صاحب الظلال الواقفة ( ميخائيل عيد)

محمود عبدو عبدو
M_abdo4@hotmail.com

مَنْ في إمكانه أن يصاحب ظله كما فعلت ,  لم تترك إعصار كلامك في مجلس  رائحة القهوة المرة فيه أكثر من رائحة الدخان أو ندوة ولم تصطحبه برفقتك وأجلسته بهدوء ( كعهدنا بك ) أمامك على عكسنا نحن ذوي الظلال الخلفية التائهة .
ظلالك نهارية واضحة واقفة أبداً وحتى إن انحنيت جسدا أمام عظمة الموت وقدراته  , وتحت وطأة شاهدة القبر الكبيرة ,
 ظلال اسمك المكتوب عليها باسقة وظلالنا في أفيائها منحنية الرأس .
كنت أبدا أرقب قامات ظلالك الكتابية
وانبهر بشموخها
 واستنبط فيها ظمئي علماً بأني لم ألتقيك
 ولم أتجاوز ديركتي و الدجلة المنفيتان في العتمة
 ولكن ظلالك كانت سماوية منشرحة الفؤاد في عتمتي الثقافية تلك .
وأنت المدفون في غرب الوطن مشتى الحلو
ونحن الأحياء في شرقه
 ومسافات الجغرافية تفصل ظلالنا المتحابة .
أحسست كثيرا بأن ظلي كان يكبر ويتنحى فيه الخجل جانبا
كلما وجدت ظلالك باسقة ويانعة بتجدد ,
 رغم  كل ما ألم بك من حالات الاعتقال والتعذيب وما خضته من نضال حتى آخر وقوف للجسد ,
فظلالك التي حاول البعض أن يعلمها رقصة السياط  قسراً لكنها أبّـت .
قرأت خبر رحيلك الجسدي من خلال جريدة النور
 ( التي كانت سفيرة لظلالك إليّ )
بأنه تم تشييع الجثمان في موكب مهيب ,
 وهنا وقف ظلك أمامي أيضا وعرًَف عن نفسه بأنه هو المهيب والواقف الأكبر بينهم .
للراحل ظلالنا الصغيرة المتصابية ,
 التي استلهمت من ظلالك الأدبية الواقفة
و قاماتك الشعرية الباسقة الكثير
فالزارع فينا ظلالا جديدة نهديك
تحية من يقف أمام علم من أعلام بلاده رغم جغرافية المسافات .

–        مشتى الحلو مكان ولادة الأديب الراحل : ميخائيل عيد في شرق الوطن
–        ديرك مدينتي القصية في شمال شرق الوطن – سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

تنكزار ماريني

 

فرانز كافكا، أحد أكثر الكتّاب تأثيرًا في القرن العشرين، وُلِد في 3 يوليو 1883 في براغ وتوفي في 3 يونيو 1924. يُعرف بقصصه السريالية وغالبًا ما تكون كئيبة، التي تسلط الضوء على موضوعات مركزية مثل الاغتراب والهوية وعبثية الوجود. ومن المميز في أعمال كافكا، النظرة المعقدة والمتعددة الأوجه للعلاقات بين الرجال والنساء.

ظروف كافكا الشخصية…

إبراهيم اليوسف

مجموعة “طائر في الجهة الأخرى” للشاعرة فاتن حمودي، الصادرة عن “رياض الريس للكتب والنشر، بيروت”، في طبعتها الأولى، أبريل 2025، في 150 صفحة، ليست مجرّد نصوص شعرية، بل خريطة اضطراب لغويّ تُشكّل الذات من شظايا الغياب. التجربة لدى الشاعرة لا تُقدَّم ضمن صور متماسكة، بل تُقطّع في بنية كولاجية، يُعاد ترتيبها عبر مجازٍ يشبه…

ماهين شيخاني.

 

وصلتُ إلى المدينة في الصباح، قرابة التاسعة، بعد رحلة طويلة من الانتظار… أكثر مما هي من التنقل. كنت متعبًا، لكن موعدي مع جهاز الرنين المغناطيسي لا ينتظر، ذاك الجهاز الذي – دون مبالغة – صار يعرف عمودي الفقري أكثر مما أعرفه أنا.

ترجّلتُ من الحافلة ألهث كما لو أنني خرجتُ للتو من سباق قريتنا الريفي،…

إبراهيم سمو

عالية بيازيد وشهود القصيدة: مرافعةٌ في هشاشة الشاعر:

تُقدِّم الكاتبة والباحثة عالية بيازيد، في تصديرها لأعمال زوجها الشاعر سعيد تحسين، شهادةً تتجاوز البُعد العاطفي أو التوثيقي، لتتحوّل إلى مدخل تأويلي عميق لفهم تجربة شاعر طالما كانت قصائده مرآةً لحياته الداخلية.
لا تظهر بيازيد في هذه الشهادة كامرأة تشاركه الحياة فحسب، بل كـ”صندوق أسود” يحتفظ…