز, إذ ينفثُ روحَ الشّعرِ في نصوصه المترجمة حتى ليخالُ إلينا أحياناً أنّها من وحي شعوره ومن نسج خياله. والكتاب يبلغ /368/ صفحة ويتضمّنُ ترجماتٍ لقصائد مختارة من أشعار شعراء النّمسا المواطنين الأصليين فيها أو المهاجرين إليها والحاصلين فيما بعد على الجنسية النّمساوية. اللافت أنّ بدل رفو لم يقتصر كتابه على شعراء نمسويين معروفين وكبار فقط بل ضمّن كتابه شعراء وشاعراتٍ شبّان أيضاً فنقرأ لمن ولد في ثمانينيات القرن العشرين كما نقرأ لشعراء ولدوا في بداية ذلك القرن وما قبله أيضاً, وكعادةِ معدّي ومقدّمي الأنطولوجيات الأدبية يرفق الكاتب قصائد الشّعراء والشّاعراتِ والبالغ عددهم أكثر من /70/ شاعراً وشاعرة بنبذة عن حياتهم وحياتهنّ ما يجعلنا نتعرّف عليهم عن قربٍ.
يُذكَر أنّ الكاتب والشّاعر بدل رفو مزوري ولد في, الشيخان, قرية الشيخ حسن /كردستان العراق/ أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في مدينة الموصل بدأ بالنشر نهاية السبعينيات باللغة العربية في جريدة الحدباء الموصلية… من خلال دراسته في بغداد  واكب صحافة العاصمة ونشر نتاجاته الأدبية والصحفية باللغتين العربية والكردية في صحف ودوريات العاصمة ومنها (الأقلام , الطليعة الأدبية, بيان ,هاوكاري, روشه نبيري نوى, الثقافة, العراق, باشكوى عيراق, ..الخ) لقد كان لأساتذته الجامعيين ومنهم د. حياة شرارة,د.ضياء نافع ,د. جليل كمال الدين , دوراً كبيراً في عشقه للترجمة الأدبية  تخرّج من قسم الّلغة الرّوسية ,كلية الآداب في جامعة بغداد عام 1985.
حين حاول جاهداً مع بعض الأدباء الكرد في مدينة الموصل العمل على فتح مكتب للثقافة الكردية  في الموصل تعرّض للتّهديد والطّرد والتّهجير من مدينة الموصل مع عائلته إن لم يكفّ عن هذه الفكرة.
يكتبُ الشّعر ويعملُ في مجال  الصّحافةِ والتّرجمة حالياً.
ويقيمُ منذ عام 1991 في النمسا.
من إصداراته:
ومضات جبلية من الشّعر الكرديّ المعاصر-عن وزارة الثقافةِ والإعلام في العراق عام 1989.
أغنية الباز :قصائد كردية مترجمة ,دهوك 2001م
رسول حمزاتوف , وطالما الأرض تدور بمشاركة الأستاذ خيري هزار مزوري دهوك /2001/
أنطولوجيا شعراء النمسا بالكورديةكوردستان العراق  2008 مؤسسة سبيريز.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

جان بابير

 

الفنان جانيار، هو موسيقي ومغني كُردي، جمع بين موهبتين إبداعيتين منذ طفولته، حيث كان شغفه بالموسيقى يتعايش مع حبّه للفن التشكيلي. بدأ حياته الفنية في مجال الرسم والنحت، حيث تخرج من قسم الرسم والنحت، إلا أن جذوره الموسيقية بقيت حاضرة بقوة في وجدانه. هذا الانجذاب نحو الموسيقا قاده في النهاية إلى طريق مختلف، إذ…

عصمت شاهين الدوسكي

 

أنا أحبك

اعترف .. أنا احبك

أحب شعرك المسدل على كتفيك

أحب حمرة خديك وخجلك

وإيحاءك ونظرتك ورقة شفتيك

أحب فساتينك ألوانك

دلعك ابتسامتك ونظرة عينيك

أحب أن المس يديك

انحني حبا واقبل راحتيك

___________

أنا احبك

أحب هضابك مساحات الوغى فيك

أحب رموزك لفتاتك مساماتك

أحب عطرك عرقك أنفاسك

دعيني أراكي كما أنت ..

——————–

قلبي بالشوق يحترق

روحي بالنوى ارق

طيفي بك يصدق

يا سيدتي كل التفاصيل أنت ..

——————–

أحب شفتاك…

لوركا بيراني

في الساحة الثقافية الأوروبية اليوم، نلمح زخماً متزايداً من التحركات الأدبية والثقافية الكوردية من فعاليات فكرية ومهرجانات وحفلات توقيع لإصدارات أدبية تعكس رغبة المثقف الكوردي في تأكيد حضوره والمساهمة في الحوار الثقافي العالمي.

إلا أن هذا الحراك على غناه يثير تساؤلات جوهرية حول مدى فاعليته في حماية الثقافة الكوردية من التلاشي في خضم عصر…

محمد شيخو

يلعب الفن دوراً بارزاً في حياة الأمم، وهو ليس وسيلة للترفيه والمتعة فحسب، ولكنه أداة مهمة لتنمية الفكر وتغذية الروح وتهذيب الأخلاق، وهو سلاح عظيم تمتشقه الأمم الراقية في صراعاتها الحضارية مع غيرها. ومن هنا يحتلّ عظماء الفنانين مكاناً بارزاً في ذاكرة الشعوب الذواقة للفن أكثر من الملوك والقادة والأحزاب السياسية مثلاً، وفي استجواب…