في ذكرى الحبيب بهزاد ظهراب …ما بك لا تتكلم

  أمين عمر

من بوابة الحزن من بوابة نصيبين عادوا به وقالوا أنه لا يتكلم ،على راحاتهم كان يتكئ مطمئنا ًكالبحر
قالوا إنه هو… صدقونا إنه بهزادكم ولكنه لا يتنفس
معاً رد والداه  ما عهدنا أبننا صامتاً لا يتكلم
قالوا أوصانا : ان ارموني في صدري أمي ان تعبت ذات مرة ، أدخلوني في قلبها أن بلغت مني الجروح ، فما شبعت من حضنها يوما
 قالت أمه ما ابني الذي يتعب في الجبال، ما كان ابني يسكن خارج قلبي ذات نهار، كان يعرف أنه كل قلبي فلماذا اليوم يجهل

  لكن وجهه الغارق في الابتسام،  ككل الأيام، ورائحته الشاردة كالزيتون و الريحان وعيناه الصغيرتان المفتوحتان، حكوا قصة ثلاثين عاما من الحب والأحزان
رجفة تهز مئة جبل ، اشتعل في جسمها ولكنها قالت ليس ابني من يغادر على قدميه ويعود ممدوداً على الظهر، ليس هو من يتخذ أكتاف خلانه سريراً للرقد
ما كان ابني يخرج صباحاً للعتق ويعود تحت أجنحة الليل والظلام بخجل
قال أباه كفى يا أم الشهيد قبّلي أبننا فلست أنتِ من تنسين وعود بهزاد بالقدوم ،  لست أنتِ من يزوغ عينيها لهذا النور
قالت بشبه استسلام ليس ابني من يقف بين مئات الرجال ولا يتوجه إليهم بالنصح والحنان ، ليس هو من يجرؤ عليه الخائن الجبان
قال أباه ما بك تتصاغرين و قامة هذا الجبل لا تتسلقين
تعرفينه جيداً إنه أبننا فلما لا تحاولين به الظفر
إنه حُـلمنا ، ضميه بقوة ، أشبعيه فما بقى في جسده مكان للألم
قالت كلا ، لقد قال لي انه سيًُـقبّـل رأسي عندما يعود فهاهو لم يفعل
 وكان يمسح عن كتبه الغبار فها هو لا يأبه  
كفى يا عزيزتي لقد عاد إليك لا تخُجليه ،أما قلتِ أمسً عن حديقتنا بأنها كروائح بهزاد   
أما قلت بان رائحته المحاطة بكِ في ازدياد وتسبق الجوري إليك و البيلسان
عشرة آلاف من الرجال والنساء كانوا يدركون كبُر ذاك الجسد الصغير
العديد قالوا ماذا كان يفعل هذا التلميذ البرزاني في ذاك المكان
أم الشهيد فقط سمـِعته ، بأُذني قلبها سمِعتهُ يقول
أحقاً نسيت تقبيل رأسك يا أماه
وهل تصدقين  أنني  صامتُ كل هذا الوقت، بحضور الأخوات والرجال
وهل أنا من يحمله الأصدقاء ويعاني كتبه من العزلة والغبار
تعرفين جيداً أماه ، لست أنا من يتوقف عن حب الكرد والحمام وشمس الآذار
ما به آذارنا هل هو أخضرُ كما كان
وهل ما زال يأتي بالنوروز والشهداء وشقائق النعمان
 هل حقاً يا أماه  أنا من احزن والدي والأصدقاء
وتغاضى عن الثأر للشهداء ، وتفرق أخوتي وبيتنا ألمَّ به البرد والجفاء
ما أخبار أعمامي هل لازالوا يتجادلون على الأخبار ويلعبون الشطرنج بعد النهار ويعشقون أهل الشمال
وخالي هل ما زال يفشل بكتابة القصص والأشعار
أخبري الجميع أني سعيد وأني لهم قدمت روحي فداء
نحن شعب يا أماه نستحق الحرية بكل التأكيد ما طلبنا حقوقهم بل حقوقنا فقط
نطلب العيش في أرضنا في كردستاننا بكرامة 
أرجوكِ
اخبريهم يا أمي ألا يحيدوا عن درب الحرية و لا يقبلوا إلا ما يرضي الشهيد .
========================
هذه الأيام تمر ذكرى الثانية لاستشهاد بهزاد ظهراب الذي ترك كلية الهندسة الميكانيكية في السنة الثالثة وتوجه لتحرير كردستان الذي نودي به ، عرف بذكائه الحاد وشجاعته، بعد بطولاته على مدى اكثرمن عشرة أعوام وفي آذار 2007 اغتيل مع ستة من رفاقه في أحد الكهوف ودفن جثمانه قي مسقط رأسه في قريته بمنطقة ديرك، وأن كُتب لي العودة  يوما ووقفت على قبره فسأقرأ له القرآن وأهديه دمعة وأضع قرب رأسه وردة. له ولكل الشهداء الرحمة والغفران

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إلى أنيس حنا مديواية، ذي المئة سنة، صاحب أقدم مكتبة في الجزيرة
إبراهيم اليوسف

ننتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت فيه الكتابة أمضى من السيف، لا، بل كانت السيف ذاته. لم تكن ترفًا، ولا وسيلة للتسلية، بل كانت فعلًا وجوديًا، حاسمًا، مزلزلًا. فما إن يُنشر كتاب، أو بحث، أو مقال مهم لأحد الأسماء، حتى نبادر إلى قراءته،…

أصدرت منشورات رامينا في لندن رواية “مزامير التجانيّ” للجزائريّ محمد فتيلينه الذي يقدّم عملاً سردياً معقّداً وشاسعاً يتوزّع على خمسة أجزاء، تحمل عناوين دالّة: “مرزوق بن حمو، العتمة والنور، الزبد والبحر، الليل والنهار، عودٌ على بدء. “.

في رحلة البحث عن الملاذ وعن طريق الحرية، تتقاطع مصائر العديد من الشخوص الروائية داخل عوالم رواية “مزامير التجاني”،…

الترجمة عن الكردية : إبراهيم محمود

تقديم : البارحة اتحاد الكتاب الكُرد- دهوك، الثلاثاء، 8-4- 2025، والساعة الخامسة، كانت أربعينية الكاتبة والشاعرة الكردية ” ديا جوان ” التي رحلت في ” 26 شباط 2025 ” حيث احتفي بها رسمياً وشعبياً، وبهذه المناسبة وزّع ديوانها: زكاة الحب Zikata evînê، الصادر عن مركز ” خاني “للثقافة والإعلام، دهوك،…

فواز عبدي

 

في نقّارة، قريتي العالقة في زاوية القلب كقصيدة تنتظر إنهاء قافيتها، لم يكن العيد يأتي… بل كان يستيقظ. ينفض الغبار عن روحه، يتسلل من التنّور، من رائحة الطحين والرماد، من ضحكةٍ انبعثت ذات فجرٍ دافئ ولم تعد ، من ذاكرة عمّتي نوره التي كانت كلما نفخت على الجمر اشتعلت معها الذكريات..

تنّورها الطيني الكبير، ذاك…